ها قد لملم العام 2013 أيامه واستعد للرحيل إلى الأبد ساحبا معه ذيول الخيبة والأسى للأمة العربية، التي عانت ماعانت خلال السنوات الثلاث الأخيرة لاسيما في أشهره الاخيرة، من قتل وتهجير ودمار وتفجيرات وشتى أنواع القهر والحرمان. وفي نهاية كل عام نتوقف لنستعرض مشاهد مرت بحياة كل منا، بحلوها ومرها، بقضها وقضيضها، بآلامها وذكراها التي لن يمحوها الزمن بسهولة، وربما ستبقى ندبة وعلامة فارقة ترافقنا حتى الممات.
المشهد الذي يجمع عليه أبناء الجالية على اختلاف مشاربهم وآرائهم السياسية وانتماءاتهم وولاءاتهم ،هو ما يحدث في بلداننا الأم، حرب طاحنة في سوريا تقطع فيها الرؤوس والأجساد وتشوى وتؤكل الاكباد نيئة في مسعى لإحلال «الحرية» و«الديمقراطية» ومهجرون داخل وخارج الحدود ومعاناة النازحين من البرد والصقيع والجوع والاغتصاب.
تفجيرات في لبنان وقتل، وإشتباكات شبه يومية لتأجيج نار الفتنة، وفراغ حكومي وقطع للتيار الكهربائي وأزمات وغلاء، وسياسيون يتسلون بخلافاتهم تاركين مسؤولياتهم لدواع ديمقراطية، وعواصف تتشارك مع السلطات في تعميق معاناة اللبنانيين.
في العراق، تفجيرات شبه يومية ودماء تسيل في المساجد والكنائس وعلى إسفلت الشارع وزحام الأسواق، نصرة لمذهب (وتقربا من الباري عز وجل) وسعيا لفدرالية تنتهي إلى تقسيم بلاد الرافدين.
في اليمن حوار طرشان، وتعنت وإصرار على التقسيم، وخطف واعتداءات بالسلاح، وتمسك بالولاءات القبلية والدينية والقتل في سبيل تحقيق أهداف سياسية.
في مصر سقط الإسلام السياسي، وسقط معه «الإخوان» ومشروعهم الذي أقضّ مضاجع جيرانهم وحلفائهم الغزاويين، ترافق مع سقوط الحمَدين وانهيار حكم الاسلاميين في تونس، والاتفاق الغربي الايراني حول النووي والقلق السعودي الخليجي من خروجهم من دوائر الصراع العربي العربي بخفي حنين، وتخوفات من عودة «الجهاديين» من سوريا إلى بلدانهم الاصلية ليمارسوا فيها هوايتهم بالقتل والتفجير وسحب جنسياتهم الأوربية ليبقوا في بلاد الضاد.
هذه هي محاور أحاديث ابناء الجالية، وكلما إجتمع إثنان أو أكثر كانت السياسة ومايجري في العالم العربي أهم ما يقال وحتى مناسبات الفرح القليلة، التي يخطط لها لتكون بلسما للجراح ولتغيير أجواء الحزن، ونشداناً للسعادة، لا تخلو من التطرق لأوضاع العرب المحزنة، فتنقلب إلى نكء للجروح ومصدر للكآبة.
عذراً يا سادتي على هذه اللوحة السوداء التي رسمتها بمفرداتي، لكنها الحقيقة، ورغم مرارتها، كل ما نرجوه أن لا يكون العام 2014 كسابقه الذي انتهى وانتهى معه رقم الشؤوم، كما يقول العرافون، علّ وقفتنا التأملية تكون في مثل هذه الأيام من العام القادم، مع ذكريات كلها بهجة وسرور وسلام وأمن وأمان وفرح، وكل عام وأنتم بخير.
Leave a Reply