… أخيراً فعَلها ميشال سليمان و«بقَّ البحصة» كاملةً كاشفاً عن وجهه الحقيقي في معاداة المقاومة التي ساهمَتْ في «تعيينه» بوظيفته في بعبدا، ومنحازاً إلى التيَّار المعادي لها ولسوريا من قبل الفسيفساء و«الخلطة» الجهنَّميَّة العجيبة الغريبة الصهيو-وهَّابيَّة الغربيَّة التكفيريَّة «القاعديَّة»، وذلك في الهزيع الأخير من عهده اللاميمون الذي سوف يذكره التاريخ بأنَّه «تميَّز» بعدم تميُّزه بأيَّة إنجازات ما خلا «إعلان بعبدا» الذي يشبه صاحبه أو «إنجاز» دعم الجيش بمكرمة ملكيَّة تقدِّم فيها فرنسا أسلحة «خردة» تنفع في الداخل ولا تمس إسرائيل التي تعربد كل يومٍ في سماء البلد وبحره وبرِّه!
كاتب هذه السطور يفتخر بأنَّه أوَّل من «فتح»، مبكِّراً جدَّاً، نار النقد لـ«محاسن» هذا الرئيس الذي ارتضى أنْ يكون في نهاية عهده «سفير النوايا السيِّئة السعودية إلى قصر بعبدا» وحتى عندما كان يدَّعي حماية المقاومة «برموش العيون». لقد تولَّد لدي إحساسٌ منذ البداية بأنَّه «يلَوْفِك» كما نقول بالعامِّيَّة ولا تبدو عليه سمَة الوفاء كما أنَّ أسلوبه في الحكم كان مائعاً وغير مكترث إلاَّ للأسفار والرحلات، وبينه وبين الكاريزما تمرح الغزلان وتسرح. سبحان الله ما الفرق، مثلاً، بينه وبين الرائعة فيرا يمِّين وكيف لا تكون هي وزيرة، بينما أليس شبطيني غير القادرة على النطق تسعها الحكومة؟ وماذا عن أسلوب سليمان الخطابي المؤذي للأذُن والمحطِّم للغة العربية؟! لم يُعرف عنه قولاً مأثوراً واحداً يمكن استعماله في الأدبيات والخطابات السياسيَّة. كذلك عُرف موقفه بالتذبذب منذ الأحداث المؤسفة في سوريا فوقف ضد الحكومة السورية لدرجة إتِّهام الرئيس بشَّار الأسد في مكيدة دُبِّرتْ ميشال سماحة، تعبيراً عن «اعترافه بالجميل» يوم قدَّمَتْ سوريا للجيش اللبناني كل المساعدة عندما كان قائداً للجيش يحارب تنظيم «فتح الإسلام» الإرهابيَّ ممَّا أدَّى وقتها إلى توبيخه ونعته بالموظَّف من قبل عمَّار حوري ومعاقي «١٤ آٓذار» الذين دبَّتْ فيهم الحميَّة اليوم على موقع الرئاسة وهؤلاء المنافقون أنفسهم هم الذين هتكوا عرضها أيام العماد أميل لحَّود. فهل نسوا «حملة فِل» ومقاطعتهم للرئيس لحّود آنذاك وتوقُّعات المنجِّم سمير جعجع بقرب رحيله ثم حفلات السب والشتم له وللأجهزة الأمنية في عهده والتي انتهتْ بالإعتقال التعسُّفي للضبَّاط الأربعة؟
أذكر أنَّ أحد المعارف من القرَّاء وهو ضابط سابق في الجيش اللبناني كان عندما التقيه دائماً يلومني على إنتقاد سليمان على أساس أنَّه عرفه شخصيَّاً وانا كنت أتجنَّى عليه لعدم معرفتي به وبسلوكه العسكري ونظافة كفِّه. فماذا يقول اليوم عن إنقلاب سليمان التدريجي المتدحرج إلى درجة وصف المقاومة التي شرَّفتْ وطن «الصفة المشبَّهة» بأنها معادلة خشبيَّة؟! قد يجد له الأعذار كفريق سلاح سابق، لكني من ناحيتي، واعتقد أنَّ الكثير من الشعب اللبناني يشاطرني الشعور بدليل الفوران الشعبي الغاضب على صفحات التواصل الإجتماعي، حتى مؤهلات هذا الرجل كقائد للجيش سابقاً أصبحت مشكوكاً بأمرها. فكل إنجازاته العسكرية كانت في حرب مخيم نهر البارد وتدميره على رؤوس الشعب الفلسطيني. أمَّا الإنجازات على صعيد الجيش فقد بدأها وحقَّقها سلفه العماد المقاوم أميل لحُّود ولا فضل له بذلك، والدليل على عدم اكتراثه بالعسكريين وعيالهم أنَّه في عهده الخشبي تعرَّض الجيش للمهانة والاعتداء مرَّاتٍ عديدة لكنَّه لم يحرِّك ساكناً وبقي نائيا بنفسه. لقد قيل لنا يوماً، في معرض تسويقه كرئيس، إنَّ ميشال قضى ليلةً مع جنوده في الجنوب. واو… ما هذه المعجزة التي لم يسبقه اليها قادة الجيوش في العالم؟!! للأسف كم نعوم على شبر ماء!
في ١١ أيَّار ٢٠٠٨ خلال اجتماع إلياس المر والقائمة بالأعمال الأميركيَّة التي سرَّبتْها وثائق «ويكيليكس» قال عن ميشال سليمان بأنَّه اختير لأنَّه الأضعف ووصفه بـ«الجبان والحذِر والمتآمر». هذه شهادة من أقرب مساعديه وفي وقتٍ مبكِّر جداً من بداية عهده.
البداية الخشبيَّة كانت عندما قيل شكِّلوا حكومة ثم نتَّفق بعدها على البيان الوزاري، أي الموافقة على «تجربة المُجرَّب» مرَّةً أخرى وافترض حُسن نيَّة «١٤ عبيد زغار». يعني أن «٨ آذار» حذَفَتْ المعادلة الثلاثيَّة التي درجتْ عليها كل الحكومات والقمم العربية فقط من أجل إرضاء تكفيريي «١٤» ولكنَّهم لم يرضوا (رضي القتيل ولم يرضَ القاتل) إلاَّ بحذف المقاومة من أجل هدف واحد: نزع الشرعية عن تدخُّلها في سوريا. لقد حان الوقت لتشكيل أمانة وقيادة عامة مشترَكَة لـ«٨ آذار» ينضوي تحتها كل المؤيِّدين من المستقلين والحزبيين حتى لا تبقى «١٤ الشهر» تفوز على «٨ آذار» رغم كل الخسائر الهاطلة عليها كالمطر.
كلام سليمان بوصف مثلَّث الشعب والجيش والمقاومة بالمعادلات الخشبية أثلج قلب «قرطة ١٤ الشهر»، أما بيان الرد المُقتضب المهذَّب عليه من قبل المقاومة، بعد أنْ كانت مشاعر شعبها تغلي كالنار، فأطلق هؤلاء من أقفاصهم وطورهم مثل المدعو وزير الإعلام الذي كسلفه ورئيسه لا يفقه شيئا باللغة العربية، ووزير الركوع أمام السفراء، بطرس حرب. وقبل خطاب سليمان الملحمي، كانت إجتماعات لجنة صياغة البيان الوزاري «أكل هوا» لأنَّ، على ما يبدو، الغارة الإسرائيلية على جنتا اللبنانية شحَذَتْ همم صغار «١٤ آذار» فتبدَّى تصلُّباً مفاجئاً في موقف أبو صالح المشنوق في لجنة الصياغة رغم الإنحدار الإستسلامي الذي أظهرَتْه «٨ آذار» بقبولها بصيغة مبهمة تمِّوه معادلة «الشعب والجيش والمقاومة». هذا الأمر يثبت صحة رأي جمهور المقاومة الذي لم يرض بهذه الحكومة الصلعاء الشبطينية، خصوصاً المناضل الوطني الشريف وئام وهاب.
ومع كلام نزيل القصر حول اللُّغة الخشبيَّة، إتضّّح وجود تصلُّب سعودي فيما أعتُبر، خطأً، ضعفاً روسياً بسبب أزمة أوكرانيا حيث تُؤلَّف حكومة كيفما أتفق بعد لف ودوران وتدوير ثمَّ يُعرقَل البيان الوزاري فلا تنال الحكومة الثقة وتُسحب الشرعية من المقاومة وتحكم الفراغ حكومة على رأسها عضو من «١٤» بعد التخلُّص من الحوت نجيب الحريري. خلاصة التحليل: كبيرة على رقبتهم ورقبة الذين خلَّفوهم. فالذين هزموا إسرائيل لن يعجزوا أمام أذنابها.
العجز عن صياغة بيان ليس العيب الوحيد في هذه الحكومة المشوَّهة. فهناك «أبو المراجل» أشرف ريفي المنتحل صفة «وزير العدل» وهو الطاعن الأكبر به حيث أحال مقالة الإعلامي المناضل ابراهيم الأمين رئيس تحرير جريدة «الأخبار» إلى النيابة العامَّة التمييزية بتهمة تحقير وقدح رئيس الجمهورية والتحريض على العصيان! ولعل لبنان البلد الوحيد الذي فيه نيابة «تمييزية» وبماذا تتميَّز يا تُرى؟ بحبس المتهم الفلسطيني البريء يوسف شعبان الذي إِتُّهِم بقتل دبلوماسي أردني وظل في سجن «القضاء المميَّز» ١٦ عاماً رغم اكتشاف وتسليم القاتل الحقيقي!
«وزير» طاعن للعدل له عين يحيل الناس الشرفاء مثل إبراهيم الأمين على النيابة العامة التمييزية وبيته كله من زجاج وكل شكله مخالفات! ولم ننسَ بعد حماية زعران المليشيات في طرابلس ومخالفة الذي يدَّعي الدفاع عنه اليوم وضربه عرض الحائط بأوامره وأوامر رئيسه المباشر زياد بارود وكلمته الشهيرة «الجنازة حامية والميت كلب» و«يبلطوا البحر»، فهل هناك استهتار أكثر من هذا الكلام السوقي بمقام الرئاسة “العليَّة”؟! كان الحري به أنْ يعتقل علي الحجيري في عرسال، المجرم الذي طلب له المدَّعي العام العسكري فادي صوَّان الإعدام لتسبُّبه بقتل الضابطين بشعلاني وزهران، بدل التصدِّي للإعلام الوطني.
أمَّا منتحل الصفة الثاني، نهاد المشنوق، فهو وزير نزق يأتي مع حاشيته لإغلاق شركة للغاز في «بئر حسن» وبالتالي قطع أرزاق عائلات بأكملها من دون تأمين البديل ويتشاجر مع صاحب الشركة المسكين مثل قاطع طريق ويقول له إنَّه سيغلق الشركة بالقوة وبالقانون معاً ثم يقول «ما بتعرف حالك مع مين عم تحكي؟!» الظاهر المشنوق متل معلمو أبو المرجلة (السلعدة)!
مع مين عم يحكي؟ مع متآمر يريد إكمال خنق الضاحية بالتنسيق مع التكفيريين الإرهابيين فيغلق شركة ويفتح أبواب السجن لـ١٢ «أسيرياً»!
رئيس الجمهورية المبارح تعرَّض للمهانة خلال اجتماعه مع جان كيري الأميركي الذي تلقى اتصالاً من نظيره الروسي فبقي معه على الهاتف ربع ساعة، لكن سليمان ظل «متخشِّباً» لا ينبس ببنت شفة! كذلك كان اجتماعه مع ملك آل سعود لكنه لا يتمرجل إلاَّ على المقاومة التي يُكافأ شهداؤها بحذف تضحياتهم. فلتحيا اللغة الخشبية!
Leave a Reply