اعتاد اللبناني ان يرى بلده الصغير دوماً في قلب الحدث العالمي، فهذا البلد كما يعتقد «اللبناني الاصيل» هو درة الكون وجوهرته التي منّ الله بهما على أهله وجعله في موقعه الجغرافي المميز على الضفة الشرقية للبحر المتوسط كصلة وصل بين الشرق والغرب، حتى ولو في زمن الانترنت والتكنولوجيا والصواريخ العابرة للقارات، لا يستسيغ اللبناني تحول بلده الى دولة عادية صغيرة، فهو وان اتفق العالم على تحييدها والنأي بها عن الصراعات والنزاعات الدولية يصر على اقحامها في قلب الصراع وتحويلها الى ساحة معركة مفتوحة. فهم اذا لم يأتوا الينا ذهبنا اليهم، عاتبناهم، طبعاً عتاب الاحبة، حثّيناهم على التدخل اكثر في شؤوننا، حرضناهم على الفريق الآخر، ووزعنا عليهم يميناً وشمالاً اوسمة الصداقة والشرف والوفاء. ودعوناهم الى الاضطلاع مجدداً بادوارهم الطليعية في ادارة الملف اللبناني، حتى ولو اقتنع هذا الطرف الخارجي بأنه خسر معركة في لبنان فهنالك الكثير من «اللبنانيين الاصيلين» الذين لا يرضون لبلدهم ان لا يكون ساحة مفتوحة تتجاذبها الصراعات والخلافات الاقليمية والدولية.في بعض الاحيان، اذا اردنا ان نتجرد ونفكر بعقلنا السياسي الخالص فإنه لا يمكننا الا ان نبرر للادارة الاميركية تدخلها السافر في الشؤون اللبنانية والذي بلغ ذروته في عهد المفوض السامي جيفري فيلتمان صديق اللبناني الاصلي وليد جنبلاط، لان ذلك لم يكن ليتم بدون الارضية الداخلية الخصبة التي كانت تستدرج وتستجلب الخارج الى ادق التفاصيل اللبنانية ليس فقط السياسية بل الاجتماعية والثقافية والفكرية..».ما معنى ان يزور النائب وليد جنبلاط ادارة متهالكة لم يبق من عمرها سوى عدة اسابيع ولا تقوى على المبادرة واتخاذ القرار الحاسم، ويشيد بمزايا رجالاتها الذين دعموا لبنان؟ ما لم يفهم في الزيارة اهي تكريم لحضرة النائب ام تكريم منه للادارة الراحلة وما نفع الامرين؟!ام هي زيارة وداع للاراضي الاميركية في العهد البوشي وعلى مشارف العهد الاوبامي الذي وجّه له جنبلاط تحذيره الاول بانه عليه ان يفهم بأن لبنان اخذ استقلاله ويجب التعامل معه على هذا الاساس. كلام جنبلاط هذا يوحي بأن ادارة اوباما الجديدة تنوي تغيير سلوكها في لبنان وهي لن تكمل حيث انتهت دبلوماسية رايس في لبنان، انما سيتم التعامل مع ما استجد على الارض من العراق الى فلسطين ولبنان بواقعية تدفع ادارة اوباما الى التسليم بحجم حلفائها وامكانياتهم وبحجم خصومها وامكانياتهم مع الاخذ بعين الاعتبار حرب تموز 2006، الا اذا كان اوباما ينوي افتتاح عهده بحرب جديدة تشنها اسرائيل على لبنان وهذا من الامور المستبعدة في الوقت الحالي.وفي العودة الى «اللبناني الاصيل» و«العبقري» والذي يظن يكل تواضع بأنه المحور الذي تدور حوله مجرة باب التبانة، ومن الطبيعي والبديهي ان لا ينام رؤساء دول العالم من غير ان يلهجوا باسم لبنان ومن غير ان يقرأوا «تعويذة الارز» كل مساء، فالظاهر ان التكرار لا يعلم الشطار والازمة اللبنانية في طريقها الى اعادة انتاج نفسها على مشارف الانتخابات النيابية حيث وان سلم الخارج بالتراجع والخسارة في بعض المواضع فإن الداخل الاصيل والعبقري يسعى لاثبات الذات واثبات الاصالة والتفوق.. ورفض الهزيمة كيف ما كان.. حتى لو كانت الفوضى مجدداً!
Leave a Reply