وليد مرمر
«هناك وباء آخر في منطقتنا، العدوان والإرهاب الإيراني، اعبر مجدداً عن تقديري للموقف الحازم للإدارة الأميركية، أولا عندما انسحبتم من الاتفاقية الخطيرة مع إيران، ثانياً عندما استهدفتم بشكل مباشر، الأدمغة التي وقفت وراء الإرهاب الإيراني، وثالثا عندما استمريتم في فرض العقوبات على إيران والتي لم تتوقف للحظة واحدة عن تنفيذ مخططاتها وعملياتها العدوانية ضد الأميركيين والإسرائيليين وكل المنطقة»!
هكذا عبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تقديره لجهود الإدارة الأميركية في مواجهة إيران خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو الذي تخطى التوصيات «الكورونية» وزار بشكل مفاجئ إسرائيل، الأربعاء الماضي، لعقد اجتماعات سياسية وأمنية مع مسؤولين إسرائيليين.
وكان بومبيو قد غرّد على «تويتر» لدى وصوله إلى دولة الاحتلال: «إنني سعيد لوجودي في إسرائيل لأنسق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ومع غانتز جهودنا لمواجهة خطرين داهمين: كوفيد–19، وإيران». وأجرى بومبيو محادثات في مدينة القدس مع رئيس الوزراء نتنياهو ومع بيني غينتس الذي سيعقب نتنياهو في رئاسة الحكومة الإئتلافية بعد سنة ونصف.
ولكن ثمة تسريبات بأن ملف ضم الضفة الغربية كان من أهم النقاط التي بحثت. ويقول بعض المطلعين إن الإدارة الأميركية قد أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل لضم الضفة الغربية لقاء دعم اللوبي الإسرائيلي في أميركا لإعادة انتخاب ترامب.
فلدى سؤال بومبيو من قبل صحيفة «إسرائيل هايوم» عن رأيه بتصريح السفير الأميركي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، والذي قال إنه يمكن أن تقوم إسرائيل بضم الضفة الغربية خلال أسابيع، أجاب بومبيو: «نحن نؤيد حق إسرائيل بتنفيذ خياراتها السيادية».
وكان الفلسطينيون بكافة انتماءاتهم قد رفضوا خطة السلام الأميركية بشكل استباقي لأنها تمنح إسرائيل سيطرة عسكرية كاملة على الفلسطينيين ومعظم أراضيهم وكل القدس ولا تفكك المستوطنات لكن الإدارة الأميركية كانت قد أعلنت أن إسرائيل يمكنها تنفيذ أجزاء من الخطة دون تدخل من الفلسطينيين.
دانييل شابيرو السفير الأميركي السابق في إسرائيل، صرح أن السرعة التي تمت بها رحلة بومبيو تدل على أنها كانت لتنسيق عملية الضم، التي قال إن ترامب سيعتبرها نعمة انتخابية إذا تمكن من استخدامها في الانتخابات الرئاسية في شهر نوفمبر.
وأضاف شابيرو في صحيفة «هآرتس»: «بالنسبة للقاعدة اليهودية والإنجيلية واليمينية لترامب، فإن الضم الإسرائيلي يحظى بشعبية كبيرة».
لكن هذا التأييد بل والتشجيع الأميركي على ضم الضفة يقابله حذر بل وحتى استياء أوروبي من هذه الخطوة التي تناقض مقررات عديدة للأمم المتحدة. فيقول المراقبون إن دول الاتحاد الأوروبي قد تلجأ إلى تدابير اقتصادية عقابية بحق إسرائيل إذا خرقت القانون الدولي من خلال ضم الضفة للكيان المحتل.
وفيما يستعد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي للاجتماع يوم الجمعة (مع صدور هذا العدد) قال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد «إن الضم سيكون أهم قضية على جدول الأعمال ولكن هناك حاجة إلى الإجماع لفرض أي عقوبات، والموضوع مثير للانقسام بين الدول الأعضاء»!
وكان بومبيو قد صرح عقب المحادثات مع المسؤولين الإسرائيليين أن المشاورات قد ركزت على تدابير مكافحة كورونا، وكذلك الدور الذي يمكن أن تلعبه التكنولوجيا والخبرة الطبية الإسرائيلية. ووصف إسرائيل بأنها «شريك عظيم، يتبادل المعلومات، على عكس بعض الدول الأخرى التي تحاول التعتيم والإخفاء»، غامزاً من قناة الصين. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن بومبيو سيسعى لدفع إسرائيل لتقييد العلاقات الاقتصادية مع الصين بشكل حاد. وفي خصوص إيران، قال بومبيو «يستخدم الإيرانيون موارد نظام آية الله لبث الرعب في جميع أنحاء العالم حتى أثناء هذا الوباء وفي وقت يعاني الشعب الإيراني بقوة من أزمة اقتصادية ومالية خانقة، هذا يشي بالكثير عن هؤلاء الذين يقودون هذا البلد».
من جهة أخرى، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» يوم الثلاثاء الماضي، إن «سياسة تضييق الخناق على التجمعات السكانية الفلسطينية تتخطى الضفة الغربية وقطاع غزة، لتطال الفلسطينيين في البلدات والقرى الفلسطينية داخل إسرائيل». وأضافت المنظمة أن هذه السياسة «تنحاز إلى مصلحة المواطنين اليهود ضد مواطني إسرائيل الفلسطينيين» (عرب الداخل أو عرب 48)، وتقيد «بشدة إمكانية وصول الفلسطينيين إلى الأراضي بغرض السكن وإتاحة نمو سكاني طبيعي».
إيران، بدورها، ردّت على تصريحات بومبيو عبر رئيسها حسن روحاني الذي قال «إن الإدارة الأميركية الحالية أثبتت أنها أسوأ حكومة في تاريخ الولايات المتحدة»، مضيفاً في تصريح له خلال اجتماع الحكومة الإيرانية أن «الفظاعة الأميركية ومحاربتها لحقوق الإنسان غير مسبوقتين في تاريخ البيت الأبيض».
وأضاف روحاني أنه لا يذكر أن البيت الأبيض شهد رئيساً وحكومة أسوأ من الحكومة الراهنة في أميركا «هم مجموعة من الأشخاص الذين لا يدركون شيئاً في السياسة، ركِّزوا على تصريحات وزير الخارجية الأميركي، هو يبدو أنه لا يفهم شيئاً في السياسة، كذلك هناك حكام لبعض الدول الرجعية في جنوب البلاد الذين لم يشهد التاريخ مثلهم في منطقتنا»، في إشارة واضحة إلى الملك سلمان وابنه ولي العهد محمد بن سلمان.
Leave a Reply