واشنطن – محمد دلبح
من المقرر أن يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم 18 كانون الأول (ديسمبر) الجاري استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة التي يقول مسؤولون أميركيون أنها ستعتمد بشكل كبير على حلفاء وشركاء أميركا الدوليين للتصدي لما يصفه البيت الأبيض التهديدات العالمية التي تمثلها دول مثل روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية إلى جانب ما يسميه المنظمات المتطرفة.
وستكون وثيقة استراتيجية الأمن القومي أحدث موقف لسياسة ترامب التي أعلنها في حملته الانتخابية: «أميركا أولاً».
وقال مستشار ترامب للأمن القومي هربرت ماكماستر «إن هذه التهديدات تهدد اليوم حريتنا؛ إنهم يهددون حريتنا»، مضيفاً «لذلك فما يجب علينا القيام به رداً على ذلك هو ضمان أن الروابط السياسية والعسكرية والمالية والثقافية لدينا قوية كما كانت من أي وقت مضى».
وأضاف مكماستر خلال لقاء مع نظيره البريطاني مارك سيدويل، الثلاثاء الماضي، إن الاستراتيجية الجديدة ستركز على حماية الأراضي الأميركية وتعزيز الرخاء والحفاظ على «السلام من خلال القوة» وتعزيز النفوذ الأميركي.
وندد مكماستر بما قال إنه ضلوع روسيا في جيل جديد من الحروب بما في ذلك تخريب السياسات الداخلية للدول وكذلك ما وصفه بالعدوان الاقتصادي من جانب الصين، موضحاً أن الرئيس «أكد أن أفضل دفاع ضد تهديدات اليوم هو ائتلافات وتحالفات لدول قومية قوية ومستقلة وذات سيادة».
غير أن الأمر الذي تحدث عنه ماكماستر ليس هو الحال دائماً، فقد أشار خبراء استراتيجيون في الأمن القومي إلى وجود أوجه قصور عديدة بين الصيغ التي تمت معاينتها في مسودة استراتيجية الأمن القومي التي عرضها البيت الأبيض والتصريحات والإجراءات السابقة للرئيس ترامب. وفوق كل ذلك فقد سبق لترامب أن وصف تحالفات أميركا طويلة الأمد بأنها قد «عفا عليها الزمن».
استراتيجية قديمة
وتتضمن مسودة وثيقة استراتيجية الأمن القومي الحديث عن الجدار الذي يعتزم ترامب بناءَهُ على الحدود مع المكسيك، والقلق بشأن الاختلالات التجارية مع دول العالم، ولكن معظم ما جاء فيها حسب تصريحات المطلعين على مقتطفاتها بأنها تعكس القيم والأولويات لأسلافه من الرؤساء الأميركيين.
ويقول كوري شيك، الباحث في «معهد هوفر» في «جامعة ستانفورد»، وشارك في تحرير كتاب محاربون ومواطنون مع وزير الدفاع جيمس ماتيس، إن هذه التناقضات تجعل الوثيقة لا معنى لها من الناحية العملية بما يكفي لـ«تجاهلها على نطاق واسع».
وينقسم مشروع الوثيقة، التي تقع في نحو 70 صفحة، إلى أربع ركائز: الدفاع عن الوطن، والازدهار الأميركي، والنهوض بالنفوذ الأميركي، والسلام من خلال القوة.
واستناداً إلى مقتطفات من مسودة الوثيقة، فإن خبراء يعتقدون أن المجموعة التي صاغت الوثيقة هي من خلفية أكاديمية تخاطر بتحويل استراتيجية الأمن القومي إلى «ممارسة أكاديمية بحتة».
ويبدو أن الحال كذلك. فعلى سبيل المثال، فإن الجزء المتعلق بشأن تعزيز سيادة القانون تقوضه هجمات ترامب المستمرة على النظام القضائي في الولايات المتحدة. وقال كوري شيك: «لقد قام واضعو استراتيجية الأمن القومي بعمل مثير للإعجاب يتمثل في محاولة طرح آراء الرئيس مع المبادئ والمصالح الأميركية القديمة، ولكن الاختلاف مع سلوك الرئيس نفسه واسع بحيث يفقد الوثيقة صدقيتها».
ونقل شيك عن المسؤول في البيت الأبيض الذي قرأ المسودة كاملة تأكيده أنها «تتفق بشكل موضوعي مع العديد من استراتيجيات الحكومات الأميركية السابقة»، وأنها «في الواقع تتضمن العديد من أوجه الشبه مع استراتيجية أوباما 2015».
ويقول المسؤول الأميركي إن استراتيجية ترامب للأمن القومي تعرف على غرار استراتيجية أوباما أن أولوية أمن الولايات المتحدة الداخلي هو مواجهة التهديدات الإرهابية وأسلحة الدمار الشامل، وكلاهما يدرك أن تعزيز الازدهار الاقتصادي هو جوهر استمرار القيادة العالمية الأميركية، وكلاهما يسلط الضوء على قيمة الحفاظ على نظام دولي مفتوح ليبرالي كثيراً ما يعود بالفائدة على الولايات المتحدة؛ وكلاهما يؤكد على أهمية الحفاظ على المبادئ والقيم الأميركية الأساسية.
وقال المسؤول «إن أكثر ما يلفت النظر هو كيفية فصل استراتيجية ترامب للأمن القومي عن كلمات الرئيس نفسه وتصرفاته».
إقرأوا التغريدات .. ولكن!
ولكن تركيز الاستراتيجية على الدفاع المشترك ونمو النفوذ الأميركي في الخارج يتماشى مع بقية أطراف حكومة ترامب التي عملت على الحفاظ على الشراكات منذ خطاب ترامب في حفل تنصيبه «أميركا أولاً». وقد سبق ماكماستر في الحديث عن الالتزام بالشراكات الدولية وطمأنة الحلفاء، نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الذي قام بجولة حول العالم في الأشهر الأولى من حكم ترامب، زار فيها حلفاء واشنطن وطمأنهم إلى استمرار التزام الولايات المتحدة بالمؤسسات والنظام الدولي. كما أن وزير الخارجية ريكس تيلرسون يواظب بانتظام على الإشادة بالحلفاء عند مناقشة البرنامج النووي لكوريا الشمالية وغيره من التهديدات المزعومة. لذلك بدأت بعض الدول الشريكة في التحول إلى وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ووزارة الخارجية بدلاً من البيت الأبيض للحصول على مؤشرات حول اتجاه السياسة الأميركية.
وقال مدير وكالة المخابرات المركزية السابق (سي أي أي) والجنرال المتقاعد ديفيد بترايوس: «ما اقترحه في كثير من الأحيان على القادة الأجانب وما إلى ذلك هو: بالتأكيد عليك أن تقرأ التغريدات ولكن لا تفتن بها».
Leave a Reply