علي منصور
تأسست «أيباك» الإسرائيلية سنة ١٩٥٣ وإن باسم مختلف ولكنه أكثر دلالة من حيث المضمون، وهو اللجنة الصهيونية الأميركية للشؤون العامة التي تم تغيير اسمها الى اللجنة الإسرائيلية الأميركية للشؤون العامة بعد تدهور العلاقات بينها وبين الرئيس الأميركي أيزنهاور الذي فتح تحقيقات مع أعضاء اللجنة التي حلت نفسها وأعادت تكوين ذاتها تحت مسمى آخر أقل وطأة ولكنه أكثر رواجاً وتأثيراً.
وقد لعبت الأيباك الإسرائيلية دورا مهما على مدى العقود الخمسة المنصرمة في صياغة السياسة الأميركية تجاه المنطقة العربية وتحديدا تجاه القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي حيث برز تأثير الأيباك جلياً في حرب أكتوبر ١٩٧٣ من خلال الدعم اللامحدود الذي قدّمه الرئيس نيكسون للكيان الإسرائيلي وتمثّل بالجسر الجوي الذي أنقذ إسرائيل من هزيمة محتَّمة أمام جحافل الجيشين المصري والسوري.
أيباك المعروفة «باللوبي» في أروقة البيت الأبيض والبنتاغون وفي الكونغرس وكل مراكز صنع القرار ترتكز الى حاضنة يهودية كبيرة تتمثل بدعم كل رؤوساء الطوائف اليهودية في الولايات المتحدة ، ويجب أن لا ننسى أن صلب عقيدة أيباك هو تأمين المصالح الإسرائيلية.
تمتد أذرع أيباك الإسرائيلية الى كل مفاصل السياسة الأميركية وتلعب دورا محورياً في الإنتخابات الأميركية بكل أشكالها ، فتقوم بتمويل حملات المرشحين للرئاسة ومجلسي النواب والشيوخ، وتقوم حتى بمساعدة رئيس الولايات المتحدة في بعض الأحيان، لتمرير قرارات معينة في مجلسي الشيوخ والنواب من خلال استعمال نفوذها لدى الأعضاء الذين دعمتهم في المقابل، وكل ذلك من خلال نظام مصالح يقوم على المقايضة والمبادلة تحقيقا لمبتغاها في تحقيق مصالح إسرائيل وحمايتها من أي خطر..
تأسست أيباك (اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي) سنة ١٩٩٨ من خلال جهود كبيرة قامت بها مجموعة من الناشطين والأكاديميين يتقدمهم المحامي عبد حمود، وذلك استنساخا لدور أيباك الإسرائيلية، والمفارقة ان مصطلح التسمية بالعربية تطابق لدى اللجنتين بالرغم من تعارض مصالحهما وأهدافهما بل وعلّة تأسيسهما!
ومنذ ذلك الزمن، و«أيباكنا» العربية تكافح بإمكانات محدودة جدا من أجل لملمة الصوت العربي المشتت بين الخلافات والإختلافات والتناقضات، والتائه في بحر واسع من المصالح والمطامح في مجتمع واسع ومتعدد يصعب التفريق فيه بين الصالح والطالح.
كانت الأيباك وكانت «صدى الوطن» صداها وصوتها الذي أخرجها للحياة طفلة صغيرة تمرست في السياسة على يد ناشرها أسامة السبلاني. وفي مرحلة مبكرة استطاعت أيباك تحصيل تمويل لمدارس ديربورن بقيمة 150 مليون دولار لتطوير المدارس وتوسيعها لاستيعاب أكبر عدد من الطلاب العرب، ثم خاضت أولى تجاربها السياسية الجريئة ورشحت المحامي عبد حمود الى مركز عمدة ديربورن ولولا لعبة الإرهاب في الحادي عشر من أيلول ٢٠٠١ وهو يوم الانتخابات البلدية، لكنا اليوم أمام واقع مختلف كلياً أو جزئيا بالحد الأدنى.
واستمرت الأيباك جنبا الى جنب مع «صدى الوطن» تحفر بالصخر وتنحت مستقبل العرب الأميركيين وتبني لبنة لبنة كيانا سياسيا يحفظ لهم وجودهم وحقوقهم في بلد واسع وكبير، ولا يقيم اعتبارا إلا لصناديق الإقتراع. وتدريجيا إستطاعت أيباك أن تثبت أقدامها على المسرح السياسي الأميركي واستطاعت أن تثبت وجودها كقوة محورية في ميشيغن يُحسب لها ألف حساب ويتسابق المرشحون إلى مختلف المناصب في المدن والمقاطعات والولاية على خطب ودّها والحصول على دعمها، فساهمت بإيصال القاضي سالم سلامة إلى رئاسة محكمة ديربورن، وأوصلت المحامية سوزان دباجة إلى رئاسة المجلس البلدي، كما تمكنت من تغيير سياسة مجلس ديربورن التربوي التي كانت مناهضة للعرب الأميركيين وحولت أعضاءه إلى عرب وأصدقاء للعرب.
والسؤال الجوهري بين «أيباكنا» و«أيباكهم» هل كان ليجرؤ أحد أعضاء أيباك الإسرائيلية على مخالفة إجماع لجنته والإنقلاب عليها وخوض انتخابات بوجهها ؟! هل كان ليجرؤ أحد أعضاء أيباك الإسرائيلية على شق الجالية الإسرائيلية أو اليهودية في نيويورك أو كاليفورنيا أو أي ولاية أخرى؟ هل كان ليجرؤ أحد أعضاء أيباك الإسرائيلية على مهاجمة لجنته ومحاولة تهشيمها وتسخيفها من أجل مصلحة شخصية ضيقة ومن أجل السطو على وظيفة أومركز؟ أم أنه مكتوب على العرب أينما ذهبوا الانقسام والإختلاف والإقتتال وبالتالي الفشل المحتم؟
بين أيباكنا العربية وأيباكهم العبرية حرف تقدم حرفا ولكنه استحال فرقا شاسعا تقدم علينا الى آخر الزمان إذا بقينا على تخلفنا..
Leave a Reply