لم يعد خافياً أن السباق الرئاسي لعام 2020 سيكون مفصلياً وحاسماً للاتجاه الذي ستسلكه الولايات المتحدة خلال السنوات القادمة، وذلك بسبب الشرخ السياسي الهائل بين الرئيس الجمهوري دونالد ترامب والمرشحين والديمقراطيين الذين باتت خياراتهم محصورة بين مرشحين اثنين هما جو بايدن وبيرني ساندرز، اللذان يزروان ديترويت في الأيام القليلة المقبلة عشية الانتخابات التمهيدية التي ستقام في ميشيغن يوم الثلاثاء القادم، 10 آذار (مارس) الجاري.
والفائز في السباق الديمقراطي، سيتأهل لمواجهة ترامب بالانتخابات العامة، في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، بمواجهة سياسية ستحدد مسار العديد من الشؤون الداخلية والخارجية على حد سواء، من التعليم الى الرعاية الصحية وقوانين الهجرة والمناخ والبيئة والحريات والدستور والسلاح.
سوف تكون الولايات المتحدة على مفترق طرق فعلي، يضع جميع الأميركيين، بمن فـيهم العرب والمسلمون الأميركيون، أمام مسؤولية انتخابية تاريخية!.
وجرياً على عادتنا في الانتخابات الرئاسية التمهيدية –عندما تحط رحالها فـي ميشيغن– قررت «صدى الوطن» دعم المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز، بعد نقاشات مستفيضة بين أعضاء هيئة التحرير، وبعد قرار «اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك) بدعم ترشيح السناتور التقدمي عن ولاية فيرمونت.
ويأتي قرار الصحيفة على ضوء متابعتها الحثيثة ومواكبتها المستمرة لحملات المرشحين الرئاسيين الديمقراطيين، وتاريخهم السياسي، على الرغم من تراجع حظوظ ساندرز بعد «الثلاثاء الكبير» الذي أسفر عن تصدر منافسه جو بايدن للسباق بعد انسحاب العديد من المرشحين لصالحه.
ولكن ساندرز يمتلك فرصة كبيرة لتعديل الموازين الانتخابية في حال فوزه بميشيغن بدعم الصوت العربي الذي رجح كفته قبل أربع سنوات على منافسته هيلاري كلينتون.
يمتلك ساندرز العديد من نقاط القوة المتمثله بمسيرته السياسية وأجندته التقدمية والليبرالية، بما يجعله قادراً على مواجهة الرئيس الجمهوري المتهور الذي يسعى إلى إعادة انتخابه لولاية ثانية.
مع ساندرز، هناك فرصة تاريخية لانتخاب سياسي أمين لمبادئه التي حافظ عليها منذ نشاطه المبكر ومشاركاته فـي التظاهرات المؤيدة لحركة الحقوق المدنية وصولاً إلى تصريحاته المتلفزة التي قدّم نفسه من خلالها كديمقراطي اشتراكي، مروراً بأدائه فـي الكونغرس الأميركي، سواء كنائب عن ولاية فيرمونت في الفترة ما بين 1991 و2007 أو كسناتور عن الولاية، وهو المنصب الذي يشغله حالياً فـي مجلس الشيوخ الأميركي.
كنائب وكسناتور تحت قبة الكابيتول، قدم ساندرز ودعم مشاريع قوانين لا تحصى لإعادة تنظيم «وول ستريت» وحماية البيئة الاقتصادية والمالية من جشع الشركات العملاقة، المعروفة برأسماليتها المتوحشة. ولأن معظم العائلات العربية الأميركية تندرج ضمن الطبقة المتوسطة التي تكدح بجد من أجل تحسين ظروف حياتها وحياة أبنائها، فإن لها مطلق المصلحة بفوز ساندرز الذي يعد ناخبيه ببرامج اجتماعية وقوانين ضريبية معتدلة.
ساندرز يطرح، أيضاً، وعوداً بتخفـيض تكاليف الدراسة الجامعية، وإلغاء القروض الطلابية، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لأبناء الطبقات المتوسطة والفقيرة، وسيصب فـي مصلحة جاليتنا العربية التي يقبل أبناؤها على التعليم الجامعي والتعليم العالي وغالباً ما يتخرجون محملين بديون تصل إلى عشرات آلاف الدولارات.
لقد كان السناتور عن ولاية فيرمونت –على الدوام– في طليعة المنادين بالعدالة الاجتماعية والتوعية المناخية والمساواة العرقية وحقوق العمل والرعاية الصحية الشاملة، وإننا كعرب أميركيين معنيون مباشرة بهذه القضايا التقدمية التي تهم جميع الأميركيين، كما أننا نؤمن بأنه من أكثر المسؤولين الأميركيين ثباتاً والتزاماً بمبادئه التي تتجلى في أحد شعاراته الأساسية، القائل: «ليس أنا، بل نحن».
وللعرب الأميركيين أولويات أساسية في أوطانهم الأم، وفي موطنهم الجديد، أميركا. وإن انتخاب رئيس يدافع عن السياسة الخارجية القائمة على العدالة والمساواة هو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا جميعاً. لقد حصل ساندرز على الكثير من الإشادة لتأكيده على أن السياسة الأميركية يجب ألا تكون منحازة لإسرائيل، بل يجب أن تدافع عن حقوق الفلسطينيين، وقد صرح مراراً وتكراراً بأنه يجب معاملة الفلسطينيين «باحترام وكرامة»، رافضاً استمرار «الأوضاع الإنسانية المأساوية في غزة».
وفي حين أنه لا يقول كل ما نود قوله بشأن القضية الفلسطينية، إلا أنه السياسي الأميركي (الوحيد تقريباً) الذي لا يتوانى عن التنديد بالسياسات العنصرية للدولة العبرية، والذي يفتح آفاقاً جديدة للدفاع عن حقوق الفلسطينيين وضرورة حمايتهم من آلة القمع الإسرائيلية، كما قاد ساندرز جهوداً حثيثة لاستصدار قوانين تنهي التمويل الأميركي للحرب التي تشنها السعودية على اليمن، والتي وصفها بأنها «كارثة إنسانية واستراتيجية».
لقد عارض السناتور عن ولاية فيرمونت مشاريع القوانين المناهضة لـ«حركة مقاطعة إسرائيل» (بي دي أس)، بما في ذلك القانون رقم «أس 1»، الذي صدر العام الماضي، والذي يسمح للحكومات المحلية بحظر العقود مع الكيانات والأفراد الذين يقاطعون إسرائيل، وقد ثبت ساندرز على موقفه المدافع عن حق المقاطعة الاقتصادية، المكفول بموجب التعديل الأول في الدستور الأميركي، على خلاف معظم أعضاء مجلسي النواب والشيوخ.
إضافة لذلك، عارض ساندرز بشراسة، استهداف وكالات إنفاذ القانون للمجتمعات العربية والإسلامية في الولايات المتحدة، عندما وصف قوائم حظر الطيران بـ«الإرهابية» وبأنها «منتج عنصري من حقبة 11 أيلول (سبتمبر) 2001، ويجب إصلاحها». وفي هذا الصدد، يقول: «في ظل نظامنا الحالي، من المرجح أن تقوم الشرطة الأميركية بتوقيف المهمشين والمستضعفين، حيث يتعرضون للقوة المفرطة والاعتقال والسجن، أكثر من الأميركيين البيض، وفي أعقاب أحداث الحادي عشر من أيلول، كان يجري تنميط المسلمين عنصرياً ودينياً، ويتم التجسس عليهم واحتجازهم بشكل غير قانوني».
ويضيف: «لقد تعرض الأميركيون المسلمون لـ«برنامج مكافحة التطرف» العنيف (سي ڤي إي)، وحظر سفر المسلمين الإسلاموفوبي، وقوائم مراقبة الإرهاب غير الدستورية، والاحتجاز إلى أجل غير مسمى في غوانتانامو، ستنهي رئاسة بيرني ساندرز هذه الانتهاكات إلى الأبد».
وعندما تعرضت النائبتان المسلمتان في الكونغرس الأميركي، رشيدة طليب وإلهام عمر، للهجمات المتكررة من الإسلاموفوبيين والعنصريين المعادين للعرب، انبرى ساندرز للدفاع عنهما بكل شجاعة. وعندما منعت طليب، النائب الفلسطينية الأصل، من زيارة فلسطين المحتلة، صرح ساندرز متهكماً بالإسرائيليين: «إذا لم تكن اسرائيل راغبة بزيارة أعضاء من كونغرس الولايات المتحدة، فربما يمكنهما أيضاً رفض بلايين الدولارات»، في إشارة مستهجنة لتصرفات الدولة العبرية التي تتقاضى مساعدات مالية سنوية هائلة من الولايات المتحدة، ولا تتورع –في الوقت نفسه– عن منع سفر مسؤولين أميركيين إليها.
وفي العام 2018، دعم ساندرز ترشيح المرشح العربي الأميركي عبدول السيد في انتخابات حاكمية ولاية ميشيغن، بعدما نجح بإلهام عشرات آلاف الميشيغندريين بحماسته وطاقته المتوقدة. وبدلاً من أن يدير ظهره للاتهامات بمعاداة السامية، التي طالت المسؤول في حملته الانتخابية بولاية ميشيغن، عامر زهر، وقف للدفاع بكل شجاعة عن الناشط الفلسطيني الأصل، وقال: «فيما يشارك (زهر) بحملتي لأصبح أول رئيس يهودي في التاريخ الأميركي، هناك مشغلون سياسيون ساخرون يستخدمون تكتيكات عنصرية وكارهة للإسلام لتقويض جهوده، نحن نرفض هذا النوع من السياسة، ولن نلعب هذه اللعبة».
لقد أظهر ساندرز قدرته على إلهام الشباب ومجتمعات المهاجرين والتحالفات المتعددة الأعراق للاتينيين والأفارقة الأميركيين والعرب والمسلمين والآسيويين وغيرهم. وكونه يتحدث مباشرة إلى الطبقة العاملة من جميع الخلفيات بشفافية ومبدئية، فإننا نعتقد بأنه يحوز الفرصة الأكبر لهزيمة دونالد ترامب في الانتخابات العامة في نوفمبر القادم. ونخشى بأن منافسه، بايدن، لن ينجح بخلق الإلهام والحماسة الكافية لدحر الرئيس الأميركي، ولهذا فإننا نشجع جميع قرائنا على التصويت لصالح بيرني ساندرز، في الانتخابات التمهيدية بميشيغن، يوم 10 مارس 2020.
نعم .. لتمويل
مدارس كريستوود العامة
قررت «صدى الوطن» دعم مقترح انتخابي بتمويل مدارس كريستوود العامة بمدينة ديربورن هايتس، عبر رفع الضريبة العقارية بمقدار 3 مِل على العقارات التجارية أو الصناعية أو السكنية المؤجرة، لإمداد الميزانية التشغيلية للمنطقة التعليمية بـ40 ألف دولار سنوياً، لمدة 16 عاماً، تنتهي في 2035.
ولا تشمل الزيادة الضريبية المقترحة، المنازل التي يقطنها أصحابها.
وسيجرى الاستفتاء بالتزامن مع الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية، يوم الثلاثاء القادم، 10 مارس الجاري.
ودعمنا لهذا المقترح، الذي فشل لمرتين متتاليتين خلال العام الماضي، يأتي من منطلق حرصنا على تحسين العملية التربوية في المدارس الخمس التي تخدم الأحياء الوسطى والشمالية من ديربورن هايتس، والتي تضم نحو 3,800 طالب معظمهم من أصول عربية.
Leave a Reply