ديترويت – خاص “صدى الوطن”
تحت شعار موحد “عالم مختلف يبقى ممكنا” تجمع نحو 20 ألفا من مختلف أنحاء الولايات المتحدة، في قلب مدينة ديترويت، الاثنين الماضي، لإحياء “المهرجان الاجتماعي الأميركي 2010”.
ويمثل هذا المهرجان الكبير نسخة عن المهرجان الاجتماعي العالمي الذي تحييه البرازيل. وجاء هذا المهرجان اثر تجسيد المهرجان الاجتماعي الأميركي في أتلانتا في العام 2007.
وسار الآلاف على شارع وودوورد في افتتاح فعاليات المهرجان يوم الاثنين الماضي (22 حزيران) باتجاه مبنى الكوبو هول الذي احتضن ورشات عمل وأنشطة متنوعة جرى تنظيمها في اطار المهرجان.
ويتميز المهرجان بمشاركة فئات شعبية واجتماعية وسياسية ذات اهتمامات وقضايا تتراوح بين النضال من أجل هواء ومياه نطيفين وحقوق العمال ومناهضة الحروب.
وبرزت خلال المهرجان والمسيرة قضايا عدة تهم العرب والمسلمين. وشاركت رباب ابراهيم عبدالهادي، استاذة الدراسات الاثنية المتعلقة بقضايا العرب والمسلمين في جامعة “سان فرنسيسكو ستايت” في كاليفورنيا والمديرة السابقة لبرنامج الدراسات العربية الأميركية في جامعة ميشيغن في المسيرة وهي ترتدي الكوفية، دعما للقضية الفلسطينية، والى جانبها أصدقاء حملوا الأعلام الفلسطينية.
وتحدثت عبدالهادي عن أهمية التضامن بين نشطاء مكافحة الظلم في مسارات عدة مختلفة. وقالت “نحن جميعا تحت مظلة العدالة الواحدة ونضالنا لا يجب أن ينفصل”. أضافت “أن نكون جزءا من حركات أخرى يبقى خيارا أفضل بكثير من محاولة القيام بالأنشطة لوحدنا”.
وقدم جوليو لوبيز العضو في اتحاد عمال الجنوب الغربي الذي حضر من سان انطونيو للمشاركة في المهرجان، مثالا على العمل الجماعي للنشطاء.
وحمل لوبيز بوقا خلال المسيرة وشرع بالهتاف: “تحيا، تحيا فلسطين”. وانضم اليه العديدون من مجموعته ومتظاهرون آخرون.
وقال لوبيز “جميعنا هنا مرتبطون بنضال واحد. وهو نضال ضد سلطة الشركات التي لاتزال مسيطرة منذ حقبة طويلة”.
وشددت الناشطة عبدالهادي أيضا، على أهمية “تثقيف الآخرين على قاعدة فردية وابراز أوجه التشابه بيننا وبينهم”. أضافت إن “الكثير من الناس لا يعلمون عن تفاصيل أمور مثل المقاطعة، وحركة العقوبات، وغزة، والاحتلال، والمشاعر المعادية للعرب والمسلمين في وسائل الاعلام الأميركية.. نحن بحاجة الى القيام بالأعمال الضرورية وتثقيف بعضنا البعض الآخر حول أوجه نضالاتنا”.
وبنى المتظاهرون خيمة فلسطينية في منطقة مدينة المخيم التابعة للمهرجان ونصبوا طاولات لتوزيع منشورات ولتثقيف زملاءهم الناشطين حول نضالاتهم.
وفي اليوم التالي (الثلاثاء 23 حزيران) اقيمت ورشة عمل بعنوان: لبناء تضامن عربي-أسود في مركز تي دبليو دبليو وشركاه في المركز التعليمي في ديترويت.
وكان من بين المتحدثين في الورشة عضو مجلس العلاقات الأميركية–الاسلامية (كير) في ميشيغن، المحامية لينا مصري، الناشطتان ندى قادر ونسرين الأمين. وتحدث اخصائي برنامج التطوير في مركز التعليم العالمي للأطفال في مدينة نيويورك حول أهمية بناء التضامن بين الأفارقة الأميركيين والعرب الأميركيين في وجه الظلم والقمع. كما ناقش المشاركون في الورشة استراتيجيات عمل لتعليم أفضل حول الثقافتين (العربية والافريقية الأميركية).
وقالت نسرين الأمين في مطالعة ألقتها أمام الورشة إن ما اكتشفته هو أن الوسيلة الفضلى لإشراك الجيل الشاب وتمكينهم من الرؤية من زوايا مختلفة تكمن في برامج ما بعد الدوام المدرسي طالما أن مدراسنا تهتم دائما في رفع نتائج الامتحانات.
وقالت الناشطة ليندا نجار من مدينة آن أربر أنها عملت مع مجموعات عديدة من شبيبة ديترويت وأعربت عن موافقتها على الأهمية الخاصة التي ترتديها عملية التثقيف حول القضايا الراهنة.
واضافت نجار: “أنا أعمل مع شبيبة السود وأقوم بتثقيفهم حول قضايا عربية مثل القضية الفلسطينية، وفي معظم الحالات لم يكونوا على اطلاع على هذه القضايا، لكنهم يريدون بصدق بالمساعدة عندما يعرفون الحقائق”.
وتم التطرق في الورشة الى قضية أمن مصالح العرب الأميركيين في داخل مدينة ديترويت. وقدمت الناشطة رنا ناطور من مدينة ديربورن خطة تداولها نشطاء وعرب أميركيون محليون مع قيادات شرطة ديترويت. وقالت “إننا بحاجة الى تشجيع المزيد من جهود البناء المجتمعية بين اصحاب المصالح التجارية للتعريف بينهم وبين زبائنهم، كخطوة أولى”.
وشكل المهرجان أيضا فرصة ذهبية لمنظمي المناسبة للقيام بتثقيف زملائهم الناشطين حول التحديات التي تواجهها الجالية المسلمة في منطقة ديترويت وضواحيها وما أبعد منها.
واغتنمت “جمعية الثقلين الاسلامية” (تي أم آي) في جامعة ميشيغن المهرجان لاستضافة نشاط بعنوان “الاعلام خطف ديني” يوم الأربعاء (23 حزيران) في المركز الطلابي في جامعة وين ستايت.
وكان المتحدث الرئيسي في الندوة المدير التتنفيذي لمنظمة “كير” في ميشيغن داود وليد الذي ألقى كلمة سلط فيها الضوء على قضايا مهمة مثل ما دعاه “انحياز وسائل الاعلام، بالنسبة لقضية مقتل الامام لقمان عبدالله على أيدي عناصر الـ”أف بي آي”، وطغيان ثقافة نشر الخوف والدعاية السلبية حول الاسلاموفوبيا (التخويف من الاسلام).
وتناول وليد قضية اساءة استخدام مفردة “الجهاد” التي تعني “جهاد النفس” واستخدام كلمة “الأمة” للاشارة الى مجموعات متطرفة رغم حقيقة أن الكلمة تعني المجتمع الاسلامي العالمي. وقال وليد إن هذا النوع من الاعلام المضلل واساءة استخدام المفردات العربية يساهم في تعزيز أجواء التخويف من الاسلام (الاسلاموفوبيا).
وعرض وليد لاحصاءات أجراها مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) ومنشورة على موقع “لون واتش دوت كوم” تظهر أن 6 بالمئة فقط من الهجمات الارهابية التي ارتكبت على الأراضي الأميركية كان وراء ها مسلمون وقارن بين هذه النسبة والتغطية الاعلامية التي حظيت بها أحداث متنوعة. وقال: “يمكن أن تعتقدوا أن المسلمين مسؤولون عن 94 بالمئة من الهجمات، وفق التغطية الاعلامية المتبعة..”.
وتستمر فعاليات المهرجان خمسة أيام متتالية، من الإثنين حتى السبت ويحضرها ناشطون من جميع انحاء العالم يمثلون طيفا منوعا من احزاب سياسية، شاركوا في المسيرة ايذانا ببدء جلسات المنتدى، وهو الثاني من نوعه الذي يقام على الارض الاميركية، حيث عقد الاول عام 2007 في مدينة اتلانتا، وقالت عضوة اللجنة الوطنية المنظمة جاكي سميث ان هذا المنتدى بدأ عام 2001 ردا على المنتدى الاقتصادي العالمي. واضافت “هناك عالم آخر غير العالم الاقتصادي.. عالم لا يخضع لحسابات الشركات من الارباح والخسائر، وإنما عالم يهتم بحاجات الناس”.
ويناقش المنتدى مسائل اجتماعية وبيئية وثقافية وتعليمية وعلاقات خارجية، وذلك من خلال ندوات واجتماعات ولقاءات. وكانت المسيرة تميزت بالعدد الهائل من الحضور والطاقة حيث رفع المشاركون شعارات مثل “النصر لنا” و”امنا الارض تتعرض للهجوم، ماذا نفعل؟ اصمدوا وقاتلوا”.
Leave a Reply