على مدى ثلاثة أيام من مشاركته في الدورة الـ 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب سلسلة مواقف إزاء العديد من القضايا العالمية نستعرض أبرزها في ما يلي:
إيران
جدد ترامب هجومه على الحكومة الإيرانية من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، متهماً طهران بنشر الدمار والعنف في المنطقة. وانتقد الرئيس الأميركي الاتفاق النووي المبرم بين طهران ومجموعة «5+1» في عام 2015 والذي انسحبت منه الولايات المتحدة في مايو الماضي، مشيراً إلى هذه «الصفقة السيئة» مولت الحكومة الإيرانية لتطوير قدراتها النووية.
وشدد ترامب على ضرورة منع طهران من الحصول على الأسلحة النووية، مؤكداً عزم واشنطن فرض عقوبات جديدة على إيران في نوفمبر المقبل. وتوعد الرئيس الأميركي الدول التي لن تتراجع عن علاقاتها مع إيران بـ«عواقب وخيمة»، مندداً بـ«الديكتاتورية الفاسدة التي تسرق الشعب من أجل تمويل الإرهاب»
وفي مؤتمر صحفي عقده في نيويوك قال ترامب: «إيران سوف تلجأ إلي وستطلب أن تعقد اتفاقاً جيداً معي سوف يحدث ذلك. إنهم يعانون كثيرا الآن».
وأضاف: «لديهم مظاهرات في كل مدينة أكثر بكثير مما حدث خلال الحقبة الخضراء في عهد أوباما عندما خرجت تظاهرات ولم يفعل أي شيء».
وأشار ترامب: «أنا مع الشعب الإيراني هم لديهم تضخم كبير والعملة لا تساوي شيئا وهناك مظاهرات في كل مكان… لا يمكن أن تشتري خبزا، الوضع كارثي».
وتابع ترامب بالقول «في مرحلة ما سيأتون إليّ وسيقولون هل ممكن أن نفعل شيئاً. ببساطة لا أريد أن يمتلكوا سلاحاً نووياً»، مؤكداً أنه يريد لإيران أن تتمكن من بيع نفطها في النهاية.
وكان الرئيس الأميركي قد وصف النظام الإيراني خلال جلسة ترأسها لمجلس الأمن حول السلم والأمن الدوليين بأنه أكبر راعٍ للإرهاب في العالم.
وعقب انسحابه من الاتفاق النووي، أعاد الرئيس الأميركي فرض العقوبات الاقتصادية على طهران في مطلع أغسطس، على أن يبدأ تطبيق مجموعة جديدة من العقوبات في نوفمبر تستهدف قطاع الطاقة، عماد الاقتصاد الإيراني.
من جانبه، شدد علي أكبر ولايتي، كبير مستشاري المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، على رفض طهران القاطع لمطالب ترامب ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بشأن عقد لقاء مع زعماء إيرانيين.
وكان ترامب قد أعلن مراراً منذ تموز (يوليو) عن استعداده للاجتماع مع روحاني دون شروط مسبقة للتفاوض بشأن اتفاق جديد، قبل أن يغرد الاثنين الماضي قائلاً: «رغم الطلبات، ليست لدي خطط للقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني. ربما يوماً ما في المستقبل. أنا متأكد من أنه رجل لطيف جداً».
موقف نادر
في خطوة نادرة، شكر ترامب في كلمته أمام جلسة مجلس الأمن الدولي، حكومات روسيا وسوريا وإيران وتركيا على جهودها المبذولة من أجل منع معركة عسكرية في محافظة إدلب السورية. وقال ترامب، أثناء ترؤسه الجلسة في نيويورك: «بودي أن أشكر إيران وروسيا وسوريا على تخفيفها وتيرة هجماتها على إدلب بشكل عام، تلبية لدعواتي ومطالبي الشديدة». كما شكر الرئيس الأميركي أنقرة على إسهامها في إبرام الاتفاق بشأن إقامة منطقة منزوعة السلاح عند خط التماس بين طرفي النزاع في إدلب.
وأعرب ترامب عن أمله في أن تتمكن هذه الدول من القضاء على الإرهابيين الموجودين في إدلب، لكن مع استمرار القيود على العمليات العسكرية الواسعة، مؤكدا أن العالم كله يتابع تطورات الأحداث في المحافظة.
وأقر ترامب، في مؤتمر صحفي عقده الأربعاء في نيويورك، بوجود ما بين ٢٥ إلى ٣٥ ألف إرهابي يجب التخلص منهم في إدلب، لكنه دعا إلى التعامل معهم من دون شن حملة عسكرية ضخمة.
كوريا الشمالية
تطرق ترامب إلى الوضع في شبه الجزيرة الكورية، مؤكداً حرص زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون على التفكيك النووي، والعمل جار خلف الكواليس من أجل تحقيق هذا الهدف، مؤكداً تقديره وإعجابه بكيم.
وفي مؤتمر صحفي عقده الأربعاء الماضي الماضي، صرّح ترامب بأن الولايات المتحدة كانت على حافة حرب مع كوريا الشمالية قبل انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، مشيراً إلى أن الرئيس السابق باراك أوباما تحدث خلال لقائه معه أنه كان على وشك الحرب مع بيونغيانغ. وأضاف ترامب أن تلك الحرب كانت ستؤدي إلى سقوط ملايين الضحايا في المنطقة و«كان يمكن أن تتحول بسهولة إلى حرب عالمية».
وشدد ترامب على أنه لم يقدم أية تنازلات لكوريا الشمالية. مؤكداً على أن كيم جونغ أون «يريد عقد الصفقة وأنا أريد عقد الصفقة أيضاً. ولدينا علاقات جيدة».
وبشأن مواعيد نزع سلاح كوريا الشمالية، قال ترامب إنه لا يريد الدخول في «اللعب بالزمن». وأضاف أنه لا فرق عنده إذا تطلب عقد الصفقة مع بيونغيانغ عامين أو 3 أعوام أو 5 أشهر فقط.
وكان ترامب قد أعلن في وقت سابق أنه يتوقع لقاءه الثاني مع الزعيم الكوري الشمالي في وقت قريب، ولكن لم يتم تحديد زمان ومكان عقده بعد. كما أشاد ترامب بكيم جونغ أون في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ووصفه بـ«المنفتح جداً».
صفقة السلام
أعلن ترامب أن البيت الأبيض يعمل على إعداد خطة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي سيكشف عنها في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر، وستكون «متوازنة للغاية» بين طرفي النزاع، وفقاً للرئيس الأميركي.
وأكد ترامب، أثناء لقاء عقده الأربعاء الماضي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن العمل على صفقة سلام يجري على قدم وساق، وأبدى سعيه إلى تسوية النزاع على أساس حل دولتين، واصفاً إياه بأنه «الحل الأمثل».
وأعرب ترامب عن ثقته بأن الفلسطينيين يرغبون في العودة إلى طاولة المفاوضات، وقال إنه يحلم بإنهاء النزاع قبل نهاية ولايته الرئاسية الأولى، مشيراً إلى أنه سيكون على إسرائيل بموجب الصفقة «أن تفعل شيئاً لصالح الطرف الآخر».
كما أعلن ترامب عن وقوف الولايات المتحدة «مائة بالمئة» إلى جانب إسرائيل، لكنه أكد أن «خطة السلام» التي يعدّها صهره جاريد كوشنر «لا يمكن أن تنجح إن لم يكن الجميع راضين».
من جانبه، شكر نتنياهو الرئيس الأميركي على دعم إسرائيل مثنياً على انتقاداته لإيران من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة قدمت إلى إسرائيل مساعدات أكبر من أي طرف آخر.
واشترط نتنياهو لتحقيق حل الدولتين أن تكون أي دولة فلسطينية مستقبلية هي منزوعة السلاح وتعترف بالدولة العبرية.
من جانبه، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمته أمام الأمم المتحدة، الرئيس الأميركي للتراجع عن اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل وقطع المساعدات عن الفلسطينيين، قائلاً إنها تقوض حل الدولتين للصراع. وأضاف: «بهذه المواقف تكون الإدارة قد تنكرت لالتزامات أميركية سابقة وقوضت حل الدولتين وكشفت زيف ادعاءاتها بالحرص على الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين».
فنزويلا
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه من الممكن الإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بسرعة على أيدي عسكريي بلاده إذا ما قرروا تدبير انقلاب.
وقال ترامب أثناء اجتماعه بنظيره الكولومبي إيفان دوكا ماركيز، على هامش الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة: «بصراحة، هذا النظام قد يسقَط بسرعة كبيرة جداً على أيدي العسكريين إذا ما قرروا ذلك.. هذا مكان سيء بالعالم».
ورفض الرئيس الأميركي الإجابة عن سؤال حول احتمال تدخل الولايات المتحدة عسكرياً في فنزويلا، قائلاً إنه لا يستطيع الكشف عن الاستراتيجية العسكرية.
وجاءت هذه التصريحات عقب فرض الولايات المتحدة عقوبات على خمسة مقربين من الرئيس الفنزويلي، بمن فيهم قرينته سيليا أديلا فلوريس دي مادورو، ووزير الدفاع بادرينو لوبيز.
ورد مادورو في خطاب متلفز له: «يحيطني أشخاص تم فرض عقوبات عليهم. شكراً، يا دونالد ترامب»، مضيفاً أنه «متشرف» بذلك. كما علق مادورو على فرض عقوبات على زوجته سيليا فلوريس، قائلاً: «لم أر شيئاً من هذا القبيل قط. هاجموني ولكن لا تورطوا سيليا في ذلك، ولا تورطوا عائلتي ولا تكونوا جبناء».
وفي خطاب مطوّل استغرق 50 دقيقة، أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إنه مستعدّ للقاء ترامب على الرغم من «الاختلافات العميقة» التي تفصل بين البلدين. وقال مادورو «أنا على استعداد لأن أصافح رئيس الولايات المتحدة وأن أناقش معه خلافاتنا الثنائية ومشاكل منطقتنا».
يشار إلى أن فنزويلا تعاني من انهيار اقتصادي وأزمة إنسانية حادة مع فرار نحو ثلاثة ملايين نسمة من البلاد بسبب نقص الطعام والرعاية الصحية خلال السنوات الثلاث الماضية.
التجارة والصين
اعتبر الرئيس دونالد ترامب أن انعدام التوازن القائم في التجارة مع الصين ودول أخرى غير مقبول، مؤكداً أن بلاده لن تسمح باستغلال انفتاح أسواقها، ودعا لإصلاح منظومة التجارة العالمية.
وقال ترامب في كلمته أمام الدورة الـ 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة: «نعتقد بأن التجارة يجب أن تكون عادلة ومتساوية. والولايات المتحدة لن تسمح بالاستفادة منها لاحقا».
وتابع: «خلال عقود من السنين كانت الولايات المتحدة تفتح اقتصادها، الأكبر عالمياً، بشروط قليلة وبسيطة. وسمحنا للبضائع من العالم كله بأن تتدفق بكل حرية عبر حدودنا، لكن بعض الدول لم تتح لنا دخول أسواقها بشكل عادل ومتكافئ بالمقابل».
وأشار إلى أن بعض الدول استغلت الانفتاح الأميركي لإغراق سوقها ببضائعها، واستهدفت الصناعات الأميركية وتلاعبت بعملاتها للاستفادة من الولايات المتحدة.
وأضاف أنه بنتيجة ذلك ارتفع عجز الميزان التجاري الأميركي إلى حوالي ٨٠٠ مليار دولار سنوياً، ولذلك تقوم واشنطن بإعادة النظر في الاتفاقيات التجارية «السيئة».
وشن ترامب هجوماً على الصين، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة خسرت أكثر من 3 ملايين فرصة عمل في القطاع الصناعي، وحوالي ربع فرص العمل في صناعة الصلب و60 ألف مصنع بعد انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية.
وتابع أن «الولايات المتحدة قد أعلنت عن رسوم جمركية على السلع الصينية الصنع بقيمة 200 مليار دولار، ليصل الحجم الإجمالي للرسوم إلى 250 مليار دولار» من الواردات، مشيراً إلى أنه أكد للرئيس الصيني شي جين بينغ أن عدم التوازن القائم في التجارة بين البلدين غير مقبول، ولا يمكن التسامح مع طريقة عمل الأسواق الصينية.
وفي مؤتمر صحافي عقده في نيويورك عقب الجلسة أكد ترامب أن الخلافات التجارية الدائرة بين الولايات المتحدة والصين ليس لديها «أي تأثير بتاتاً» على الاقتصاد الأميركي، لافتاً إلى أن الرسوم تدر «مالاً كثيراً على خزائننا».
وزعم الرئيس الأميركي أن بكين تعمل ضد حزبه الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي المرتقبة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وأضاف: «للأسف وجدنا أن الصين تحاول التدخل في الانتخابات المقبلة، ضد مصالح إدارتي».
وقال أيضا: «هم لا يريدونني أنا أو نحن أن نفوز لأنني أول رئيس على الإطلاق يتحدى الصين بشأن التجارة».
مواقف متفرقة
■ كسر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الثلاثاء الماضي، تقليداً عمره عقود في الأمم المتحدة، عندما جاء متأخراً إلى جلسة الدورة الــ73 للجمعية العامة. ويقضي العرف حول إلقاء كلمات رؤساء الدول في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن يتحدث رئيس البرازيل أو من ينوب عنه أولاً، ثم يتحدث رئيس الولايات المتحدة. وبالفعل، صعد الرئيس البرازيلي، ميشال تامر إلى منصة الجمعية العامة وألقى كلمته واختتمها، في وقت لم يكن ترامب قد وصل القاعة المخصصة للخطابات. وأمام هذا الوضع، قررت رئيسة الدورة الحالية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فرناندا اسبينوزا، الطلب من رئيس الإكوادور، لينين مورينو، إلقاء خطابه ريثما يأتي ترامب.
■ تشارك ترامب وبعض زعماء دول العالم، شرب «الكوكا كولا» بدلاً من النبيذ الأحمر في حفل نظم، الثلاثاء الماضي، بقاعة داخل مقر الأمم المتحدة في نيويورك وضم عدداً من زعماء العالم. وقال ترامب الذي لا يتناول المشروبات الكحولية: «الكثير منكم الآن أصدقائي.. للأمم المتحدة قوة جميلة في جمع الناس مع بعضها البعض» داعياً: «بالنيابة عن الولايات المتحدة، لشرب نخب الأمم المتحدة».
■ حذر ترامب، السلطات الألمانية من وقوع البلاد في التبعية التامة لروسيا في مجال موارد الطاقة، ما لم تغير نهجها. وقال: «ستقع ألمانيا في التبعية التامة لروسيا إذا لم تغيّر نهجها بصورة عاجلة». مضيفاً أن «الاعتماد على مورّد أجنبي واحد فقط (لموارد الطاقة) من شأنه أن يقع ضحية الابتزاز والترهيب.. وهذا هو سبب ترحيبنا بدول أوروبية، تدعو إلى أنبوب البلطيق، ومن بينها بولندا كي تستطيع الدول المعنية تغطية حاجاتها من الطاقة». وكان ترامب انتقد مراراً تمسك ألمانيا بتنفيذ مشروع «السيل الشمالي–2» لنقل الغاز الطبيعي الروسي إلى قلب أوروبا.
■ اتهم ترامب منظمة أوبك بـ«نهب» باقي دول العالم، ودعاها إلى الكف عن رفع أسعار النفط. وأضاف الرئيس الأميركي: «نحن نحمي الكثير من تلك الدول مقابل لا شيء، وهي تستفيد منا وتحدد لنا أسعاراً مرتفعة للنفط، وهذا ليس جيداً». وتابع ترامب قائلاً: «نريد منهم أن يكفوا عن زيادة الأسعار ونريد أن يبدأوا بتخفيض الأسعار، وعليهم أن يساهموا بقسط ملموس في الحماية العسكرية من الآن»، مؤكداً: «نحن لن نتسامح مع الأسعار المرتفعة»، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة أصبحت أكبر منتج للطاقة عالمياً ومستعدة لتصدير النفط والفحم والغاز الطبيعي.
■ في كلمته أمام الجمعية العامة، جدد ترامب تمسكه بسيادة جميع الدول في العالم مؤكداً رفضه لنظام العولمة. وقال «الولايات المتحدة لن تفرض على العالم كيف يعيشون أو يعملون أو يعبدون»، مؤكداً أنه في المقابل «على الجميع احترام السيادة الأميركية».
Leave a Reply