حسن خليفة – «صدى الوطن»
يوماً بعد يوم يتجه المزيد من الطلاب العرب الأميركيين فـي جامعات ولاية ميشيغن الى التخصص بمجالات الصحافة والإعلام، والهدف بحسب قول الكثيرين منهم هو مكافحة الصور النمطية والأحكام المسبقة التي تصدّرها وسائل الإعلام الأميركية الرئيسية بحق العرب والمسلمين لاسيما بعد أحداث ١١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠١ وما تبعها من تطورات وصولاً الى «الربيع العربي» وظهور «داعش».
طلاب كلية الصحافة في جامعة «وين ستايت» بينهم الزميل المتدرب حسن خليفة (الثاني من اليسار). |
وتشير التقارير الواردة من «المعهد العربي الأميركي» أن ٤٠ بالمئة من الأميركيين العرب عانوا من التنميط العنصري والتمييز على أساس انتمائهم العرقي، وهذا بحسب المراقبين ليس سوى انعكاس للصور النمطية التي يروجها الإعلام الأميركي.
فـي هذا السياق، تؤكد آية الغانم، وهي طالبة تدرس الصحافة فـي جامعة «وين ستايت»، أنها كسورية أميركية لطالما استُفزت بالصور الزائفة عن العرب فـي وسائل الإعلام الأميركية. وقالت انها كانت تشعر دوماً بأنها مستهدفة فـي الأخبار التي تغطي الحروب فـي المنطقة العربية حيث ولد وترعرع والداها.. وأضافت أنها كلما نضجت وازداد وعيها أدركت أكثر فأكثر أن الصراع بين الغرب والشرق الأوسط لا يقوم على أسس القيم والأخلاق، بل هو صراع على المصالح، وهذا بالتحديد ما دفعها لخوض تجربة الصحافة للإسهام فـي الكشف عن هذه الحقيقة.
وأضافت «عندما كنت طفلة، كنت أتمنى أن أعمل فـي مهنة تتسم بمشاكل تثير حماستي لإيجاد حلول لها»، ولكن عندما قررت الغنام خوض غمار الصحافة أصبح لديها إيمان عميق بأن الصحافـيين من أبناء الأقليات أو من مختلف الثقافات والطبقات الاقتصادية «عليهم جميعهم أنْ يشاركوا فـي عملية الإبلاغ عن الأحداث بصدق.. ومن وجهات نظر متمايزة».
وفـي حين تجهد وسائل الاعلام لإضفاء الموضوعية على التقارير ذات الموضوعات الحساسة سياسياً وثقافـياً، مثل الصراع فـي الشرق الأوسط، تسعى بعض الوسائل سعيا حثيثا لتنويع غرف الأخبار واغنائها بباقة من الصحفـيين ذوي خلفـيات عرقية مختلفة. ذلك لأن تنويع غرف الأخبار يضمن الدقة والإنصاف فـي التقارير الإخبارية لاسيما تلك التي تغطي أخبار الأقليات.
وأظهرت دراسة لمعهد «بيو للأبحاث» عام ٢٠١٣ أنه فـي غالبية الصحف الأميركية اليومية، تشكِّل الأقليات فقط ١٣ بالمئة من القوة العاملة فـي غرف الأخبار -وهي بمثابة زيادة طفـيفة عن العقدين الماضيين- أما التلفزيونات المحلية فتتمتع بتمثيل أوسع للأقليات. ومع أن الأقليات تكافح من أجل الحصول على وجودها فـي غرف الأخبار والمنشورات المتخصصة، شهدت الصحف الإثنية زيادة فـي التوزيع. وفـي الوقت نفسه، بدأت الصحف المتداولة فـي الانخفاض، وفقاً لدراسة أخرى لمعهد «بيو للأبحاث» أجريت فـي نفس العام.
«من المهم للغاية أن تكون غرف الأخبار تعددية ومتنوعة، لأننا نعيش فـي بلد متنوع وهو يصبح أكثر فأكثر تنوعاً» لاحظ جو غريم، أستاذ الصحافة فـي جامعة «ميشيغن ستايت»، وأردف «إذا لم تكن غرفة الأخبار تشبه مجتمعك، فلا يمكن حقاً أن تمثله. وإذا كنت كإعلام لا تعكس نبض مجتمعك، فكيف يمكن لك ان تتوخى الدقة بمعنى واسع؟».
ورأى غريم وجود زيادة فـي انضمام الأقليات إلى برنامج الصحافة الدراسي فـي جامعة «ميشيغن ستايت»، «وذلك يعود جزئياً إلى النمو السكاني الطبيعي إضافة الى ادراك العديد من العرب الأميركيين أن ليس هناك من يمكن أن يقدم أخبار وقصص العرب أكثر من الصحفـيين العرب الأميركيين المدربين».
وأشار إلى أن أبناء الجالية العربية «هم أنفسهم مجموعة متنوعة عرقياً، تضم أكثر من ٢٠ جنسية، اضافة إلى العديد من الأديان الرئيسية واللغات والتجارب المختلفة».
وأوضح غريم أنه «إذا لم يخبر العرب الأميركيون القصة، فإنها لن تروى أبداً.. أو قد يخبرها آخرون لا يفهمون القصة ولا يتعاطفون معها».
الطالبة ميساء المصري مسؤولة تحرير زاوية الفنون والترفـيه فـي نشرة «ذي ساوث إند» الصادرة عن جامعة «وين ستايت»، اختارت التخصص فـي الصحافة لأنه منحها صوتاً.
وقالت انها ترعرعت فـي أسرة منخرطة بشدة فـي قضايا حقوق الإنسان وأصبحت متحمسة للقضايا السورية والفلسطينية. واستطردت انها ترى الصحافة كأداة لتغيير الصور النمطية السلبية التي شهدتها هي وعائلتها معربةً عن أملها فـي إضفاء الطابع الإنساني على نضال الشعوب فـي الشرق الأوسط «كأناس حقيقيين يحيون حياة حقيقية ويعيشون قصصاً حقيقية تستحق أن تُروى».
وعن دورها كمحررة فـي صحيفة الجامعة أفصحت المصري انها قد لاحظت «أن عدداً متزايداً من الأميركيين العرب وطلاب الأقليات الأخرى ينضمون برنامج الصحافة الجامعي فـي وين ستايت»، وأضافت «يلعب هؤلاء الطلاب دوراً رئيسياً فـي تقديم وجهات نظر مختلفة فـي الصحافة».
وتابعت «اننا نشكو كثيراً من كيفـية تعاطي وسائل الإعلام وتصويرها لنا، ولكن إذا ما بذلنا جهداً لتغيير نوع الضوء المسلط علينا، فسنكون فـي وضع مختلف».
وقالت منى بيضون، وهي طالبة فـي جامعة «إيسترن ميشيغن» تكتب فـي صحيفة الجامعة الطلابية «ذي ايسترن أكو»، ان الصحافة يمكنها أن تغير العالم.
ومضت بالقول «المهمة الرئيسية للصحفـي هي إبقاء الجمهور على علم بما يحدث فـي العالم، وبدلاً من الوفاء بهذه المسؤولية يقوم بعض الصحفـيين فـي كثير من الأحيان باصدار تقارير عن أمور هراء، يمكنها تحويل الناس بعيداً عن هذه المهنة». وتابعت بالقول «أعتقد انه مع التدريب المناسب، أستطيع أن أعطي، العالم كله أو على الأقل جاليتي، المعلومات الضرورية للمواطنين ليكونوا فـي موقع العارف».
وزادت بيضون بالقول «ان وجهات النظر المتنوعة فـي غرفة الأخبار تحيد التحيز الفردي الطبيعي للصحفـيين، كما أن الصحفـيين العرب الأميركيين يقومون بعرض وجهات نظر جديدة لوسائلهم الإعلامية».
وختمت بالقول «كثير من العرب الأميركيين يأتون من عائلات لها روابط متينة مع البلدان الأم فـي المنطقة العربية، وأنا أعرف من التجربة أن وجود تواصل واتصال مع بلد آخر، فـي حالتي الخاصة لبنان، يعطيني القدرة على التفكير بما وراء أميركا والنظر إلى المسائل من منظور مختلف».
وقال جاك لاسينبري، رئيس قسم الصحافة فـي جامعة «وين ستايت»، إن الجامعة شهدت المزيد من التنوع والمزيد من الطلاب العرب الأميركيين المسجلين فـي برنامج الصحافة فـي خلال ١٠ أو ١٥ عاماً الماضية.
وقال «أحد أهدافنا هنا، خصوصاً فـي معهد الصحافة (للإعلام التعددي) هو جعل غرف الأخبار فـي أميركا تشبه أميركا أكثر فأكثر. لذلك سيكون شيئاً جيداً جداً إذا كانت غرف الأخبار فـي أماكن أخرى، ليس فقط فـي «صدى الوطن»، بل فـي «ديترويت فري برس» أو «ديترويت نيوز» أو محطات الإذاعة، تحتوي نسبة أعلى من الصحافـيين العرب الأميركيين».
Leave a Reply