كتبت هيلينا كوبان مقالاً نشرته مجلة “فورين بوليسي” تحت عنوان “تحالفات سوريا الجديدة”، أتت فيه على ذكر العلاقات التركية-السورية التي انتابها مؤخراً مزيد من الدفء. وتشير إلى أن تلك العلاقات الدافئة ليست حديثة العهد. فبين عامي 2003 و2008، عندما عمل البيت الأبيض جاهداً لتطويق وعزل سوريا -لإسقاط نظام الرئيس الأسد- عززت دمشق علاقاتها مع تركيا التي أصبحت تمثل لسوريا ما وصفه البعض بأنه “شريان الحياة”. واليوم، بلغت العلاقات السورية-التركية مدى لم تصله من قبل، إذ ألغت كل منهما تأشيرات دخول مواطني الدولة الأخرى، وما إلى غير ذلك من مشروعات تجارية عملاقة تربط كلا من تركيا وسوريا، بالإضافة إلى الأردن والمملكة العربية السعودية. ومن جانب آخر تأتي الكاتبة على ذكر نشاط الحكومة التركية الأخير بشأن القضية الفلسطينية مما أضفى مزيداً من النكهة الطيبة على العلاقات التركية-السورية. ولكن المساعي السورية لتكوين علاقات حميمة لم تتوقف عند تركيا وإيران. بل امتدت تلك المساعي إلى مد أواصر الصداقة مرة أخرى بين سوريا والمملكة العربية السعودية؛ لسببين رئيسيين: الحصول على المال، والهدف الأكثر أهمية: الدور الكبير الذي تلعبه الرياض في لبنان. وتشير الكاتبة إلى أن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، كان لسنوات عديدة من أشد المؤيدين لسوريا داخل العائلة المالكة السعودية. ولكن في أعقاب حادث اغتيال حليفه المقرب رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري -والذي توجهت أصابع الاتهام فيه نحو سوريا- نأى الملك عبدالله بعيداً عن هذا التأييد. وانتهج، فضلاً عن بعض من تبقى له من حلفاء في لبنان، نهجاً مناهضاً لسوريا، ومناهضاً لإيران، ومناهضاً لـ”حزب الله”، وهو أمر حاز دعماً قوياً من واشنطن. ولكن في نهاية عام 2008، أو بداية عام 2009، طرأ أمر ما غير ذلك. ففي شباط (فبراير) 2009، أرسل الملك السعودي شقيقه الأصغر، الأمير مقرن، الذي يترأس جهاز الاستخبارات السعودي، إلى دمشق. وخلال الشهر التالي، استقبل الملك عبدالله الرئيس الأسد كضيف رسمي في الرياض. وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قصد الملك السعودي شخصياً دمشق. وأثار ذلك التغير الذي طرأ على العلاقات السورية-السعودية تغيرات درامية داخل لبنان. وفي أعقاب سياسة العزلة التي حاولت إدارة بوش فرضها على سوريا، أعرب المسؤولون السوريون عن تفاؤلهم بشأن تحسن العلاقات السورية-الأميركية مع تولي أوباما مقاليد السلطة. وفي شباط الماضي، رشح أوباما روبرت فورد، ليترأس بعثة الولايات المتحدة لدى سوريا. ولكن في منتصف نيسان (ابريل)، اتهمت إسرائيل نظام الأسد بتزويد “حزب الله” بصواريخ “سكود”. ورغم أنه لا يوجد أي دليل يؤكد تلك المزاعم الإسرائيلية، ارتفعت الأصوات المنادية بإرجاء إرسال فورد إلى دمشق. وفي النهاية تشير الكاتبة إلى أن مسؤولي النظام السوري والمقربين منه حريصون كل الحرص على إصلاح العلاقات السورية-الأميركية، ولكن الشوق لا يضنيهم إلى ذلك؛ فسوريا لم تعد في عزلة كسابق عهدها، فلديها حلفاء في المنطقة والعالم بأسره.
Leave a Reply