كلمة المخدع، في بلاغة اللغة العربية، تعني غرفة الوصال الزوجي، وبقدر ما تعني هذه الكلمة وتشير إلى الحنان والدفء والوئام، فهي تنم كذلك عن لعبة خداع، يتبادلها الشركاء، مثلما التجار، قصد ربح تلبية نداء الحاجة، وسلسلة المصالح الزوجية اللامتناهية!
لقد أطربتنا معزوفات (عرس) الانتخابات العراقية، البرلمانية الأخيرة، ولا أدري لماذا تم اتفاق جميع العراقيين على هذه التسمية، التي لا نجد لها توصيفا مماثلا لمعانيها في أي حملة انتخاب في العالم على هذا النحو الغرامي.
والنهاية السعيدة للزفة، هي العرس ومن ثم الولد الصالح! من الناخبين المال، ومن القادة المنتخبين العيال. ألا أن همسات المخدع العراقي صارت صراخا.
الرئيس المالكي، اشتكى من الخداع في عملية العد والفرز، ومن وجود برنامج الكتروني مخصص لتفويز القائمة العراقية، والرئيس السابق علاوي، يشتكي من خداع التفسير القانوني بتعبير الكتلة الفائزة، والتي يقول إنها قائمته، وليست التي تندمج لاحقا!
والشعب يقول الحكومة وأحزابها خدعتنا بالانتخابات، من أجل الديمقراطية، وهاهم يتصارعون من أجل المناصب! والمحللون السياسيون يشتكون من تمرير “الشراكة” ويقولون إنها خدعة والحقيقة هي “المحاصصة”، أي توزيع حصص كعكة السلطة ومناصبها. والبعض من قراء “صدى الوطن” يقول هذا المقال الذي يتمظهر بالغيرة الوطنية هو “بدعة مدفوعة الأجر”، بل أن لقب كاتبها “الصافي” هو أول الخداع، فهو الخابط الذي يتصيد مقالاته في الماء الخابط!
أنصار النظام السابق، يقولون إن السياسيين المتاجرين بالقومية ومبادئ البعث، يخدعوننا لكسب أصواتنا، وهم الأشد تغزلا بأميركا وغراما عند الاستقواء بها، والمجاهدون المعارضون للنظام السابق، يقولون إن الأحزاب الاسلامية والتي وعدتنا بأنها ستكون أحزاب الله، هاهي اليوم أحزاب الشيطان.. الأكبر!
ولكن ماالذي يجري؟ أما من رجل رشيد يشهد شهادة حق؟ لنأخذ شهادة أحد الآباء السابقين لحزب الدعوة الاسلامية وهو الدكتور علي التميمي، وما يقوله عن البعض من جماعته المتدينيين. ونجد بين قدامى الشيوعيين من يقول كلامه، طبق الأصل، وبين الليبيراليين، ومن الاخوان المسلمين كذلك، وسواهم الكثير، يقول “سلطة بعض المتدينيين اليوم في العراق، تستعين بالمزورين وبالمحدودين وبالسراق والمنافقين والمرتشين وتحميهم في السر وتنفي ذلك في العلن! والمواطن العراقي يجد أمامه ما يذله، ويهينه، ويصادر كرامته!”.
ونقول أليس هذا من ضروب الخداع الأبشع والأخطر على مستوى التاريخ؟ خصوصا في تحول سياسي عراقي مدفوع الثمن بملايين الضحايا والشهداء والأيتام والأرامل و.. المجانين؟
ولكن يخادعون الله وشعبهم، أم يخدعون أنفسهم؟ من يجيب بلا لف وبلا.. خداع؟!
Leave a Reply