ديترويت
أصدر قاضٍ في محكمة مقاطعة وين حكماً بالسجن لمدة 75 عاماً على المتهم بقتل الناشطة العربية الأميركية بُشرى الماوري التي قضت إثر حادث إطلاق نار مأساوي قبل أكثر من عامين داخل شقة في مدينة وستلاند، على يد صاحبها السابق أمير باترسون، الملّقب بـ«حاصد الأرواح» في منطقة الروج Rouge reaper.
وبحسب الادعاء، فإن الدافع وراء الجريمة كان غضب باترسون (31 عاماً) من صاحبته السابقة التي لم تعره الاهتمام الكافي، ما دفعه إلى الدخول في موجة من العنف انتهت بقتل الأم الشابة (36 عاماً)، وهي من سكان مدينة ديربورن هايتس، والتي خلفت وراءها صبياً عمره 14 عاماً حالياً. فيما أفادت عائلة الضحية بأن بُشرى كانت تزور منزل إحدى زميلاتها في العمل عندما وقع الاعتداء الذي أسفر عن إصابة شخص آخر كان برفقتهما.
وخلال جلسة مؤثرة ومشحونة بالعواطف، يوم الجمعة الثالث من شهر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، لم يتمالك القاضي في محكمة مقاطعة وين، جون غيليز، دموعه وهو ينطق بالحكم على باترسون الذي أدين باقتحام منزل في مدينة وستلاند، مطلع حزيران (يونيو) عام 2023، وفتح النار على الناشطة اليمنية الأصل التي فارقت الحياة بعد نقلها إلى أحد المستشفيات المحلية، فيما أصيب شخص آخر كانت برفقتها، وهو من سكان مدينة روميلوس، وعمره 32 عاماً.
واستعرض ممثل الادعاء في مقاطعة وين، دومينيك ديغرازيا، تفاصيل الحادثة لافتاً إلى أن المتهم أطلق النار بشكل عشوائي بينما كانت الضحية تحاول الفرار لإنقاذ حياتها، مضيفاً: «للأسف الشديد، كانت الماوري تركض هاربة من الرعب، بينما كان الجاني يطلق النار على كل من يقع في مرمى بصره».
وألقي القبض على باترسون بدون مقاومة، بعد سبعة أيام من الحادثة، حيث وجّهت إليه تهم القتل من الدرجة الأولى، والاعتداء بقصد القتل، واقتحام منزل من الدرجة الأولى، وثلاث مخالفات جنائية تتعلق بحمل سلاح ناري رغم كونه من أصحاب السوابق الجنائية.
وخلال جلسة النطق بالحكم، قدّم الادعاء العام بمقاطعة وين، تفاصيل عن ماضي المتهم العنيف، مشيراً إلى أن سجله الإجرامي يعود إلى عام 2014 حيث اعترف باترسون في عام 2016 بارتكاب جريمة القتل غير العمد وحُكم عليه بالسجن، قبل أن يُفرج عنه بشروط أوائل عام 2023، وذلك قبل شهور قليلة من مقتل الماوري.
وخيّم الحزن والتوتر على قاعة المحكمة، حيث طالبت شقيقتا الضحية بإنزال أقصى العقوبات على باترسون، وخاطبت إحداهما المتهم بصوت مرتجف: «لقد انتهكتنا… لقد سرقت منا إنسانة نادرة، طيبة، نقية، ومليئة بالحب»، ما دفع القاضي غيليس إلى البكاء، بينما جلس باترسون صامتاً طوال الجلسة التي شهدت أيضاً قيام شقيق الضحية برمي المتهم بعبوة مياه، ليعلق عليه باترسون مبتسماً بالقول: «اخرس… أنا لم أقتل أختك»، قبل أن يتدخل عناصر الأمن لإخراج الشقيق المكلوم وإعادة النظام إلى قاعة المحكمة.
ولفت الادعاء العام إلى إن كثيرين كانوا يخشون الإدلاء بشهاداتهم ضد باترسون «لأنهم يعرفون سمعته ويعلمون أنه شخص خطير»، مطالباً بعقوبة تتراوح بين 75 و100 عام نظراً لطبيعة الجريمة وسجل المتهم، «العنيف والمتهور».
وفي المقابل، حاولت محامية الدفاع تبرير سلوك موكلها بالإشارة إلى طفولته القاسية، مقدمة كذلك رسالة اعتذار كتبها باترسون بعد الجريمة.
لكن القاضي غيليس، الذي بدا متأثراً بشهادة العائلة، خاطب أفراد العائلة العربية قائلاً: «أنا آسف لوجود كل هذا القدر من الشر في العالم»، ثم التفت إلى المتهم، وقال: «السيد باترسون، في تهمة القتل من الدرجة الثانية (وهي تهمة قتل بشرى الماوري)، أحكم عليك بالسجن لمدة 75 عاماً بل وحتى بالسجن مدى الحياة».
وأعربت عائلة الماوري عن رضاها بحكم القاضي بوصفه «إحقاقاً جزئياً للعدالة»، وقالت ذكرى الماوري، وهي شقيقة الصحية، في كلمة أمام المحكمة: «الرحمة بالمذنبين هي جريمة بحق الأبرياء».
يذكر أن الماوري كانت معروفة في مجتمعها المحلي بنشاطها الإنساني، حيث أسست منظمة «يداً بيد من أجل اليمن» لمساعدة ضحايا الأزمة الإنسانية في وطنها الأم، وقالت عائلتها إن هدف المنظمة الإغاثية كان إنقاذ الأطفال اليمنيين من الجوع والموت، موضحة بأن الضحية «كانت تؤمن بأن من واجبها أن تمنح الفقراء أملاً بالحياة».
Leave a Reply