واشنطن – كشف الرئيس دونالد ترامب، يوم الخميس الماضي، عن خطة تتكون من ثلاث مراحل لإعادة فتح الاقتصاد، مؤكداً أنه يمكن للولايات الأميركية الأقل تضرراً من وباء فيروس كورونا، أن تباشر بتطبيق الخطة بدءاً من الآن، بعدما تجاوزت البلاد «الذروة» فيما يتعلق بعدد الإصابات اليومية بفيروس «كوفيد–19».
وفي معرض تبريره لإعادة فتح الاقتصاد، قال ترامب إن 30 بالمئة من البلاد لم تبلغ عن حالات جديدة خلال الأيام السبعة الماضية. وأشار إلى أنه نظراً لهذه التطورات الإيجابية، أصدرت إدارته توجيهات تسمح ببدء فتح الولايات تدريجياً، مشيراً إلى أن بعض الولايات ستفتح قبل الأخرى.
وأعرب الرئيس الأميركي عن اعتقاده بأن عدد الوفيات سيكون أقل بكثير من المتوقع، حيث توفي بحلول 16 نيسان (أبريل)، نحو 35 ألف شخص، بينما كانت تشير التوقعات إلى مصرع ما بين 100 ألف و200 ألف شخص بفيروس «كوفيد–19».
وقال: «ستتم إعادة فتح بلادنا، أميركا تريد أن تكون مفتوحة والأميركيون يريدون ذلك. الإغلاق الوطني ليست حالة مستدامة لبلادنا. علينا أن نستعيد اقتصادنا. سنبدأ في تنشيط اقتصادنا بطريقة آمنة ومسؤولة وتدريجية».
وأشار ترامب إلى أن جائحة كورونا تسببت في تعطيل نحو 50 بالمئة من أكبر اقتصاد في العالم، معرباً عن أمله في استعادة المباريات الرياضية قريباً.
وقال إن خطته ستتيح للحكام إعادة فتح الاقتصاد بحسب ظروف كل ولاية، مشيراً إلى أن كل ولاية تستطيع تفصيل المقاربة الجديدة بحسب ظروفها و«إذا احتاجوا الاستمرار في الإغلاق سنسمح لهم بذلك».
وقال: «لن نفتح البلاد مرة واحدة. ستكون هناك معايير يجب استكمالها قبل الانتقال من مرحلة لأخرى».
وأكد الرئيس الأميركي أن الإجراءات الجديدة ستمكن من حماية المسنين والأفراد الأكثر عرضة للخطر لكن «سيتمكن الأميركيون الأصحاء من العودة للعمل إذا سمحت الظروف على الأرض».
وأكد أنه إذا عاد الفيروس خلال فصل الخريف، ستكون البلاد «مستعدة» للتصدي له ومنع تفشيه.
وأشار الرئيس الأميركي إلى زيادة «تاريخية» في معدلات إجراء الفحوصات، موضحاً أنه تم إجراء نحو 120 ألف اختبار في يوم واحد.
وتعهد بأن إدارته ستبقى في حالة «يقظة» لعدم السماح بدخول الفيروس من الخارج، مشيراً إلى أن القائمين على حماية الحدود يبذلون جهوداً كبيرة في هذا المجال.
الجدير بالذكر أن نحو 42 ولاية أمرت سكانها بالبقاء في المنازل وأغلقت المدارس والجامعات والشركات غير الأساسية.
ومدد الحكام في نيويورك وست ولايات أخرى في شمال شرق البلاد، الخميس الماضي أوامر البقاء في المنازل حتى 15 أيار (مايو) المقبل، في حين يتناقش حكام ست ولايات في الغرب الأوسط، بينها ميشيغن، حول تنسيق العودة التدريجية للحياة الطبيعية في ولاياتهم.
ورفض حكام عدد من الولايات، الأكثر تضرراً في البلاد، إعلان ترامب أنه وحده من يملك سلطة تحديد موعد البدء في إعادة فتح الاقتصاد والسماح للشركات التي تعمل في مجالات غير أساسية بالعمل مرة أخرى. ويتصاعد الضغط من أجل إعادة الفتح المبكر لمواجهة الانكماش الحاد للاقتصاد وفقدان ملايين الوظائف.
وقالت منسقة البيت الأبيض المكلفة متابعة الملف، الدكتورة ديبورا بريكس، إن هناك تراجعاً للحالات الجديدة في الأيام الستة الماضية، لأن «الشعب الأميركي يطبق الإرشادات».
وذكرت أن تسع ولايات لديها أقل من ألف حالة، وبعض الولايات لم تصل إلى ذروة «بفضل سلوك السكان».
وأكدت الطبيبة أهمية الحفاظ على التباعد الاجتماعي في الوقت الحالي، محذرة من التجمعات، لأن بعض الأشخاص قد يصابون بالمرض دون أن تظهر عليه أعراض وينقلون العدوى للآخرين.
وطمأن ترامب، الأميركيين بأن «الولايات المتحدة لديها أسرَّة عناية فائقة أكثر من أية دولة أخرى، لدينا 34 سرير لكل ألف مواطن، مقابل 12 لكل ألف في إيطاليا، وهناك 60 ألف جهاز تنفس لا تستخدم لكننا استخدمنا الكثير منها خلال الأزمة الحالية».
وأضاف أن البلاد توفر جهاز تنفس صناعي لكل من يحتاج إليه «الولايات المتحدة صنعت حوالي 30 ألف جهاز تنفس صناعي في 2019 بينما إنجاز البلاد العام الجاري سيكون ما بين 150 إلى 200 ألف».
الاقتصاد
ويستعجل ترامب فتح الاقتصاد تخوفاً من انكماش حاد قد يكون الخروج منه مستحيلاً قبل انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، إذ أعلن الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي)، الأربعاء الماضي، أن الاقتصاد الأميركي سجل «انكماشاً حاداً» في جميع أنحاء البلاد، وسط حالة الإغلاق بسبب وباء فيروس كورونا المستجد.
وقال البنك إن الشركات في جميع القطاعات «أبلغت عن توقعات غير مستقرة مطلقاً، وتوقعت معظمها أن تسوء الأوضاع خلال الأشهر المقبلة».
وأظهر تقرير البنك مؤشرات مبكرة على تدهور كبير في قطاعات الاقتصاد الأميركي بعدما أُجبرت المصانع والمتاجر والمطاعم في جميع أنحاء البلاد على إغلاق أبوابها.
وأظهرت تقارير الحكومة أن 17 مليون موظف خسروا وظائفهم خلال ثلاثة أسابيع حتى 4 أبريل الجاري، وقال البنك إن «التوقعات القصيرة الأمد تشير إلى مزيد من فقدان الوظائف خلال الأشهر المقبلة».
ويقول خبراء اقتصاديون إن نسبة البطالة في البلاد ستصل على الأرجح إلى 15 بالمئة هذا الشهر، في أسوأ معدل منذ الكساد الكبير في 1929.
وأشار تقرير «البنك الفدرالي» إلى أن القطاعات الأكثر تضرراً بسبب إجراءات التباعد الاجتماعي والإغلاق الإجباري، هي قطاعات الترفيه والضيافة وتجارة التجزئة باستثناء السلع الأساسية.
وسجلت كذلك انخفاضات في التصنيع، ورغم أن منتجات الأغذية والأدوية شهدت طلباً قوياً، إلا أنها عانت من تأخيرات في الإنتاج بسبب إجراءات منع انتشار الوباء وعرقلة سلاسل الإمداد.
الشيكات
بدأ 80 مليون أميركي باستقبال مساعدات نقدية من الحكومة الفدرالية في إطار الخطة الطارئة لمواجهة العواقب الاقتصادية المترتبة عن وباء فيروس كورونا المستجد.
وبدأت وزارة الخزانة الأميركية خلال الأسبوع الماضي إرسال شيكات وتحويلات بنكية إلى المواطنين، بهدف تخفيف الأضرار المالية التي تكبدوها في ظل تدابير إغلاق اقتصاد البلاد.
وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين، إنه سيتم تحويل الأموال إلى الحسابات البنكية لـ80 مليون أميركي قبل الأربعاء المنصرم.
وتعد هذه المساعدة النقدية أحد محاور حزمة الإغاثة الاقتصادية التي أعلنها ترامب لمنع خطر الانهيار الاقتصادي، واحتفل كثير من الأميركيين على مواقع التواصل الاجتماعي بتلقيهم حصتهم من الأموال ونشروا صوراً من حساباتهم وتعليقات ساخرة، فيما قال آخرون إنهم لا يزالون في انتظار دفعاتهم.
وخصصت الدولة 1,200 دولار لكل فرد عازب يصل دخله السنوي إلى 75 ألف دولار، فيما خصصت 2,400 دولار لكن زوجين يصل دخلهما معاً إلى 150 ألف دولار. إضافة إلى 500 دولار إضافية لكل طفل.
ويقول محللون إن ما بين 125 مليون و150 مليون أميركي تقريباً سيتلقون المساعدة المالية التي تدفع مرة واحدة فقط.
الفوج الأول من المستفيدين، هم من كشفوا إقراراتهم الضريبية لعام 2018 أو 2019، وقدموا أرقام حساباتهم البنكنية لمصلحة الضرائب ليتم تحويل المال إلكترونياً إليهم.
أما المسنون وذوو الاحتياجات الخاصة الذي يعتمدون على الضمان الاجتماعي فسيستقبلون الشيكات خلال الأسابيع المقبلة، فيما سيحتاج ذوو الدخل المحدود الذين لا يقدمون إقراراتهم السنوية في العادة، أن يدخلوا معلوماتهم الأساسية في موقع أطلقته وزارة الخزانة لهذا الغرض.
وستحتاج خدمة الإيرادات الداخلية إلى وقت أطول لإرسال شيكات إلى الأميركيين الذين لا تملك معلوماتهم البنكية. وسيظهر اسم ترامب على الشيكات الورقية.
تفاصيل خطة ترامب التدريجية لإعادة فتح الاقتصاد الأميركي
واشنطن – أعلن فريق العمل المكلف بمتابعة ملف مكافحة كورونا التابع للبيت الأبيض، الخميس الماضي، تفاصيل خطة إعادة فتح الاقتصاد الأميركي للتغلب على الآثار التي خلفتها جائحة فيروس كورونا المستجد.
وتشمل الخطة المقترحة ثلاث مراحل، تتضمن كل مرحلة إرشادات بشأن الأفراد والموظفين وفئات خاصة من الموظفين والأعمال.
ولا تشير المبادئ التوجيهية إلى أي تواريخ محددة لإعادة فتح الاقتصاد لكنها تضع معايير يجب أن تستوفي تتضمن «نزولاً لمسار الحالات المؤكدة خلال 14 يوماً» أو «لنسبة النتائج الإيجابية من إجمالي الاختبارات في فترة 14 يوماً». وإذا تم استيفاء تلك المعايير، يمكن للولايات أن تدخل المرحلة الأولى.
المرحلة الأولى
تشير المرحلة الأولى إلى أهمية أن يبقى الأفراد الأكثر عرضة للخطر في منازلهم، وأن يعي الأفراد الذين يقيمون مع هؤلاء أن بإمكانهم نقل العدوى إليهم، وتشير هذه المرحلة أيضاً إلى أهمية التباعد الاجتماعي في الأماكن العامة مثل المحال التجارية وأماكن الترفيه، وتقترح إلغاء التجمعات التي يزيد فيها عدد الأفراد عن عشرة أو اتخاذ احتياطات بدلاً من الإلغاء، وتشمل أيضاً تقليل السفر غير الضروري مع اتباع إرشادات وزارة الصحة الخاصة بالعزل بعد السفر.
وبالنسبة للموظفين، تقترح الخطة، العمل عن البعد إن أمكن، والعودة إلى أماكن العمل على مراحل، وإلغاء الأماكن في العمل التي قد يحدث فيها اتصال قريب بين الموظفين أو وضع قواعد تباعد اجتماعي صارمة، وتقترح أيضاً تقليل السفر غير الضروري.
وتشير هذه المرحلة إلى إبقاء المدارس ومراكز الأنشطة الشبابية مثل المعسكرات والحضانات والحانات مغلقة، لكن الأماكن الكبيرة مثل المطاعم والمسارح ودور السينما والملاعب وأماكن العبادة يمكن أن تعيد فتح أبوابها مع فرض قواعد تباعد صارمة، وكذلك صالات الألعاب الرياضية التي يجب أن تضع قواعد صحية صارمة، وتشمل أيضاً منع الزيارات في دور رعاية المسنين والمستشفيات.
المرحلة الثانية
تنطبق المرحلة الثانية على المناطق التي لم تشهد أي طفرة في الحالات وتنطبق عليها المعايير ذاتها الخاصة بكبار السن مع زيادة الحد الأدنى للتجمعات إلى 50 فرداً بدلاً من عشرة في المرحلة الأولى، وتشير إلى إمكانية عودة السفر غير الضروري.
وبالنسبة للموظفين تنطبق عليهم أيضاً النصائح ذاتها للمرحلة الأولى، مع السماح للموظفين بالسفر غير الضروري، وتسمح هذه المرحلة للمدارس ومراكز الأنشطة الشبابية باستئناف نشاطها، وتخفيف القيود على الأماكن ذات التجمعات الكبيرة مثل المطاعم والملاعب ودور السينما لتصبح هذه القيود «متوسطة».
المرحلة الثالثة
وفي حال عدم حدوث زيادة في الحالات خلال المرحلة الثانية، يمكن للولايات الانتقال للمرحلة الثالثة وفيها يمكن السماح للفئات الأكثر عرضة للخطر بالخروج إلى الأماكن العامة مع تشديد إجراءات التباعد الاجتماعي، وفيها يمكن للموظفين العودة إلى أعمالهم بشكل كامل، والسماح بالزيارات لكبار السن، والسماح لأماكن التجمعات الأكبر حجما بالعمل تحت قيود محدودة، وصالات الرياضة باستئناف نشاطها مع استمرار القيود الصحية.
وتؤكد الإرشادات أنه في جميع المراحل يجب على الجميع غسل اليدين بالماء والصابون أو استخدام معقم اليدين خاصة بعد لمس الأشياء أو الأسطح، وتجنب لمس الوجه، وتطهير الأسطح المستخدمة بشكل متكرر قدر الإمكان، واستخدام أغطية الوجه أثناء الخروج إلى الأماكن العامة، خاصة عند استخدام وسائل النقل العامة، ودعت الأشخاص الذين يشعرون بالمرض إلى البقاء في المنازل.
Leave a Reply