ديربورن – كشفت مدارس ديربورن العامة –الأسبوع الماضي– عن نتائج مراجعة الكتب ذات المضامين المثلية في المكتبات العامة بالمدينة، التي كانت مثار جدل مجتمعي واستقطاب سياسي حول إدراج الأدب الجنسي في مناهج التعليم العام بمدينة ديربورن، مما دفع الأهالي خلال الشهور الأخيرة إلى المطالبة بتنظيف المكتبات المدرسية من المطبوعات ذات المضامين والإيحاءات الفاضحة عبر العديد من الفعاليات، بما فيها التظاهر والمشاركة الكثيفة في اجتماعات المجلس التربوي والحملات الانتخابية.
وكانت منطقة ديربورن قد بادرت إلى تشكيل لجنة مؤلفة من خمسة أخصائيين مكتبيين لإجراء«مراجعة داخلية» لسبعة كتب تم تقييد وصول الطلبة إليها بشكل مؤقت، في أواخر أيلول سبتمبر المنصرم، وتضمنت القائمة أربعة كتب ورقية وثلاثة إلكترونية، وهي:
– «ادفع» عن دار «سافير» للنشر) ورقي)
– «أحمر، أبيض وأزرق ملكي» لكايسي مكويستون (ورقي)
– «عظام جميلة» للكاتبة أليس سيبولد (ورقي)
– «إيليانور وبارك» لراينبو روويل (ورقي)
– «ليس جميع الصبيان زرقاً» لجورج جونسون (ورقي)
– «هذا الكتاب مثليّ» لجونو داوسون )إلكتروني)
– «وعاشوا» لستيفن سلفاتوري )إلكتروني)
وبالاعتماد على المعايير المحدّثة والمشدّدة في عملية مراجعة الكتب بمدارس ديربورن العامة، اقتصر عمل اللجنة على تفحص المطبوعات الورقية وعدم تدقيق الكتب الإلكترونية التي تعود ملكية اثنان منها لمكتبة مقاطعة وين الإلكترونية، فيما تعود ملكية الكتاب الثالث لمكتبات ديربورن العامة، والتي تقع خارج نطاق عمل اللجنة.
وخلصت اللجنة الداخلية، المؤلفة من خمسة أعضاء، إلى حظر كتابين من جميع المكتبات المدرسية في المدينة، وحصر استخدام كتابين آخرين في المرحلة الثانوية، إضافة إلى قيامها بمراجعة كتاب ورقي خامس من خارج قائمة الكتب السبعة، بحسب بيان أصدرته منطقة ديربورن التعليمية، الأسبوع الماضي.
وفي التفاصيل، اتخذت اللجنة قراراً بإزالة كافة النسخ من كتابي «ادفع» و«أحمر، أبيض وأزرق ملكي» من جميع المكتبات المدرسية في ديربورن لعدم ملاءمة مضامينها لأعمار التلاميذ، وقصر كتابيّ «عظام جميلة» و«إيليانور وبارك» على مكتبات المدارس الثانوية حصراً، دون البتّ بشأن كتابين إلكترونيين هما «ليس جميع الصبيان زرقاً» و«هذا الكتاب مثليّ»، لكونهما من خارج ممتلكات منطقة ديربورن التعليمية.
ورغم أن كتاب «فلايمر» (صانع اللهب)، للكاتب مايك كوراتو، لم يكن مدرجاً ضمن قائمة الكتب المقيدة مؤقتاً، إلا أن اللجنة توصلت إلى قرار بإتاحته فقط على رفوف مكتبات المدارس الثانوية، وذلك بعد إخضاعه للمراجعة لكونه الكتاب الذي تسبب في تفجير هذه القضية في المدينة، بعد قيام إحدى الأمهات (ستيفاني باتلر) بتقديم شكوى ضده لدى شرطة ديربورن، والتي تزعمت –فيما بعد– قيادة الاحتجاجات المحلية بمجلس ديربورن التربوي، وتنظيم تظاهرة أهلية أمام «مكتبة هنري فورد المئوية»، وصولاً إلى ترشحها من خارج القائمة في سباق مجلس ديربورن التربوي، خلال انتخابات نوفمبر الأخيرة.
وفيما لم تنظر اللجنة في كتاب «وعاشوا» لمؤلفه ستيفن سلفاتوري، كون ملكيته تعود لمكتبات ديربورن العامة، فإن كتابيّ «ليس جميع الصبيان زرقاً» و«هذا الكتاب مثليّ» سيبقيان متاحين عبر تطبيق «سورا» SORA الذي يتيح الوصول إلى الكتب الإلكترونية بمكتبات مقاطعة وين، مع الإشارة إلى أن هذه الخدمة ماتزال محجوبة حالياً أمام طلاب ديربورن، بعد توقيفها منذ نحو ثلاثة أشهر.
وكان مدير الاتصالات في مدارس ديربورن العامة، ديفيد ماستونين، قد أفاد لـ«صدى الوطن»، في وقت سابق، بأنه تم مؤقتاً توقيف تطبيق «سورا» الذي يستخدمه الطلاب للوصول إلى المكتبات الإلكترونية في المدارس العامة بمقاطعة وين، ريثما تتوصل شركة «أوفر درايف» المسؤولة عن نظام التشغيل في منطقة ديربورن التعليمية إلى تطوير طريقة لتحديد نوعية الكتب الملائمة لمستويات معينة في مراحل التعليم العام.
كما دفع الانقسام الاجتماعي حول المطبوعات المدرسية ذات المضامين المثلية منطقةَ ديربورن التعليمية إلى تشديد معايير انتقاء وتوزيع الكتب على المكتبات المدرسية بما ينسجم مع أعمار الطلبة في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، مع الأخذ بعين الاعتبار مخاوف أولياء الأمور واعتراضهم على المواد الأكاديمية غير المناسبة لأبنائهم من خلال إجراءات متعددة، بما في ذلك «طلب إلغاء الاشتراك» التي يمنع وصول التلاميذ إلى المكتبات المدرسية.
وحالياً، تتيح المنطقة على موقعها الإلكتروني نموذجاً رقمياً يمكّن الآباء من تضييق نطاق المطبوعات التي يمكن لأطفالهم الوصول إليها، أو منعها عنهم بشكل كامل، مع إمكانية إلغاء اشتراكاتهم نهائياً للحؤول دون تصفحهم لأية عناصر تعليمية غير مرغوب بها. ويمكن لأولياء الأمور التقدم إلكترونياً بطلباتهم في هذا الخصوص.
وبناء على المعايير المستجدة في منطقة ديربورن التعليمية فإن قرار اللجنة الأخير لا يُعتبر نهائياً، إذ يمكن لأولياء الأمور الطعن بالحكم الأولي، والاستئناف عبر المطالبة بتشكيل لجنة موسعة لإعادة تقييم الكتب المستهدفة، والتي ستضم بحسب الإجراءات الجديدة لدى منطقة ديربورن تسعة أعضاء، خمسة من الأخصائيين في المكتبات، وأربعة من الآباء أو من الجمهور العام.
وتضمن بيان المنطقة التعليمية الإشارة إلى أن الكتب التي تمت مراجعتها داخلياً خلال الآونة الأخيرة لا تتعدى 2 بالألف من المطبوعات في المكتبات المدرسية التي تحتوي على قرابة 500 ألف كتاب ورقي، تحت ما يزيد عن 300 ألف عنوان.
وفي هذا السياق، قال المشرف العام على منطقة ديربورن التعليمية، الدكتور غلين ماليكو: «مع وجود حوالي نصف مليون كتاب في مكتباتنا، فإننا ندرك احتمالية وجود الكتب التي تراكمت عبر السنين والتي يتفق الآباء والموظفون على أنها لا يجب أن تكون هناك»، مستدركاً بالقول: «لكننا نريد التأكيد لأولياء الأمور بأن هذه الكتب قليلة ومتناثرة وأن مكتباتنا تضم مجموعة واسعة من المواد المناسبة لأعمار التلاميذ، والضرورية لتشجيعهم على تقوية مهاراتهم الأكاديمية وتنمية حب القراءة والمطالعة لديهم».
وأوضح البيان بأن الاجتماع الأخير لمجلس ديربورن التربوي، يوم الاثنين الماضي، ضم حوالي عشرة آباء أشاروا إلى قيامهم بتحدي بعض الكتب غير المرغوب بها، لافتاً إلى أن الاختصاصيين المكتبيين يقومون حالياً بمراجعة شاملة لكامل المطبوعات المدرسية، لإزالة الكتب غير المناسبة لأعمار التلاميذ، وكذلك الكتب القديمة والتالفة أو تلك التي لم يعد يستخدمها الطلبة.
من جانبه، أعرب المدير التنفيذي عن «إنجازات الطلاب» في مدارس ديربورن العامة، آدم مارتن، عن سعادته بالنتائج التي توصلت إليها عملية المراجعة الداخلية للكتب آنفة الذكر، وقال: «نحن سعداء بنتائج عملية تحدي الكتب لأننا نريد التأكيد على أن لدى مكتباتنا محتوى مناسباً لطلابنا، وأنها لا تقدم مواد غير ضرورية أو غير مبررة»، لافتاً إلى أن أولياء الأمور نبّهوا الاختصاصيين المكتبيين إلى ضرورة مراجعة المطبوعات بطريقة تأخذ بعين الاعتبار المستوى العمري للمستخدمين.
وأوضح مارتن بأن الجدل الذي ساد في ديربورن خلال الفترة السابقة، ساهم في تحديث إجراءات وآليات المنطقة وتطويرها نحو الأفضل، مؤكداً بأن التحسين المستمر يعني «أننا نبحث دائماً عن كيفية جعل الأشياء تعمل بشكل أفضل، وهذا مهم بشكل خاص لأية عملية جديدة» بحسب تعبيره.
رئيسة المجلس التربوي روكسان ماكدونالد، أعربت أيضاً عن تقديرها لأولياء الأمور الذين يعملون مع الأعضاء لمعالجة المخاوف المتعلقة بالكتب في المكتبات المدرسية، قائلة: «إن ضمان بيئة آمنة ومرحبة في منطقتنا يعني قبول مجموعة متنوعة للغاية من الطلاب، ومساعدة جميع الطلاب على تعلم كيف يصبحون مواطنين صالحين وتعليمهم فهم وقبول الآخرين المختلفين عنهم».
وأضافت ماكدونالد: «تحتاج مكتبات مدارسنا إلى دعم هذه الأهداف جنباً إلى جنب مع الأهداف التي لا تقل أهمية عن بناء قرّاء أقوياء ومفكرين نقديين.. يفعلون ذلك من خلال توفير مجموعة من المواد المناسبة للعمر وتلبي احتياجات جميع الطلبة والعائلات الذين نخدمهم».
وختمت ماكدونالد بالقول: «بصفتنا منطقة تعليمية فإننا ملتزمون دائماً بالعمل مع جميع أولياء الأمور في مجتمعنا لمساعدة طلابنا على إيجاد التوازن المناسب لهم ولعائلاتهم دون التعدي على حرية الآخرين».
Leave a Reply