كليفلاند - أطل دونالد ترامب، مساء الخميس الماضي، على عشرات آلاف الجمهوريين الذين غصت بهم قاعة «كويكن لونز» بمدينة كليفلاند في ختام اليوم الرابع والأخير من مؤتمر الحزب الذي أقرّ تسمية الملياردير النيويوركي مرشحاً رسمياً للحزب بمواجهة المرشحة الديمقراطية للرئاسة هيلاري كلينتون التي تستعد لنيل تسمية حزبها الرسمية في مؤتمره المقرر في مدينة فيلادلفيا الأسبوع القادم.
وقال ترامب في خطاب قبوله ترشيح الحزب إنه سيعمل على «قيادة (أميركا) للأمن والرخاء والسلام»، مضيفا أن أميركا تحت قيادته ستصبح دولة «للكرم والدفء»، ولكنها ستكون أيضا دولة «القانون والنظام».
وقدمت إيفانكا ترامب والدها بوصفه «بطل الشعب ومرشحه»، مضيفة أنها كغيرها من الشباب الأميركي لا تنتمي إلى حزب بعينه، وأنها تعتمد على تحكيم عقلها في التصويت للمرشح الرئاسي.
وقالت إن والدها «سيحارب» من أجل الأميركيين طوال الوقت، لافتة إلى أنه لا يستطيع تحمل أن يرى «المصانع الأميركية خالية أو أن يرى الطلاب غير قادرين على دفع ديونهم الدراسية».
وأضافت أن والدها سيواجه التحديات والمشاكل التي تعيق أميركا بـ«حلول غير تقليدية».
وفي كلمته، أكد ترامب أنه سيعمل على «بسط النظام واستعادة الأمان»، بعد أن صرح أن «حوادث القتل في ارتفاع» وأن هذا الأمر سيتغير تحت رئاسته.
وتحدث ترامب عن الوضع الاقتصادي للمواطنين، قائلا إن «حوالي 58 بالمئة من شباب المواطنين الأفارقة-الأميركيين لا يعملون حالياً»، وأن «مليونين اثنين من اللاتينيين أصابهم الفقر تحت الإدارة الأميركية الحالية».
كما وصف ترامب نفسه بأنه «صوت الذين لا صوت لهم» وأنه «لا يستطيع الصبر على الظلم وقلة الكفاءة»، قائلاً أيضاً إنه «لا يتعاطف مع القادة الذين يخذلون مواطنيهم». وانتقد ترامب الهجرة غير الشرعية مشيراً الى وجود أكثر من ١٨٠ ألفاً من المطلوبين للعدالة يجوبون الآن شوارع الأميركيين ويهددون سلامتهم.
وتعهد ترامب بمعالجة الدين الأميركي الذي تضاعف الى ١٩ تريليون دولار خلال عهد أوباما «فيما جسورنا وطرقاتنا متهالكة ومطاراتنا أشبه بمطارات دول العالم الثالث والملايين يعيشون على الفود ستامب (الإعانات الغذائية)».
وقال ترامب إن «مشاهد العنف والفوضى في الشوارع الأميركية سوف تنتهي قريباً جداً» متعهداً بـ«إعادة الأمان» فور توليه الرئاسة، ومشيراً الى أن «أي دولة تفشل في تحقيق الأمان فيها هي دولة لا تستحق القيادة».
وانتقد ترامب كلينتون التي وصفها بأنها مجرد دمية تحركها الخيوط وقال أيضاً إنه في عام 2009 وقبل تولي كلينتون حقيبة وزارة الخارجية «لم يكن «داعش» على وجه الخريطة، وليبيا كانت مستقرة، ومصر كانت آمنة، وسوريا تحت السيطرة نوعاً ما، فيما شهد العراق انخفاضا في العنف، وكانت إيران تختنق بالعقوبات».
وقال «كانت الأمور تسير على ما يرام في العالم حتى قرر أوباما تعيين هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية». وأضاف «فلنهزمها في نوفمبر»
وتابع القول إنه بعد ١٥ عاماً من الحروب التي شنتها أميركا في الشرق الأوسط أصبح العالم أقل أمناً رغم إنفاق تريليونات الدولارات وإرهاق حياة آلاف الأميركيين.
وشدد ترامب على أن أهم ما يميز حملته الانتخابية هي أنها تضع الولايات المتحدة «أولاً» قبل أي دولة «على عكس الآخرين».
وأكد ترامب أنه لهزيمة داعش يجب أنه يتم التركيز على أهمية امتلاك أفضل وحدة استخباراتية في العالم لجمع المعلومات، وأن يتم التخلي عن سياسة «بناء أنظمة جديدة»، والتي «انتهجتها هيلاري كلينتون في العراق وسوريا وليبيا ومصر» على حد تعبيره.
وقال إن البديل هو العمل المشترك مع حلفاء الولايات المتحدة من أجل هزيمة «داعش».
وأشار ترامب إلى إن أكبر حليف لأميركا في المنطقة هي دولة إسرائيل.
وانتقد ترامب حادثة استخدام المرشحة الديموقراطية المفترضة هيلاري كلينتون لخادم بريد إلكتروني غير مؤمن، قائلا إن هذا التصرف «وضع البلاد في خطر كبير».
وأضاف أن «ملايين الديموقراطيين سينضمون إلى حملته الانتخابية، لأنه سيقوم بإصلاح النظام حتى يعمل من أجل جميع الأميركيين».
وجدد ترامب دعوته إلى «تعليق العمل بنظام الهجرة من الدول التي هددها الإرهاب حتى يصبح هناك نظام فعال للتدقيق في المتقدمين للهجرة من تلك البلدان» مشيراً الى أن معظم الهجمات الإرهابية يقوم بها متطرفون إسلاميون.
ودعا إلى «وقف فوري للهجرة من أي دولة مخترقة من الإرهاب إلى أن يتم وضع نظام مثبت الفعالية للتدقيق في طلبات الهجرة»، مشيرا إلى أنه «سيبني جدارا لوقف الهجرة الشرعية، ويحمي أميركا من العصابات والمخدرات والمجرمين».
وانتقد دونالد ترامب اتفاقيات التجارة التي قامت الإدارة الأميركية الحالية بتوقيعها، مشيرا إلى أن مثل هذه الاتفاقيات «تدمر الطبقة الوسطى» في أميركا وتسبب باستنزاف الوظائف الصناعية.
وانسجاما مع المواقف التقليدية للجمهوريين، قال ترامب إنه «سيقوم بإعادة بناء الجيش الأميركي» وأن «الجيش لن يقوم بحماية الدول الأخرى من دون مقابل»، في إشارة إلى أنه ليس قوة للإيجار ولا شرطي العالم.
وأكد أنه فخور بتلقّيه الدعم من الجمعية الوطنية للبنادق، مضيفا أنه سيقوم بـ«حماية حقوق الأميركيين في حمل السلاح من أجل حماية عائلاتهم».
انقسام حزبي
وخرج ترامب من مؤتمر حزبه بأقل أضرار ممكنة، رغم معارضة مسؤولين كبار في الحزب لترشيحه، من بينهم رفض منافسه الأقوى في الانتخابات التمهيدية، تيد كروز، فيما لا يزال المانحون الجمهوريون ينأون بنفسهم عن قطب العقارات ويمتنعون عن دعم وتمويل حملته الانتخابية.
وأصبح ترامب -أو «بطل الشعب» كما سمّته ابنته إيفانكا- رسميّاً مرشّح «الحزب الجمهوري» للرّئاسة الأميركيّة، حيث حصل على تأييد ١٧٢٥ مندوباً، تلاه السناتور تيد كروز، الذي حاز أصوات 457 مندوباً، ثمّ حاكم ولاية أوهايو جون كايسيك بتأييد 120 مندوباً، يليهم عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية فلوريدا السناتور ماركو روبيو مع 114 مندوباً، كما حاز ثلاثة مرشّحين آخرين أصوات 12 مندوباً.
وبعد التصويت الرئاسي، وافق مؤتمر الحزب، الّذي عُقد في مدينة كليفلاند، على ترشيح حاكم ولاية إنديانا مايك بينس لمنصب نائب الرئيس، بعدما اختاره ترامب في عطلة نهاية الأسبوع الماضي لمرافقته في مشواره إلى البيت الأبيض.
تصويب على كلينتون
وتوالى على المنصة خلال أيام المؤتمر عددٌ من السياسيين الجمهوريين رغم الانقسام الحادّ بين أبناء الحزب الواحد، وغياب عددٍ من الحزبيّين، أبرزهم جورج بوش الأب والابن.
واستهدف خطاب حاكم نيو جيرزي كريس كريستي بشدّة كلينتون. وردّد الحضور عبارة «احبسوها!» مرّاتٍ عدّة خلال إلقائه كلمةً اتّهمها فيها بالإخفاقات في ليبيا وسوريا وإيران ونيجيريا وروسيا والصين.
أمّا المرشّح السّابق للرئاسة الأميركية بن كارسون فربط بطريقةٍ غير مباشرة بين كلينتون و«إبليس». حيث تحدّث عن إهداء سول ألينسكي كتابه «قواعد للراديكاليّين» إلى «إبليس»، موضحاً أنّ رسالة كلينتون الجامعيّة كانت حول ألينسكي. وسأل كارسون «هل ننوي انتخاب رئيس يتّخذ من أحدٍ يعترف لإبليس بالقوّة مثالاً أعلى له»؟
ورفض كروز، الثلاثاء الماضي، إعلان دعمه لترامب وسط صيحات استهجان علت قاعة المؤتمر في موقف وصفه المراقبون أنه بمثابة «انتحار سياسي».
ورغم أن كروز هنأ ترامب بفوزه بترشيح الحزب الجمهوري، إلا أنه لم يعلن دعمه له، داعيا الحاضرين إلى أن «يصوتوا في الانتخابات المقبلة استناداً إلى ضمائرهم».
من جانبه، انتقد السناتور عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو سياسات كلينتون، قائلا إنها تفتقد إلى «الاستقلالية» في اتخاذ القرارات.
كما قال حاكم ولاية ويسكونسن الجمهوري سكوت ووكر، إنه يجب أن يكون القضاء على «الإسلام الراديكالي الإرهابي» على أولوية الإدارة الأميركية. وشكر ووكر، الذي ترشح أيضا في الانتخابات التمهيدية بالحزب الجمهوري قبل أن ينسحب، الجنود الأميركيون الذين «يبذلون كل ما لديهم من أجل حماية الولايات المتحدة الأميركية».
وقال ووكر إنه يؤمن بأن النجاح والثروة تأتي من «عدم تدخل الحكومة» و«إعطاء الحرية للأفراد» لكي ينجحوا في تحقيق أهدافهم، مشيرا في أكثر من مناسبة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية “تستحق الأفضل”.
وقال ووكر إن استخدام المرشحة المفترضة للحزب الديمقراطي هيلاري لخادم إلكتروني غير مؤمن يعني أنها «غير مؤهلة» لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية.
بنس نائباً لترامب
وقدم رئيس مجلس النواب بول راين المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس مايك بنس الذي اختاره ترامب، قائلا إنه «لم يكن فخوراً بهذا القدر من قبل» تقديم بنس للمؤتمر العام الجمهوري. وقال راين إن بنس، وهو حاكم ولاية إنديانا»، «يتمتع بإيمان وثقة كبيرين»، وإنه أتى من «قلب المحافظين وقلب أميركا». وأكد راين أنه يثق بأن بنس سيكون فعالاً في إحداث تغيير حقيقي بالبيت الأبيض.
بعد ذلك، أعلن مايك بنس قبوله ترشيح الحزب الجمهوري، قائلاً إنه «مسيحي محافظ جمهوري» بهذا الترتيب. وأضاف أنه «لم يكن يتوقع أن يتحدث بصفته المرشح لمنصب نائب الرئيس عن الحزب الجمهوري قبل اليوم»، مشيداً بخصال ترامب بالقول إنه يتمتع «بشخصية قوية» وأنه كان يحتاج لنائب «يجلب بعض التوازن» إلى ورقة الترشح.
كما قال بنس أيضاً إن جده كان مهاجراً إلى الولايات المتحدة الأميركية وقام بتحقيق الحلم الأميركي بنفسه.
وقال إن الأحداث الحالية كالهجوم في مدينة نيس الفرنسية ومحاولة الانقلاب الفاشلة بتركيا يعني أنه يجب على الإدارة الأميركية أن تنتهج سياسة خارجية أفضل وأقوى.
وأكد أن العالم يحتاج «لولايات متحدة أقوى» حتى يصبح «مكاناً أكثر أماناً» مؤكداً دعمه والتزامه بأمن إسرائيل. وكان ترامب قد اختار بنس لمنصب نائب الرئيس، معتبرا أنه سيساهم في توحيد الحزب الجمهوري.
وقال ترامب في مؤتمر صحافي مشترك في نيويورك «إنه رجل يتمتع بالشرف والشخصية والصدق»، مشيداً بإنجازات بنس (57 عاماً) في إنديانا (شمال) والذي كان أعلن اختياره الجمعة عبر «تويتر»، مؤكداً «أنه يناضل من أجل الناس». وتابع أن «احد الأسباب المهمة التي دفعتني إلى اختياره هو الحرص على وحدة الحزب»، مع إقراره بأنه هو نفسه أنه «دخيل». من جهته، قال بنس المعروف بشكل محدود على الصعيد الوطني، إنه قبل بتواضع باختيار ترامب له، واصفا الأخير بأنه «وطني» و«أكثر من يفهم إحباطات وآمال الأميركيين منذ (الرئيس الأسبق) رونالد ريغان».
Leave a Reply