خليل إسماعيل رمَّال
كان من الأفضل لمسخ الوطن أنْ لا يكون فـي أحشاء بحره ثروة نفطية وغازية، لأنَّ هذه الثروة الطبيعية، التي هي من نِعَم الله، يجري الاستخفاف بها كالعادة بعدما أضحت مادة سجال وعنوان عجز جديد يُضاف إلى لائحة الإهمال والزعبرة والفساد والمناكفات والاستغلالات السياسية المافـيويَّة والمصالح المتضاربة بين الطوائف وتطبيق مادة ٦و٦ مكرَّر، ثم لأنها ستؤدّي فـي نهاية المطاف إلى أنْ تصبح فـي يد طبقة ٤٪ من وحوش المال من الساسة والزعماء الذين سيستغلون ويستفـيدون من ملياراتها ويضمنون أنْ لا يصل قرش واحد منها إلى الشعب اللبناني!
فالتخبُّط فـي تحديد البلوكات البحرية وسوء الإدارة ثم التأخر فـي إجراء المناقصات مع الشركات المنقِّبة عن النفط، لم يشهد له مثيل فـي التاريخ إلا فـي بلد (….) الذكر سعيد عقل. فـي وقت بدأ العدو الإسرائيلي يسرق ويتعدى حدود لبنان البحرية بعد أنْ سرق مياهه منذ زمن طويل وسلب شبابه وعافـيته بالموت
والدمار إلى أنْ أشرق فجر المقاومة ومحا كل العار. حتى الشركات الشرهة لأي مشروع نفطي يدرُّ عليها الأرباح الهائلة بدأت تصرف النظر عن المشاركة فـي المناقصات وتكاد تهجر بلد الفوضى والسيبان.
النظام الأخرق فـي «شبه الوطن» غير فالح فـي أي شيء ويقف عاجزاً أمام حفنة من إرهابيين قَتَلة معروفـي المكان حتى آخر مغارة ووكر وسرداب فـي جرود عرسال الإرهابية، وفـي حين اقتحم رجال الأمن فـي أستراليا مقهى كان فـيه شيخ مدعٍ إيراني مطرود ومنبوذ من الجمهورية الإسلامية بسبب النصب والإحتيال، وحررت الرهائن الذين احتجزهم، يبقى الجيش اللبناني عاجزاً بعد أشهر عن تحرير أسرانا العسكريين بسبب القرار السياسي الذي يشبه تمَّام سلام وأليس شبطيني وبسبب وجود وزير يمثِّل «داعش» فـي أهم وزارة من وزارات النظام بلا زغرة. النظام لا يعرف كيف يفاوض ولا كيف يقايض ولا كيف يستعمل أوراق القوة لديه. هذا نظام مجبول بفطرة رهيبة: قوته فـي ضعفه!
لكن لا يهم ففـي بلد الصفة المشبَّهة يتصدر لائحة الأغنياء فـي العالم الأخوان ميقاتي نجيب وطه والشقيقان الحريري بهاء الدين وسعد، بينما يرزح المواطن بأعباء تنوء منها الجبال. كيف جمع هؤلاء هذه المليارات من الدولارات؟ هذا سرٌ من الأسرار الإلهية لأن فـي لبنان حساسية رهيبة قانون: من أين لك هذا!
أما المواطن المسكين فـيقف متفرجاً بعد أنْ قرر الوزراء فجأةً فتح ملفات الفساد بفعل الغيرة من الوزير أبو فاعور، ولكن من دون الاقتراب من مغارة اللصوص الكبار الذين يسيطرون على مقدرات البلاد. حتى الرغيف الذي هو مصدر غذاء المواطن الوحيد لم يسلم من التسمم، حيث تبيَّن ان القمح ومعدات النقل والبواخر والإهراءات التي تخزنه فاسدة وملوثة. ماذا بقي من «وطن النجوم» لم يتلوث فـي البر والبحر والهواء والغذاء؟!
ما هذه الحالة المقرفة التي لا تدفع إلى الثورة ككل بلد طبيعي فـي العالم؟ لكن من قال ان لبنان بلد طبيعي؟ فالثورات فـي لبنان محرَّمة. فـي الأسبوع الماضي، اعتدت «قاضية» فـي ديوان المحاسبة على مواطنة فـي نفس المبنى بالضرب والركل وشد الشعر لسبب تافه. تصوروا لو حصل هذا الانتهاك الفاضح فـي أميركا والدول المتقدمة! بلد مواطنوه مضروب على رؤوسهم ولكنهم غير مبالين حتى لو حُرموا من لقمة العيش!
Leave a Reply