بنت جبيل – برعاية بلدية بنت جبيل و«الحركة الثقافية في لبنان» أقيم مساء الجمعة ١٥ أيلول (سبتمبر) الجاري، حفل حاشد لتوقيع كتاب «أقلام مهجرية» لمؤلفه كامل محمود بزي، بحضور مسؤولين محليين وفعاليات ثقافية واجتماعية واغترابية.
وتخلل الحفل الذي نظم في «قاعة الدكتور اسماعيل عباس» بثانوية بنت جبيل الرسمية في جنوب لبنان، إلقاء كلمات أشادت اللبناني الأميركي، استهلها الدكتور عدنان مكي بتقديم المحتفى به قائلاً: «لقد حطّت صفحات «أقلام مهجرية» رحالها بعد سفر مضنٍ في مدينة بنت جبيل لتفتح أذرعها نيابة عن أصحابها، تعانق أهلها بشوق وسلام، ثلاثون قلماً تتزاحم شوقاً إلى الوطن الأم في حقيبة صاحب الأقلام الأستاذ كامل بزي. ومن أجدر منه للحديث عن هذا الإرث البديع والأدب الرفيع، وهو الذي قضى شطراً من عمره على هذا التراب المنيع، شاهداً على أحداثه، حلوها ومرّها، حتى ترسّبت في أعماق نفسه، يستحضرها أنّى شاء».
وأضاف: «لملم الأستاذ كامل ذلك كله ويمّم شطر أميركا في العالم الحادي والسبعين من القرن المنصرم، ليلتقي نخبة من أصحاب القلم وروّاد الحرف، ليجعل من منزله في مدينة ديربورن منتدى لهؤلاء في لقاءات وأمسيات عامرة بشتى فنون الأدب نثراً وشعراً…، وحرصاً من الأستاذ كامل على ألا تضيع تلك الندوات، فقد قام بتدوينها وأرشفتها بصبر وتصميم لا مثيل لهما، ولم أعرف مدوّناً أكثر دقة في التوثيق والتدوين من الأستاذ كامل…».
ثم تحدث عضو الهيئة الإدارية للحركة الثقافية في لبنان عن الكاتب فقال إنه «الرجل العاملي الذي اتخذ الأمواج سلّماً إلى الجبال، وطريقاً إلى الإبداع، وأدراجاً إلى السماء، هاجر إلى أبعد حدود الممكن، ليفتش في الريح، وليبني أحلامه إلى غد الأمن والأمان».
ثم تحدث عن المهاجرين الذين ذهبوا إلى كل أصقاع العالم، «وخطوا في الرمل أحلاماً بيضاً لوطن يعيش على رصيف الحياة، ممهورين بالأمل».
وعن الكتاب –أقلام مهجرية– قال إنه: «كتاب بحجم الوطن، يضم بين دفتيه حكاية شخصيات من لبنان، تختلف تجاربهم المهجرية في بعض التفاصيل، إلا أنها تتفق في الرؤيا إلى الله والوطن والإنسان» وأضاف قائلاً: «يطرح هذا الكتاب قضية الشعراء المهجريين الذين حملوا لواء الثقافة طوال قرون».
بعدها جاءت كلمة الدكتور يحيى شامي، الذي كان قد قدّم أساساً للكتاب المحتفى بتوقيعه، حيث ركّز على العمل المضني والجاد والمتميز للكاتب كامل بزي، ومثنياً على منتداه الذي كان يرتاده شعراء وأدباء ومثقفون، شاركوا في الندوات التي كانت تعقد في منزل كامل بزي بمدينة ديربورن، والتي نتج عنها هذا الكمّ من الكلمات التي يزخر بها هذا الكتاب.
وعن الكاتب قال د. شامي: «إن هذه اليد –التي كتبت– ويا بارك الله، إن هي إلاّ يد صديق آثر أن يركب الصعب لمّا أن عزم على أن يكون له حضور في هذا المضمار، وعجيب أمر هذا الصديق المغترب الذي هو أحد عشاق الصناعتين: الشعر والنثر، عجيب كيف ظل وفياً لبداياته مع الكلمة فأثبتت حضوره في كتاب جامع شامل أطلق عليه اسم «أقلام مهجرية»، لينهي الدكتور يحيى كلمته بأبيات شعر وجهها إلى الكاتب حيث قال:
جرّد يراعكَ، لا حسامك، وامتشقه ولا غرابه
فلأنتَ، نجماً ساطعاً أصبحتَ في دنيا الكتابه
ولأنت من حفظَ التراثَ وصانه، شرّعت بابَه
أقلامُ مهجرك الثلاثون التي رفعت قبابه
هي ما يدلُّ على ذكائك والنباهة والنجابه
ثم أعقبته كلمة راعي الحفل، رئيس مجلس بلدية بنت جبيل المهندس عفيف بزي، الذي قال: «عرفنا الحاج كامل بزي منذ صغرنا، وله علينا حق الجيرة في حاكورة نصّ الضيعة وحقّ القرابة وحقّ الإيمان، الحاج كامل إنسان عصامي يتّسم بالتهذيب والأخلاق العالية والإيمان الحقيقي والصدق في التعامل والوفاء في الصداقة والحسّ المرهف والشفافية في العمل والطيبة».
مضيفاً: «وبعد هجرة كامل بزي إلى ديار الاغتراب… عرفناه الإنسان المتفاني، المخلص، الذي لم ينس طفولته وشبابه في بنت جبيل ولا صداقاته ولا أرحامه، ومن يشاطرونه ضرورة العمل الإجتماعي والإنساني، فكان رائداً من رواد العمل والنشاط الاجتماعي، مع قلّة من أمثاله الخيّرين، حيث كان مشروع الخمسة دولارات من أهم المشاريع الأولى الريادية التي قام بها الحاج كامل مع آخرين، واستحق أن يحمل لقب «أستاذ في الأرشفة» لما بذله من جهد بالغ في توثيق كل ما له علاقة بالمشروع».
وأخيراً كانت كلمة المؤلف كامل بزي الذي تحدث عن تأسيس «المنتدى الأدبي الكامل» الذي كان يعقد في منزله بمدينة ديربورن، حيث كان ملتقى للأدباء والمثقفين، يتم خلال انعقاد أمسياته تبادل وجهات النظر النقدية حول نتاجات الأدباء والشعراء. ولعل أهمية هذا المنتدى نابعة من أنه «لم تكن تتوافر منتديات أدبية أو ثقافية وافية تجمع شمل الأدباء هناك». ثم عمد كامل بزي إلى جمع هذا النتاج وتبويبه وانتقاء ما يغني منها في تأليف كتاب مستقل عنها، أطلق عليه عنوان «أقلام مهجرية».
اعتمد كامل بزي على منهج بحث دقيق «أحرق خلاله شموع أربع سنوات من عمره بجهد وصبر في تأليف الكتاب».
وأضاف «لم يقتصر الكتاب على السير الذاتية أو النصوص نثراً وشعراً، بل هو مزيج من ذلك كله، حيث تضمن ثلاثين شخصية كتبت في الرثاء وآلام الغربة والوجع والفن الرائع، والنثر والشعر، وصور الغربة الحزينة».
وفي ختام كلمته قدّم الكاتب، الشكر الخالص لكل من منحه رعايته واهتمامه، من الشاعر الدكتور يحيى شامي، الى رئيس بلدية بنت جبيل، والحركة الثقافية في لبنان ورئيسها الزميل بلال شرارة والهيئة الإدارية للمركز الثقافي ولمديرة المركز وللحضور. واختتم الحفل بتوقيع الكتاب.
Leave a Reply