واشنطن – «وصلنا إلى الذروة والآن بدأنا في النزول»، هذا –على الأقل– ما يأمل به الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي لم يفوت فرصة في مؤتمراته الصحفية اليومية، دون أن يذكر أنه سيعيد فتح البلاد بحلول نهاية الشهر الجاري، لاسيما وأن الاقتصاد الأميركي بات يواجه انكماشاً محتوماً بعد تعطيل عجلة الحياة في معظم أنحاء البلاد بسبب وباء كورونا المستجد.
يراهن ترامب في الأيام القادمة على أن تبدأ الإصابات في التراجع، تماماً مثلما يعوّل على الخطط التحفيزية التي أطلقها، وسيُطلقها، للحد من الخسائر الاقتصادية الفادحة التي تلوح بالأفق. إذ قالت شركة الاستثمار «باسيفك إنفستمنت مانجمنت» (بيمكو) يوم الأربعاء الماضي إن الإغلاق القسري للشركات في الولايات المتحدة وارتفاع في البطالة بسبب جائحة «فيروس–19» كورونا سيدفعان الاقتصاد الأميركي للانكماش بنسبة 30 بالمئة في الربع الثاني، و5 بالمئة في عام 2020 بكامله.
في المقابل، ورغم اعتراف رئيس الاحتياطي الفدرالي أن الولايات المتحدة تواجه أزمة اقتصادية «نادرة للغاية»، إلا أنه توقع انتعاشاً قوياً بعد انتهاء جائحة فيروس كورونا المستجد، وذلك بعيد الإعلان عن تسهيلات جديدة بقيمة 2300 مليار دولار لدعم الاقتصاد.
والتسهيلات موجهة خصوصا إلى الشركات والأسر والسلطات المحلية التي تعاني أزمة سيولة جراء توقف نشاط قطاعات اقتصادية واسعة بسبب وباء كورونا.
ويؤكد ترامب ثقته بالتعافي السريع للاقتصاد الأميركي، مشيراً إلى أن إدارته اقتربت من إعادة فتح البلاد «قريباً»، وأنه سيعتمد على آراء خبراء الصحة في اتخاذ القرار. ويعمل الرئيس الأميركي على تشكيل فريق عمل جديد للإشراف على عملية إعادة تدوير العجلة الاقتصادية في البلاد.
بداية انحسار الوباء؟
سجلت الولايات المتحدة، الخميس الماضي، تراجعاً نسبياً فيما يتعلق بضحايا فيروس كورونا المستجد، وذلك بوفاة 1,783 شخصاً خلال 24 ساعة.
وأظهرت بيانات، نشرتها «جامعة جونز هوبكنز»، التي تعتبر مرجعاً في تتبّع الإصابات والوفيات الناجمة عن فيروس كورونا المستجد، أن الوباء تسبب في وفاة 190 شخصاً أقل من اليوم السابق، ليصل بذلك، العدد الإجمالي للوفيات الناجمة عن كوفيد–19 في الولايات المتحدة إلى 16,478 حالة وفاة.
وكانت الولايات المتحدة سجلت، الأربعاء، لليوم الثاني على التوالي، وفاة حوالي ألفي شخص بسبب كورونا، في أعلى حصيلة يومية على الإطلاق يسجلها بلد في العالم منذ ظهور الوباء.
وتأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثانية عالمياً من حيث عدد الوفيات الناجمة عن الفيروس، خلف إيطاليا.
والخميس الماضي، قال ترامب إن بلاده تشهد حالياً ذروة انتشار فيروس كورونا، مؤكداً أن الأميركيين يمضون قدماً لهزيمة الفيروس الفتاك.
وأوضح ترامب، خلال مؤتمره الصحفي اليومي، أنه يجرى تقييم 19 عقاراً لفيروس كورونا.. وهناك 26 عقاراً آخر على طريق «التجربة السريرية».
ولا تزال نيويورك بؤرة الوباء في هذا البلد، إذ سجّلت الولاية حتى الخميس الماضي، أكثر من 7 آلاف حالة وفاة. ومع ذلك طمأن حاكمها أندرو كومو إلى أنّ عدد المصابين الذين استدعت حالتهم دخول المستشفى انخفض إلى مستوى غير مسبوق، وهو أمر رأى فيه «بصيص أمل».
وفي السياق، قال المستشار الصحي للبيت الأبيض الدكتور أنتوني فاوتشي إن الوفيات جراء فيروس كورونا في الولايات المتحدة، ستواصل الارتفاع على الرغم من اقتراب عدد الإصابات اليومية من الذروة وتباطؤ معدلات دخول المستشفيات.
وكان فريق البيت الأبيض قد توقع سابقاً وفاة ما بين 100–200 ألف شخص جراء المرض. لكن فاوتشي رجح انخفاض العدد مع استمرار التزام الناس بتوصيات التباعد الاجتماعي.
وتبذل الإدارة الأميركية بقيادة ترامب، وحكومات الولايات، جهوداً كبيراً للحد من انتشار المرض بما يشمل توصيات بالتباعد الاجتماعي وأوامر بقاء في المنازل، فيما أجاز الكونغرس حزمة إنقاذ تاريخية بقيمة تريليوني دولار، للحد من تداعيات الوباء على الاقتصاد والمجتمعات.
وتسبب الوباء بحدوث تغير جذري في حياة الأميركيين، حيث أن الأوامر التي أصدرتها السلطات للمواطنين بضرورة عدم الخروج من البيت جعلت 94 بالمئة من السكان داخل منازلهم، كما فقد قرابة 10 ملايين شخص وظائفهم خلال الأسبوعين الأخيرين.
واكتظت المستشفيات بحالات الإصابة بمرض كوفيد–19، مما أدى إلى حدوث نقص في المعدات الطبية ومستلزمات الوقاية، مما استدعى تدخل سلاح الهندسة في الجيش الأميركي لتوفير الإمدادات وبناء مستشفيات ميدانية في عدد من الولايات المنكوبة.
الصين والصحة العالمية
ألقى الرئيس الأميركي اللوم على منظمة الصحة العالمية واتهمها بالفشل في «كل جوانب» الوباء العالمي، فضلاً عن الانحياز للصين.
وأعلن ترامب، تعليق المساهمات المالية الحكومية من قبل الولايات المتحدة في ميزانية منظمة الصحة العالمية. وقال ترامب، في مؤتمر صحفي عقده الثلاثاء الماضي: «تحصل منظمة الصحة العالمية من الولايات المتحدة على مبالغ مالية كبيرة. نعتزم تعليق تخصيص الأموال التي ننفقها للمنظمة».
وهاجم ترامب، المنظمة العالمية عبر «تويتر»، مشيراً إلى أنه رفض توصيتها «الخاطئة» بترك الأجواء مفتوحة مع الصين خلال بداية انتشار فيروس كورونا المستجد.
وقال: «منظمة الصحة العالمية أفسدت ذلك، لسبب ما، المنظمة ممولة بشكل كبير من الولايات المتحدة، لكنها منحازة إلى الصين».وجاءت انتقادات ترامب فيما يواجه مدير المنظمة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، انتقادات ودعوات إلى الاستقالة، إثر اتهامه بالوثوق بشكل كبير في معلومات الصين، خلال أزمة فيروس كورونا المستجد.
Leave a Reply