بلد «خيال الصحرا» مشغولٌ هذه الأيام لكن ليس بوجود التكفيريين المجرمين وسياراتهم وأحزمتهم المتفجِّرة، أو بحقيقة أنَّ آخرهم هو «لبناني» سفَّاح من صيدا بوَّابة الجنوب ومعبر المقاومة وبلدة المناضل معروف سعد و«حارة العز»، صيدا التي حوَّلها الإرهابي السفَّاح الهارب أحمد الأسير إلى مدينة تأوي التكفيريين السلفيين الذين هم أكثر من يطعن بالدين الاسلامي الحنيف عن طريق «تسطيحه» وتسخيف معتقداته وتسييرها وتسخيرها لجنونهم وإجرامهم وعنفهم غير الطبيعي إلى درجة الإستهزاء بموضوع قرآني مثل «الحور العين» وإعطاء الذرائع لأعداء الدين لكي يتهكَّموا عليه ويمسخوه ويشوِّهوه ويجدِّفوه فينشروا صوراً لفتياتٍ عاريات يمثِّلن الحور العين هارباتٍ وطائرات في السماء «بسبب وصول الدفعة الاولى من السلفيين»!
إلى هذا الحد أضحى الدين الاسلامي العظيم ألعوبة و«مزحة» و«أُضحوكة» و«كاريكاتور» بفضل هؤلاء المستهترين خوارج العصر الذين لا يختلفون عن الخوارج الأوائل عندما بكى أحدهم لوقوع تمرة قبل أوانها من الشجرة من شدَّة تأثُّره لكنه في نفس اليوم لم يجد حرجاً في محاربة إمام الإيمان كلِّه بل تكفيره وبَقَر بطون النساء الحوامل. إذ كيف نفسِّر «ظاهرة» عمر بكري فستق بغير تفسير الخوارج؟! هذا الناكر للجميل الآتي من بريطانيا حيث ابنته تعمل في أمكنة أقل ما يُقال فيها أنَّها مشبوهة، سمَّى عملية أبو ضهر، الكافر لله، وزميله المجرم ضد السفارة الإيرانيَّة، بالعملية «الإستشهادية» لا الإنتحارية داعياً إلى «تحرير» إخوانه المجرمين من سجن رومية؟! لقد تخلَّى عنه سلفيُّوه وقت الشِّدة وكاد «يتختخ» في السجن لولا إشفاق المقاومة عليه.
لكن المشكلة لا تقتصر على أفراد موتورين مثل فستق حيث أصبحت هناك بيئة حاضنة للإرهاب التكفيري هي ربَّما تعادل الإرهاب الإسرائيلي في خطورته على تماسك الأمَّة وعلى الأديان والإنسانية قاطبة. فبعدما تبيَّن أنَّ أحد الإرهابيَّينَ كان من أتباع الأسير ولم تكن دماء الشهداء قد جفَّتْ بعد حتى سارع حاضنو التكفيريين الى تبرير أفعال الإرهاب بنَفَسٍ مذهبي بغيض تلا تكريس الأسير «زعيماً» للسُنّة في مهرجان طرابلس ثم جاءَتْ بيانات «صغار ١٤ آذار» المهينة لدماء الشهداء بعد تفجير السفارة. لكنَّ شماتة هؤلاء الصغار اختفتْ بسحر ساحر بعد بيان متأخر خجول من مملكة آٓل سعود فسارعوا إلى زيارة سفارة «الولي الفقيه» من أجل التعزية بداعي الإنسانية ولو لم يبادر أسيادهم لما فعلوا كما أحجموا سابقاً عن تقديم التعازي في متفجرات الضاحية. وهاهي أنديرا الحريري مازالت تعمل على «طبطبة» خواطر عوائل أنصار الإرهابي الأسير وتحمي تيّْاره في صيدا رغم الجرائم بحق الجيش اللبناني والمواطنين والسلم الأهلي فتؤمِّن لهم كل التسهيلات في سجن جزِّين وغيره وتعاملهم معاملة ملوكية.
وبدلاً من معالجة هذا التمادي في وصول الإرهاب إلى عقر دارنا وتوحيد الجهود لدرء أخطاره التي ستطال الكبير والصغير و«المقمَّط بالسرير»، نجد رئيس الجمهورية منشغلا بالإشكال الذي وقع في جامعة اليسوعيَّة بين طلاب الحرب الأهلية «الكتائب» و«القوات الُلبنانية» من جهة وطلَّاب «حزب الله» وحركة «أمل» و«التيَّار الوطني الحر» من جهةً ثانية، والذي لم يكن ينقصه إلَّا تحريض محطَّة «أم تي في» التابعة للإعلام الإسرائيلي والتي هوَّلت القضية وصوَّرتها على أنَّّها «تأديبة ٧ أيَّار» طلَّابيَّة مع أنَّ عنصرية مفتعلي الحرب الأهلية معروفة وكذلك ردود أفعالهم وهم يعتبرون أنَّ الجامعة هي «جامعة بشير» لا «الغرباء». وقد وجد ميشال سليمان الأسباب الكافية لكي يتدخَّل حتَّى إلى درجة إصدار بيان رئاسي. لكن هذا التدخُّل لم ينسحب على اعتداء «الجمارك» على إعلاميي قناة «الجديد» بصورة وحشيَّة يندى لها جبين الصحافة والحرية التي يتغنَّى بها «شبيه الوطن» على العالم. وقد يكون تصرُّف رياض قبيسي أرعناً بسبب استعمال مكبِّر للصوت وشتم مدير عام الجمارك بالإنابة ولكن هذا نوع من حرية التعبير ويمكن إستخدام القانون لمعالجة هذا التصرُّف كما يحصل في كل دول العالم الراقية. لكن بطش مرعي وجماركه ليس بسبب سلوك قبيسي بل بسبب كشف القناة لسرقات الجمارك وفسادها الفاحش مثل أي إدارة في بلد الفساد والإنحراف والكل يعرف وهذا ليس سراً، أنَّ العمل في الجمارك يدرُّ ذهباً.
ويُسجَّل لقناة «الجديد» تخصيصها برامج بأكملها لمحاربة الفساد ولو كانت هناك شطحات شخصية أحياناً من قبل المذيعة عيد مثلاً، لكن الأجدى بالقناة أنْ تتحرَّى عن السرقات الأكبر بكثير من نهب الجمارك والمرفأ مثل سرقة ١١ مليار دولار من قِبل فؤاد السنيورة ومغارة وزارة المالية ونفقات سفر الرئاسة حول العالم والنواب الذين مدَّدوا لأنفسهم ولم يجدوا حاجة ليجتمعوا لمعالجة التفجيرات الإرهابية التكفيرية. بل ماذا عن تقاعُس نجيب الحريري وتخوُّفه من تحمل مسؤولية تصريف الاعمال التي تركها لسهيل بوجي كما قال العماد عون الذي طالب حوت المال بالعودة إلى منزله؟!
سليمان لم يتحرَّك لمعاقبة مدير الجمارك ربَّما لأنَّه ذاق المُر بعد أشرف ريفي الذي تمرَّد عليه وعلى وزير داخليته عندما منع الوزير الوطني الشريف شربل نحَّاس من دخول مبنى «فرخ المعلومات»، لكن هذا لم يمنع سليمان من إستقبال ريفي إستقبال الفاتحين مع وسام الحسن بعد «تلبيسة» الوزير ميشال سماحة. وبالمناسبة لم يعلِّق رئيس الجمهورية على ما نقلته «الأخبار» بأنَّ ملك السعودية طلب أنْ يقاتل الجيش «حزب الله» لردِّه عن سوريا وأنَّ سليمان تلعثم ولم يتمكن من طرح موضوع الحكومة رغم أنَّ أبا متعب لم ينطق إلاّ بست كلمات فقط. فما كان من طليق اللسان إلاَّ أنْ أسعفه بمداخلة أنَّ سليمان «من رأينا». ولم يصدر نفي من قصر بعبدا على هذا الخبر.
البلد على كفِّ عفريت إرهابي.. وأصبح وضعه أكثر خطورة بعد الغضب السعودي الإسرائيلي المشترك ضد الاتفاق النووي الإيراني بين الجمهورية الإسلاميَّة والدول الكبرى والذي قد يثير عواصف أمنية عاتية قبل أنْ يترسَّخ الإنفراج الدولي الذي سيكون في صالح ايران كقوة إقليمية إقتصادية كبيرة مثل الصين والبرازيل والهند، وبالتالي في صالح قوى المقاومة والممانعة. ومن الآٓن وحتَّى يتحقَّق هذا الأمر ستبقى البيئة الحاضنة للإجرام الإرهابي تعمل من دون جمرك!
Leave a Reply