تاريخ عيد الشكر

تعود بداية الاحتفال بعيد الشكر، وهو أكبر الأعياد الأميركية إلى القرن السابع عشر، عندما ضلت مجموعة من المهاجرين إلى أميركا طريقها، لدى وصولها إلى العالم الجديد، دون أن تحمل معها ما يكفي من الطعام.ولم يساعدهم على النجاة سوى اثنين من الهنود الحمرهما «ساموست» الذي التقى مجموعة الواصلين فخافت منه إلى أن نطق كلمة «ويلكم» التي تعلمها من صاحب قارب إنكليزي، و«سكوانتو» الذي كان يتحدث إنكليزية واضحة تعلمها من أسفاره إلى إنكلترا وأوروبا، فقدما لهم الطعام، وعلموهم زراعة المحاصيل التي كان يزرعها السكان الأصليون.نظرياً، لا يحمل الاحتفال بعيد الشكر أية مراسم دينية أو عرقية، وربما لهذا السبب يعتبر عيداً وطنياً لكل الأميركيين، فهو مرتبط زمنياً بالفترة التي تعقب موسم الحصاد، وأعياد الحصاد.. احتفلت بها كل شعوب الأرض. وتقول الرواية: إن المهاجرين الأوائل أقاموا أول مهرجان لتقديم الشكر، في بليموث، في تشرين الأول (أكتوبر) 1621. وكان قد وصل نحو مئة مهاجر إلى أرض أميركا، قبل عام من هذا التاريخ، مبحرين من إنكلترا، على متن السفينة «ماي فلاور». وفي السنة التالية لوصولهم، تسببت قسوة الشتاء، وتفشي الأمراض والجوع، بموت معظمهم. لكن بحلول خريف 1261، ابتسمت لهم الأقدار؛ فقد أنتجت البذور، التي نثروها في العام السابق، محاصيل وفيرة، مما أتاح لهم زيادة مؤونتهم، التي كانت على وشك أن النفاد، وتمكنوا من بناء منازل تقيهم قسوة الشتاء. وحين عقدت معاهدة طويلة الأمد، بين ماساسوت، زعيم قبيلة «وامبانواغ»، وبين هؤلاء المهاجرين، مكنهم ذلك من القنص والصيد، في الغابات المجاورة، في ظروف آمنة. واحتفاء بالحظ السعيد، قرر المهاجرون إقامة عيد يعلنون فيه ابتهاجهم. فأرسل حاكم المستعمرة، وليام برادفورد، الرجال لصيد الديوك الرومية البرية، بينما انهمكت النساء في إعداد الطعام، استعداداً للاحتفال. ودُعي الزعيم «ماساسوت»، فاستجاب للدعوة، يصحبه تسعون محارباً، دهنوا أجسادهم بألوان براقة. وشارك الهنود في الاحتفال بإحضار لحوم الغزلان التي اصطادوها من الغابات المجاورة. واتخذ هذا الاحتفال مكاناً في منطقة مكشوفة، على ضفاف نهر تاون بروك، حيث نظمت مباريات الرماية بالبنادق والسهام، إضافة إلى ألعاب الذكاء والحظ. وأسهم الهنود في الاحتفال ببعض رقصاتهم الوطنية.دام الاحتفال ثلاثة أيام، انهمك خلالها كل المهاجرين وضيوفهم، في التهام لحوم الغزلان والبط والإوز المحمر، والأسماك المدخنة، والبازلاء، والكعك المصنوع من دقيق الذرة، والثعابين، والفول السوداني. كما تناولوا خموراً مصنوعة من العنب البري، إلى جانب السلطات المختلفة، والخبز المصنوع من الشوفان والذرة. وعلى الرغم من أن هذا الحدث، يُعدّ جزءاً مهماً في تاريخ المستعمرات الأميركية؛ إلاّ أنه لا يوجد ثمة دليل على أن المشاركين فيه، قد عدُّوه احتفالاً للشكر. ولكن بعد مرور عامَين، وأثناء فترة من الجفاف، تحول من يوم للصيام والصلاة، إلى يومٍ لتقديم الشكر عندما هطلت الأمطار، أثناء الصلاة. وبالتدريج، انتشرت هذه العادة بين سكان نيو إنجلند، وترسخ احتفالهم بعيد الشكر بعد جمع المحاصيل. أخذت حكومات المستعمرات الأميركية، وبعدها حكومات الولايات الأخرى، بتمييز أيام عيد الشكر، للاحتفال بأحداث عامة مختلفة. وما لبث تقليد الاحتفال بأعياد تقديم الشكرالسنوية، أن انتشر في كافة أنحاء نيو إنغلاند، وانتقل منها إلى بقية الولايات. وفي أثناء الثورة الأميركية، أعلن الكونغرس يوماً قومياً للشكر، بعد الانتصار الأميركي في موقعة ساراتوجا، عام 1777. وأعلن الرئيس الأميركي، جورج واشنطن، يوماً آخر لتقديم الشكر عام 1789، احتفالاً بالتصديق على دستور الولايات المتحدة. وفي خلال القرن العشرين، عندما تحول سكان الولايات المتحدة، باطِّراد، إلى الحياة الحضرية، برزت تقاليد جديدة لتقديم الشكر التصقت بسكان المدن، كما نشأت عاده مشاهدة مباريات كرة القدم الأميركية، في عيد الشكر أثناء السنوات العشرة الأولى من القرن العشرين.وما تزال الوجبة التقليدية في عيد الشكر تتكون من ديك رومي كبير ومعه بطاطا مهروسة، وسلطة خضراء وسبانخ إضافة إلى الحشو الذي يملأ الديك الرومي من الخبز المحمص. أما عصير الكرانبري فهو من العناصر الرئيسية على المائدة.جدير بالذكر، أن في أميركا كثيرون ممن لا يحتفل بعيد الشكر لأنهم غير مندمجين في الثقافة الأميركية أو لأنهم لا يرون في المناسبة أي دلالة توجب الاحتفال.