المئات تظاهروا في ديربورن .. تحت شعار «لا ملوك»
واشنطن
على الرغم من موجة التظاهرات الواسعة التي عمّت أرجاء الولايات المتحدة، بما فيها ديربورن، يوم السبت الماضي، أمرَ الرئيس دونالد ترامب سلطات الهجرة الفدرالية بتوسيع عمليات اعتقال المهاجرين غير الشرعيين من المدن التي يديرها الديمقراطيون، في خطوة تؤكد عزمه على المضي قدماً في حملة إدارته لترحيل «الملايين» منهم، رداً على الاحتجاجات الواسعة التي اندلعت ضده في لوس أنجليس وامتدت إلى مدن رئيسية في وقت سابق من شهر حزيران (يونيو) الجاري.
ودعا ترامب مسؤولي إدارة الهجرة والجمارك (آيس) إلى «بذل كل ما في وسعهم لتحقيق الهدف المهم للغاية المتمثل في تنفيذ أكبر برنامج ترحيل جماعي في التاريخ».
وأضاف أنه لتحقيق هذا الهدف، يجب على المسؤولين «تكثيف جهودهم لاحتجاز وترحيل المهاجرين غير الشرعيين في أكبر مدن أميركا، مثل لوس أنجليس وشيكاغو ونيويورك، حيث يقيم ملايين وملايين المهاجرين غير الشرعيين».
يأتي إعلان ترامب بعد أسابيع من تشديد إجراءات إنفاذ قوانين الهجرة، وبعد أن صرّح ستيفن ميلر، نائب رئيس موظفي البيت الأبيض والمهندس الرئيسي لسياسات ترامب في مجال الهجرة، بأن ضباط «آيس» يستهدفون إجراء ما لا يقل عن 3,000 عملية اعتقال يومياً، ارتفاعاً من حوالي 650 عملية اعتقال يومياً خلال الأشهر الخمسة الأولى من ولاية ترامب الثانية.
في الوقت نفسه، وجهت إدارة ترامب ضباط الهجرة بإيقاف عمليات الاعتقال في المزارع والمطاعم والفنادق، بعد أن أعرب ترامب عن قلقه إزاء تأثير تطبيق القانون المتشدد على تلك القطاعات، وفقاً لمسؤول في البيت الأبيض طلب عدم الكشف عن هويته.
غير أن إدارة ترامب سرعان ما أوعزت باستئناف حملاتها الأمنية على أماكن العمل، بعد توقف مؤقت، وسط ضغوط متزايدة على وكالة «ايس» لتحقيق هدف البيت الأبيض المعلن باعتقال 3 آلاف مهاجر يومياً، خاصة بعد المداهمات المثيرة للجدل التي شهدتها مدينة لوس أنجليس، والتي أثارت احتجاجات واسعة.
وأكدت تريشيا ماكلوغلين، مساعدة وزير الأمن الداخلي لشؤون الإعلام، أن الرئيس واضح في توجهه بعدم توفير أي «مساحات آمنة» للقطاعات التي «تؤوي مجرمين خطرين أو تتعمد تقويض جهود آيس»، مشيرة إلى أن تنفيذ القانون في مواقع العمل لا يزال «ركناً أساسياً في حماية الأمن العام والأمن القومي والاستقرار الاقتصادي».
وأضافت أن هذه العمليات تستهدف شبكات التوظيف غير القانوني التي تقوض حقوق العمال الأميركيين وتزعزع استقرار سوق العمل وتعرض البنية التحتية الحيوية للاستغلال.
وجاءت توجيهات ترامب، بعدما أشرف بنفسه، يوم السبت الماضي على عرض عسكري ضخم في العاصمة واشنطن احتفالاً بالذكرى 250 لتأسيس الجيش، بالتوازي مع عيد ميلاده التاسع والسبعين، بالتزامن مع احتجاجات واسعة شملت مئات المدن الأميركية، بتنظيم من حركة «لا ملوك»، التي تأسست عقب تولي ترامب الرئاسة تحت شعار مناهضة «نزعته السلطوية واستغلاله لموارد الدولة لإبراز صورة الزعيم، على حساب الأولويات الاجتماعية والاقتصادية»، وفقاً لموقع الحركة التي زعمت مشاركة ملايين الأشخاص في تظاهراتها التي غطت جميع الولايات الخمسين، السبت المنصرم.
وتعمد حركة «لا ملوك» إلى تنظيم تظاهرات أسبوعية ضد ترامب في مختلف أنحاء البلاد، إلا أن حراكها اكتسب زخماً إضافياً، السبت الماضي، رداً على تدخل ترامب «العسكري» في قمع الاحتجاجات الرافضة لترحيل المهاجرين غير الشرعيين في لوس أنجليس، عبر إرسال آلاف العناصر من الحرس الوطني والجيش الأميركي لحماية المباني الفدرالية وتأمين عمل ضباط الهجرة لمواصلة حملة الاعتقالات في ثاني كبرى مدن البلاد.
تظاهرات ميشيغن
إمتدت تظاهرات «لا ملوك» الأخيرة، إلى ميشيغن، حيث شهدت عدة مدن في الولاية، مشاركة المئات في تظاهرات متفرقة، شملت ديترويت وديربورن وفارمينغتون هيلز وفيرنديل وآناربر وغراند رابيدز والعاصمة لانسنغ وغيرها.
وجابت المسيرات شوارع المدن والبلدات الصغيرة، وردد المشاركون هتافات مناهضة للاستبداد وداعية لحماية الديمقراطية وحقوق المهاجرين.
وكانت هناك مواجهات بسيطة بين الشرطة والمتظاهرين في بعض المدن، ومنها ديترويت حيث اضطرت شرطة المدينة للتدخل لفض اشتباك بين متظاهري «لا ملوك»، وأشخاص آخرين مناوئين لمسيرتهم التي انطلقت من منتزه «كلارك بارك» وصولاً إلى مكتب وكالة «آيس» في ديترويت.
وكانت عضو الكونغرس، الديمقراطية رشيدة طليب، من بين المتحدثين في منتزه «كلارك بارك»، حيث أشادت بالمتظاهرين لرفعهم أصواتهم، قائلةً إن التغيير السياسي لا يحدث لأن أصحاب السلطة «استيقظوا ذات يوم وقرروا التغيير»، بل لأن الشعب طالب به.
وفيما يتعلق بالحروب في الشرق الأوسط، قالت طليب إن ترامب يدفع الشعب الأميركي إلى الحرب بإرساله أسلحة إلى إسرائيل، مؤكدة أن «الشعب سئم من إثارة الحروب».
وكما في مدن نيويورك ودنفر وشيكاغو وأوستن ولوس أنجليس، سارت حشود ضخمة وصاخبة في مدن ميشيغن ورقصت وقرعت الطبول وهتفت جنباً إلى جنب خلف لافتات كتب عليها «لا ملوك»: «ترامب يجب أن يرحل الآن».
وفي ديربورن، ندد المتظاهرون، الذين كانوا بمعظمهم من الأميركيين البيض، بما وصفوه بأساليب ترامب الاستبدادية في تجمع نظمته حركة «لا ملوك» في منتزه «فورد فيلد» بغرب المدينة.
وانتقد المنظمون والمتحدثون، سياسات ترامب تجاه الهجرة وتخفيض الانفاق الحكومي على برامج الرعاية الصحية، قبل أن يسير مئات المتظاهرين، حاملين الأعلام الأميركية ولافتات تندد بترامب، على شارع مونرو وصولاً إلى جادة ميشيغن أفنيو، مرددين هتافات «دونالد ترامب يجب أن يرحل» و«لا ملوك في أميركا»، قبل أن يعودوا أدراجهم إلى «فور فيلد»، مرددين شعار «هكذا تبدو الديمقراطية».
وتفاعل رواد المطاعم والمحلات التجارية في وسط ديربورن الغربي، مع المتظاهرين، وأطلق سائقو السيارات أبواق سياراتهم تأييداً.
وفي فيرنديل، قدرت السلطات المحلية مشاركة نحو أربعة آلاف متظاهر في فعالية «لا ملوك» بالمدينة المعروفة بمناصرتها للمثليين والمتحولين جنسياً الذين شكلوا شريحة أساسية من المتظاهرين يوم السبت الماضي.
الاعتقالات في ميشيغن
يقول أنصار الهجرة في ميشيغن إنهم يلاحظون ارتفاعاً حاداً في وتيرة الاعتقالات التي يشنّها ضباط «آيس»، إذ أفاد «مركز ميشيغن لحقوق المهاجرين»، أن المكالمات بشأن الاعتقالات تضاعفت ثلاث مرات مقارنة بشهر أيار (مايو) الماضي.
وقالت كريستين سواف من المركز الحقوقي: «نشهد منذ عدة أسابيع، ارتفاعاً في وتيرة اعتقالات آيس وجلسات محاكم الهجرة»، موضحة أن هذه الزيادة «رُصدت في وقت سابق بولايات أخرى، ولكنها تنتقل الآن إلى ميشيغن».
ولفتت سواف إلى أن المنظمة تجد صعوبة بالغة في تلبية احتياجات المهاجرين للمشورة القانونية. وقالت: «حالياً، لا يمكننا مواكبة الطلب وتقديم المشورة القانونية لكل من يحتاجها في ميشيغن».
وتقول المجموعة إنها المنظمة الوحيدة على مستوى ولاية ميشيغن التي تتلقى مكالمات الأشخاص المعتقلين في مراكز احتجاز المهاجرين.
Leave a Reply