بلال شرارة
ليست اسرائيل ببعيدة عن وقائع «العنف» والاضطراب والتوتر الذي يعم الشرق الاوسط، بل انها تسعى لإثارته عبر مشروعها للتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الاقصى، وهي تحاول الاستثمار على وقوع الشرق الاوسط (العربي) فـي مأساته، وتستغل الوقت لتعميم مشروع (يهودية الكيان ووضع اليد على المسجد الاقصى لاعادة الهيكل!).
اسرائيل تستدرج ردود الفعل على صورة حركتها اعتباراً من نشر الاستيطان ورفع اعداد المستوطنين فـي الجولان مثلاً من 600 الى 22 ألفاً، وجعل الجولان منطقة مفتوحة أمام ملايين السياح، وربما فـي اي لحظة اطلاق عملية لإنشاء (جدار طيب على حدود المنطقة المحتلة اسرائيلياً فـي الجولان) وذلك لتأمين المشاريع السياحية.
فـي هذا الوقت تواصل اسرائيل نشر الاستيطان فـي الضفة الغربية المحتلة وزيادة الاطواق الاستيطانية حول القدس، وفرض قيود على دخول المصلين الى المسجد الأقصى وحركة المواطنين الفلسطينيين فـي القدس وإليها.
فـي هذا الوقت تزيد اسرائيل من ضغوطها لتهجير عرب النقب وهي -اسرائيل- تواصل حصارها وتدميرها لغزة وتمنع اعادة اعمارها وتضع اسرائيل الفلسطينيين أمام خيارات آشعيا الثلاثة إما: الفرار أو الانتحار أو الاستسلام لمشهد اسرائيل القادمة.
إن اسرائيل الرسمية دون أدنى شك هي المسؤولة عن تفشي العنف. والإرهاب الإسرائيلي هو إرهاب رسمي حكومي بوسائل مدنية أو استخباراتية، وهي التي تستدرج العنف، وبنيامين نتنياهو رئيس حكومة إسرائيل وليس محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية هو المسؤول عن مقتل اثنين من المستوطنين بالرصاص قرب بلدة فوريك قضاء نابلس.
طبعاً تجدر الاشارة الى القتيل الاسرائيلي الذي لقى مصرعه مع زوجته إلى أنه ضابط احتياط فـي وحدة «سيرت متكال» التي من أهدافها تجميع المعلومات عن عمق بلادنا وتدريب أفرادها على قتال «الارهاب».
طبعاً وصف اسرائيل للارهاب يعني مقاومة وممانعة مشاريعها، وهو غير الارهاب الذي ندعو نحن العرب الى تعريفه وإلى وضع خط فاصل بينه وبين المقاومة، وغير الارهاب (الأممي) الذي تعمل روسيا اليوم لتعريفه والذي نأمل أن تبادر الولايات المتحدة التي تهتم بحقوق الانسان الى انشاء تعريف له (ارهاب الافراد والجماعات والدول) وأن لا يخضع التعريف للسياسات الدولية.
ان اسرائيل التي تستهدف باجراءاتها الآن وفـي هذه اللحظة السياسية بناء على مخططا سابقة، المسجد القدسي الشريف، انما تستدرج حرباً دينية. فـ«الداعش الاسرائيلي»- يحاول الاستفادة من الانشغال الدولي بـ«الداعش الاسلامي» لتنفـيذ مخططة (تدمير المسجد الأقصى) بحيث لم تعد اسرائيل تقوم بحفريات غير مرئية تحت الأرض وانما باجراءات فوق الأرض.
ما يجب أن يدركه صانعو السياسات فـي واشنطن هو أن اسرائيل تسعى الى خلق دول دينية طائفـية ومذهبية عرقية فـي الشرق الاوسط تحيط بالكوكب الاسرائيلي (الدولة اليهودية الدينية) وهكذا تبرز «داعش» و«النصرة» و«جيوش الفتح» والمسميات الاخرى وصولاً الى «أنصار بيت المقدس» التي تقاتل جيوش النظام العربي، على انها فكرة اسرائيلية وصناعة مشتركة تخدم اسرائيل ليس إلا، وهي ستدمر دولنا ومصالح الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة وروسيا والصين والجوار الاوروبي العجوز.
ان المهاجرين بحراً وبراً من منطقة الشرق الاوسط خصوصاً سوريا اليوم وقبلهم اللاجئون الفلسطينيون الى دول العالم بعد نكبة عام 1948 وحرب عام 1967 ليسوا النتاج الوحيد للحروب الجارية بل خراب الدول والدمار الهائل وخراب الصيغ السياسية المشتركة.
صحيح أن احتكارات السلاح تبيع وأن احتكارات النفط تستفـيد من خفض ورفع الاسعار، وشركات البناء ستستفـيد غداً من اعادة اعمار بلادنا والمؤسسات المتنوعة ستستفـيد من المساهمة فـي عمليات التطوير البرلماني وبناء حكوماتنا (الالكترونية) ولكن حتى ذلك الوقت من يعيش ليرى؟
المطلوب قرار دولي ضد ارهاب الدول -الارهاب الرسمي- وارهاب الجماعات والافراد، والمطلوب غرفة عمليات دولية ضد الارهاب وانهاء مشروع التهويد الاسرائيلي، والتأكيد على وحدة الارض والشعب والمؤسسات خصوصاً فـي سوريا والعراق ولبنان والاردن.
هذا الامر مسؤولية اميركية ولات وقت لإضاعته على مناطق حظر جوي أو تجريم التدخل الروسي الذي جاء ليملأ الفراغ الاميركي.
Leave a Reply