حفاوة رسمية وبرودة وشجب شعبيان
عواصم – غادر الرئيس الاميركي جورج بوش منتجع شرم الشيخ المصري على البحر الاحمر بعد ظهر الاربعاء الماضي مختتما بذلك جولة في الشرق الاوسط بعد ان اكد مجددا «تفاؤله» بامكان التوصل الى اتفاق سلام فلسطيني-اسرائيلي قبل نهاية ولايته في كانون الثاني (يناير) 2009.غير ان الرئيس الاميركي لم يحصل على الدعم الذي يطمح اليه رغم الاستقبالات الرسمية الحافلة والشعبية الباردة والشاجبة التي كانت بانتظاره في دول الخليج ومصر.ووجه بوش في ختام جولته كذلك رسالة الى سوريا وايران اللتين دعاهما الى «وقف تدخلهما» في لبنان لمنع انتخاب رئيس للجمهورية ودعا دول المنطقة الى دعم حكومة رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة.وقال الرئيس الاميركي في مؤتمر صحافي قصير مع نظيره المصري حسني مبارك «قلت انني متفائل بانه يمكن التوصل الى اتفاق واعرف ان الدول المجاورة على استعداد للمعاونة».
وتابع «عندما اقول انني ساعود (الى المنطقة) فانني اعني ذلك (…) وعندما اقول انني متفائل فانني اعني ذلك».وفيما كان الرئيس الاميركي يدلي بهذا التصريح كانت التطورات تتجه الى التازم على الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي (تفاصيل صفحة 16).وكان الرئيس الاميركي بدأ الاربعاء الماضي جولة شملت اسرائيل والاراضي الفلسطينية والخليج (السعودية، الإمارات، البحرين، والكويت) تهدف الى دفع المفاوضات بين حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت والسلطة الفلسطينية التي يتراسها محمود عباس والى عزل ايران.ولكن بوش لم يحصل في المنطقة على الدعم الذي يطمح اليه في ما يتعلق بالملفين الفلسطيني-الاسرائيلي والايراني.ففيما يتعلق بالنزاع الفلسطيني الاسرائيلي، رفضت السعودية ضمنا طلب بوش من الدول العربية «مد اليد» لاسرائيل. وقال وزير الخارجية السعودي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الاميركية كوندوليزا رايس «لا اعلم ماذا يمكننا ان نفعل اكثر» للاسرائيليين.كما رفض الفيصل دعم سياسة الرئيس الاميركي الهادفة الى عزل ايران واكد ان بلاده «لا تضمر اي سوء لايران» التي تعتبر «دولة مهمة في المنطقة» بل انه دعا الى «تجنب اي تصعيد في المنطقة وتحت كل الظروف لان التصعيد في المنطقة ليس لصالح احد».وفي مصر، استمع بوش من الرئيس حسني مبارك الى رفض ضمني كذلك للسياسة الاميركية تجاه طهران. وقال مبارك في المؤتمر الصحافي المشترك مع بوش ان «القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في الشرق الاوسط» مشددا على انها «المدخل الصحيح لاحتواء بؤر التوتر».وكان مبارك اكد مجددا معارضته لاعتماد الخيار العسكري لتسوية ازمة الملف النووي الايراني.اما في ما يتعلق بجهود بوش دفع اسرائيل والفلسطينيين الى التوصل الى اتفاق سلام نهائي قبل نهاية ولايته، فاكتفى مبارك بالاعراب بلغة دبلوماسية مهذبة عن «تمنياته» للرئيس الاميركي بالنجاح من دون ان يبدي اي تفاؤل كالذي اعرب عنه الاخير.وكان وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط اكد في مقابلة تلفزيونية ان بلاده ترفض ما يطالب به بوش من اعتبار اسرائيل «دولة يهودية» مشيرا الى ان ذلك يهدر حقوق عرب اسرائيل وحقوق اللاجئين الفلسطينيين.كما قال ابو الغيط ان «مصر والدول العربية لا تعترف بوجود استيطان شرعي وآخر غير شرعي بل الكل غير شرعي» في رد ضمني على دعوة بوش الى تعديل حدود 1967بما يسمح بضم كتل استيطانية في الضفة الغربية الى اسرائيل.وربما كان اهم ما حصل عليه بوش خلال جولته الشرق اوسطية هو «تفهم» سعودي للقلق الناجم عن ارتفاع اسعار النفط التي سجلت في الثالث من الشهرالجاري رقما قياسيا اذ بلغت 100,09 دولار للبرميل لكنها عادت للتراجع وانخفضت منذ ذلك الحين قرابة 10دولارات.واعلنت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو ان بوش قال بعد المحادثات التي اجراها قرب الرياض مع الملك عبدالله ان هناك «املا بان تتشجع اوبك على السماح بزيادة في الانتاج».واضافت بيرينو ان «الملك يقول انه يتفهم الوضع. انه قلق حيال ارتفاع الاسعار وما يمكن ان يترتب عنه من عواقب على الاقتصاد في العالم».لكن بيرينو امتنعت عن توضيح ما اذا كان «الامل» الذي عبر عنه بوش مبنيا على موافقة حصل عليها من الملك عبدالله.وقالت ان «الرئيس طرح مجددا مشكلة عرض محدود وطلب كبير جدا ومتزايد، ليس في اميركا فحسب بل في العالم باسره وعلى الاخص في الهند والصين».ورفضت كشف المزيد مشيرة الى ان المحادثات التي جرت بين بوش، رئيس الدولة الاولى المستهلكة للنفط، وعاهل السعودية، الدولة الاولى المصدرة للنفط.
طهران ودمشق من جهتها نددت طهران بتصريحات بوش التي قال فيها ان إيران تهدد الامن في انحاء العالم من خلال دعم المتشددين، ووصفتها بانها «كلمات بلا قيمة». وشنت دمشق هجوما مماثلا معتبرة ان الرئيس الاميركي يسعى لزج العرب في حرب ليست لهم، و«شن حرب غير مباشرة» في المنطقة. فيما اكد أمين عام حزب الله حسن نصر الله ان اتهام بوش لحزب الله بالارهاب «مفخرة لنا».وقال بوش في ابو ظبي ان ايران هي أكبر راع للارهاب في العالم وانها تقوض السلام من خلال دعم حزب الله في لبنان وحركة حماس في المناطق الفلسطينية والمتشددين الشيعة في العراق. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية محمد علي حسيني «ينبغي ان يفهم بوش ان الكراهية لسياساته قائمة.. ولها أسباب حقيقية ومنطقية». وقال «تصريحات بوش تكشف عن شعوره باليأس والاحباط بسبب فشله في المنطقة.. انه يحاول صرف الانتباه عن سياساته الفاشلة» مضيفا ان تصريحات بوش «كلمات مكررة بلا قيمة». واكد الحسيني «ان جمهورية ايران الاسلامية ودول المنطقة عاشت بسلام خلال فترة اطول بأضعاف المرات من تاريخ الولايات المتحدة» مشددا على «الارادة القوية لدول وشعوب المنطقة في تعزيز هذه العلاقات».بدورها شنت الصحافة السورية مجددا هجوما عنيفا على الرئيس بوش، وقالت صحيفة «الثورة» ان بوش «انما يبحث عن دعم لاستراتيجية الزيارة التي اعلنها، وجوهرها امران: اولا، أمن الدولة اليهودية، ثانيا، حشد العداء ضد ايران. وكلا الامرين مشروع حرب غير مباشرة». واضافت «يواجه العرب في استراتيجية الزيارة خطرين شديدين اولهما زجهم في معركة ليست لهم». واوضحت «ان لا مصلحة لأي عربي في معركة باردة او ساخنة ضد ايران.. ايران شريكة العرب في الدفاع عن القضية الفلسطينية». واضافت صحيفة «الثورة»: «ثانيهما، أمن الدولة اليهودية.. وهو إسقاط حق العودة للفلسطينيين بل إزالته حتى من الذهن».وفي بيروت قال أمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله، إن الرئيس الاميركي جورج بوش اتهم ايران بدعم الارهاب لانه لم يتمكن من إخضاعها بشأن ملفها النووي، معتبرا ان اتهامه لحزب الله بالارهاب «مفخرة لنا». وقال الامين العام لـ«حزب الله» في كلمة القاه في إطار إحيائه مراسم ليالي عاشوراء «الرئيس جورج بوش لم يكن يملك شيئا في الملف النووي الايراني ليتهم ايران ويهاجمها، فذهب الى مكان آخر واتهمها بانها تشكل القاعدة الرئيسية التي تدعم الارهاب في لبنان وفي فلسطين وفي العراق».
Leave a Reply