كُشِف لنا سرٌ خطيرٌ جداً مع بداية العام الجديد من شأنه أنْ يقلبَ المعادلات ويُبدِّلَ المُعطيات ألا وهو أنَّ عدد المُبشَّرين بالجنَّة زادوا واحداً هو خالد الضاهر! فقد علمنا أنَّ السبب الذي يجعله «ينطلق كالصاروخ لا يقف في وجهه أحد» هو أنَّ أمَّه عندما كانت حاملاً به جاء الرسول الأعظم، صلى الله عليه وآله، إلى والده بالمنام و«بشَّره» بغلامٍ إسمه خالد سيكون حديث النَّاس في المستقبل والصالونات ويزوِّد مواقع التواصل الإجتماعي ومشتقَّاته من «اليوتوب» بأسباب الضحك والهزل والسخرية من شمال الأرض إلى الجنوب.
وما أنْ أتحفَنا إبن «الضاهر بيبرس» بهذه المعلومة الأعجوبة حتى اشتعلت الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) وسَرَتْ أضحوكته سريان النَّار في الهشيم وهطل التندُّر والتبكيت والتنكيت مدراراً كالمطر.
وقد «أفصح» الضاهر، أحد نوائب هذا الزمن، عن هذه الرؤية في معرض كلامه العبقري في مؤتمر صحافي إتَّهم فيه «حزب الله» بتفجير نفسه في حارة حريك للتغطية على «ارتكابه» جريمة قتل محمَّد شطح الذي كانت مضبطة الاتهام بعد اغتياله جاهزة ضد سوريا والمقاومة. فقد تبيَّن أنَّ «صغار ١٤ آذار» هم أسرع محقِّقين وقضاة في العالم، بل في الكون كله. إذ بعد الجريمة مباشرةً وقبل نقل الجثَّة إلى المستشفى كان الفاعل معروفاً ومحكوماً عليه عندهم تماماً. لقد تفتَّقتْ عبقرية الضاهر الرؤوي عن نتيجة أنَّ حزب المقاومة هو الذي جنَّد الإرهابي قتيبة الصاطم من «عرب وادي خالد» وكبَّله بالسيَّارة قبل أنْ يفجِّرها في الشارع العريض المكتظ بالناس الأبرياء من أنصار المقاومة بالرغم من إعتراف تنظيم «داعش» الإرهابي المجرم بالتفجير وتعهُّده بالمزيد! وسبحان الله فإنَّ التنظيم القاتل أضحى اليوم «مدعوشاً» بالموت يذوق ما كان يقوم به من تنكيلٍ وقتلٍ ضد الأبرياء (فخار يكسِّر بعضه ولا أسف على نهش السفاحين لحم بعضهم بعضاً).
ولكن إذا نظرنا جدِّياً إلى «بشرى» الضاهر ففي الأمر خطورة على الدين الحنيف والرسالة الإسلامية التي لم تترك الجماعات التكفيرية المنحطَّة طريقةً إلا وشوَّهتها وطعنَتْ بها. وكنَّا نظنُّ أنَّ الجماعات التكفيرية الخوارجية فقط هي التي تدَّعي التمثيل الحصري الإلهي فيحلِّل المعتوهون منها ويحرِّمون ما يريدون ويستحضرون النبي حاشاه متى يشاؤون، لكي يصلِّي تارةً خلف محمَّد مرسي وتارةً أخرى معه يفطرون. وحتى الملاك جبريل، عليه السلام، أنزلوه في مسجد «رابعة العدوية»، ثم بعد ذلك يدنِّسون المقامات الدينية ويفتون بجهاد النكاح ويفتكون حتى بالكتاب فيحرقون مكتبة عريقة في طرابلس بسبب إشاعة مُغرضة عن الأب سرُّوج، بشكل يذكِّر بالمغول والتتر المجرمين عبر التاريخ. وعندما يهبّ مسؤول «حاجز البربارة» أنطوان زهرا لكي يستغِّل ويتزعَّم حركة الإحتجاج (مع أنَّ معلِّمه نسي مسيحيي معلولا وراهباتها) ضد حلفائه التكفيريين، يقوم المحتجُّون ممن تبقى لديهم بعضٌ من كرامة بطرده من الإعتصام. بعكس حركة «حماس» التي استقبلتْه بحرارةٍ وحماس في غزة على رأس وفد من «١٤ عبيد زغار» وهو المعروف مع «قواته اللبنانية» بمجازره ضد الفلسطينيين في حارة الغوارنة والمسلخ والكرنتينا والنبعة وبرج حمود وتل الزعتر وصبرا وشاتيلا! وما أسوأ نكران «حماس» للجميل عندما لا تمنع الكَفَرة من قتل الناس ولا تسلِّم المطلوبين منهم في المخيَّمات ولا تفعل شيئاً أمام «الجهاديين» الذين نسوا القدس وفلسطين وارتدُّوا على أعقابهم قصَصَاً إلى سوريا من أجل «الجهاد» ضد من نصرهم وآواهم يوم تخلَّى عنهم العربان!
لقد أحيا موت شطح عظام «١٤ آذار» السياسية بعد أنْ كانتْ رميماً وسبحان الله كيف يكون التوقيت مُحكماً لصالحهم دائماً بعد كل موت سريري للفريق الأزرق، فيستغلون الدماء ويستثمرنوها لصالحهم رغم أنَّ شطح غير محبوب في طرابلس من قبل الضاهر وأشكاله وزبانيته لأنَّه ليس سلفياً بشكلٍ كافٍ مثلهم. ولكن، كالعادة، فإنَّ دم شطح يبقى «أغلى» من دم الأبرياء في حارة حريك، ألم يُعزِّ به جون كيري (لماذا يا تُرى)؟! وهو حسب فريق «الدنيا هيك» «أرفع» من الشهداء في الرويس والمعمورة وبئرالعبد والسفارة الإيرانية وحتى من أبرياء مسجدي التقوى والسلام في طرابلس. ومع ألمنا وحزننا واحترامنا لشهادة الشاب محمَّد الشعَّار في جريمة تفجير «ستاركو» في بيروت، الذي هزَّ البلد من أقصاه إلى أقصاه ولَهَج به الاعلام حتى الثمالة، لم نشهد نفس المعاملة مع الشهيدة المظلومة الشابَّة ملاك زهوي مثَلاً، التي سقطتْ في حارة حريك. حتى الموت له طعمٌ مذهبي في «شبه الوطن» وأمثال خالد الضاهر (الُمبشَّر به) يريدون أنْ يجرِّدوا أبناء المقاومة حتى من إنسانيتهم لكنهم من الأخسرين أعمالاً وستخيب آمالهم حتماً. إنَّ من العار ذكر الرسول الكريم مع «العجيبة» خالد الضاهر الذي لديه مركَّب عظمة بالمقلوب وحاشا الرسول أنْ يبشِّر بوحشٍ ارتكب مجزرة أودتْ بحياة مناضلين أعزَّاء من الحزب السوري القومي الاجتماعي في حلبا. ولا ننسى تهجُّمه المذهبي هو وشبيهه «معيب المرعبي» على الجيش والدعوة إلى قتل قائد هذا الجيش. لقد صَدَق عاصم قانصو بتوصيفه للضاهر في البرلمان!
وبعد جريمة «ستاركو» شطَحَ فؤاد السنيورة بعيداً في تقيُّئِه السياسي فهدَّد وتوعَّد، لكن الأجدى به أنْ يخرس وهو المستفيد الأكبر من موت شطح لأن لا أحد سيعرف بعد رحيل كاتم أسراره أين وكيف تمَّت سرقة ١١ مليار دولار من خزينة الشعب اللبناني مع أنَّ البلد «السايب» لا محاسبة فيه ولا من يُحاسبون، تماماً على شاكلة عبداالمنعم يوسف الذي يحمل ٣ وظائف ويحاسب نفسه بنفسه، أو سهيل بوجي.
كما من المؤسف أنَّ يحدث تفجير حارة حريك بينما ميشال سليمان في رحلة استجمام لاستقبال السنة الجديدة في بودابست فلم يقطع عطلته ليزور لبنان رغم الإنفجار واستشهاد مواطنين، وفضّْل أنْ يدير البلد عن بُعد من خلال «تويتر». وقبل رحلته الترفيهية كان قد أعلن عن «مكرمة ملكية» بقيمة ٣ مليار دولار تُمنح لفرنسا من أجل إرسال أسلحة إلى الجيش اللبناني، مخلِّفاً عاصفة سياسية جديدة وتساؤلات عن الثمن السياسي المطلوب لهذه الصفقة تمثَّلتْ بسؤال ملك السعودية لسليمان أثناء زيارته للرياض عن سبب منع الجيش للمقاومة من التدخُّل في سوريا! كذلك لم تساعد صفقة الإرهابي النافق ماجد الماجد واعتقاله الغامض ثم موته الأكثر غموضاً، على وأد الريبة والشكوك حيال «المفرمة»! وزاد الطين بلَّة أنَّ سليمان سبق رؤساء الكون أجمعين بالهتاف بحياة دولة أجنبية في خطابه، إذ لم يحدث أنْ فعل هذا أي رئيس عبر التاريخ بحق دولة مهما كانت قريبة أو صديقة فكيف إذا كانتْ مُتَّهَمة من قبل نصف الشعب اللبناني بأنَّها وراء قرار تفجير البلد؟! اما غير التمام سلام فهو قلقٌ على مستقبله السياسي إذا لم يتمكّّن من تأليف حكومة، لكن دم طفل من الضاحية أهم من كل مستقبله وبيته السياسي. واليوم تتم مفاوضة سليمان من أجل إنقاذه من ورطة تأليف حكومة إنقلابية كيدية بعد أنْ تبنَّى التعليمة السعودية، لماذا؟! فليقدم سليمان على ذلك إذا تجرَّأ ولْيُحدث إنقلاباً حتى يقابله إنقلابٌ أكبر ولْيتحمل مسؤولية ما يحصل بعد ذلك. إذا ما كبرت ما بتصغر!
من سوء القدر أنْ يكون البلد على كف السين-سين (سليمان-سلام) بينما «المفرمة» السعودية تمعن فتكاً بلبنان وتستعمله حطباً لحربها في سوريا والعراق والبحرين وحتى روسيا. عاشت المملكة اللبنانية السعودية!
Leave a Reply