غراند رابيدز – منذ زمن السكان الأصليين مروراً بزمن الاستعمار البريطاني والفرنسي وصولاً إلى الاستقلال وحتى يومنا هذا، كان الصيد البري ولا يزال جزءاً لا يتجزأ من تاريخ وثقافة ولاية ميشيغن، إلا أن السنوات القليلة الماضية سجلت انخفاضاً كبيراً في عدد الأشخاص الذين يمارسون هذه الهواية في أحضان الطبيعة، مع تراجع عدد رخص الصيد الصادرة عن الولاية لأدنى مستوياتها منذ عقود.
إذ كان في ميشيغن ما يصل إلى 1.2 مليون صياد مرخّص في سبعينيات وثمانينيات وحتى تسعينيات القرن الماضي، لكن عدد الصيادين تراجع إلى أقل من 675 ألف شخص بحلول عام 2018 فيما من المتوقع أن يواصل العدد انخفاضه مع بداية موسم الصيد بالأسلحة النارية الذي انطلق في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري ويستمر حتى مطلع العام الجديد.
ويُعزى هذا الانخفاض جزئياً إلى تراجع اهتمام الجيل الشاب بهذه الهواية إضافة إلى بلوغ جيل الـ«بيبي بومرز» (مواليد حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية)، سن التقاعد، واعتزال الكثيرين منهم لهذه الهواية التي قد تكون لانحسارها آثار سلبية وخيمة على الحياة البرية في الولاية واقتصادها عموماً.
ووفقاً لتقرير نشره موقع «أم لايف» الأخباري، انخفض عدد سكان ميشيغن الحاصلين على تراخيص صيد الأسماك بنسبة 5 بالمئة بين العامين 2013 و2018، مقابل انخفاض بنسبة 18 بالمئة في تراخيص الصيد بالأسلحة النارية خلال الفترة نفسها.
وتشير الدراسات إلى أن أبناء الجيل الشاب –«جيل الألفية»– لا يميلون إلى ممارسة هوايات الصيد المتنوعة أو النشاطات الخارجية في أحضان الطبيعة، على عكس الأجيال السابقة
وقال دان إيشنغر، وزير الموارد الطبيعية في الولاية: «لقد كنا جميعاً مستفيدين من وجود مجتمعات حيوية وناشطة ومنخرطة في الصيد، ولكن مع انخفاض عدد الأشخاص الذين يشاركون في هذه الرياضة، لدينا معضلة حقيقية يتعين علينا مواجهتها، ليس فقط في ولايتنا بل على المستوى الوطني أيضاً».
وتمثّل رسوم رخص الصيد، المصدر الرئيسي لتمويل جهود حماية الحياة البرية وموائل الحيوانات في ميشيغن، حيث تشكل الإيرادات المتأتية من رخص الصيد بالأسلحة النارية وصيد الأسماك أكثر من 90 بالمئة من ميزانية الوزارة المخصصة لحفظ الحياة البرية والبالغة 42 مليون دولار سنوياً.
ولفت إيشنغر على سبيل المثال إلى أن الأموال التي تحصلها حكومة الولاية من صيد الطيور المائية تساعد الوزارة في القيام بأعمال استصلاح الشواطئ والمستنقعات الساحلية في الولاية.
وإضافة إلى المخاوف من انحسار إيرادات وزارة الموارد الطبيعية، فإن تراجع إقبال الميشيغندريين على الصيد بأنواعه، له تبعات اقتصادية وخيمة، وقد سلط إيشنغر –في هذا الإطار– الضوء على دراسة أجرتها «جامعة ميشيغن ستايت» العام الماضي وجدت أن النشاطات المرتبطة بالصيد تولد سنوياً 11.2 مليار دولار لاقتصاد الولاية، إضافة إلى توفير عشرات آلاف الوظائف.
وقال: «أعتقد أن 11 ملياراً مبلغ كبير»، لافتاً إلى أن تراجع نشاطات الصيد «سيؤثر بشكل غير متناسب على العديد من المجتمعات لاسيما في شمال ميشيغن وشبه الجزيرة العليا تحديداً»، وهي مناطق تعتمد بشكل كبير على السياحة المتعلقة بصيد الحيوانات.
وإلى جانب هذين التأثيرين السلبيين، فإن تراجع الاهتمام بالصيد سينعكس سلباً أيضاً على جهود السيطرة على أنواع معينة من الحيوانات يُعتبر الصيد أداة أساسية للحد من تكاثرها. وهو أمر حيوي بشكل خاص في المناطق الحضرية حيث يمكن أن تتسبب الغزلان وذئاب القيوط بمشاكل حقيقية في المناطق المأهولة بالسكان.
ففي عام 2018، تسببت الغزلان بواحد من كل ستة حوادث مرورية شهدتها ولاية ميشيغن، أي أكثر من 53 ألف حادث تصادم، من ضمنها 14 حالة وفاة.
Leave a Reply