خليل إسماعيل رمَّال
أكثر النكات السمجة الرائجة هذه الأيام هي أنَّ دولة العدو الإسرائيلي تتوغَّل في المناطق المحرَّرة السورية لضرب الاٍرهاب الداعشي خصوصاً في منطقة اليرموك المحاذية للجولان السوري المحتل. ذلك ان التنظيم الخوارجي المجرم الذي لم يضرب العدو ولو بوردة جورية يربض قرب الكيان الصهيوني منذ عامين ونصف ويتلقى العون والدعم منه باستمرار ولم يحدث بين الكيانين الساقطين أي توتر أو اشتباك، كما أنَّ توأم «داعش» السفَّاح (جبهة النصرة) يتعالج كل جرحاه في المشافي الإسرائيلية حيث يُعَاد تجنيدهم لخدمة دولة الاٍرهاب الأصلي في المنطقة.
سبب هذه الحمية الصهيونية المستجدة ليست موجهة بالطبع ضد الذبَّاحين القَتَلة بل ضد سوريا ومن أجل تحقيق عدة أمور منها:
١– الاستفادة من استنفار المشروع الأميركي الغربي الخليجي التركي العدائي ضد سوريا وخوفه من الانهيار بعد أنْ أضحى تحرير حلب على يد الحيش السوري ومحور المقاومة قاب قوسين.
٢– التلاقي مع المشروع العثماني الذي أعلنه الطاغية أردوغان وتراجع عنه بعد التقريع الروسي له بأن هدف قواته الغازية لسوريا هو الإطاحة بالرئيس بشَّار الأسد والهدف الحقيقي هو تقسيم سوريا لعدة دول طائفية تخدم مشروع «الإخوان» والاتراك.
٣– إغتنام فرصة عزم باراك أوباما المغفَّل وما تبقى من إدارته الأميركية العرجاء، لخدمة تل أبيب وكسر شوكة الروس في سوريا من خلال تحريك غرفة عمليات «الموك» في الأردن بمشاركة فعَّالة من عمّان، إنتقاماً لفشله الذريع في وقف تقدُّم محور المقاومة السريع لتحرير ما تبقى من الأراضي السورية من الاٍرهاب التكفيري الذي بدأ عويله يٰسمَع في كامل الإرجاء.
٤– معرفة العدو بأن الرئيس الجديد في البيت الأبيض، دونالد ترامب، على علاته، هو ملتزم على الأقل بالعمل مع روسيا بوتين لدحر «داعش» بالفعل لا بالإدعاء وهو أكد في حملته الإنتخابية ان الجيش السوري وروسيا، وحتى إيران يحارب «داعش»، لذا فلن يكون مسروراً بالتواطؤ الاسرائيلي الدنيء مع السفاحين الذين يسعى معهم لتأمين شريط حدودي لحدي عميل يقف كحصان طروادة ضد الحكومة السورية.
٥– هذا العدو الجبان لا يجرؤ على «الدق» بلبنان حيث عرين المقاومة بل يدَّعي إنه مازال يتدخل عسكرياً متى شاء في سوريا وبالتالي لا خطوط حمراء لديه هناك رغم التواجد العسكري الروسي (وهذا يطرح سؤالاً مشروعاً عن معاملة بوتين المختلفة لأردوغان ونتنياهو)، وذلك تحت ادِّعاء منع المقاومة من حيازة أسلحة كاسرة للتوازن لكن العدو المسكين يعرف ان المقاومة تخطت هذا الأمر من زمان بدليل عرضها العسكري المهيب في القُصير كما أسلفنا سابقاً، والذي هو سبب من أسباب التدخُّل في سوريا لطمأنة سكان الكيان في الداخل القلقين من قدرات المقاومة في سوريا بعد لبنان.
٦– تريد تل أبيب إنهاك المقاومة في سوريا وهذا هو الحل الوحيد أمامها بعد اعترافها لأول مرة بأنها تضع خططاً لإجلاء سكان المستوطنات الشمالية في أي حربٍ مقبلة، فمتى كانت إسرائيل التي هزمت الجيوش العربية جمعاء تتحدث عن إخلاء نصف مليون من مرتزقتها واحتمال تحرير المقاومة لأراضٍ فلسطينية؟!
المشكلة ان قيادة العدو محبطة ولا تدري ما تفعل إزاء الخطر الوجودي في الشمال فلتتجرأ دول الإحتلال وتضع جنودها في سوريا ليكونوا فرصة سانحة ولقمة سائغة جديدة للمقاومة ومحورها. لقد فقدت تل أبيب المبادرة ولم يعد قرار الحرب ولا السلم بيدها، وكلما جاءت بحل لأزمتها أتاها الرد المقابل المناسب والتكافؤ الاستراتيجي الموازي، ثم إنها أصبحت دولة مترهلة ومنهكة لدرجة انها لم تتمكن من إخماد حريق هائل شبَّ في فلسطين المحتلَّة لمدة اسبوع، ولا شك ان عين المقاومة الساهرة كانت ترقب باهتمام فشلها الذريع هذا في إطفاء الحريق فكيف ستُخمِد لهيب المقاومة وصليل صواريخها في الحرب المقبلة؟ هذا لا يعني ان هذا إقرار باحتضار ونهاية اسرائيل التي تبقى من أقوى الكيانات في المنطقة، لكن «دواءها» لا يعرفه إلا المقاومون الشرفاء.
تل أبيب تلعب لعبةً خطرة في سوريا لكنها سترتد حتماً عليها من قبل مفاجآت المقاومة الصاعقة التي تتطلع وتتشوَّق لتورط إسرائيلي من هذا النوع في سوريا وهي التي خبرت كيف تُسقِط جنود الاحتلال في مستنقع جنوب لبنان، إلا أن كل الأنظار اليوم منصبة على حلب حيث أم المعارك تُدار هناك ونهاية التكفيريين الوهابيين والعثمانيين والغربيين ستكون وشيكة وحيث سيسود نظام عالمي جديد تحققه سوريا المنتصرة.
Leave a Reply