ديربورن – «صدى الوطن»
مع اقتراب الانتخابات التمهيدية في شهر آب (أغسطس) المقبل، تستكمل بلدية ديربورن عملية تعريب الوثائق والوسائط الانتخابية بما فيها لوائح الاقتراع، تنفيذاً للقرار الذي مرّره المجلس البلدي في شهر آذار (مارس) المنصرم.
وكان قرار البلدية بترجمة جميع المواد الانتخابية إلى العربية باعتبارها اللغة الوحيدة التي يتحدث بها ما لا يقل عن 5 بالمئة من سكان المدينة البالغ عددهم نحو 108 آلاف نسمة، قد قوبل بتشكيك واسع في إمكانية تنفيذه ضمن المهلة الدستورية.
وبموجب المرسوم الذي شهد العديد من التجاذبات بين المسؤولين في بلدية ديربورن ومقاطعة وين، ستتوفر قوائم الاقتراع الرسمية والإخطارات وطلبات التصويت الغيابي واستمارات التسجيل واللافتات الإرشادية والإفادات الخطية، باللغة العربية لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف قامت بلدية ديربورن بتشكيل لجنة رسمية باسم «لجنة اللغة» ضمت كلاً من ناشر صحيفة «صدى الوطن»، الزميل أسامة السبلاني، والدكتور علي عجمي، والإعلامي قاسم دغمان، للإشراف على عملية تصحيح المواد المترجمة والمصادقة عليها.
وقد وجدت اللجنة المعينة من قبل البلدية، أخطاء فادحة في النسخ الأولية المترجمة، سواء من الناحية التقنية أو اللغوية، مما دفعها إلى الإسراع في عملية المراجعة كي يتسنى اعتماد النسخ النهائية ضمن المهلة المحددة لتكون جاهزة للطباعة والتوزيع بحلول الانتخابات التمهيدية.
وكان كليرك البلدية جورج ديراني، الذي تقع ضمن مهامه مسؤولية الإشراف على العملية الانتخابية في ديربورن، قد كلف شركة «غلوبال لخدمات الترجمة»، مهمة ترجمة المواد الانتخابية حتى تكون جاهزة قبيل الانتخابات التمهيدية.
وتجدر الإشارة إلى أن ديراني كان من أشد المعارضين لمرسوم الترجمة وقد حاول عرقلته عبر تأليب كليرك مقاطعة وين كاثي غاريت ضد القرار، قبل أن تتدخل سكرتيرة ولاية ميشيغن، جوسلين بنسون، لفرض تنفيذ المرسوم.
وتضم ديربورن أعلى نسبة من العرب الأميركيين في ولاية ميشيغن، حيث يتحدّر 47 بالمئة من سكان المدينة من أصول عربية، كما أن 46 بالمئة من السكان الذين تزيد أعمارهم عن خمس سنوات، يتحدثون العربية في منازلهم. ووفقاً لبيانات التعداد السكاني لعام 2020، يعيش في ديربورن 40,594 ناطق بالعربية في سنّ 5 سنوات وما فوق، بينهم حوالي 24 ألف يتحدثون الإنكليزية بطلاقة، و16,600 لا يتحدثونها بشكل جيد.
سابقة تاريخية
للمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، سيتمكن الناخبون العرب من الإدلاء بأصواتهم عبر استخدام لوائح رسمية مترجمة إلى اللغة العربية، بغية اختيار مرشحيهم في جميع السباقات المحلية والوطنية.
وتتهيأ مدينة ديربورن لإجراء الانتخابات التمهيدية في 2 أغسطس القادم، عبر 48 مركزاً انتخابياً، لتصفية المرشحين الذين يتنافسون على العديد من المناصب على مستوى مقاطعة وين، وولاية ميشيغن، وعلى المستوى الفدرالي.
وسوف تتضمن قوائم الاقتراع في ديربورن سباقات حزبية لعضوية الكونغرس الأميركي ومجلسي النواب والشيوخ في ميشيغن، فضلاً عن مناصب تشريعية وتنفيذية في مقاطعة وين بالإضافة إلى استفتاء ضريبي سيقام على مستوى المقاطعة.
لجنة خاصة
في الأثناء، بادرت بلدية ديربورن إلى تشكيل لجنة خاصة مؤلفة من ثلاثة أعضاء، أنيطت بهم مسؤوليات مراجعة وتدقيق ومصادقة المواد الانتخابية المعرّبة، تمهيداً لتوزيعها على أقلام الاقتراع، جنباً إلى جنب مع النسخ الإنكليزية، وكذلك لإرسالها إلى الناخبين الراغبين بالتصويت غيابياً ابتداء من مطلع شهر تموز (يوليو) القادم.
وستخدم اللجنة التي تضم السبلاني (المعيّن من قبل رئاسة البلدية) وعجمي ودغمان (المعينين من قبل المجلس البلدي). لمدة ثلاث سنوات، تنتهي في 3 حزيران (يونيو) 2025.
وتجدر الإشارة إلى أن مكتب الكليرك في ديربورن كان قد أتاح –العام الماضي– نماذج انتخابية مترجمة إلى العربية لإرشاد الناخبين العرب في عملية التصويت، كما نشر على الموقع الإلكتروني التابع للبلدية ثلاث وثائق انتخابية مترجمة إلى العربية لأغراض إرشادية، وهي: طلب التسجيل وطلب الاقتراع الغيابي بالإضافة إلى لائحة الاقتراع التي تتضمن أسماء المرشحين والمقترحات المطروحة للاستفتاء العام.
وعلى عكس لائحة الاقتراع التي لم تكن معدة للاستخدام الرسمي في العام الماضي، سيتسنى للناخبين في ديربورن هذه المرة إدخال لوائح الاقتراع المترجمة مباشرة إلى ماكينات التصويت التابعة لشركة «دومينيون».
مصاعب وتحديات
عضو اللجنة، الدكتور علي عجمي، أكد أن النسخ الأولية من المواد الانتخابية المعرّبة شابها الكثير من الأخطاء اللغوية والتقنية، لافتاً إلى أن المواد المترجمة كانت مليئة بالأخطاء التي تشي بأنها ترجمت عبر «غوغل»، ما اضطر اللجنة إلى إعادة ترجمة معظم المواد الانتخابية، بالطريقة الصحيحة.
وأشار السفير اللبناني السابق إلى أن النسخ الأولية كانت تتضمن الكثير من المعلومات الخاطئة وغير الواضحة التي قد تربك الناخبين، مؤكداً بأن اللجنة بذلت جهوداً مستفيضة لإيضاح وتبسيط بعض المفاهيم الانتخابية حتى «تكون مفيدة ومناسبة للناخب العربي».
وأوضح عجمي أن اللجنة تواجه تحديات حقيقية لإنجاز المهمة وعلى رأسها ضيق الوقت وتعدد واختلاف اللوائح الانتخابية بحسب مراكز الاقتراع.
وقال عجمي: «لقد توجب علينا مراجعة وتدقيق اللوائح المختلفة، وهو ما تطلب منا الكثير من الوقت والجهد»، معرباً عن تقديره لتعاون الكليرك ديراني، رغم معارضته الأولية لعملية الترجمة.
وأوضح عجمي بأن عملية تعريب المواد الانتخابية باتت «على مشارف النهاية»، مرجحاً أن يتم إنجازها بالكامل خلال الأيام القليلة القادمة. وقال: «نعمل في الوقت الحالي على مراجعة وتدقيق المواد المتعلقة بإرشادات الناخبين، إضافة إلى إعادة ترجمة وتسجيل المواد الخاصة بمعوّقي البصر والسمع». وأضاف: «للأسف، كانت النسخة الأولية من المواد الانتخابية الخاصة بالصم والبكم رديئة، وغير صالحة بالمرة، بسبب ترجمتها من قبل الشركة المُوظّفة، بشكل شبه حرفي، وهو ما حدا باللجنة ومكتب الكليرك إلى اتخاذ قرار بإعادة ترجمة المواد الصوتية والمرئية (فيديو وأوديو) أيضاً وقد تم ذلك بالفعل».
من جانبه، أشار السبلاني، إلى أن عملية تعريب المواد الانتخابية تستلزم «مجموعة واسعة» من المصادقات الحكومية، حتى يتم اعتماد النسخ النهائية، التي «ستظهر في أقلام الاقتراع، والتي ستصل إلى أيدي الناخبين ابتداء من الشهر القادم».
وأوضح بأن عمل «لجنة اللغة» بدأ بعد إنجاز الترجمة من قبل الشركة المتعاقدة مع البلدية، وقد باشر الأعضاء الثلاثة بعملية تصحيح وتدقيق المواد المترجمة لإرسالها إلى مكتب الكليرك بمقاطعة وين من أجل طباعتها، ثم يلي ذلك إرسال النسخ إلى جميع المرشحين للتحقق من أسمائهم والمناصب التي يسعون لتمثيلها.
وبعد ذلك سيتم إرسال المواد المترجمة إلى مكتب الكليرك بديربورن، الذي سيتولى توزيعها على الناخبين، عبر البريد وفي مراكز الاقتراع، لكل من يرغب بالتصويت باللغة العربية.
وأوضح السبلاني بأن عملية التعريب ستطال جميع المواد الانتخابية والنماذج والإرشادات الانتخابية، ما عدا أسماء المرشحين، الذين سترد أسماؤهم بالإنكليزية، تفادياً لأي مغالطات في نطق الأسماء وطريقة كتابتها.
وحين ينتهي مكتب الكيرك بديربورن من إتمام تعريب المواد الانتخابية كافة، سيغدو بإمكان الناخبين الراغبين بالتصويت الغيابي، أو التصويت عبر البريد، إرسال طلباتهم للحصول على لوائح الانتخاب المعرّبة.
وسوف يحدد مكتب الكليرك المواعيد النهائية، لمجمل الخطوات الانتخابية، خلال الأيام القليلة القادمة.
Leave a Reply