مريم شهاب
في هذا الزمن السريع التحول، زمن الفضائيات والإنترنيت من الصعب جداً الإستمرار بإصدار جريدة إسبوعية. لكن إصرار الأستاذ أسامة السبلاني وثباته على الكلمة الحرة الصادقة سبب إستمرار جريدة «صدى الوطن» لمدة ثلاثين عاماً، ولا تزال متألقة، مرغوبة ومقروءة من معظم أبناء الجالية العربية والأجنبية هنا في ديربورن وفي جميع أنحاء العالم وعلى شبكة الإنترنيت.
عندما حطّتْ بي رِحال الهجرة في هذا المغترب، كانت جريدة «صدى الوطن» ولا زالت الحبيب الذي أنتظره أسبوعياً ليملأ فراغاً في وحشة أيامي. أقرأ مواضيعها سواء المحلية أو اللبنانية والعربية والعالمية، وقسمها الإنكليزي كان ولا يزال الرابط القوي بين الوطن وأبنائي. كان لي الشرف أن يمنحني الأستاذ السبلاني فرصة الكتابة فيها والتعرف والتواصل مع أصدقاء وقراء وكتاب عديدين تعلمت وإستفدت منهم. ولو يعلم القارئ لهذه الجريدة كل أسبوع مدى الجهد المبذول لإصدارها من فريق العمل المشرف عليها، لشكرهم مثلي بحرارة. فشكراً لهم جميعاً وشكراً للناشر الأستاذ أسامة الذي سوف يكون اسمه خالداً مع الرواد في هذه الجالية.
ماذا تعني الحياة؟
لن أكتب كلمة رثاء في الشهيد علي السيد الذي قضى في غفلة من هذا الزمان البشع. رحل قبله شهداء كثيرون وسوف يرحل بعده الكثيرون أيضاً. شباب مثل «طرابين الحبق» ربتهم أمهاتهم كل «شبر بنذر» حتى صاروا رجالاً، ثم هكذا و«بشربة مي» عادوا إليهن شهداءاً، يلفهم علم وطن قاسٍ يشرب من دم الشرفاء ومن دموع الأمهات. الأمهات اللواتي حفرت أياديهن المرفوعة سقف البيت وغيوم السماء من كثرة الصلاة والدعاء لأبنائهن. لن يعود يا أمي!! سيعود من خان وقبض الثمن، «زلمة الزعيم»، ليزف إليكِ البشرى بإستشهاد إبنكِ البطل، ويطلب منكِ أن تفرحي بشهادته وغيابه عن عينيكِ. منتهى القسوة أليس كذلك؟؟ لا يا سيدتي، لا تفرحي، بل إحزني. ماذا تعني الحياة إذا غاب رونقها بغياب أعز ما فيها؟؟ فالحزن يليق بالأمهات المفجوعات بموت أولادهن الشباب الأوادم، والتي ولدتهن للحياة وليس للموت في زمنٍ عابث. يقهقه الزعران فيه على جثث أولاد الناس الكرام مثل الشهيد علي السيد أو غيره. لا أملك لكِ إلا دمعة لم تنطفئ منذ زمن طويل أواسيكِ بها.
يلي الذوق بيندهلك!
رجعت أيام المدارس بعد عطلة صيفية طويلة. المطلوب من الأمهات المعجوقات في الصباح الإنتباه في السواقة والقيادة. لأن السواقة ذوق وأخلاق قبل السرعة والمكياج وترتيب الحجاب على «سنكة عشرة» ثم فجأة الوقت حشرهن فأسرعن بدون وعي. المسافة بين بيتي وبين عملي يحتاج عدة دقائق فقط، ولكن في أيام المدارس علّي التزود بالصبر والإنتظار عند إشارات الوقوف لمرور السيارات المستعجلة، فالكل يريد الوصول قبل غيره. وغالباً ما أخرج من البيت قبل نصف ساعة.
حقيقة أشعر بالخجل من سواقة البعض. سواء من الستات أو الرجال. ويا شماتة «العزال» الأجانب حين نتمسك بأذيال الدين ونقوم الليل وإذا فات وقت الصلاة بضع دقائق نشعر بذنب عظيم، ومع ذلك لا نحترم إشارات المرور ولا نتنازل لإستعمال إشارة الإلتفاف إلى اليمين أو إلى اليسار لا نلتزم بالسرعة المحددة. هذا عدا عن الكلام والسلام عبر الهاتف وإرسال المساجات. بالضبط لا أعرف ماذا استجد وما الداعي لإستعمال الهاتف منذ الصباح الباكر. السلامة أولاً للأهل وللأولاد وهذه مسؤولية الأهل، المثل الأول لأولادهم.
Leave a Reply