واشنطن – مع تنامي حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في الولايات الأميركية الخمسين وتجاوز عدد الإصابات 11 ألف حالة، ينكب الكونغرس الأميركي على دراسة حزمة تحفيزية بقيمة تريليون دولار لمواجهة الآثار الاقتصادية المتوقعة للوباء على اقتصاد البلاد.
وبطلب من الرئيس دونالد ترامب، قدم زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي، السناتور ميتش ماكونيل، الخميس الماضي، مشروع قرار لتوفير تريليون دولار لمواجهة تداعيات تفشي فيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة.
وقال السناتور ماكونيل إن المشروع يتناول «أربع أولويات ملحة وضرورية»، وهي: توفير مساعدات مالية مباشرة للأميركيين، و«إغاثة سريعة» للشركات الصغيرة والموظفين العاملين فيها، وخطوات للحفاظ على «الاستقرار الاقتصادي» ودعم العاملين في المجال الصحي والمرضى الذين «يواجهون الفيروس في الخطوط الأمامية».
وقال وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، إن إدارة ترامب تدرسُ إمكانية صرف شيكات لمواطني الولايات المتحدة لأجل إعانتهم في فترة استشراء وباء كورونا.
وقال منوتشين «ننظر في إمكانية إرسال شيكات إلى المواطنين الأميركيين بشكل فوري»، مؤكداً أن المواطنين الأميركيين بحاجة إلى المال نقداً، في اللحظة الحالية، والمقصود باللحظة الحالية هما الأسبوعان المقبلان.
ومن المقرر أن يقوم الأعضاء الديمقراطيون في المجلس بدراسة المقترح الجمهوري قبل طرحه للتصويت أمام المجلس الذي يهيمن عليه الجمهوريون بأغلبية بسيطة.
وفي حال إقرار المشروع في مجلس الشيوخ، ينتقل إلى مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، وإذا أقر هناك، يذهب إلى مكتب الرئيس الأميركي الذي يكون بمقدوره أن يقره ليصبح قانوناً.
وكانت إدارة دونالد ترامب قد قالت، الثلاثاء الماضي، إنها تسعى إلى حزمة تحفيزية بقيمة تريليون دولار قد تشمل شيكات بألف دولار للأميركيين في غضون أسبوعين، وذلك في محاولة لدعم الاقتصاد مع ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس على مستوى البلاد وإغلاق العديد من الولايات.
وكتب ترامب على حسابه الرسمي على موقع «تويتر»: «العالم الآن في حال حرب مع عدو خفي. سوف ننتصر».
ووقع الرئيس الأميركي، الخميس الماضي، قانوناً يخصص 100 مليار دولار لإجراء اختبارات مجانية لفحص فيروس كورونا ومنح إجازات مرضية مدفوعة الأجر للمصابين بالفيروس.
وتعكف إدارة ترامب، الساعي للفوز بإعادة انتخابه في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، على حزمة تحفيزات تتجاوز التريليون دولار، تتضمن 50 مليار دولار لشركات الطيران التي تواجه شبح الإفلاس، و250 مليار دولار قروضاً للشركات الصغيرة.
شلل الحياة
وتجاوزت حالات الإصابة بالفيروس في الولايات المتحدة حتى مساء الخميس 19 آذار (مارس)، 11,810 حالة، وتعدت الوفيات 197 حالة، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».
بإعلان ولاية وست فرجينيا أول حالة إصابة بفيروس كورونا، الثلاثاء الماضي، تكون جميع الولايات الأميركية قد أصيبت بالفيروس.
وتسعى إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى مواجهة تفشي الفيروس بحزمة من الإجراءات المستعجلة، أولها تخصيص مساعدات مالية للولايات وللمواطنين والشركات الصغيرة.
وقررت ولايات عديدة إغلاق المدارس والشركات وإلغاء مهرجانات دورية ومناسبات رياضية كانت مقررة خلال الأسابيع القادمة. وأعاق الفيروس المستجد سريع الانتشار، جميع مجالات الحياة وهرع الأميركيون إلى المتاجر لشراء احتياجاتهم الأساسية والاستعداد لما يمكن أن تحمله لهم الأيام المقبلة.
وحث الرئيس الأميركي خلال مؤتمراته الصحفية اليومية خلال الأسبوع الماضي، المواطنين على تجنب السفر ودعاهم إلى الحد من الشراء بعد أن وردت تقارير عن خلو أرفف السلع في المتاجر وتدافع الناس على الشراء بدافع القلق.
ولم تقتصر موجة الشراء على متاجر الغذاء بل امتدت لتشمل متاجر الأسلحة والذخيرة مع اشتداد حالة الذعر.
كما قلص المسؤولون الأميركيون في جميع أنحاء البلا،د العديد من أنشطة الحياة اليومية لمحاربة فيروس كورونا، وسط دعوات لإغلاق وطني لمدة 14 يوماً، وعدم تجمع أكثر من 50 شخصاً أو أكثر.
وكان حاكم ولاية نيوجيرزي، فيل مورفي، أول من يقرر فرض حظر التجول، في محاولة لاحتواء الوباء.
وقال مورفي الاثنين الماضي: «يجب أن تغلق جميع متاجر البيع بالتجزئة والأماكن الترفيهية غير الأساسية بعد الساعة الثامنة مساء». ودعا المواطنين إلى عدم التنقل في الولاية من الساعة 8 مساء وحتى 5 صباحاً، إلا للحالات الطارئة حتى إشعار آخر.
وطلبت مدينة نيويورك من سكانها البالغ عددهم 8.5 ملايين شخص البقاء في المنزل في الوقت الذي تعزز فيه المدن الأميركية سياسات العزل الاجتماعي بإغلاق المدارس والحانات والمطاعم والمسارح لاحتواء التفشي.
وأصدر حاكم كاليفورنيا، أكبر ولاية أميركية، يوم الخميس الماضي، أمراً للسكان بالتزام منازلهم، إلا في الحالات الضرورية جداً.
وفي مواجهة تباطؤ الاقتصاد، أعلن الاحتياطي الفدرالي إجراءات طارئة لتعزيز الثقة وإبقاء عمل القطاع المالي، بينها خفض معدلات الفائدة الرئيسية إلى ما بين 0 و0.25 بالمئة.
وأشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل «المذهل» التي تم بذله، وسعى إلى طمأنة الأميركيين، وفي الوقت ذاته دعاهم إلى عدم إخلاء المتاجر من السلع والبضائع.
وقال: «اطمئنوا. نحن نقوم بعمل رائع. سيمر كل شيء على ما يرام».
إلا أن أنطوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، كان صريحاً وقال للأميركيين إن عليهم الاستعداد لأوقات صعبة.
وقال في بيان صحفي: «الأسوأ لا يزال أمامنا.. نحن الآن في مرحلة حرجة جداً جداً».
كما أعلن الاحتياطي الفدرالي الأميركي الثلاثاء الماضي عن «تيسير ائتماني» جديد لمساعدة الأسر والشركات على الصمود وسط انتشار وباء كورونا الذي يهدد أكبر اقتصاد في العالم.
ويستهدف البرنامج الذي أقرته وزارة الخزانة، الديون مثل القروض والرهون العقارية، وهو السوق الذي «يرزح تحت ضغوط كبيرة خلال الأيام الأخيرة حيث تواجه الشركات والأسر حالة غموض كبيرة بسبب انتشار وباء فيروس كورونا».
وأوضح البنك أنه «من خلال ضمان عمل هذا السوق بسلاسة، خاصة في الأوقات الصعبة، فإن الاحتياطي الفدرالي يوفر القروض التي ستدعم العائلات والشركات والوظائف في جميع قطاعات الاقتصاد».
وقال إن ذلك بدوره «سيعزز قدرة الشركات على الاحتفاظ بالموظفين والاستثمار في الوقت الذي تتعامل فيه البلاد مع انتشار فيروس كورونا».
واتخذ الاحتياطي الفدرالي العديد من الخطوات في الأسبوعين الماضيين لمنع الاقتصاد من الجمود ومن بينها خفض فائدة الإقراض الرئيسية إلى الصفر، وضخ مليار دولار في الأسواق المالية هذا الأسبوع و1.5 تريليون دولار الأسبوع الماضي.
وستوفر وزارة الخزانة عشرة مليارات دولار كاحتياط، لتسمح للبنك المركزي بشراء القروض من الشركات الأميركية أو فروعها في العام المقبل. وقال البنك إن هذا التيسير «سيشجع المستثمرين على المشاركة مرة أخرى في الاقراض في سوق القروض المالية».
«حياتنا ستتغير»
وأظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة «أن بي سي» وصحيفة «وول ستريت جورنال» ونشر الأحد الماضي، أن 60 بالمئة من الأميركيين يعتقدون أن «الأسوأ لم يأت بعد» في الأزمة، فيما قال 40 بالمئة إن حياتهم اليومية ستتغير نتيجة لذلك.
ومع المخاوف المستمرة بمزيد من التفشي، شجعت الحكومات المحلية، السكان على البقاء في منازلهم والابتعاد عن التجمعات، فيما حظرت ولايات مثل كاليفورنيا ونيويورك وواشنطن التجمعات الكبيرة.
وأغلقت المدارس في جميع أنحاء البلاد بموجب حالة طواري وطنية أعلنها الرئيس ترامب، وتم إلغاء خدمات العبادة وتوقفت الفعاليات الترفيهية مما أدى إلى تغييرات جذرية في الحياة اليومية للأميركيين.
ويتوقع أن يتم فرض مزيد من القيود في أميركا لمقاومة الفيروس، وسط دعوات لحظر السفر الداخلي، بعد أيام من حظر الرئيس ترامب السفر من أوروبا.
ووسع الرئيس ترامب القيود المفروضة على دخول الولايات المتحدة من أوروبا لتشمل المملكة المتحدة وأيرلندا، بينما دخلت القيود المفروضة من 26 دولة أخرى في أوروبا حيز التنفيذ قبل أيام.
ولم يستبعد نائب وزير الأمن الداخلي تشاد وولف، وقف السفر الداخلي في أميركا لوقف تفشي المرض.
وذكر ترامب أن فرض قيود على السفر داخل الولايات المتحدة أمر وارد. وأضاف «بوسعنا فرض إغلاق وطني. نأمل ألا نحتاج إلى هذا… هذه خطوة كبيرة للغاية».
وحثت الولايات المتحدة، الخميس الماضي، رعاياها في الخارج إلى العودة للبلاد، ورفعت الخارجية تحذير السفر للدرجة القصوى. وذكرت أن «الاميركيين الذين يتأخرون في العودة إلى البلاد يخاطرون في البقاء خارجها لفترة غير محددة». وحذرت واشنطن الأميركيين من السفر الدولي.
كذلك أكد ترامب أن إدارته «تدرس بجدية» إمكانية الاستعانة بالجيش لبناء مستشفيات مؤقتة، متوقعاً انتهاء وباء كورونا المستجد «كوفيد–19» في الولايات المتحدة بحلول تموز (يوليو) أو آب (أغسطس) المقبلين. وقال نائب الرئيس، مايك بنس، إن البيت الأبيض قد يطلب من الجيش بناء مستشفيات ميدانية في بؤر انتشار الفيروس إذا طلب حكام الولايات ذلك. وقد سارعت عدة ولايات إلى استدعاء الحرس الوطني من بينها ميشيغن.
Leave a Reply