رغم تعدد مشاربهم .. الولاء للرئيس المنتخب يجمع بين المرشحين لتولي الوزارات والوكالات الفدرالية
واشنطن
بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، سارع الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى اختيار أعضاء إدارته الجديدة الذين سيتولون الوزارات والوكالات الفدرالية وغيرها من المناصب التي تتطلب موافقة مجلس الشيوخ.
في المقابل، لم يضيع معارضو ترامب أي وقت في انتقاد اختيارات الرئيس المنتخب، وقد أسفرت تلك الضغوط سريعاً عن تنحية مرشحه لوزارة العدل عضو الكونغرس عن فلوريدا مات غيتز بسبب تحقيقات جارية بشأن أخلاقياته في مجلس النواب الأميركي الذي يشغل عضويته منذ العام ٢٠١٧. كذلك، تتواصل الضغوط لتنحية مرشح ترامب لوزارة الدفاع بسبب تورطه في قضية اعتداء جنسي مزعومة.
ورغم تعدد مشارب المرشحين لمختلف المناصب في إدارة ترامب، يجمع المراقبون على أن ترشيحات الرئيس المنتخب استندت أولاً وأخيراً إلى عنصر «الولاء» لترامب نفسه، الذي أعرب في تصريحات سابقة عن ندمه على تعيين العديد من المسؤولين في إدارته السابقة ممن انقلبوا عليه. ومن المنتظر أن يستكمل ترامب ملء جميع المناصب المتبقية في إدارته الجديدة بحلول العشرين من شهر كانون الثاني (يناير) المقبل، وهو موعد تنصيب الرئيس الـ47 للولايات المتحدة.
مرشحو الوزارات
■ وزارة الخارجية: ماركو روبيو، وهو سناتور جمهوري عن ولاية فلوريدا في مجلس الشيوخ الأميركي يتحدّر من أصول كوبية. ترشح للرئاسة الأميركية في عام 2016 بمواجهة ترامب قبل أن يصبح من الموالين له. ويعتبر روبيو من أبرز المعارضين لسياسات الرئيس الأسبق باراك أوباما، وكذلك للاتفاق النووي مع إيران وتطبيع العلاقات مع وطنه الأم، كوبا، فضلاً عن تأييده المطلق لإسرائيل.
■ وزارة الدفاع: بيت هيغسيث، وهو مقدّم برامج في شبكة «فوكس نيوز» الإخبارية، وقد برز كمؤيد لترامب منذ عام 2016 وعمل مستشاراً له خلال فترته الرئاسية الأولى. وكضابط سابق في الحرس الوطني الأميركي، حارب هيغسيث مع الجيش الأميركي في العراق وأفغانستان. لديه وشوم كبيرة على صدره وساعده الأيمن يرى فيها المراقبون بأنها تعكس أفكاراً متطرفة تمجد الحروب الصيليبية وشعارات القوميين البيض، وفي كتابه الصادر عام 2020 بعنوان «الحملة الصليبية الأميركية»، انتقد هيغسيث الإسلام بشكل لاذع، واصفاً إياه بأنه «ليس دين سلام». وبعد أيام قليلة من تسميته لقيادة «البنتاغون»، ظهرت ادعاءات اتهمت هيغسيث بالاعتداء الجنسي على امرأة في أكتوبر 2017. ورغم تمسكه ببراءته، قد تشكل هذه القضية التي تمت تسويتها خارج المحكمة، عنصر ضغط ربما يعقد جلسات تثبيته في مجلس الشيوخ.
■ وزارة العدل: قرر مرشح ترامب لمنصب المدعي العام الأميركي (وزير العدل)، مات غيتز –وهو نائب جمهوري مستقيل عن ولاية فلوريدا– سحب ترشيحه للمنصب إثر ظهور فضائح جنسية وسلوكية كانت موضع تحقيق فدرالي سابق وتحقيق مستمر من قبل لجنة الأخلاقيات بمجلس النواب الأميركي بتهمة سوء السلوك الجنسي وتعاطي المخدرات ودفع أموال لامرأتين مقابل الجنس. وقال غيتز «من الواضح أنّ تعييني أصبح بشكل غير عادل مصدر تشتيت للمهمة الحاسمة التي يقوم بها الفريق الانتقالي لإدارة ترامب»، مفضلاً عدم الاستمرار بترشيحه. وسارع ترامب إلى اختيار بديل عن غيتز لتولي المنصب الحساس الذي شكل له العديد من المتاعب في ولايته الأولى. وأعلن الرئيس المنتخب اختيار المدعية العامة السابقة لولاية فلوريدا، بام بوندي، لتولي منصب وزيرة العدل وهي مقربة من ترامب وعضوة فريق الدفاع عنه خلال المحاكمة التشريعية التي كانت ترمي لعزله عام 2020. وقال ترامب «لفترة طويلة، استخدمت وزارة العدل أداة ضدي وضد جمهوريين آخرين، لكن ليس بعد الآن».
■ وزارة الأمن الداخلي: كريستي ناوم، وهي حاكمة ولاية ساوث داكوتا، وقد ذاع صيتها على المستوى الوطني بعد رفضها إجبار سكان الولاية على ارتداء الكمامات خلال جائحة كورونا، فضلاً عن أنها كانت الحاكمة الأولى التي تقرر إرسال جنود الحرس الوطني لمساعدة ولاية تكساس في مواجهة أزمة الحدود. وفي حال تثبيتها، ستتولى ناوم مهمة الإشراف على وزارة مترامية الأطراف تشمل وكالات الجمارك وحماية الحدود وإنفاذ قوانين الهجرة، في وقت سيشغل فيه اثنان من صقور الهجرة المتشددين، ستيفن ميلر الذي سيتولى منصب نائب كبير موظفي البيت الأبيض وتوم هومان «قيصر الحدود» الجديد، أدواراً رئيسية في ملف الهجرة، مما يشير إلى جدية ترامب في تنفيذ تعهداته بخصوص إغلاق الحدود وترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين.
■ وزارة الصحة والخدمات الإنسانية: روبرت كينيدي الإبن، وهو محامٍ بيئي وابن شقيق الرئيس الأميركي الراحل جون كينيدي، وقد خاض سباق البيت الأبيض الأميركي، كمرشح مستقل قبل أن ينسحب لصالح ترامب. يُعرف كينيدي الابن بأنه مشكك صريح في اللقاحات ومنتقد لـ«مراكز السيطرة والوقاية من الأمراض» (سي دي سي)، ووكالة الدواء والغذاء الأميركية (أف دي أي). ومع أنه بدون مؤهل طبي، إلا أنه سوف يشرف على جميع الهيئات الصحية الفدرالية.
■ وزارة الشؤون الداخلية: دوغ بورغوم، وهو حاكم سابق لولاية نورث داكوتا. شارك في تمهيديات الرئاسة الأميركية داخل الحزب الجمهوري، ولكنه انسحب بعد فترة وجيزة. يُعرف كمستثمر في البرمجيات بالإضافة إلى امتلاكه علاقات وطيدة مع شركات النفط والغاز، ومن المتوقع أن يتولى الوزير الملقب بـ«حليف النفط الكبير» خطط ترامب لتعزيز إنتاج الوقود الأحفوري في الولايات المتحدة.
■ وزارة قدامى المحاربين: دوغ كولينز، وهو سناتور سابق عن ولاية جورجيا وكان مدافعاً شرساً في الكونغرس عن ترامب ومحاولات عزله خلال فترة رئاسته الأولى. شارك كولينز في حرب العراق، ويشغل حالياً منصب مستشار ديني في قيادة القوات الجوية الأميركية.
■ وزارة التعليم: ليندا مكماهون التي ترأست إدارة الأعمال الصغيرة خلال ولاية ترامب الأولى، كما شاركت في قيادة فريق ترامب الانتقالي للمساعدة في فحص الموظفين وصياغة السياسات قبل انتخابات 5 نوفمبر. كانت مكماهون مانحة رئيسية وداعمة مبكرة للرئيس الجمهوري المنتخب عندما ترشح لأول مرة للبيت الأبيض، وهي ترأس حالياً معهد «أميركا فيرست آكشن»، وهو مؤسسة فكرية صديقة لترامب.
■ وزارة الطاقة: كريس رايت، مؤسس شركة «ليبرتي إنرجي» ومقرها دنفر. من المتوقع أن يقود خطط استخراج النفط والغاز التي وضعها ترامب لزيادة إنتاج الطاقة. ويعتبر رايت من كبار المشككين في نظريات تغير المناخ وشبه جهود الديمقراطيين لمكافحة الاحتباس الحراري بالسياسات «الشيوعية على النمط السوفياتي»، كما وصف تصفير انبعاثات الكربون بأنها «هدف شرير».
■ وزارة التجارة: الملياردير هاورد لوتنيك، وهو أحد المسؤولين التنفيذيين في أسواق وول ستريت المالية، وساهم في قيادة الفريق الانتقالي لترامب. ويمتلك العديد من الشركات التي تعمل في مختلف الأنشطة الاقتصادية في الولايات المتحدة.
■ وزارة النقل: شون دافي، وهو نائب سابق عن ولاية ويسكونسن في الكونغرس، ومدع عام سابق، ومذيع في قناة «فوكس نيوز بزنس».
■ وزارة كفاءة الحكومة: هي لجنة استشارية رئاسية أطلقها الرئيس المنتخب، استعداداً لولايته الثانية، وسيقودها رجلا الأعمال المليارديران إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي.
ومن المتوقع أن يعلن الرئيس المنتخب خلال الفترة المقبلة عن أسماء مرشحيه لوزارات الخزانة والعمل والزراعة والإسكان والتنمية الحضرية، فضلاً عن مدراء الوكالات الفدرالية ومناصب السفراء والادعاء العام الفدرالي وغيرها من المناصب التنفيذية.
مرشحو الوكالات
■ برامج الرعاية الصحية (ميديكير وميديكيد): الدكتور محمد أوز، وهو طبيب مسلم أميركي ونجم تلفزيوني يتحدر من أصول تركية. أطلق برنامجه الخاص في عام 2009، «الدكتور أوز». ترشح في عام 2022 لعضوية مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية بنسلفانيا بدعم من ترامب، ولكنه خسر السباق.
■ الاستخبارات الوطنية: تولسي غابارد، وهي نائب ديمقراطية سابقة عن ولاية هاواي في الكونغرس الأميركي. ترشحت للرئاسة الأميركية في عام 2020 على بطاقة الحزب الأزرق قبل أن تنشق عن الحزب في عام 2022. خدمت كضابط احتياطي مع الجيش الأميركي في العراق والكويت وتعتبر من دعاة تحسين العلاقات مع روسيا كما زارت سوريا والتقت بالرئيس بشار الأسد عام 2017 ضمن «مهمة لتقصي الحقائق» حين كانت عضواً في الكونغرس. وفي حال تثبيتها في منصبها الجديد ستتولى غابارد الإشراف على ١٨ وكالة استخباراتية أميركية.
■ وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي): جون راتكليف، وهو نائب جمهوري سابق عن ولاية تكساس، بالإضافة إلى كونه مدّعياً عاماً سابقاً في الولاية الجنوبية. تولى راتكليف منصب مدير الاستخبارات الوطنية خلال الأشهر الثمانية الأخيرة من ولاية ترامب الأولى.
■ وكالة حماية البيئة (إي بي أي): لي زيلدين، وهو نائب جمهوري سابق عن نيويورك في الكونغرس ومرشح سابق لحاكمية الولاية عام 2022. يعد زيلدين مؤيداً متحمساً لترامب، وقد صوّت ضد التصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2020، كما صوّت لعدة مرات ضد تشريعات المياه النظيفة والهواء النظيف خلال خدمته في الكابيتول، ويعتبر زيلدين –حتى الآن– اليهودي الأميركي الوحيد ضمن قائمة المرشحين لإدارة ترامب الجديدة.
■ هيئة الاتصالات الفدرالية (أف سي سي) : بريندان كار، يعمل في الوكالة منذ عام 2012، وهو أحد مفوّضيها منذ عام 2017 بقرار من ترامب الذي وصفه بأنه «مناضل من أجل حرية التعبير. بدوره، قال كار «علينا تفكيك كارتل الرقابة» الذي قال إنه مفروض من جانب عمالقة التكنولوجيا مثل فيسبوك وغوغل وآبل ومايكروسوفت.
سفراء
■ سفيرة أميركا لدى الأمم المتحدة: إيليز ستيفانيك، وهي نائب جمهورية عن ولاية نيويورك في الكونغرس معروفة بتأييدها الكبير لإسرائيل. ترأست تكتل الجمهوريين في مجلس النواب عام 2021، كما تولت خلال العام 2023 استجواب العديد من رؤساء الجامعات الأميركية بشأن السياسات المتعلقة بـ«معاداة السامية وخطاب الكراهية» خلال الحراك الجامعي المؤيد للقضية الفلسطينية في عموم الولايات المتحدة. برزت كحليفة لترامب خلال إجراءات عزله في ولايته الأولى.
■ السفير الأميركي لدى حلف شمال الأطلسي (ناتو): ماثيو ويتكير. شغل منصب القائم بأعمال المدعي العام في إدارة ترامب الأولى لمدة ثلاثة أشهر، وهو مشارك نشط في «معهد أميركا أولاً للسياسة»، وهو مؤسسة فكرية ذات ميول يمينية عملت بشكل وثيق مع حملة ترامب لتشكيل السياسات خلال فترته الثانية. لا يمتلك خبرة في السياسة الخارجية، لكن مؤيديه يقولون إن قوة شخصيته ونهجه لتحقيق «السلام عبر القوة» سيساعد في إخضاع الزعماء الأجانب وتهدئه «العالم المشتعل» وسط الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط.
■ السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي قسيس مسيحي معمداني وحاكم سابق لولاية أركنسو وأحد المرشحين السابقين للرئاسة الأميركية عن الحزب الجمهوري. سيكون هاكابي أول شخص غير يهودي يتولى المنصب منذ عام 2011، وهو حليف كبير لإسرائيل ومعارض لحل الدولتين. وقال ترامب إن هاكابي «يحب إسرائيل وشعب إسرائيل… وسيعمل بلا كلل لإحلال السلام في الشرق الأوسط». يقوم هاكابي ولسنوات بقيادة زيارات جماعية مدفوعة إلى إسرائيل، ويعلن عن هذه الرحلات بشكل متكرر على وسائل الإعلام ذات التوجه المحافظ.
■ السفير الأميركي لدى كندا بيت هوكسترا، نائب سابق في الكونغرس الأميركي عن ولاية ميشيغن، ورئيس الحزب الحالي في الولاية. عينه ترامب سفيراً إلى هولندا خلال ولايته الأولى.
تعيينات أخرى
إلى جانب ذلك، أجرى ترامب عدداً من التعيينات التي لا تتطلب موافقة مجلس الشيوخ الأميركي، وفي مقدمتها، تعيين رئيسة حملته الانتخابية سوزي وايلز رئيسة لموظفي البيت الأبيض، بالإضافة إلى نوابها الأربعة، وهم: جيمس بلير وتايلور بودويك وستيفن ميللر ودان سكافينو.
وعيّن ترامب النائب الجمهوري السابق عن ولاية فلوريدا مايكل والتز مستشاراً للأمن القومي مسؤولاً عن اطلاع ترامب بالقضايا الرئيسية المتعلقة بالأمن القومي والتنسيق مع الأجهزة المختلفة. والتز المعروف بموقفه المتشدد من الصين، خدم في أفغانستان خلال مسيرته العسكرية التي استمرت 27 عاماً في الجيش الأميركي، كما أنه يمتلك خبرة واسعة في الكونغرس، حيث شغل عضوية لجنة القوات المسلحة والاستخبارات ولجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي.
كما شملت التعيينات، بيل مكغينلي مستشاراً للبيت الأبيض، وكارولين ليفيت متحدثة باسم البيت الأبيض.
كذلك أعلن الرئيس المنتخب عن اختيار قطب العقارات والمتبرع السخي لحملته الانتخابية ستيفن ويتكوف ليكون مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط، وهو المنصب الذي شغله خلال الولاية الأولى صهر الرئيس جاريد كوشنير. ويعتبر ويتكوف من أقرب أصدقاء الرئيس المنتخب وأكثرهم وفاء خلال رحلة عودته إلى البيت الأبيض، حيث لازم ترامب طوال حملته، وأقام معه في مالاراغو خلال الأسبوع الذي سبق انتخابات 5 نوفمبر، وكان يلعب معه الغولف في يوم محاولة اغتياله في أيلول (سبتمبر) المنصرم.
Leave a Reply