الكونغرس الأميركي يشكك بجدوى ضخ 700 مليار دولار فـي الأسواق الأميركية
واشنطن – دق الرئيس الاميركي جورج بوش الأسبوع الماضي ناقوس الخطر حيث قال الأربعاء ان الولايات المتحدة تواجه ازمة مالية خطيرة، في محاولة لاقناع الاميركيين بتأييد خطته الهادفة لانقاذ المؤسسات المالية المهددة. وجاء تحذير بوش قبل ساعات من انهيار بنك «واشنطن ميوتشول» وشرائه من قبل «مورغن تشايس» بمبلغ 1,9 مليار دولار فيما يعد تطورا خطيرا في السوق المالية في أميركا.وقد انتهز بوش خطابا متلفزا وجهه للشعب الأميركي، في ذروة المشاهدة، لحشد الدعم لخطّته القاضية بتخصيص 700 مليار دولار لشراء الديون الفاسدة التي تهدد بأزمة مالية غير مسبوقة منذ عقود طويلة.وقال بوش «إننا في خضمّ أزمة مالية خطيرة واقتصادنا برمته في خطر».ويستهدف اقتراح بوش بشراء الأصول المضطربة التي تهدد صحة المؤسسات المالية، إعادة الثقة إلى أسواق المال.والأسبوع الماضي، أظهرت عمليات الاقتراض قصير الأجل، الذي تعوّل عليه شركات في دفع الأجور وتغطية نفقات جزء من أعمالها، مؤشرات جمود.وزيادة على ذلك، فإنّه من الممكن أن يدفع مزيد من المشاكل في أسواق المال، بالاقتصاد الأميركي إلى الركود.وقال بوش «أنا أقترح أن تخفّف الحكومة الفيدرالية من التهديد التي تمثله الأصول المضطربة، وأن تزوّد عاجلا البنوك والمؤسسات المالية بالأموال حتى تستطيع تجنّب الانهيار وتبدأ في استعادة أنفاسها».وفي الأيام الأخيرة، بات المشرعّون ورجال الأعمال واقتصاديون ومسؤولون رسميون استخدام كلمات مثل الأزمة والكارثة والانهيار لوصف ما يمكن أن يصل إليه الأمر في حال لم يتمّ اتخاذ أي إجراء أو تحرّك.وأوضح بوش «السوق لا تعمل بكيفية ملائمة. وهناك فقدان منتشر للثقة ويمكن لأميركا أن تنزلق إلى ذعر مالي».ويمكن لخطّة بوش، التي كشف عنها قبل أيام، أن تكون أكبر تدخّل حكومي منذ كارثة الركود الكبير.ودعا الرئيس بوش إلى اجتماع في البيت الأبيض الخميس، شهد حضور مرشحي الرئاسة الجمهوري جون ماكين والديمقراطي باراك أوباما إلى جانب زعماء الكونغرس، لبحث خطته.وأمضى كل من وزير الخزانة ورئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع في محاولة لإقناع أعضاء مجلسي النواب والشيوخ بالتصويت لمصلحة الخطة، من خلال اجتماعات عقداها على انفراد مع المشرّعين.وانتقد ديمقراطيون الرئيس بوش لعدم التحدّث عن الوضع مبكّرا، وكذلك بشأن غضب الناخبين إزاء حجم الأموال المطلوبة، وكذلك لعدم «اقتناعهم» بكيفية تأثير مشاكل وول ستريت على حياتهم.ولا تتضمن الخطة سوى بند وحيد يقضي بإجازة تخصيص مبلغ 700 مليار دولار، غير أنّ الديمقراطيين يريدون إضافة بنود أخرى تتعلق بأساليب المراقبة.ويطالب هؤلاء بضمانات بأن يستفيد من الخطة الأميركيون العاديون إضافة إلى المؤسسات المالية.وأكد بوش ان الخطة تهدف الى مساعدة البلاد بأسرها، وليس حفنة من الشركات فحسب.وعبّر عن تفهمه لغضب «الأميركيين المسؤولين الذين يدفعون مستحقات قروضهم في الوقت المحدد، والضرائب كل 15 نيسان (أبريل) وهم يحجمون عن دفع أي تكاليف إضافية في وول ستريت».لكنّه أضاف «بسبب الوضع الذي نواجهه، فإنّ عدم إجازة الخطة سيكلّف هؤلاء الأميركيين أكثر لاحقا».وعبّر مشرعون عن عدم اقتناعهم بالسرعة التي تطلبها الإدارة للمصادقة على الخطة في غضون أسبوع.ومازالت المناقشات جارية ومن الممكن جدا أن يجتمع كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ الأسبوع القادم للتصويت على الخطة.الا ان العديد من اعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي عبروا عن شكوكهم في نجاعة الخطة، ومخاوفهم من السرعة التي طلب منهم فيها المصادقة عليها. ويطالب هؤلاء بضمانات بأن يستفيد من الخطة الاميركيون العاديون اضافة الى المؤسسات المالية. وقد عبَّر أعضاء في الكونغرس عن شكوكهم هذه وذلك في أعقاب انفضاض جلسة لمجلس الشيوخ استمرت خمس ساعات الأربعاء الماضي وناقش الأعضاء خلالها الجوانب المختلفة المتعلقة بالخطة. وقال أعضاء الكونغرس إنهم يريدون الحصول على تأكيدات وضمانات بأن الخطة ستفيد بالفعل أصحاب المنازل الأميركيين العاديين، بالإضافة إلى الفائدة التي ستقدمها لوول ستريت. وقد مضى البعض من أعضاء الكونغرس إلى حد وصف الخط بأنها «إضاعة وتبديد محتمل للأموال العامة». فقد قال ريتشارد شيلبي، العضو الجمهوري البارز في اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ، معلقا على الخطة المذكورة: «لا جدال أن أسواقنا ومؤسساتنا المالية تحتاج إلى عناية ويقظة جادتين». وأضاف شيلبي قائلا: «على كل، أنا لا أظن أننا يمكن أن نحل هذه الأزمة من خلال إنفاق مبالغ طائلة من المال لشراء الديون وبوليسات الضمان التي يُشك بإمكانية تحصيلها». أما العضو الديمقراطي كريس دود، وهو رئيس اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ، فقد وصف الخطة بأنها «غير مقبولة» بصيغتها الراهنة. وكان البيت الأبيض قد ناشد كلا من الديمقراطيين والجمهوريين العمل معا لإقرار الخطة التي تنص على أن يقوم مصرف فيدرالي بشراء الديون المستحقة والمشكوك بإمكانية تحصيلها من المؤسسات المالية «التي تقوم بعمليات مالية كبيرة في الولايات المتحدة». وسبق لأعضاء من الحزبين الديموقراطي والجمهوري الإعراب عن شكوكهم بنجاعة الخطة التي تقول وزارة الخزانة إنها تتوقع أن ترتفع قيمة الديون التي ستشتريها بموجبها وتنوي تحصيلها في المستقبل. فقد قال النائب الديموقراطي بارني فرانك إنه من غير المعقول أن يُطلب من الكونغرس أن يصدق على الخطة بهذه السرعة. وأضاف فرانك قائلا إن زملاءه في الحزب سيطالبون بالتأكيد باجراء بعض التعديلات على الخطة، ومنها مثلا وضع سقف للأجور التي سيتقاضاها مدراء المؤسسات التي ستستفيد منها. وأشار فرانك إلى أن «القطاع الخاص هو الذي وضعنا في هذا المأزق، وبات الآن على الحكومة أن تخرجنا منه، ونحن نريد أن يتم ذلك بحذر وعناية فائقة». ومن جانبه، قال النائب الجمهوري كريستوفر شايس إن الكونغرس بحاجة إلى وقت كاف لدراسة الخطة قبل اتخاذ قرار بشأن إقرارها أو عدمه. وقد عبر أعضاء مجلس الشيوخ عن قلقهم ومخاوفهم من أن دافعي الضرائب هم من سيدفعون في نهاية المطاف الثمن الباهظ للأخطاء الفادحة التي ارتكبتها البنوك الأميركية. كما حذَّروا من خطورة الاندفاع إلى تنفيذ خطة توفير الضمانات للمصارف والمؤسسات المالية، وهي الخطوة غير المسبوقة في التاريخ الأميركي، قبل إجراء دراسة متأنية وحذرة للكيفية التي يمكن لمثل هذه الخطة أن تعمل بها وضرورة أن تنتهي بإنقاذ الاقتصاد الأميركي. فقد حذَّر روبرت مينانديز، العضو الديمقراطي في مجلس الشيوخ عن ولاية نيو جيرسي، من مغبة «التدافع والسقوط في معمعة اتخاذ قرارات خاطئة».لكن مينانديز قال إن هنالك إجماعا وطنيا على ضرورة اتخاذ إجراء ما لإنقاذ الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد. وقال: «إن القضية في آخر المطاف هي ما إذا كان ذلك الإجراء صحيحا أم لا. إذ أنه بإمكانك اتخاذ القرار الخطأ، لكن ذلك لن يفيد الأسواق بشيء على المدى البعيد». وكان الرئيس الأميركي بوش، الذي اقترح الخطة، قد طالب الكونغرس بالتعجيل بإقرارها، قائلا إن العالم يترقب لمعرفة ما إذا كانت الولايات المتحدة تستطيع التصرف بسرعة لدعم أسواقها أم لا. لكن جورج بوش قال إنه لا ينبغي أن يستغل الكونغرس هذه التشريعات الطارئة والعاجلة من أجل تمرير قوانين لا علاقة لها بالوضع الحالي، أو أن يصر على شروط قد تحد من نجاعة الخطة. أمَّا هنري بولسون، وزير الخزينة، فقد خاطب أعضاء اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ منبها إلى أن خطة إنقاذ النظام المصرفي الأميركي تُعد «أمرا حيويا للغاية بالنسبة لاقتصاد البلاد». ووصف بولسون الخطة المقترحة بأنها «الشيء الوحيد الأكثر فعالية الذي يمكننا فعله لمساعدة أصحاب المنازل والشعب الأميركي، ناهيك عن بث الدافع والحيوية في جسد اقتصادنا الوطني». وقد أيده في ذلك أيضا بين برنانكي، رئيس الاحتياط الفدرالي الأميركي (البنك المركزي)، الذي خاطب أعضاء اللجنة المذكورة قائلا: «إن اتخاذ الكونغرس لإجراء بات أمرا ملحا لتحقيق استقرار الوضع وتفادي ما من شأنه أن يترك عواقبه الوخيمة على أسواقنا المالية واقتصادنا». وأضاف برنانكي بقوله: «إن أفضل حماية لدافع الضرائب هي إنجاح هذه الخطة». يُشار إلى أن مجموعة الدول الغنية السبع كانت قد رحبت بالخطة الأميركية وعبرت عن «التزامها بحماية النظام المالي العالمي وعمل ما بوسعها لضمان استقراره»، وذلك في أعقاب انهيار بنك «ليمان برذرز» وبيع مصرف «ميريل لينش» وما خلفه ذلك من تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي. من جانب آخر، قال عضو مجلس النواب بارني فرانك رئيس لجنة الشؤون المالية في المجلس إنه اصبح واضحا ان القانون الخاص بخطة الانقاذ التي طرحتها ادارة بوش سيحظى بعدد كاف من الاصوات لتمريره في مجلس النواب. وقال فرانك إن عملية الصياغة النهائية للقانون قد تستغرق عدة ايام. وقال: «اعرف اننا يجب ان نتخذ اجراء ما فيما يخص التعويضات التي ستدفع لرؤساء مجالس ادارة المؤسسات المالية ومدرائها المفوضين، وقد توصلنا فعلا الى صيغ جيدة». وقال: «لن تكون هناك علاوات ومنح كبيرة لهؤلاء».
Leave a Reply