اتفاق تجاري جديد مع كندا «لحماية العمال والمزارعين الأميركيين»
واشنطن – أبرمت الولايات المتحدة وكندا مطلع الأسبوع الماضي اتفاقاً في اللحظات الأخيرة مع كندا ليحل مكان اتفاق التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا) الذي تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتغييره.
ويأتي الاتفاق الأميركي–الكندي ليكمّل اتفاقاً ثلاثياً مع المكسيك، منقذاً بذلك منطقة تجارة حرة بحجم 1.2 تريليون دولار كانت على وشك أن تنهار بعد مرور نحو 25 عاماً على قيامها بين البلدان الثلاثة.
وفي إطار سعيه إلى خلق المزيد من فرص العمل في الولايات المتحدة وتقليص العجز التجاري، سعى الرئيس الأميركي منذ توليه السلطة إلى تغيير اتفاقية «نافتا»، التي كانت تحكم العمليات التجارية مع كندا.
ولوح ترامب بإمكانية إلغاء «نافتا» التي وقعت عام ١٩٩٤، من دون إيجاد اتفاق بديل مع كندا، وذلك بعد نجاحه في آب (أغسطس) الماضي بالتوصل إلى اتفاق منفرد مع المكسيك، وسط توتر في العلاقة مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو.
وشهدت المحادثات التجارية توتراً على نحو متزايد خلال الأسابيع الأخيرة، بعدما حددت إدارة ترامب يوم الأحد الماضي (٣٠ أيلول/سبتمبر) كموعد نهائي لكي تنضم كندا إلى الاتفاق الذي أطلق عليه ترامب، الاثنين الماضي، اسم USMCA، مؤكداً رفضه لاستمرار الاستغلال التجاري لبلاده، لاسيما الرسوم الباهظة التي تفرضها كندا على منتجات الحليب الأميركية، والتي تصل إلى ٣٠٠ بالمئة.
وصباح الاثنين الماضي، قال الممثل التجاري الأميركي، روبرت لايتهايزر ووزيرة الشؤون الخارجية الكندية، كريستيا فريلاند، في بيان مشترك: «اليوم، توصلت كندا والولايات المتحدة إلى اتفاق، إلى جانب المكسيك، بشأن اتفاقية تجارية جديدة وعصرية تتلاءم مع واقع القرن الحادي والعشرين: الاتفاقية الأميركية المكسيكية الكندية».
وأشار البيان إلى أن الاتفاقية «ستمنح عمالنا ومزارعينا ومربي الماشية والأعمال التجارية، اتفاقية تجارية رفيعة المستوى ستؤدي إلى أسواق أكثر حرية وتجارة أكثر عدلاً ونمواً اقتصادياً قوياً في منطقتنا».
من جانبه، رحب ترامب بالاتفاق التجاري مع كندا والمكسيك، ووصفه بأنه «رائع» لجميع الدول.
وقال ترامب في مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض صباح الاثنين الماضي: «الليلة الماضية وبموجب المهلة النهائية التي حددناها، توصلنا إلى اتفاق تجارة جديد رائع مع كندا ليضاف إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع المكسيك».
وأضاف ترامب أن «الاتفاق الجديد يفتح أسواقاً لمزارعينا ومصنعينا»، و«سيجمع الدول العظيمة الثلاث في منافسة مع باقي العالم، والاتفاق هو تحول تاريخي».
وكان ترامب قد انتقد مراراً اتفاقية «نافتا» مؤكداً، أنها تسببت بإغلاق آلاف المصانع وخسارة ملايين الوظائف الأميركية، خصوصاً في قطاع صناعة السيارات.
وكما هي عادته، تفاخر الرئيس الأميركي بالاتفاق «الرائع»، معتبراً أن نجاحه في التوصل إلى اتفاق أنقذ منطقة تجارة حرة بحجم 1.2 تريليون دولار كانت على وشك أن تنهار، «دليل على صحة استراتيجيته في مجال التجارة الدولية».
لم تمر سوى بضع ساعات على الاتفاق، حتى بدأ ترامب باستحضار جبهاته التجارية الأخرى، معتبراً سياساته المثيرة للجدل، التي اعتمد فيها على الرسوم الجمركية وغيرها من التكتيكات للضغط على كندا والمكسيك، من أجل تقديم تنازلات تجارية رئيسية، يجب أن تكون «نموذجاً يحتذى به»، ولاسيما في المفاوضات المستقبلية التي ستخوضها بلاده مع الاتحاد الأوروبي والصين واليابان، وربما البرازيل والهند.
أبرز البنود
رغم أنه لم يتم الإفصاح عن التفاصيل الدقيقة للاتفاق، إلا أنه من المتوقع أن يتضمن فتح سوق منتجات الحليب في كندا للمنتجين الأميركيين، وضبط صادرات كندا من السيارات إلى الولايات المتحدة، دون التطرق إلى مسألة الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على الصلب والألمنيوم القادمين من كندا والمكسيك، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.
وبينما يتجنب الاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك فرض رسوم جمركية، فإنه سيزيد على شركات إنتاج السيارات العالمية صعوبة تصنيع سيارات رخيصة الثمن في المكسيك.
وسيُبقي الاتفاق على آلية لتسوية النزاعات، كانت كندا سعت جاهدة للحفاظ عليها من أجل حماية قطاع الأخشاب الكندي وغيره من القطاعات من رسوم مكافحة الإغراق الأميركية، وفقاً لما ذكرته مصادر كندية.
لكن ذلك كان له ثمن، إذ وافقت كندا على السماح للمزارعين المنتجين للألبان في الولايات المتحدة بالوصول إلى نحو 3.5 بالمئة من سوق الألبان المحلية الكندية البالغة استثماراتها السنوية نحو 16 مليار دولار.
وعلى الرغم من أن مصادر كندية قالت إن حكومة البلاد مستعدة لتقديم تعويضات، فإن رد فعل منتجي الألبان كان غاضباً، وفقاً لوكالة «رويترز».
كما يشترط الاتفاق نسبة مكونات أعلى في السيارات من إنتاج مناطق في أميركا الشمالية ودفع أجر لا يقل عن 16 دولاراً في الساعة، وهو بند يهدف إلى تحويل الوظائف عن المكسيك.
ووافقت كندا والمكسيك على حصة قدرها 2.6 مليون سيارة ركاب يتم تصديرها للولايات المتحدة في حالة فرض ترامب رسوماً جمركية نسبتها 25 بالمئة على السيارات على أسس تتعلق بالأمن القومي.
لكن الاتفاق لم يضع حلاً للرسوم الأميركية على صادرات كندا والمكسيك من الصلب والألومنيوم.
كذلك يؤمن الاتفاق حماية أفضل للعمال، ويتضمن قواعد بيئية صارمة، يشمل للمرة الأولى الاقتصاد الرقمي، وينص على إجراءات حماية «غير مسبوقة» للملكية الفكرية، كما يمنع «عمليات التلاعب» بالمبادلات التجارية، سواء بالعملات الأجنبية أو باستغلال دول غير موقعة امتيازات هذا النص. وقد تمّ توقيع الاتفاقية لـ 16 عاماً، مع إمكانية إعادة النظر فيها كل ست سنوات.
وأشار مسؤول أميركي كبير إلى أن مسؤولين من الولايات المتحدة يعتزمون توقيع الاتفاق مع كندا والمكسيك في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) قبل أن يُرفع إلى الكونغرس لأخذ الموافقة عليه. ويتعين إقرار الاتفاقية التجارية الجديدة من قبل المشرعين الأميركيين والكنديين والمكسيكيين لتصبح نافذة.
Leave a Reply