سامر حجازي – «صدى الوطن»
صوّتت لجنة التخطيط (زونينغ) فـي بلدية ستيرلنغ هايتس بالإجماع، يوم الخميس الماضي، ضد مشروع بناء مركز إسلامي بالقرب من تقاطع شارع راين مع الميل الخامس عشر بالمدينة، فـي الوقت الذي تجمع فـيه المئات من السكان المحليين داخل مبنى البلدية وخارجها، معظمهم من الجالية الكلدانية، الذين عبروا عن فرحتهم وسعادتهم بالقرار وشماتتهم بفشل المسلمين بتمرير مشروع بناء مسجد لهم فـي تلك المنطقة.
وكان مشروع المسجد قد أثار، خلال الأسابيع الماضية، الكثير من الجدل والتوتر والاتهامات المتبادلة التي امتدت إلى خارج حدود المدينة، عبر الوسائل الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، على خلفـية معارضة شرائح متعصبة، بينها كلدانيون، بدعوى أن بناء المركز الإسلامي يجلب الإرهاب إلى المدينة، وقد حضر هؤلاء بكثافة يوم التصويت على المشروع للتأكد من منع إقامة المسجد رغم قلق السكان ونشطاء الحركات الحقوقية الذين حذروا من تأثير ظاهرة «الإسلاموفوبيا» فـي اتخاذ القرار الذي قد يشكل انتهاكاً للدستور الأميركي.
وكان مفاجئا وصادما للجاليتين العربية والإسلامية مشاركة بعض أفراد الجالية الكلدانية وتقديمهم شهادات عنصرية وحاقدة ضد العرب والمسلمين تطالب بلدية المدينة بعدم السماح بتمرير المشروع الذي تقدم به «المركز المجتمعي الإسلامي الأميركي» (أي آي سي سي)، الذي يشرف على مسجد فـي مدينة ماديسون هايتس، لبناء مركز إسلامي ثان فـي مدينة ستيرلنغ هايتس بمساحة قدرها 23 ألف قدم مربع وبتكلفة مالية تقدر بعدة ملايين من الدولارات.
جانب من التظاهرة المناهضة لمشروع إقامة مركز إسلامي في ستيرلنغ هايتس.(صدى الوطن) |
كما رفع متصفحون على وسائل التواصل الاجتماعي منشورات وتعليقات وتشكيكات عنصرية حاولت ربط المشروع بالحركات التكفـيرية، وخاصة «تنظيم الدولة الإسلامية» (داعش)، وتساءل أحد المشاركين عما إذا كان أصحاب المشروع مرتبطين بمنظمات إرهابية دولية.
وبينما كانت لجنة التخطيط تعقد اجتماعها، كان المئات من المتظاهرين أمام مبنى البلدية يهتفون: لا مزيد من المساجد فـي الولايات المتحدة، كما أطلقوا شعارات ساخرة ومهينة عند محاولة أحد رجال الدين المسلمين دخول مبنى البلدية.
وقال عضو لجنة التخطيط دونالد ميندي إن تصميم المسجد غير مطابق للمواصفات الهندسية التي تعتمدها المدينة فـي المناطق السكنية.
بدوره، قال رئيس بلدية المدينة مايكل تايلور فـي بيان صادر عنه: «إن السبب فـي رفض بناء المسجد ليس دينيا على الإطلاق».
أضاف أن اللجنة رفضت المشروع بسبب «عدم مطابقته للمعايير التنظيمية الموضوعية ولا علاقة لأية مشاعر عاطفـية بالأمر». كما وصف مجتمع المدينة بالمجتمع المتسامح الذي يضم العديد من الأعراق والأديان.
وكان تايلور قد أشار فـي وقت سابق إلى أن اقتراح بناء المسجد فـي منطقة الميل 15 هو سبب الاعتراض، وقال: إنه يفضل لو أن أصحاب المشروع اقترحوا مكانا آخر لبناء المسجد.
وكان تايلور قد تلقى، خلال الأسبوع الماضي، سيلا من الانتقادات بسبب بعض التعليقات العنصرية التي رفعها على حسابه الشخصي على «تويتر» والتي وصفها ناشطون بأنها تندرج فـي سياق «الإسلاموفوبيا»، ولكنه عاد لاحقا وتراجع عنها.
وخاطب عضو المركز الإسلامي جيف شهاب مسؤولي البلدية عن حق أعضاء المركز، الدستوري ببناء مسجد، وقال «إن عدم السماح ببناء هذا المسجد هو مخالف للحقوق الدستورية».
وأضاف «إن رفض وجود مكان للعبادة حيث أعيش.. غير مقبول. لدينا الحق الكامل فـي بناء هذا المسجد».
وفـي الأثناء، تواجد المئات من الأشخاص أمام مبنى البلدية المعارضين لبناء المركز، وعلى بعد أمتار قليلة حضر العشرات من مناصري مشروع المسجد، بانتظار قرار لجنة التخطيط. وقالت بتول، وهي من سكان مدينة ديربورن: «أنا هنا من أجل دعم مواطنين أميركيين لهم كل الحق بأن يكون لهم مكان خاص بهم يمارسون فـيه شعائرهم الدينية».
كما حضر بعض الناشطين من حملة «كافحوا الكراهية» الذي أبدوا دعمهم لمسلمي المدينة، مرددين عبارة «نحن.. نحبكم»، فـيما كانت مجموعة المتظاهرين المعارضة لبناء المسجد تقاطعهم مخاطبة المسلمين بالقول: «دينكم دين كراهية».
وعبرت الناشطة فـي حملة «كافحوا الكراهية» رشيدة طليب لـ«صدى الوطن» عن صدمتها لمستوى التوتر الحاصل، وقالت: «لقد ولدت وترعرعت فـي ميشيغن وهذا الذي يحصل هنا غريب عنا.. ولا يشبهنا فـي شيء».
أضافت «لا أعتقد أن هذه هي الرسالة التي يجب أن نوصلها للأجيال الشابة. إنها تفوح بالتعصب والكراهية وهو أمر ينافـي طبيعتنا وقيمنا».
وأبدت طليب استغرابها ودهشتها من موقف بعض المسحيين العراقيين بسبب تطرفهم وحماسهم المبالغ فيه ضدبناء المسجد، وقالت «أغلب هؤلاء الناس هربوا من هذا النوع من الاضطهاد .. لقد هربوا من الكراهية والعنف، والآن انظر إليهم كيف يتصرفون. كنت أتمنى عليهم أن يعملوا وينشطوا من أجل إحلال السلام وأن يدعموا ثقافة هذا البلد وحرية أبنائه».
Leave a Reply