ديربورن – خاص “صدى الوطن”
بدأ المخرج اللبناني عادل سرحان تصوير فيلمه الروائي الطويل، “بيترويت”، في منطقة ديترويت الكبرى، مختتما فترة من الدراسة والتحضير امتدت لعدة أشهر، تضمنت وضع القصة والسيناريو والحوار.
ويتصدى فيلم “بيترويت” لمواضيع اجتماعية وإنسانية تدور في قوالب التشويق والإثارة والأكشن والكوميديا السوداء، بحسب ما أدلى به سرحان لـ”صدى الوطن”، حيث تشكل قضايا الهجرة والطلاق والعنف المنزلي محاور أساسية في العمل الجديد الذي تقوم حبكته على قصتين تدور أحداث الأولى في العاصمة اللبنانية، بيروت، والأخرى في مدينة ديترويت الأميركية، ومن خلال هذين المكانين يشتق العمل اسمه: “بيترويت”، أي: بيروت-ديترويت.
ورغم المسافة الشاسعة بين موقعي الأحداث، بيروت وديترويت، فإن التقاطعات الإنسانية بين شخصيات الفيلم تتحول إلى بؤرة صهر تحول الزمن الفني إلى حامل متماسك يجمع حزمة الخطوط الدرامية الرئيسية والثانوية ويصدر رسالة فنية ذات مغزى، عميق على ما يريده المخرج ويحلم به، وفي هذا الصدد يقول سرحان: “إن رسالة الفيلم لها مؤدى وظيفي يرمي إلى تسليط الضوء على بعض القضايا ويحددها بشكل يدفع إلى التفكير بإيجاد حلول لها، فالفيلم ليس للتسلية أو لإثارة المتعة العابرة”.
ويبدو من خلال الحديث مع سرحان أن اللعبة الفنية عنده تقوم على المغامرة لناحية المعالجة الفيلمية لأن “قصص الفيلم هي من النوع الشائع والمعروف والتي يمكن مصادفتها في كل المجتمعات”.
يؤدي الأدوار في الفيلم الذي يبلغ طوله 100 دقيقة ممثلون عرب وأميركيون، بينهم اللبنانيون دارين حمزة وحسن اللحام وختام اللحام والأميركيون كريستين سلامون وألكس صافي وريتا خوري.
وفيلم “بيترويت” هو الفيلم الروائي الطويل الثاني في مسيرة سرحان الفنية بعد فيلمه الروائي الطويل الأول “خلة وردة” الذي حقق نجاحاً لافتاً إلى جانب خمسة أفلام قصيرة، وقد استطاع المخرج سرحان عبر هذه الأعمال أن يثبت وجوده كأحد المخرجين السينمائيين اللبنانيين الشباب، إلى جانب نادين لبكي وسعيد الماروق وسليم الترك، الذين يبشرون بـ”إحياء” السينما اللبنانية وإخراجها من نفق العطالة والركود وضعف الإنتاج الذي دخلته منذ ثمانينات القرن الماضي.
وتدور أحداث “خلة وردة” حول قصة حقيقية وقعت في منتصف ثمانينات القرن الماضي، حيث ينشب الخلاف بين الأخوة على قطعة أرض ورثوها، لكنهم في النهاية يتحدون في وجه قوى الاحتلال الإسرائيلي الذي يمنعهم من زراعتها، مسجلين بذلك موقفا مبدئيا في الدفاع عن أرضهم. والفيلم ينتصر لمقولة المقاومة كخطاب إنساني بالدرجة الأولى، ووطني بالدرجة الثانية، من دون أن ينزلق إلى الشعارات الطنانة والضجيج التعبوي أو “التمترس” السياسي. “إنه بكل بساطة فيلم يظهر ذكاء الإنسان الجنوبي وحنكته واعتماده على نفسه لتحصيل حقوقه”، بحسب المخرج.
وقد سجل شباك التذاكر أرقاما لافتة في حالة فيلم “خلة وردة” (بطولة أحمد الزين) تجاوزت الـ150 ألف مشاهد، ما يشي بعودة المناخات الاحتفالية لدى الجمهور السينمائي، حيث تراهن السينما ذاتها وماتزال، على البعد الاحتفالي في طبيعتها كنوع فني وفي رسائلها إلى المجاميع من عشاق الشاشة الذهبية.
ويبدي سرحان في هذا السياق تفاؤلا واضحا بمستقبل السينما اللبنانية، ويقول: “اصبحنا نشاهد في الفترات الأخيرة ثلاثة أو أربعة أعمال سينمائية في العام الواحد، بعد فترة طويلة كان من النادر فيها أن نشاهد عملا سينمائيا لبنانيا”.
تجدر الإشارة إلى أن سرحان توجه إلى إدارة الكاميرا السينمائية بعد عمله في مجال إلإخراج الإعلاني وإخراج الكليبات الغنائية، وأنجز قبل دخوله في مرحلة الإخراج الروائي الطويل خمسة قصيرة، من بينها “أديم العالم” الذي نال خمس جوائز عبر مشاركاته في ثماني مهرجانات سينمائية عالمية.
Leave a Reply