صنعاء – “تأثير الدومينو” الذي تخوف منه الزعماء العرب بعد ثورة تونس، وحاولوا “تطنيشه” أمام العلن في قمتهم الاقتصادية في شرم الشيخ تحول الى أمر داهم في شوارع عدة بلدان عربية؛ من مصر الى الأردن وصولاً الى اليمن.
فبعد نجاح الثورة التونسية المستمرة انبرى محللو ومنظرو الأنظمة عبر الفضائيات والصحف العربية، الى تظهير الفارق الشاسع بين تونس وبلادهم (أياً كانت)، مؤكدين أن ما حصل في تونس لا يمكن أن يحصل في البلد الفلاني.
ولكن التطورات في الشوارع العربية من المغرب الى اليمن أثبتت أنها جميعها قادرة على فرض معادلات جديدة على الأنظمة القائمة.
ففي اليمن، الذي قال المنظرون أن نظامها متماسك، بدأ الأسبوع الماضي تحرك جدي تحت عناوين “إسقاط النظام”.
ويقول المراقبون أن رغم الوضع المعيشي والاقتصادي والسياسي المتردي أن نظام علي عبدالله صالح قادر على اللعب على التناقضات في اليمن من الحوثيين الى الجنوبيين وصولاً الى ”فزاعة القاعدة” وغيرها التي تكفل استمرارية الحكم القائم، حتى ذهب البعض، مستهيناً بالشارع اليمني، ليقول أن نظام صالح لا يمكن أن يتزحزح طالما أنه محمي بمعادلة ق-ق-ق (القمع، القبلية، والقات)!
ولكن الشعب اليمني قادر، كما الشعوب العربية كافة، أثبتت في الأيام الأخيرة، أن الصور النمطية وصفة الخنوع لا تمتان له بصلة.
فقد طالب الآلاف اليمنيين الذين خرجوا في مظاهرات صنعاء بإصلاحات سياسية واجتماعية، في مشهد تصعيدي للأحداث في هذا البلد الذي يعاني هو الآخر من الفقر والبطالة والفساد. وبالتزامن مع ذلك أصدرت المعارضة بيانا ناشدت فيه ضمنيا الجيش بعدم التدخل مثلما حدث في تونس.
وجاءت تظاهرات الخميس الماضي في صنعاء بدعوة من المعارضة للمطالبة برحيل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الذي يحكم البلاد منذ 32 عاماً. وردد المتظاهرون هتافات بينها “يكفي حكم الثلاثين، تونس راحت في العشرين”، في اشارة الى حركة الاحتجاج الشعبي غير المسبوقة في تونس التي انهت حكم الرئيس زين العابدين بن علي الذي امضى 23 عاماً في السلطة.
وردد المتظاهرون ايضاً “لا للتمديد، لا للتوريث” و”يا مشترك سير سير، قد حان وقت التغيير”، في اشارة الى تحالف المعارضة “اللقاء المشترك”.
ونظمت المعارضة اربع تظاهرات متفرقة في العاصمة، بحسب احد المنظمين.
وكان شاب قد أصيب بحروق خطيرة الاربعاء الماضي بعد ان اشعل النار في نفسه في الميدان الرئيسي في بلدة الشيخ عثمان في جنوب اليمن.
تنظيم “مشترك”
ونظمت أحزاب “اللقاء المشترك” المعارضة تظاهراتها في أربع مناطق من صنعاء (الحصبة، الجامعة الجديدة، نقم، الأصبحي) وكان لافتا أنها كانت الأكبر من حيث الحجم والأكثر تنظيما وانضباطا.
واللقاء المشترك هو تكتل لأحزاب المعارضة الرئيسية في اليمن، وقد تم تأسيسه في 6 شباط (فبراير) 2003. ويضم هذا التكتل كلا من التجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري وحزب البعث العربي الاشتراكي القومي وحزب الحق والتجمع السبتمبري واتحاد القوى الشعبية اليمنية.
وأصدرت أحزاب المعارضة بالتزامن مع المظاهرة بيانا، اعتبرت فيه أن السلطة تهرب من أي اتفاقات تسهم في معالجة مشكلات الوطن، وأنها “تهرب من أي إصلاحات حقيقية تقضي على مصالح العصبة الفاسدة التي استأثرت بالثروة والسلطة”.
وأعلنت رفضها المطلق لما أسمته “الديكتاتورية وحكم الفرد وسياسات التجهيل” وطالبت بـ”وقف العبث بأقوات المواطنين، والعمل على محاسبة ناهبي الثروات وإحالة الفاسدين إلى القضاء”.
وشددت المعارضة في بيانها أيضا على ضرورة قيام السلطة والحزب الحاكم بوقف كافة الإجراءات المتعلقة بتعديل الدستور من طرف واحد، والعودة إلى الحوار الوطني الشامل الذي لا يستثني أحدا.
يُذكر أن البرلمان اليمني وافق مطلع الشهر الجاري بشكل أولي على تعديلات دستورية، اقترحها الحزب الحاكم، تمهد الطريق لإعادة انتخاب الرئيس صالح مدى الحياة، حيث تمدد فترة الرئاسة من خمس إلى سبع سنوات، كما تلغي تحديد عدد الولايات الرئاسية باثنتين.
السلطات تواجه “ديمقراطياً”!
في مقابل تظاهرات المعارضة، حشد الحزب الحاكم مجاميع من أنصاره رفعوا شعارات تتهم المعارضة بإثارة الفتنة والتآمر على الوطن.
ومن جانبه، قلل وزير الداخلية مطهر المصري، من أهمية وعدد المشاركين في تظاهرات صنعاء. وقال إن أي جهة أمنية في العالم تقلق من تكرار ما حدث في تونس “إلا أن نظام اليمن الديمقراطي التعددي يجعلها في مأمن”. وأكد أن السلطات لن تتعرض لأي مظاهرات سلمية مهما كان حجمها.
كما نفى الوزير ربط قيام الحكومة برفع الرواتب بمطالب التغيير الذي ينادي به المتظاهرون منذ أسابيع.
يُذكر أن الحزب الحاكم حشد أيضا أنصاره في العاصمة، ورفعوا شعارات تتهم المعارضة بإثارة الفتنة والتآمر على الوطن.
Leave a Reply