سامر حجازي – «صدى الوطن»
بالنسبة للزبائن الذين يتطلعون لقضاء ليالي الصيف وهم يستمتعون بتدخين الأركيلة في المقاهي المخصصة لذلك حتى ساعات الصباح الأولى، عليهم أنْ يتدبَّروا أمورهم ويجدوا مدينة غير ديربورن لممارسة هوايتهم، إذ يبدو أن البلدية قررت أن تشن معركة جديدة على مقاهي الاركيلة في ديربورن عبر تطبيق حظر شامل يقضي بإغلاق جميع المقاهي المرخصة في المدينة بعد الساعة الثانية صباحاً.
ويأتي هذا الحظر، الذي وصفه بعض أصحاب الأعمال بـ«حرب إلغاء»، في إطار المرسوم البلدي المنظم لعمل مقاهي الأركيلة في المدينة الذي أقر في العام 2015، والذي يمنع المقاهي المرخصة من العمل بعد الساعة الثانية فجراً وحتى العاشرة صباحاً، وذلك من ضمن قواعد تقييدية أخرى من بينها منع زبائن المقاهي من تدخين الأركيلة في الهواء الطلق بعد منتصف الليل.
ومع انه تم تبني المرسوم في العام الماضي، غير أن مجلس البلدية منح أصحاب المقاهي وقتاً إضافياً للامتثال للقواعد التنظيمية الجديدة. ومع انتهاء المهلة، لم تضيع شرطة ديربورن أي وقت لفرض الحظر غير آبهة بقدوم الطقس الدافئ الذي يحمل السكان على قضاء لياليهم في صالات الأراكيل للترفيه عن النفس والاستمتاع برفقة الأصدقاء.
وبصرف النظر عن الخسائر الفادحة التي ستتعرض لها مقاهي ديربورن نتيجة نزوح زبائن الأركيلة الى المقاهي الواقعة في المدن المجاورة مثل ديترويت وديربورن هايتس، فإن العقلية السائدة في بلدية المدينة حول التحكم بطريقة عيش السكان وضبطها وفق ما يرتأون، بدأت تثير حنقاً متزايداً وسط السكان العرب بعد تطبيق سلسلة مراسيم بلدية متشددة مثل مرسوم الكاراجات ومرسوم منع التدخين في المنتزهات العامة وغيرها من القرارات المماثلة الصادرة عن المجلس البلدي الحالي.
أزمة أصحاب المقاهي
أكد عدد من أصحاب المقاهي لـ«صدى الوطن» أن الشرطة حضرت الى أعمالهم مراراً في الآونة الأخيرة، قبل حلول الساعة الثانية فجراً، وأمروا الزبائن بترك المقهى والعودة إلى منازلهم. حتى ان بعض المقاهي تم تغريمها.
فواز هزيمة صاحب مقهى «مانغوز» الواقع على شارع وورن، أعرب عن غضبه العارم من السياسة الجديدة، وقال «ان عناصر الشرطة حضروا مرتين هذا الشهر حوالي الساعة الواحدة و٤٥ دقيقة، وأمروا الزبائن بالمغادرة».
وتساءل هزيمة عن جدوى قيام البلدية بفرض مثل هذه السياسة على المتاجر التي لا تقدم المشروبات الكحولية. وأردف أنَّ «بعض الزبائن يسألوننا لماذا نغلق قبل الساعة الثانية فلا يوجد كحول هنا والكل بالغون.. أزواج وأناس مسالمون يتمتعون بالسهر مع الأصدقاء. ليست لدينا مشادات، ولا توجد مشاكل، ولا حفلات ولا خمور».
وأكد هزيمة أن الحظر سوف يؤثر سلباً على مقاهي الأركيلة في ديربورن لأنه سيحد من إقبال الزبائن الذين يفضلون السهر الى ما بعد الثانية صباحاً، مشيراً الى أن بعض الزبائن أخبروه ذلك بوضوح.
ومعاناة هزيمة وغيره من أصحاب المقاهي مع البلدية لم تبدأ البارحة، حتى أنه بات يفكر ملياً بضرورة الانتقال بعمله التجاري خارج ديربورن اذا استمر الأمر على هذا المنوال.
ويقول هزيمة إن مقهى «مانغوز» هو واحد من بين عدد قليل من صالات الاركيلة التي فعلت المستحيل للبقاء ممتثلة للقوانين على صعيد الولاية والبلدية، «لكننا لم نجن أية فائدة جراء الانصياع للقوانين» بل انخفضت مداخيل المقهى خلال الشهر الأخير حوالي 30 بالمئة، بحسب هزيمة.
وأضاف «أنا مع البلدية بنسبة مئة بالمئة لملاحقة الأنشطة والأعمال غير القانونية التي لا تمتثل للقواعد ولكن لمَ توجه سهامها ضد الأماكن السلمية فتقوم بتطبيق القوانين الصارمة عليها مما يمكن أن يؤدي إلى إغلاقها؟».
مثل الحانات
من ناحيتها، بررت المحامية البلدية ديبرا والينغ لـ«صدى الوطن» قرار إغلاق مقاهي الأركيلة بعد الساعة الثانية صباحاً بأنه جاء في إطار رؤية البلدية بضرورة معاملة المقاهي بنفس معاملة الحانات في المدينة. لأن صالات الاراكيل هي «أماكن يتجمع فيها الزبائن للسهر وهي أماكن إجتماعية يمكن أن تولد الكثير من الضوضاء، خاصة عندما يغادر الزبائن… أنا متأكدة من أن هذا هو السبب الذي دفع الولاية الى منع الحانات من فتح أبوابها بعد الساعة الثانية أيضاً».
وبدوره، قال عضو مجلس البلدية مايك سرعيني إن البلدية تهدف إلى تنفيذ جدول زمني ثابت لجميع مؤسساتها الليلية – بغض النظر عمّا اذا كان مطعماً أو حانة أو مقهى. وأضاف أنه «في معظم الحالات، الزبائن لا يرتادون عادة المقاهي بعد الحادية عشرة ليلاً… ولا أرى حاجة لبقاء هذه الصالات مفتوحةً حتى الثالثة فجراً».
استثناء رمضان
المحامي أمير مقلد، من «مكتب سيريل هول» للمحاماة في ديربورن، عبر عن اعتراضه على مسألة تطبيق الحظر وتقدم بطلب إعفاء لعدد من موكليه من أصحاب المقاهي خلال شهر رمضان المبارك الذي يصادف في شهر حزيران (يونيو) المقبل، وقد طرُحت القضية أمام المجلس البلدي الذي أقر بالإجماع في جلسة عقدت الثلاثاء الماضي بتمديد ساعات العمل للمقاهى حتى الساعة الرابعة صباحاً طيلة شهر رمضان.
كما وافق المجلس أيضاً على السماح للزبائن بالجلوس في الهواء الطلق في هذه الأماكن حتى الثانية لكن المجلس اشترط على أصحاب الأعمال تقديم طلب إعفاء من تنفيذ المرسوم البلدي، ومن أجل أن تتم الموافقة عليه، يجب أن يكونوا في امتثال تام للقوانين البلدية.
كما منح المجلس البلدي سلطةً مطلقةً لقائد شرطة ديربورن رونالد حداد، بإنهاء العمل بالإعفاء البلدي في حال خالفت المقاهي القوانين خلال الشهر الفضيل.
واحتج بعض السكان المحليين على القرار، مشيرين إلى أن مقاهي الأراكيل لا ينبغي أن تظل مفتوحة حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي. لكن رئيسة المجلس البلدي سوزان دباجة اشارت إلى أن المقاهي كانت مفتوحة كل الوقت في ليالي أشهر رمضان السابقة، وأنه لم يكن يعترض ذلك أي شوائب.
واضافت «انه شهر واحد فقط وقائد الشرطة أكد من جهته عدم وجود أي مشاكل وما يريحنا هو أن قائد الشرطة يمكنه إلغاء هذه الإعفاءات في حال حصول حوادث تنتهك القانون».
كما أكد سرعيني لـ«صدى الوطن» أن البلدية «لا يمكن أن تطلب من مقاهي الاركيلة ان تغلق ابوابها عند فترة زمنية معينة، ثم تسمح في نفس الوقت للمطاعم بالعمل بحرية خلال شهر رمضان».
ومضى يقول «إن بعض أعضاء المجلس أبدوا اعتراضهم على الإعفاء في شهر رمضان لأن المدارس لم تعطل بعد وهناك قلق من أن تكون الصالات مصدر إزعاج للسكان». وأضاف أن «أصحاب المقاهي دأبوا على فعل ذلك، وأنا لا أفهم ما المانع اليوم؟. شهر رمضان هو شيء كبير جداً. لا نستطيع أن نقول لهؤلاء الاشخاص انه عليهم إقفال أبوابهم بعد الثانية لكننا في نفس الوقت نسمح للمطاعم الأخرى بالقيام بذلك. هذا لن يجدي نفعاً».
وأوضح المحامي مقلد ان أصحاب المؤسسات الأربع التي يمثلها، وهي «مانغوز» و«سكاي لاونج» و«ميدنايت كافيه» و«لاونج ٣٦٠»، ينظرون الى ما بعد شهر رمضان ويتخوفون من أن القواعد الجديدة ستضيق على مصالحهم التجارية لدرجة التشكيك بجدوى استمرارها.
وأفاد بأن «أصحاب هذه المنشآت يتلقون الكثير من ردود الفعل من زبائنها الذين يرغبون ان تبقى المقاهي مفتوحة الى وقت متاخر وهذا ما اعتاد عليه الناس. وللأسف أعتقد أن الكثير من الزبائن سوف ينفقون أموالهم في مدن أخرى بسبب هذا الإجراء البلدي».
يشار الى أن مدينة ديربورن تضم 13 مقهى مرخصاً للأراكيل وفق القواعد التنظيمية الجديدة.
Leave a Reply