فاطمة الزين هاشم
من المعروف عن جاليتنا الكريمة في ديترويت الكبرى، أنها مواكبة للمجتمع الأميركي في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بل هي متقدمة على سائر الأميركيين العاديين في العديد من الحقول لاسيما في التعليم والطبابة وإدارة الأعمال التجارية الصغيرة، وذلك بشهادة المختصين في التقييمات والإحصاءات، إلا أننا فوجئنا خلال الآرنة الأخيرة بالمشهد المنفّر الذي أفرزه التسابق المحموم على تموين المواد الغذائية والاستهلاكية بسبب الهلع من فيروس كورونا المستجد، حيث تهافت الناس على محلات البقالة والتسوق بصورة توحي وكأن هناك مجاعة أو حرباً كبرى تلوح في الأفق مما ضاعف من سوريالية المشهد.
ليس أدلّ على ذلك من رؤية الطوابير الزاحفة على تلك المحلات التي أفرغت رفوفها من المنتجات الغذائية والمنظفات والمعقمات وغيرها من الاحتياجات الضرورية وغير الضرورية، وكان لافتاً بشكل خاص، التكديس غير المنطقي للبضائع التي ملأت عربات التسوق.
العديد من الأسر استنفرت أبناءها بحيث ينفرد كل فرد من أفرادها بعربة أو متجر، الأمر الذي عجل بإفراغ رفوف المخازن والمحلات من محتوياتها بسرعة قياسية من دون حساب لبقية المتسوقين الذين دب فيهم الهلع بدورهم، من هول المشهد.
لقد حصل ذلك من دون تفكير ملي بأننا نعيش في الولايات المتحدة وأن سلاسل الإمداد في هذا البلد لن تتدمر في ليلة وضحاها.
كم كانت هناك مشاهد تبعث على الأسى حين رأينا نساء يلهثن تعباً من دفع عربات التسوق لشدة ثقل حمولاتها والقلق باد على وجوههن من هول الإشاعات والأخبار التي تدفقت من كل حدب وصوب.
كل هذا وأصحاب المحلات تطفو على وجوههم الغبطة والسرور بتصريف البضائع التي تملأ محلاتهم وجني الأرباح المضاعفة من جيوب الناس، على الرغم من مبادرة إلى تخفيض أسعار بعض السلع الاستهلاكية والغذائية.
إلا أننا في المقابل وجدنا بعض أصحاب تلك المحلات يرفعون الأسعار مستغلين الارتفاع غير المسبوق للطلب على بعض المنتجات.
وقد انبرت السلطات هذه المرة إلى ضبط الأسعار ومنع التلاعب بها على الرغم من أننا نحيا في بلد يتمتع بسوق حرة ومفتوحة، إلا أن إعلان حالة الطوارئ يجيز للحكومة التدخل في معالجة مثل هذه الثغرات حرصاً على مصلحة المستهلك، الذي هو أمانة في أعناق المسؤولين عند حدوث الكوارث والملمات.
الظاهرة الملفتة الأخرى كانت تتمثل بلا مبالاة أصحاب المحلات تجاه حجم المشتريات من قبل أشخاص ضاعفوا من تبضغهم من دون مبرر، بحيث حرموا الكثيرين من شراء حاجياتهم، وكان يتوجب عليهم تحديد الكمية المناسبة لكل زبون من المواد لكي تلبي حاجة جميع المتسوقين.
دخلت أحد المحلات لأشتري خبزاً فوجدت الرف خالياً، وحين نظرت إلى يميني وجدت رجلاً كوّم كمية الخبز كلها في عربته، وكانت بحدود عشرين ربطة خبز، وعلى مرأى من صاحب المحل، وحين بادرته بالاستفسار عن ذلك، أجابني بأن الذي يهمه هو تصريف البضاعة وأن الزبون حر يشتري ما يشاء.
كما هالني أن أجد بعض الأسعار قد قفزت بصورة جنونية، إذ أن ربطة المعكرونة سعرها معروف ومتداول بدولار واحد لكنها عرضت بسعر دولارين و89 سنتاً، وهذا مجرد مثال واحد عن الجشع الذي طغى على بعض أصحاب المحلات.
Leave a Reply