ديربورن هايتس
مكافأة على تأييد حملته الانتخابية في سباق العودة إلى البيت الأبيض في تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الثلاثاء 11 آذار (مارس) الجاري، عن تعيين رئيس بلدية ديربورن هايتس بيل بزي في منصب السفير الأميركي لدى دولة تونس، وهو تعيين يتطلب موافقة مجلس الشيوخ الأميركي.
ولفت الرئيس الجمهوري على حسابه بموقع «تروث سوشيال» إلى المناقبية العسكرية والسياسية والمهنية التي يتحلى بها السفير الجديد، وقال إن «بزي جندي مشاة بحرية أميركي مخضرم، خدم بلادنا بشرف لمدة 21 عاماً، متعاوناً مع السفراء الأميركيين ودوبلوماسيي السفارات الأميركية وقادة العالم»، لافتاً إلى أنه عمل أيضاً لدى «شركة بوينغ كمدير للجودة، وفي شركة فورد كمهندس تطوير منتجات»، ومعرباً عن تطلعاته إلى «رؤية الإنجازات العظيمة» التي سيحققها السفير الجديد.
وأوضح ترامب بأن بزي عمل بجد خلال الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي «لمساعدتنا على تحقيق نصرنا التاريخي»، على حد تعبيره.
وجاء اختيار رئيس البلدية اللبناني الأصل لتمثيل الولايات المتحدة في تونس بعد أربعة أيام من اختيار رئيس بلدية هامترامك اليمني الأصل أمير غالب سفيراً أميركياً لدى دولة الكويت.
وفي أعقاب الإعلان عن تعيينه، أعرب بزي على صفحته بموقع «فيسبوك» عن شكره وتقديره للرئيس ترامب على اختياره لقيادة السفارة الأميركية في تونس، وقال: «إنني أتشرف وأُقدّر تعيين الرئيس دونالد ترامب لي سفيراً للولايات المتحدة لدى تونس، وهي من بين الدول المتميزة التي زرتها على مر السنين»، مضيفاً بالقول: «أشعر بتقارب كبير مع تونس وبرلمانها الموقر، ومسؤوليها المنتخبين، ومعلميها، وقادة القطاعات الأخرى، إلى جانب الأشخاص الذين التقيتهم أثناء جولاتي في دور الأيتام، ومؤسسات دعم المرأة، والمدارس، والعديد من الشركات الأخرى في الدولة ذات الحضور المتنامي».
وأعرب بزي (61 عاماً) عن حماسته للعودة مجدداً إلى تونس كسفير، وقال: «مع زياراتي الخارجية والعلاقات التي بنيناها على مر السنين، فإنني متحمس للعودة وتمثيل بلدنا بشرف في تونس كسفير للولايات المتحدة، وإن هدفي هو مواصلة العمل في مناصب تُحدث تأثيراً، وتُعزز السلام والشراكات الدبلوماسية، مما يعود بالنفع على بلدنا ويعزز علاقاتها الدولية مع البلدان الأخرى».
وكان بزي قد اشترك مع وزارة الخارجية والعديد من الهيئات الأميركية الأخرى في برامج استكشافية في مختلف البلدان، كان آخرها رحلة إلى الأردن عام 2023 عبر كل من وزارة الخارجية الأميركية و«المعهد العربي الأميركي» بالعاصمة واشنطن.
وساهم دعم بزي وغيره من المسؤولين العرب الأميركيين لحملة ترامب، إلى فوز المرشح الجمهوري بسباق الرئاسة في مدن ذات كثافة عربية، على رأسها ديربورن التي ربحها بنسبة 42.5 بالمئة من الأصوات، وكذلك مدينة ديربورن هايتس التي فاز فيها بنسبة 44 بالمئة، وهو ما أسهم لاحقاً بفوز ترامب بالولاية المتأرجحة بأكثر من 80 ألف صوت على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.
ولم يسبق لمرشح رئاسي جمهوري أن فاز بمدينتي ديربورن وديربورن هايتس منذ العام 2000.
وخلال الحملة الانتخابية، شارك بزي في تجمع حاشد أقامته حملة الرئيس ترامب في مدينة نوفاي أواخر تشرين الأول (أكتوبر) المنصرم، بمشاركة رجال دين مسلمين وشخصيات عربية أميركية أخرى، من بينهم رئيس بلدية هامترامك، ممن أعلنوا تأييدهم للرئيس الجمهوري الذي «يسعى إلى إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، وحول العالم». وقال بزي في كلمته خلال التجمع إن الولايات المتحدة لم تشترك في أية حروب إبان سنوات حكم ترامب الأربع، واصفاً الرئيس الجمهوري بـ«رجل السلام».
كما أبدى بزي استياءه من إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن التي تلكأت في تقديم المساعدات الفدرالية لإعانة ديربورن هايتس على معالجة النتائج الكارثية لفيضانات العام 2022 التي تسببت بأضرار بالغة لسكان الأحياء الجنوبية، بالإضافة إلى تلكؤها في فرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة، معرباً عن قلقه من استمرار الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على جنوب لبنان، وعلى مدينة بنت جبيل التي يتحدر منها، وقال إن الإسرائيليين قصفوا ودمروا بيت أجداده من بين مئات المنازل الأخرى.
كذلك، شارك بزي في تجمع انتخابي للرئيس ترامب في مدينة غراند رابيدز، بالإضافة إلى مشاركته في مكالمة هاتفية أجرتها حملة ترامب مع العديد من الفعاليات العربية والإسلامية بولاية ميشيغن، والتي أعاد فيها التأكيد على أن ترامب سيُحقق السلام في الشرق الأوسط وينهي الهجرة غير الشرعية، واصفاً «المهاجرين غير الشرعيين» الذين يرتكبون «فظائع بحق الشعب الأميركي» بأنهم «مقززون للغاية»، بحسب صحيفة «ديترويت فري برس».
وكان بزي قد ولد في مدينة بنت جبيل بجنوب لبنان، وهاجر إلى الولايات المتحدة مع عائلته وهو في سن الثانية عشرة. وبعد تخرجه من «ثانوية فوردسون»، انضم إلى الخدمة في سلاح مشاة البحرية الأميركية في ثمانينيات القرن الماضي.
وشغل بزي منصب رئيس بلدية ديربورن هايتس لأول مرة في كانون الأول (يناير) عام 2021، بعد موافقة غالبية أعضاء المجلس البلدي (4 أصوات مقابل 3) على تعيينه المؤقت خلفاً لرئيس البلدية الراحل دان باليتكو الذي توفي متأثراُ بفيروس كورونا، لينجح الضابط المتقاعد من سلاح البحرية الأميركية في نوفمبر من نفس العام بالاحتفاظ بالمنصب إثر نيله 72 بالمئة من أصوات الناحبين.
وفور انتخابه، باشر بزي بإجراء العديد من التغييرات في مختلف دوائر المدينة، وفي مقدمتها دائرة الشرطة، وهو ما جدّد الجدل والتجاذبات المستمرة في أروقة البلدية.
بزي، وهو أول عربي وأول مسلم يتقلد رئاسة بلدية ديربورن هايتس، كان يعتزم خوض انتخابات العام الجاري للاحتفاظ بمنصبه لولاية إضافية مدتها أربع سنوات، حيث أقامت حملته الانتخابية حفل عشاء لجمع التبرعات في صالة «بيلاجيو» في المدينة أواسط كانون الأول (ديسمبر) 2023، والتي اتسمت بغياب معظم مسؤولي المدينة، وفي مقدمتهم أعضاء المجلس البلدي، الذين يعارض معظمهم أداء بزي في إدارة المدينة.
وتعاني مدينة ديربورن هايتس من انقسامات سياسية حادة منذ أواخر عهد رئيس البلدية الراحل دان باليتكو، والتي تواصلت بوتيرة متصاعدة بعد انتخاب بزي الذي قام خلال السنوات الثلاث الماضية بتعيين أربعة قادة مختلفين لدائرة الشرطة، كان آخرهم العربي الأميركي أحمد حيدر الذي جاء تعيينه، كقائد مؤقت لدائرة الشرطة، بعد تراجع رئيس البلدية عن تعيين العربي الأميركي حسين فرحات للمنصب آنف الذكر.
ويقاطع بزي منذ عدة أشهر جلسات المجلس البلدي الذي كان قد مرر قراراً رمزياً بسحب الثقة منه في آب (أغسطس) 2023، وكاد أن يتسبب بإغلاق جميع الخدمات العامة في المدينة بسبب عدم تمرير الموازنة في أواخر شهر حزيران (يونيو) المنصرم.
الانقسامات السياسية، عادت إلى التدهور مجدداً مع مطالبة بزي بإجراء مراجعة داخلية وتحقيق مستقل في مكتب الخزانة حول قضايا تتعلق بضعف الرقابة والأمن المالي والأداء الوظيفي، بالإضافة إلى «احتمال وجود مسؤوليات مدنية وجنائية»، وهي تهم رفضتها أمينة الخزانة ليزا هيكس – كلايتون، ووصفتها بأنها «ذات دوافع سياسية».
ويتوجب على بزي تقديم استقالته استعداداً لشغل منصب السفير الأميركي في تونس، كما يتعين على مجلس ديربورن هايتس انتخاب رئيس بلدية مؤقتاً لإدارة المدينة إلى حين انتخاب رئيس جديد في نوفمبر القادم، حيث يخوض السباق حتى الآن مرشح وحيد هو رئيس مجلس المدينة مو بيضون، الذي يعتبر من أشرس المعارضين لسياسات بزي.
Leave a Reply