المنشاةالسورية التي تم استهدافها |
واشنطن – استعادت المواجهة الكلامية المستمرة بين طهران ودمشق من جهة وواشنطن من جهة أخرى، الى نمطها التصعيدي خلال الأسبوع الماضي وسط تهديدات وتحذيرات متبادلة، عكسها إعلان وزارة الدفاع الأميركية عن ان إرسال حاملة طائرات ثانية الى الخليج، يجب ان ينظر إليه على انه «تذكير» بالقوة العسكرية للولايات المتحدة في المنطقة، فيما حثت طهران على ضرورة التحلي باليقظة لان «العدو بات أقرب».
أما من جهة دمشق فتعتمد واشنطن سياسة مبطنة تحمل هامشا يسمح لسوريا الخروج بماء الوجه وكان ذلك واضحا في تصريح الرئيس الاميركي جورج بوش الثلاثاء الماضي ان قراره تقديم عرض امام الكونغرس لمرفق نووي سوري مفترض تعرض لقصف اسرائيلي كان يهدف الى توجيه «رسالة» الى كوريا الشمالية وايران.
سوريا
وقال بوش في مؤتمر صحافي عقده في البيت الابيض ردا على سؤال عن الغارة الاسرائيلية على سوريا في ايلول (سبتمبر)، ان الولايات المتحدة ارادت ان تقول للكوريين الشماليين «انها تعرف عنهم اكثر مما يعتقدون» وان عليهم بالتالي ان يكشفوا عن كل انشطتهم النووية.
واضاف ان واشنطن ارادت ايضا «توجيه رسالة الى ايران والعالم» مفادها ان «هذه البرامج النووية يمكن ان تكون موجودة من دون ان يعرف بها الناس»، في اشارة الى الشبهات حول سعي ايران الى امتلاك سلاح نووي.
وقال ان «هذه الاهداف السياسية» ترافقت مع الخشية من ان يؤدي كشف المعلومات مباشرة بعد حصول الغارة قبل اكثر من سبعة اشهر الى «مواجهات» و«ردود مضادة».
وعرضت الادارة الاميركية على اعضاء الكونغرس في 24 نيسان (ابريل) صورا لموقع نووي سوري قالت انه دمر في غارة جوية اسرائيلية في السادس من ايلول (سبتمبر)، مؤكدة انه مفاعل نووي تشيده سوريا سرا بمساعدة كوريا الشمالية.
وقال بوش انه بعد العرض الذي حصل الاسبوع الماضي، «تم توجيه رسالة الى الكوريين الشماليين للقول بوضوح اننا نعرف عنهم اكثر مما يعتقدون، وانه من الضروري ان يكشفوا بشكل كامل ليس فقط عن انشطتهم المتعلقة بالبلوتونيوم، بل ايضا عن انشطة نشر اليورانيوم وتخصيبه».
وتابع «لدينا ايضا مصلحة في توجيه رسالة الى ايران والى العالم حول مدى تاثير الانتشار النووي في الشرق الاوسط على الاستقرار».
وقال بوش «احد الامور التي تكشف عنها الغارة على الموقع السوري يكمن في ان مثل هذا البرنامج يمكن ان يكون موجودا من دون ان يدري به الناس: السوريون لم يعلنوا عن هذا البرنامج، كان لديهم برنامج سري».
ونفت دمشق ان يكون الموقع الذي استهدفه الاسرائيليون موقعا نوويا، كما نفوا وجود اي برنامج نووي لديهم.
وانحى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الجمعة باللائمة على واشنطن لتأخرها في ابلاغه بمزاعمها حول بناء سوريا لمفاعل نووي بمساعدة كوريا الشمالية، مشيرا الى ان الوكالة ستجري تحقيقا بهذا الشأن.
وبحسب الاميركيين، فان المفاعل السوري كان عند تدميره على وشك دخول الخدمة الفعلية ولكن لم يكن قد تم تزويده بعد باي وقود نووي.
مقتل عشرة كوريين
فـي الغارة الاسرائيلية على سوريا
وفي تقرير آخر يزيد الضغط على سوريا، افاد التلفزيون الياباني العام الاثنين الماضي ان عشرة كوريين شماليين قتلوا في الغارة الجوية التي شنتها اسرائيل على المنشأة التي عرف عنها على انها مفاعل نووي.
ونقل التلفزيون عن مصادر في اجهزة الاستخبارات الكورية الجنوبية لم يكشف هويتها ان الكوريين الشماليين كانوا يشاركون في بناء مفاعل نووي في اطار اتفاق سري بين بيونغ يانغ ودمشق.
وافاد انهم عناصر من مكتب الانتاج العسكري في حزب العمال (شيوعي) الحاكم في كوريا الشمالية وجنود سبق وشاركوا في بناء منشآت نووية للنظام الشيوعي.
واوضح التلفزيون ان مكتب الانتاج العسكري مكلف بيع اسلحة وتكنولوجيا عسكرية في الخارج لقاء عملات صعبة تحت اشراف الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ ايل مباشرة. وذكر التلفزيون ان جثث الضحايا احرقت في سوريا وارسل رمادها الى كوريا الشمالية. واضاف ان كوريين شماليين اخرين نجوا من القصف لكنه لا يملك معلومات عن مصيرهم.
دمشق ترفض
«القصة الاميركية السخيفة»
من جهتها، اصدرت السفارة السورية في واشنطن بيانا الخميس الماضي، تلقت «صدى الوطن» نسخة منه، اكدت فيه ان سوريا «تنفي بشدة» اتهامات واشنطن بان دمشق بنت مفاعلا نوويا بمساعدة كوريا الشمالية.
وجاء في البيان ان «حكومة الجمهورية العربية السورية تعبر عن اسفها واستنكارها لحملة الافتراءات وتزوير الحقائق التى تشنها الادارة الاميركية الحالية ضد سوريا بزعم وجود انشطة نووية فيها».
واضاف «في الوقت الذي ترفض فيه سوريا الادعاءات الاميركية جملة وتفصيلا، تؤكد ان هذه الحملة التي تقوم بها الادارة الاميركية تهدف بشكل اساسي الى تضليل الكونغرس الاميركي والرأي العام العالمي بادعاءات لتبرير الغارة الاسرائيلية».
واوضح البيان «كانت هذه الادارة على ما يبدو طرفا في تنفيذها كما اصبح واضحا ان هذا التحرك من قبل الادارة الاميركية يأتى فى اطار المفاوضات المتعلقة بالملف النووي الكوري» الشمالي.
وقال البيان ايضا ان «سوريا التى تطالب الولايات المتحدة بالتصرف بمسؤولية والتوقف عن اختلاق مزيد من الازمات فى الشرق الاوسط الذي ما فتئ يعاني من تداعيات السياسات الاميركية الفاشلة فيه، تأمل ان يكون المجتمع الدولي والشعب الاميركي بشكل خاص اكثر معرفة هذه المرة في مواجهة هذه الادعاءات الباطلة».
واتهمت دمشق واشنطن الجمعة بالتورط في هجوم اسرائيلي العام الماضي على سوريا قالت الولايات المتحدة انه استهدف مفاعلا نوويا مشتبها به اقيم بمساعدة من كوريا الشمالية.
وقال بيان سوري عن الغارة التي شنتها طائرات حربية اسرائيلية على شرق سوريا «كانت هذه الادارة (الأميركية) على ما يبدو طرفا في تنفيذها (الغارة)». ولم يذكر البيان تفاصيل.
وكان السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى نفى اتهامات البيت الابيض بان كوريا الشمالية قدمت مساعدة نووية عسكرية الى سوريا واصفا هذه المزاعم بانها «سخيفة».
وقال لشبكة «سي ان ان» الاميركية انه تم استدعاؤه الى وزارة الخارجية الاميركية حيث عمد مسؤولون الى «اخباري قصة سخيفة حول مشروع نووي سوري مزعوم».
واضاف «لقد اطلعوني على صور سخيفة ملتقطة بواسطة قمر اصطناعي لمبنى في الصحراء السورية قالوا انه مفاعل نووي. قلت لهم ان هذا مضحك وسخيف. ليس هناك اي عنصر حراسة. لا سياج».
وتابع «لقد بدأت بتذكيرهم بان المرة الاخيرة التي ذهب فيها مسؤولون كبار في الادارة الاميركية الى مجلس الامن الدولي وتحدثوا عن ادلة فاضحة عن وجود اسلحة دمار شامل، كانوا يتحدثون عن اسلحة دمار شامل عراقية».
ونفى السفير السوري اي وجود كوري شمالي في هذا الموقع، وهو وجود مفترض نددت به واشنطن. وقال «لم يكن هناك احد في هذا الموقع. كان مبنى عسكريا مفككا».
وردا على سؤال حول العلاقات بين كوريا الشمالية وبلاده اجاب مصطفى «لدينا علاقات طبيعية للغاية»، مضيفا «كل ما تقوم به سوريا، تقوم به في اطار القانون الدولي».
وتابع «آمل ان يتم جلاء الحقيقة، فهي ستكون مصدر احراج كبير للادارة الاميركية للمرة الثانية. قبل هذا، كذبوا في موضوع اسلحة الدمار الشامل العراقية، واليوم يعتقدون ان بامكانهم تكراره مجددا».
وكان مسؤولون كبار في الاستخبارات الاميركية أكدوا قبل الخميس الماضي ان المفاعل النووي السوري الذي بني بمساعدة من كوريا الشمالية كان على وشك دخول الخدمة الفعلية حين دمرته في ايلول (سبتمبر) غارة جوية اسرائيلية. وقال احد هؤلاء المسؤولين طالبا من الصحافيين عدم الكشف عن هويته «نعتقد ان المفاعل كان مبنيا وان دخوله الخدمة الفعلية كان يمكن ان يحصل في اي وقت».
إيران
وبالعودة الى العلاقات الإيرانية-الأميركية فقد جاء إرسال حاملة الطائرات الأميركية ابراهام لنكولن الى الخليج بعد تصعيد أميركي واضح في اللهجة ضد إيران. وكان متحدث باسم البحرية الأميركية أعلن ان حاملة الطائرات ابراهام لنكولن التي وصلت الى الخليج، ستحل محل حاملة الطائرات هاري ترومان. وأوضح ان مدة وجود سفينتين حربيتين معا «لن تتجاوز يوما او يومين»، مؤكدا انه «إجراء نظامي روتيني».
وقال وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس «لا اعتقد ان حاملتي طائرات ستبقيان هناك لفترة طويلة لذلك لا أرى في هذا الأمر تصعيدا، وأعتقد انه يجب ان ينظر الى هذه الخطوة على أنها تذكير» بالقوة العسكرية الأميركية في المنطقة.
وذكرت شبكة التلفزيون الاميركية «سي بي اس نيوز» ان وزارة الدفاع الأميركية أمرت بوضع خيارات جديدة لمهاجمة إيران، موضحة ان وزارة الخارجية بدأت إعداد إنذار إلى إيران. لكن ردا على سؤال حول ما اذا كان البنتاغون يعد فعلا لضربات عسكرية ضد إيران، قال غيتس «لا». واعتبر ان التصعيد الكلامي ضد إيران جاء بعد تصاعد العنف في العراق».
في طهران، قال قائد القوة الجوية للحرس الثوري العميد حسين سلامي ان «أميركا التي تعتبر نفسها اليوم اكبر إمبراطورية وتمتلك أكثر من 05 بالمئة من القدرات العسكرية في العالم فشلت خلال الأعوام الأخيرة في جميع الساحات». لكنه دعا «الى اليقظة» قائلا «يجب ألا ننسى أن العدو أصبح اليوم قريبا جدا إلينا».
Leave a Reply