بوش: النجاح ممكن بتعميم تجربة الأنبار
بغداد – في الوقت الذي بدأت الخطوط العريضة لتقرير قائد قوات الاحتلال الأميركي في العراق الجنرال دايفيد بيترايوس والسفير الأميركي لدى بغداد ريان كروكر في غضون أيّام تتوضّح، مع إعلان بيترايوس أنه سيضمّنه توصية بخفض عدد قواته في بلاد الرافدين بدءاً من شهر آذار المقبل كان الرئيس الأميركي جورج بوش وفريق عمله يقومون بزيارة أُحيطت بالسرية الكاملة الى بلاد الرافدين بدأت في محافظة الأنبار ذات الغالبية العربية السنية. ويبدو أن زيارة بوش المفاجئة دفعت حكومة نوري المالكي، الى إطلاق استراتيجية أمنية جديدة تمتد لأربع سنوات بين عامي 2007 و2010 أطلق عليها اسم «العراق أولاً»، وتتعهد بـ«علاقات طويلة الامد» مع الولايات المتحدة. وأجمع المراقبون على أنّ وراء اختيار المنطقة الغربية في البلاد، لا العاصمة بغداد، رسائل أميركية موجّهة إلى أطراف عديدة، أوّلها رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، مفادها بأنّ عليه بذل المزيد من الجهود لاستقطاب العرب السنة في ائتلافه الحكومي، وخصوصاً أنّ الزيارة الثالثة لبوش إلى العراق، تترافق مع مجموعة من المعطيات «المصيرية» بالنسبة للاحتلال الأميركي وللوضع العراقي العام، أبرزها:ـــــ تتزامن مع انسحاب آخر جندي بريطاني من القواعد التي أدار منها عملياته في البصرة جنوب البلاد منذ عام 2003 رغم «الامتعاض» الأميركي من قرار لندن.ـــــ تتزامن الزيارة مع أخرى يقوم بها قادة «جبهة التوافق العراقية»، الممثّل الأكبر للعرب السنة في العملية السياسية، إلى واشنطن بدعوة من الكونغرس.ـــــ تأتي عشيّة استئناف البرلمان العراقي لجلساته بعد انتهاء إجازته السنوية، وتعليق كل من الادارة الأميركية والحكومة العراقية الآمال بأن ينجح النواب في التصويت بالغالبية المطلوبة على مجموعة من القوانين التي تُعدّ مفتاحاً لنجاح حكومة المالكي في دفع «المصالحة الوطنية» بين الطوائف والأعراق العراقية قدماً، وأبرزها قوانين توزيع عائدات النفط، والتعديل الأخير على قانون «اجتثاث البعث» وقانون الانتخابات المحلية والعفو عن المعتقلين في السجون… وهي جميعها إجراءات تمّ الاتفاق عليها خلال «القمّة الخماسية» التي جمعت نهاية الشهر الماضي كلاًّ من الرئيس جلال الطالباني ونائبيه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي والمالكي، إلى جانب رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني.ورافق بوش في الزيارة، كل من وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس ومستشار الامن القومي ستيفن هادلي وعدد من كبار النواب الجمهوريين الذين كان في استقبالهم وزير الدفاع روبرت غيتس، وقائد الجيوش الاميركية الجنرال بيتر بايس، وقائد القوات العسكرية الاميركية في الشرق الاوسط الاميرال ويليام فالون، إلى جانب بيترايوس.وبعدما أمضى نحو 21 ساعة في الجو، اجتمع بوش بضبّاط جيشه الميدانيين في قاعدة «الأسد» قبل أن يجتمع بكل من الطالباني والمالكي والهاشمي، ومجموعة من شيوخ عشائر الأنبار الذين باتوا يقاتلون الى جانب القوات الحكومية والأميركية ضدّ تنظيم «القاعدة» بعدما كانوا موالين له.تجدر الإشارة الى أنّ واشنطن ترى أنّ إنجازها الأكبر الذي حقّقته في العراق منذ بدء الاحتلال، هو ما حصل في محافظة الأنبار بالتحديد، وقد فسّر المراقبون اختيار هذه المنطقة من بوش ومرافقيه، للدلالة على الإنجاز الذي تحقّق في هذه المحافظة، وأنها دعوة مبطّنة للمالكي إلى أن يُقدم على مزيد من «التنازلات» ليحظى بدعم العرب السنة من العراقيين، باعتبار أنّ الأنبار رمز للنجاح «المحلّي» المطلوب من المالكي العمل على جعله وطنياً.وخلال وجود بوش والوفد المرافق له على الأراضي العراقية، جدّد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد دعمه للمالكي، وانتقد مطالبة النواب الأميركيين بتغيير الحكومة العراقية التي وصفها بأنها «شرعية».وبعد الاجتماع، طمأن بوش العراقيين، إلى أنّ بلاده «لن تتركهم»، ورأى أنّ النجاح سيكون حليف الأميركيين والعراقيين «إذا ما استطعنا تعميم تجربة الأنبار على جميع أنحاء البلاد».
Leave a Reply