خليل إسماعيل رمَّال
بعد استشهاد الدركي علي البزال على يد وحوش الإرهاب دعونا نُحكِّم العقل للمرة المليون فـي شبه وطن اللاعقل واللامنطق، أي بلد الحرائق الدائمة التي تندلع كل يوم من دون أن تنطفـىء. ومع أنها محاولة عقيمة سلفاً، ولكن سنحاول فك أحجية العجز اللبناني لنفهم ماذا يحصل بالضبط ببن الدولة المهترئة المفلسة فـي أجهزتها وسلطاتها وإداراتها ومسؤوليها ونوابها الممدودين من جهة وبين الإرهابيين الخاطفـين الذين يحتجزون العسكريين اللبنانيين فـي إمارة جرود عرسال من جهة ثانية. هناك جهاتٌ ثلاث تفاوض الخاطفـين رسمياً:
١- مفاوض كان ينوب عن قطر لا هو قطري ولا سوري، إنَّه المدعو أحمد الخطيب وهو غير الملازم الأول قائد «جيش لبنان العربي» إبان الحرب الأهلية والذي توفـي مؤخراً (من يذكر شعار صلي عالحبيب والتحق بالخطيب؟). الخطيب المفاوِض هذا هو «مُقرِش» وملتزم تماماً بقضية الإرهابيين الخاطفـين على أساس أن «تاريخه» يتضمن تهريب أسلحة إلى «الثورة» السورية. طبعاً فـي كل بلدان الكون، باستثناء«نتشة» الوطن، يفترض بالمفاوض على مصير أبرياء أنْ يكون حيادياً بالحد الأدنى وموثوق به من الطرفـين. لكن دولة العجز والتمديد غير الحميد سلَّمت أمرها وأرواح جنودها ووثقت بمفاوِض منحاز كما وثقت بمن هم «أضْرَب» منه. هذا المفاوض الذي لا كثر الله خيره نفض يده أسياده فـي قطر من التفاوض بعد ان انتهت مهمته بتحرير امرأة قطرية كانت مشيختها مهتمة بها اكثر من بلد بأكمله كلبنان وتبين ان تفاوض قطر مع الإرهابيين الذين تدعمهم غير جدي رغم وعود تميم لتمام التي لم تكن على ما يرام ولم تؤد للسلام!
٢- مفاوض رسمي هو المدير العام للامن العام عبَّاس ابراهيم وغير معروف ما إذا كانت الحكومة الشمطاء قد رخصت له ذلك بدليل أنها تحاول تقويض مساعيه عبر السماح بابتزاز المجرمين للدولة والحصول على ما يريدون عبرها وعبر الأهالي من دون ابلاغه وإلا كيف نفسِّر قيام الخطيب بأخذ كل مرة قوافل من المعونات والأغذية الى الخاطفـين المحاصرين من قبل سوريا والجيش اللبناني، ثم اعتراض الجيش للقافلة لأنه لم يعلم بها، ثم تركها بسبب ضغوط جهات أمنية ورسمية ثم اكتشاف مبلغ مالي قدره ٢٨٠ الف دولار جمعه ابو فاعور للخاطفـين؟!
٣- مفاوض تابع لوليد جنبلاط على أساس مذهبي لوجود جنود دروز بين الخاطفـين، هو الوزير أبو فاعور بينما نواب ووزراء ٨ آذار غائبون عن السمع تماماً وسط سباب وفلتات و«تشقيع» الأهل القلقين على أولادهم، لكل ما هو مقاومة ظنَّاً منهم ان إتصال الإرهابيين بهم للتصريح وقطع الطرقات سينجي أبناءهم.
ولأول مرة فـي تاريخ الكون تفوض دولة أمرها للإرهابي مصطفى الحجيري، ابو طاقية، المطلوب والمحكوم بالإعدام من قبل السلطة لكي ينقل مطالب المجرمين وينحاز للخاطفـين ويبتز الأهالي أكثر. اما وساطة ما يُسمى «هيئة علماء المسلمين» ففـيها غرابة واستخفاف بعقول الناس!! فالحل ليس على أيدي الهيئة التي بلا هيئة وسبق لها وتوسطت ابان «غزوة» عرسال فخرج الإرهابيون الى الجرود ومعهم أسرانا من العسكريين! وكيف يعقل لهيئة تتدعي التحدث باسم السنة دون مرجعية دار الفتوى، أنْ تفاوض لاطلاق عسكريين وهي التي تجاهر بحربها واتهامها للجيش بالانحياز الى فريق دون آخر، ويعتبر رئيسها المطلوب بمذكرة توقيف ان ظاهرة الارهابي الفار احمد الاسير وانصاره ستستمر ويهاجم الرئيس سعد الحريري لرفعه الغطاء عن المسلحين المتورطين باطلاق النار على الجيش!! بلد عجيب يصر على عدم تنفـيذ أحكام القضاء المبرمة ضد سجناء رومية لردع الإرهابيين عن قتل العسكريين، لكن السلطة لا تجرؤ على وقف مهزلة السجن بسبع نجوم حتى أصبحت رومية افضل من «الهوليداي إن»! ونزلاء سجن رومية يتمتعون بأغلى أصناف الطعام والشراب والإنترنيت والتقنيات العالية ويديرون غرف عمليات ارهابية واستثمار كأنهم فـي «نزل السرور» ولا تتمكن الحكومة من القول لهم ما أحلى الكحل بعيون الإرهاب. هذا بلد لا يعرف كيف يحكم نفسه من دون راعٍ من الخارج بدليل انه يتخبط منذ ٢٠٠٥ من دون أفق ولا مستقبل الى درجة ان ربع اللبنانيين هاجروا وثلثهم يتسكع تلى أبواب السفارات من أجل الرحيل حسب اخر إحصاء. الأفضل للبنانيين أنْ يتركوا البلد للزعماء والنواب والمسؤولين لكي يحكموا نفسهم بنفسهم من دون شعب حتى يملوا ويحلوا عنا أيضاً.
Leave a Reply