واشنطن – على مدى 80 دقيقة استعرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء الثلاثاء الماضي، إنجازات إدارته على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في خطابه السنوي الثالث والأخير قبل الانتخابات الرئاسية، عن «حال الاتحاد»، مؤكداً على أنه «وفى» بوعوده الانتخابية وأعاد للولايات المتحدة عظمتها واحترامها أمام العالم، وأن «حال الاتحاد اليوم، أقوى من أي وقت مضى».
ترامب، تجاهل تماماً الحديث عن محاكمته أمام الكونغرس، قبل يوم واحد من التصويت على تبرئته، غير أن الانقسام الحزبي كان واضحاً طوال مدة الخطاب الذي انتهى بمشهد درامي كانت بطلته زعيمة الديمقراطيين، رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي التي مزقت نص الخطاب فور انتهاء الرئيس من إلقاء كلمته.
الاقتصاد
ترامب بدأ خطابه وسط هتافات المشرعين الجمهوريين الذي رددوا: «أربع سنين أخرى» بينما جلس الديمقراطيون صامتين، مركّزاً على قوة الاقتصاد الأميركي، وأكد على أن «مكانة أميركا تزداد ومستقبلها مشرق جداً»، كما أن «سنوات التراجع الاقتصادي، وأيام استغلال بلادنا من جانب دول أخرى قد انتهت وأصبحت من الماضي» في إشارة إلى الاتفاقيات التجارية السابقة التي أفقدت الولايات المتحدة عشرات آلاف المصانع، وفق تعبير الرئيس.
وأكد ترامب أن نهضة الاقتصاد تعززت بفعل سياساته التي شملت «تخفيضات ضريبية واتفاقيات تجارية منصفة ومعدل بطالة هو الأدنى من أي وقت مضى» مشدداً على أن أجندته «محابية للعمال والنمو والأهم من ذلك لأميركا» مشيراً إلى توفير سبعة ملايين وظيفة جديدة منذ توليه الرئاسة، وأن «معدل الدخل للأسر وصل إلى أعلى مستوى له في تاريخ البلاد».
وقال: «انتهت الوعود المكسورة وانعدام الوظائف والأعذار لاستنزاف ثروة أميركا، ومعدلات البطالة هي الأقل خلال نصف قرن».وأشار ترامب خلال الخطاب إلى تراجع البطالة لدى فئات عدة من مكونات الشعب الأميركي، بما فيها النساء وذوي الأصول الأفريقية والآسيوية واللاتينية.وانخفضت البطالة في عهد ترامب إلى 3.5 بالمئة، وهي أدنى مستوى لها في نصف قرن، بحسب البيانات الرسمية.
وتطرق أيضاً إلى حالة انتعاش في البورصة شهدها عهده «منذ انتخابي البورصة الأميركية ازدادت وأضافت تريليونات الدولارات إلى ثروة هذه البلاد. هذا إنجاز لم يتوقع أحد أنه ممكن».
وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «غالوب» يوم الثلاثاء الماضي أن مستوى تأييد الرئيس بين الأميركيين بلغ 49 في المئة قبل الخطاب، وهو أعلى مستوى يصل إليه ترامب.
التعليم والصحة
كذلك عرض ترامب خططه الخاصة بالرعاية الصحية والتعليم، رافضاً الأجندة «الاشتراكية» التي يتبناها الديمقراطيون في هذين المجالين.
ودعا ترامب الكونغرس لاعتماد تشريعات خاصة لتعزيز المدارس الاختيارية في أنحاء الولايات المتحدة، وقال «لا يجب على والد أن يرسل ابنه أو ابنته إلى مدرسة حكومية فاشلة»، مشيراً إلى أن إدارته قامت بتمويل الكليات والجامعات للطلاب السود بشكل غير مسبوق.
كما انتقد طريقة إدارة الديمقراطيين لشؤون الرعاية الصحية مؤكداً أن الأميركيين لن يسمحوا للاشتراكية بتدمير الرعاية الصحية في بلادهم، مشدداً على رفض المقترحات الديمقراطية بتوفير الرعاية الصحية المجانية للجميع بمن فيهم المهاجرون غير الشرعيين».
وعن الأدوية، قال ترامب إن إدارته ستقوم بمواجهة شركات الأدوية الكبيرة. «سرني في العام الماضي أن أقول إنه لأول مرة تكلفة الأدوية انخفضت». وأضاف «من خلال العمل سوياً يمكن للكونغرس أن يخفض الأسعار عن مستواها الحالي».
كما دعا «لتشريع من الحزبين يحقق هدف خفض أسعار الأدوية التي يصرفها الأطباء.. سوف أوقع عليها وأجعلها قانوناً فوراً».
وبشأن مرض كورونا الذي يعيش العالم حالة طوارئ بسببه، قال الرئيس «حماية الصحة الأميركية يعني أيضاً محاربة الأمراض المعدية.. ونحن ننسق مع الحكومة الصينية ونعمل معها لمكافحة كورونا في الصين». وأردف «إدارتي ستتخذ كل الإجراءات الضرورية لحماية الأميركيين من هذا التهديد».
وفي المجال الصحي أيضاً، قال «سوف نتخلص من وباء الأيدز في أميركا في هذا العقد».
ولفت ترامب خلال خطابه أيضاً إلى ضرورة إعادة بناء البنى التحتية الأميركية. وتطرق أيضاً إلى وصول شبكات الإنترنت إلى كافة المناطق في البلاد «لكل مواطن فرصة الوصول إلى إنترنت بسرعة عالية خاصة في المناطق الريفية من أميركا».
الهجرة والحدود
في الشق المتعلق بالهجرة وحماية الحدود، أكد ترامب أن سياساته تهدف إلى الحفاظ على سلامة وأمن الأميركيين، مطالباً بدعم الرجال والنساء في وكالات إنفاذ القانون الذين تمكنوا خلال العام الماضي من اعتقال أكثر من 120 ألف لاجئ غير شرعي، وفق تعبيره.
وبشأن الجدار الحدودي مع المكسيك، قال الرئيس الأميركي: «الآن استكملنا أكثر من مئة ميل… وفي العام القادم سيكون هناك أكثر من 500 ميل قد استكملت».
ولفت ترامب إلى «جهود كبيرة» بذلتها إدارته للحد من قضايا الاتجار بالبشر. منتقداً إجراءات الديمقراطيين في هذا الشأن وأضاف «قبل أن استلم منصبي لو جئتَ بطريقة غير قانونية فسيطلق سراحك في البلاد ثم لا نراك بعدها.. إدارتي أنهت هذا الشيء».
وتطرق إلى اتفاق أبرم بين الولايات المتحدة ومجموعة من دول أميركا اللاتينية، تمكن من تخفيض الهجرة غير الشرعية إلى البلاد وقال إن «العبور غير القانوني انخفض بنسبة 75 بالمئة منذ شهر مايو».
وأضاف «مع تواصل بناء الجدار، ازدادت عمليات ضبط المخدرات… في آخر 24 شهر تم ضبط أكثر من 200 ألف رطل من المخدرات وألقي القبض على أكثر من ثلاثة آلاف شخص من المتاجرين بها».
ودعا ترامب خلال الخطاب إلى «تشريعات ليكون هناك نظام هجرة جديد مبني على الاستحقاق والكفاءة»، مؤكداً الترحيب بمن يلتزمون بالقانون ويدعمون أنفسهم مالياً ويحترمون القيم الأميركية.
وعن الحريات الدينية، قال ترامب «هناك الكثير من الذين ينتظرون إدارتي أيضاً لتدافع عن الحرية الدينية. وهذا يشمل الحق الدستوري للصلاة في المدارس العامة».
وأردف «في أميركا، لا نسقط الصلبان ولا نكمم القساوسة ورجال الدين… في أميركا نحتفل بالدين ونعتز به ونرفع أصواتنا في الصلاة». كما دافع الرئيس الجمهوري عن التعديل الدستوري الثاني والمتعلق بحرية حمل السلاح، والتي يسعى الديمقراطيون إلى تقييدها.
ملفات دولية
في الشؤون الدولية، شدد ترامب على التزامه بمحاربة «الإرهاب الإسلامي المتشدد»، لكنه تعهد بـ«إنها الحروب في الشرق الأوسط» و«إعادة الجنود الأميركيين إلى الوطن»، متوعداً «الإرهابيين» بأنهم «لن يهربوا من العدالة الأميركية».
وتطرق ترامب إلى القوة العسكرية الأميركية وقال إن «جيشنا أعيد بناؤه كلية وقوته لا تضاهيها أية قوة في العالم»، مشيداً بتأسيس القوات الفضائية كأحدث سلاح عسكري في الجيش الأميركي.
وقال «قتلنا زعيم ومؤسس تنظيم داعش (أبو بكر البغدادي) وقد قضينا على دولة الخلافة بشكل كامل».
كما وصف ترامب، الجنرال الإيراني قاسم سليمان، قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، بأنه كان «جزار النظام الإيراني» ومسؤولاً عن قتل آلاف العسكريين الأميركيين في العراق.
وحول الملف الإيراني الشائك، قال ترامب، إن امتناع القادة الإيرانيين عن التفاوض مع إدارته، وطلب المساعدة لرفع العقوبات الاقتصادية قد يرجع لـ«كبريائهم أو حماقتهم» الزائدين عن حدهما.
وأكد الرئيس الأميركي في خطابه أن «الاقتصاد الإيراني في حالة سيئة جداً بسبب عقوباتنا القوية»، مضيفاً أنه «يمكننا مساعدتهم حتى يتعافوا بشكل جيد وفي وقت قصير جداً، لكن ربما كبرياؤهم المبالغ فيه أو حماقتهم الزائدة تجعلهم يمتنعون عن طلب المساعدة. نحن هنا، فلنر أي طريق سيسلكون. الأمر يعود لهم».
وفي رسالة قوية للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ، حضر المعارض الفنزويلي، الذي تعترف به الولايات المتحدة وأكثر من خمسين دولة رئيساً موقّتاً لفنزويلا، خوان غوايدو خطاب ترامب الذي قال «إنّ طغيان نيكولاس مادورو سيتمّ تحطيمه».
واعتبر أنّ «مادورو زعيم غير شرعي، طاغية يُعامل شعبه بوحشيّة»، مشدّداً على أنّ «قبضة مادورو سيتمّ تحطيمها وتدميرها».
وإلى جانب غوايدو، وجه ترامب دعوات خاصة لسبعة أشخاص آخرين لحضور الخطاب، بينهم اثنان من المحاربين القدامى، وشقيق رجل قُتل على يد مهاجر غير شرعي، إضافة إلى الإذاعي المحافظ راش ليمبو الذي منحه الرئيس الأميركي «وسام الحرية» بعد يوم واحد من كشف مقدم البرامج الحوارية أنه مصاب بسرطان الرئة.
وطلب ترامب من السيدة الأولى للولايات المتحدة أن تقدم الوسام لليمبو وسط ترحيب الجمهوريين وتجاهل الديمقراطيين.
ردود الفعل
خلال خطاب ترامب الذي قاطعه الجمهوريون عشرات المرات بالتصفيق وقوفاً، ظل خصومه الديمقراطيون جالسين صامتين معظم الوقت رافضين التصفيق لأي من الإنجازات التي ذكرها الرئيس، حتى أن رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي قامت بتمزيق نص الخطاب مباشرة بعد انتهاء الرئيس من إلقاء كلمته.
وكان ترامب قد تجاهل مصافحة بيلوسي لدى وصوله إلى المنصة رغم أنها مدت يدها له وهو يعطيها نسخة من الخطاب.
وبعد تصرفها غير المألوف بروتوكولياً، قالت بيلوسي لاحقاً للصحفيين إن هذا كان «الشيء المهذب مقارنة بالبديل».
وعن بيلوسي قالت كيلي ماكينيني المتحدثة باسم حملة ترامب «لقد أعمتها كراهيتها لدونالد ترامب عن الطبيعة المنفرة لسلوكها المتعالي المتعجرف».
وقبل خطاب الرئيس الجمهوري أعلن سبعة نواب من الحزب الديمقراطي، من بينهم ألكساندر أوكاسيو كورتيز وآيان بريسلي، مقاطعة الجلسة وعدم الحضور. فيما انسحب مشرعون آخرون أثناء الخطاب، بينهم النائبة الفلسطينية الأصل عن ميشيغن رشيدة طليب.
Leave a Reply