بغداد – رغم إقرار مجلس النواب العراقي مطلع الأسبوع الماضي النسخة المعدلة من قانون إجراء الانتخابات العامة، إلا أن شكوكا عديدة خيمت حول إمكانية نقضه مجددا من قبل نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي في ظل معارضة نواب من العرب السنة للتعديلات. الأمر الذي دفع واشنطن والأمم المتحدة الى المسارعة للدخول على خط الأزمة المتصاعدة في العراق حول قانون الانتخابات التشريعية، وقدّمتا اقتراحات للهاشمي لتجنب نقض قانون الانتخابات المعدل مجدداً، الأمر الذي يهدد بتأجيل العملية الانتخابية الى آذار (مارس) وإدخال البلاد في فراغ دستوري.
وقال المتحدث باسم الهاشمي إن السفير الأميركي لدى العراق كريستوفر هيل ومسؤولين من بعثة الأمم المتحدة في العراق زاروا مكتب الهاشمي حيث تقدموا باقتراحات لحل الأزمة، مضيفاً أن ممثلين عن الشيعة زاروا نائب الرئيس دعماً للآلية المقترحة. إلى ذلك، وعد الهاشمي، في بيان، بدراسة دقيقة للتعديلات الجديدة التي ادخلها البرلمان على قانون الانتخابات حال وصولها بصورة رسمية إلى مكتبه. وأشار إلى أنه “سيتعامل مع القانون بمنتهى المسؤولية والموضوعية، مراعياً في ذلك المصلحة الوطنية العليا على الرغم من الإشكالات التي رافقت عملية التصويت على القانون، والفقرات المتناقضة الموجودة فيه”.
وقال سكرتير رئيس البرلمان عمر المشهداني “لا احد ينكر حق رئاسة الجمهورية بالنقض، فهذا حق دستوري، لكننا نقول إن النقض كان خطأ استراتيجيا فادحا كلف المحافظات (السنية) خسارة كبيرة عندما حرمها عدد المقاعد بحسب القانون الجديد لمجلس النواب”. وأضاف “الكرة الآن ليست في ملعبنا. مجلس النواب أنهى الموضوع وأرسله إلى مجلس الرئاسة. الكرة في ملعب رئاسة الجمهورية، وخاصة الهاشمي. على الهاشمي أن يتــحمّل مسؤولية قراره. من نقض القرار عليه أن يبحث عن طريقة للخروج من هذا المأزق”.
القانون والتعديلات
وقد اقر مجلس النواب العراقي الاثنين الماضي تعديلا جديدا على قانون الانتخابات لرفعه إلى هيئة الرئاسة للمصادقة عليه او نقضه مرة أخرى خصوصا في ظل معارضة نواب من العرب السنة للتعديلات، وإعراب الأكراد عن ارتياحهم لذلك. واستمرت المشاورات الهادفة الى بلورة مجموعة من الأفكار للتوصل الى حل للنقض الذي قدمه نائب الرئيس طارق الهاشمي لقانون الانتخابات، وقتا مطولا في ظل أجواء مشحونة بالتوتر والاتهامات المتبادلة. ورسا الأمر على قبول النقض والتصويت على تعديلات قد لا ترضي المعترضين على القانون الذي اقره النواب قبل أسبوعين. وتلحظ التعديلات الجديدة إضافة نسبة 2،8 بالمئة لكل محافظة كمعدل للنمو السكاني استنادا الى إحصاء العام 2005. ويؤكد الدستور ضرورة ان يكون لكل مئة ألف مواطن نائب. كما تنص التعديلات على ان يدلي العراقيون باصواتهم اينما كانوا لصالح مرشحي محافظاتهم.
وقال رئيس اللجنة القانونية في المجلس النائب عن الكتلة الصدرية بهاء الاعرجي للصحافيين “نبث البشرى بان الانتخابات ستكون قريبة، واذا تاخرت فلعدة ايام لاسباب فنية، وسيدلي الكل بصوته. فالعراقيون في الخارج سيصوتون لمحافظاتهم”. واضاف ان “الاقليات كان لهم فقرة في القانون السابق، وخاصة المسيحيين الذين يعتبرون مكونا رئيسيا، نسبتهم تراجعت لكن لهم رعاية خاصة (…) الكوتا في دائرة مغلقة واحدة لكل المسيحيين سواء كانوا خارج العراق وداخله”.
وتشير تعديلات اللجنة القانونية الى منح الاقليات مقاعد في المحافظات التي يتواجدون فيها بمعدل مقعد لكل منها، بحيث يمنح المسيحيون خمسة مقاعد توزع على محافظات بغداد ونينوى وكركوك ودهوك واربيل.
كما يمنح الايزيديون مقعدا في نينوى والصابئة مقعدا في بغداد والشبك مقعدا في نينوى، وفقا للاقتراح. وتابع الاعرجي “تم التعامل في اللجنة القانونية مع النقض من مجلس الرئاسة، تم التوافق بالاجماع على قبول النقض، وذهبنا الى الخيارات البديلة للتصويت عليها”. وختم قائلا “فخامته سينقض مرة ثانية” في اشارة الى الهاشمي.
وكان الهاشمي اكد ان اعتراضه “ليس على مجمل القانون انما على المادة الاولى بهدف انصاف العراقيين المقيمين في الخارج”.
ويطالب الهاشمي بزيادة عدد المقاعد التعويضية المخصصة للاقليات والمقيمين في الخارج والقوائم الانتخابية الصغيرة من 5 بالمئة الى 15 بالمئة في البرلمان المقبل الذي سيضم 323 نائبا. ويبلغ عدد مقاعد المجلس الحالي 275. ويذكر ان المقاعد التعويضية مخصصة لتمثيل افضل للعراقيين المقيمين في الخارج، والقوائم التي حصلت على نسبة تصويت عالية محليا وليس على الصعيد الوطني. وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات حددت 16 كانون الثاني (يناير) 2010 موعدا للانتخابات التشريعية، لكن التاجيل المتكرر لاقرار القانون وما يحدث حاليا جعلت اجراءها في موعدها امرا غير ممكن.
اعتراض سني
بدوره، قال النائب عن الموصل اسامة النجيفي “ارتكب مجلس النواب مخالفة دستورية خطيرة، لم تلتزم رئاسة المجلس بالخروقات الدستورية والقانونية فهذه المادة التي تم التصويت عليها مخالفة للدستور”. واكد ان “الاقتراح تقدم به التحالف الكردستاني والائتلافين (الشيعيين) واندفعت هيئة الرئاسة الى التصويت رغم خروج اكثر من خمسين نائبا من المجلس احتجاجا على الخروقات الدستورية”. واضاف “انها محاولة لسرقة مقاعد محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين واعطائها الى المحافظات الشمالية (الكردية) بصورة غير مشروعة”. وتابع “المادة الثانية في القانون لم تنقض، ونصت على اعتماد سجل الناخبين لـ 2009، وهو اخر احصاء، هذا الامر لم يعتمد وتم اهماله وتم التصويت على مادة مخالفة للدستور، هذا الامر غير مقبول ونعتبره تجاوزا كبيرا. سنسعى للنقض من جديد”.
وقد خصص قانون الانتخابات 38 مقعدا للمحافظات الكردية الثلاث، اربيل والسليمانية ودهوك، في حين كان قانون العام 2005 خصص لهم 57 مقعدا. ويؤكد الدستور ضرورة ان يتخذ مجلس الرئاسة المكون من الرئيس جلال طالباني ونائبيه عادل عبد المهدي والهاشمي قراراته بـ”الاجماع” وليس بالغالبية.
Leave a Reply