صخر نصر
عندما بدأت عاصفة يوم الجمعة تضرب ديترويت كنت على وشك ركوب سيارتي والعودة إلى المنزل بالقرب من شارعي «التلغراف والميل الخامس» في منطقة «فنكل» كنت أراقب الرياح العاتية والأمطار من خلف الزجاج، استمر الحال لعشر دقائق تقريبا ثم هدأت الرياح واستمر المطر ولم أعرف ماجرى إلا بعد أن خرجت ومشيت على «التلغراف» حوالي الميلين عندها أدركت أن عاصفة هوجاء ضربت المنطقة أسفرت عن قطع التيار الكهربائي وتكسير آلاف الأشجار في منطقة ديترويت هذا عدا عن الأضرار المادية الأخرى لبيوت وشركات ومحطات وقود.
مر اليوم الأول وبات نحو سبعين ألفا أو أكثر من البيوت والمحال التجارية بلا كهرباء ومر اليوم الثاني والثالث ولا تزال الكهرباء مقطوعة حيث بدأت بالعودة تدريجيا إلى المناطق المختلفة فيما بقيت آلاف المنازل والمحلات تغرق في ظلام دامس حتى مساء الأربعاء (عند كتابة هذه السطور) .
يوم الاحد، طلبت زوجتي أن أحضر لها دجاجا، فذهبت إلى المتجر فوجدته مغلقا وقد كتب صاحبه على الباب: لاتوجد كهرباء فقصدت متجرا آخر فيه كهرباء، فلم أجد عنده لحم دجاج وانتقلت إلى منطقة أخرى فكان الحال واحداً، وعلمت فيما بعد أن مركز توزيع لحوم الدجاج معطل بسبب عدم وجود الطاقة الكهربائية، وعند ظهيرة الأحد خرجنا للتسوق وتناول طعام الغداء في مطعم صيني لنجده هو الآخر مقفلا للسبب نفسه. وفي الطرق توقفت شارات المرور عن العمل ماتسبب ذلك في ازدحام كبير للسير وتأخر الناس عن بيوتها وأعمالها.
ولم تكن الحال في ديربورن أفضل فقد توقفت المحال التجارية والمصالح والمكاتب عن العمل فلا طاقة لتشغيل الإضاءة وأجهزة الكومبيوتر و«الكاشيير» وتعطلت مصالح الناس وشلت الحركة الاقتصادية.
أعرف صديقا كان يجهز مطعما في منطقة راقية وقد تسبب انقطاع التيار الكهربائي في تأخير الإنجاز ما كبده خسائر بآلاف الدولارات كونه مرتبط بمواعيد مع البلدية ومع الشركات الموردة للأجهزة وعليه الانتهاء في الموعد المحدد فاضطر لتشغيل عمال إضافيين وشراء مولدة للطاقة بالكاد تكفي لإضاءة عدة مصابيح للعمل بالحد الأدنى، في الوقت الذي فقدت فيه المولدات من الأسواق خاصة الكبيرة منها والتي توفر الطاقة لمحل كبير أو متجر متوسط، حيث اضطر كثيرون لشراء عدد من المولدات لتشغيل براداتهم كي لاتفسد اللحوم والأطعمة ويتكبدون جراء ذلك خسائر كبيرة.
قد يتساءل كل منا: هل معقول أن يحدث هذا في أميركا، حيث الحضارة والتكنولوجيا والتي تعتبر من بلدان العالم الأول، بالطبع غير معقول، ففي بلداننا الأم من العالم الثالث، والتي تعاني من الحروب والأزمات المختلفة لا تبقى الكهرباء مقطوعة لمثل هذه المدة ولا تتعطل مصالح الناس بهذا الشكل الرهيب، فهناك محركات احتياطية وأجهزة إنارة منزلية تعمل على البطاريات الجافة والقابلة للشحن أما في الولايات المتحدة الأميركية فانقطاع الكهرباء يعني الشلل التام ومن يدري فقد تتكرر العواصف هذا العام وربما سيحتاج كل بيت لمولدة لننام ونفيق على «جعيرها» مثلنا مثل غيرنا، وحتى لا نشعر بالغربة.
Leave a Reply