واشنطن – بعد 34 عاماً على الكارثة التي أسفرت عن مقتل 259 مسافراً على متن رحلة «پان أميركان 103»، تمكنت السلطات الأميركية –عبر عملية سرية– من اعتقال خبير متفجرات سابق في المخابرات الليبية وإحضاره أمام القضاء الفدرالي، بتهمة تصنيع القنبلة التي استخدمت في تفجير الطائرة الأميركية فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية عام 1988.
ومثُل المتهم أبو عجيلة محمد مسعود خير المريمي – 71 عاماً – أمام محكمة فدرالية في واشنطن الإثنين الماضي، بتهمتين جنائيتين تتعلقان بحادثة لوكربي، التي أدت أيضاً إلى مقتل 11 شخصاً في اسكتلندا، من جراء سقوط طائرة الـ«بوينغ 747» التي كانت متجهة من لندن إلى نيويورك.
وألقي القبض على أبو عجيلة في ليبيا عقب سقوط نظام معمر القذافي، إلا أنه لم يواجه أية تهم تتعلق بحادثة لوكربي حتى كانون الأول ديسمبر 2020، بعدما تبين لوزارة العدل الأميركية ضلوعه في الهجوم الذي كان معظم ضحاياه أميركيين.
ولم يذكر المسؤولون الأميركيون كيف وصل أبو عجيلة إلى الولايات المتحدة، غير أن وسائل إعلام ليبية ذكرت في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أن أبو عجيلة قد «تعرض للاختطاف من منزله في طرابلس».
وبعد وصوله إلى الولايات المتحدة نُقل المسؤول الليبي السابق إلى منشأة تابعة لوزارة العدل الأميركية في ألكسندريا بولاية فرجينيا بانتظار البت في قضيته.
ويمكن أن يُحكم على أبو عقيلة بالسجن مدى الحياة، علماً بأن التهمتين الموجهتين إليه تصل عقوبتها إلى الإعدام بحسب القانون الحالي، إلا أنها لم تكن كذلك وقت حدوث الجريمة، وفقاً للادعاء الفدرالي.
وأبو عجيلة، واحدٌ من ثلاثة أشخاص زعم مسؤولون أمنيون أميركيون وبريطانيون أنهم متورطون في تفجير عام 1988.
وفي عام 1991 تم توجيه اتهام بارتكاب التفجير إلى اثنين آخرين من عملاء المخابرات الليبية هما عبد الباسط علي المقرحي والأمين خليفة فحيمة، لكن المسؤولين الليبيين لم يسمحوا لهما بالمثول في قاعة محكمة أميركية. وبدلاً من ذلك، تمت محاكمتهم من قبل محكمة أسكتلندية.
وأدين أحد الضابطين وهو، عبد الباسط علي المقرحي، وحكم عليه بالسجن المؤبد. أما الآخر، الأمين خليفة فحيمة، فقد ثبت أنه غير مذنب.
وأطلق المسؤولون الأسكتلنديون سراح المقرحي لأسباب إنسانية في عام 2009 بعد تشخيص إصابته بسرطان البروستاتا، وتوفي في ليبيا عام 2012.
وكشف محققون أميركيون وقت التفجير عن أدلة على أن أحد المتهمين المحتملين كان اسمه «أبو عجيلة مسعود»، لكن لم يتمكنوا من تحديد مكانه، وفقاً لمكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي).
وفي عام 2003، قبل الزعيم الليبي السابق، معمر القذافي، بمسؤولية بلاده عن التفجير ودفع تعويضات بقيمة ملياري دولار لعائلات الضحايا عام 2008، لكنه لم يقرّ بأنه شخصياً أمر بتنفيذ الهجوم.
وأعيد فتح التحقيق في القضية عام 2016 بعدما تلقى المسؤولون الأميركيون نسخة من مقابلة كان أبو عقيلة –وهو خبير متفجرات في جهاز الاستخبارات الليبي– قد أجراها مع السلطات الأمنية الليبية أثناء التحقيق معه في أعقاب انهيار نظام القذافي عام 2012.
وقال مسؤولون أميركيون إن أبو عقيلة اعترف بصنع القنبلة والعمل مع متآمرين آخرين لتنفيذها، وإن العملية صدرت بأمر من الاستخبارات الليبية، وإن القذافي شكره وآخرين بعد الهجوم، وفقاً لشهادة «أف بي آي» في القضية.
انتقاد ليبي
ورداً على مثول أبو عجيلة أمام قاضٍ أميركي، قال مستشار الأمن القومي الليبي إبراهيم أبو شناف إنه لا يجوز فتح أي مطالب جديدة في قضية لوكربي بعد التسوية التي تم التوصل إليها.
جاء ذلك في بيان صادر عن أبو شناف قال فيه «بعد إعلان الولايات المتحدة أسر المواطن أبو عجيلة فإننا نذكر المسؤولين الأميركيين بتعهداتهم وتشريعاتهم الصادرة في تسوية قضية لوكربي».
وأوضح البيان أن اتفاقية التسوية مع ليبيا نصت على «أنه لا يجوز بعد دفع الأموال والتعويضات (لأهالي الضحايا) فتح أي مطالبات جديدة عن أي أفعال ارتكبت من الطرفين بحق الآخر قبل تاريخ الاتفاقية».
وأضاف «التزمت الولايات المتحدة وفق الاتفاقية بتوفير الحصانة السيادية والدبلوماسية لليبيا وألا يتسلم أهالي الضحايا أي تعويضات من الصندوق المشترك المخصص للغرض إلا بعد توفير هذه الحصانة».
وتابع «كما أصدر الكونغرس الأميركي في آب أغسطس 2008 قانوناً ينص على أن تكون الممتلكات والأفراد الليبيون المعنيون بالقضية في مأمن من الحجز أو أي إجراء قضائي آخر».
Leave a Reply