التقرير العربي الأسبوعي
رغم الاستياء الإسرائيلي من نهج واشنطن الجديد في التعامل مع ملفات الشرق الأوسط الملتهبة، واصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال الأسبوع الماضي، اندفاعته لإعادة تشكيل المنطقة بما يخدم مصالح الولايات المتحدة، حيث ضاعف ضغوطه على حكومة بنيامين نتنياهو لوقف حرب الإبادة في قطاع غزة، وعدم عرقلة المفاوضات «الإيجابية جداً» حول الملف النووي الإيراني، إلى جانب تطبيق قراره برفع العقوبات عن سوريا، بينما يواصل اليمن السعيد معركة إسناد الشعب الفلسطيني المنكوب، عبر استهداف عمق كيان الاحتلال بالصواريخ والمسيّرات، ومواصلة الحصار البحري على السفن الإسرائيلية، وذلك رغم ضربات تل أبيب الانتقامية التي دمرت آخر طائرة مدنية في مطار صنعاء الدولي.
تهدئة مؤقتة في غزة
في غزة، حيت تمعن إسرائيل في جرائمها ضد الإنسانية لكسر إرادة الشعب الفلسطيني بعد 600 يوم من الحرب الوحشية، كثف المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، حركته لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل و«حماس»، مقدماً صيغة اتفاق مؤقت لمدة 60 يوماً يضمن بموجبه الرئيس ترامب، التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار خلال الفترة المتفق عليها، بالتزامن مع مواصلة المحادثات للتوصل إلى اتفاق نهائي لوقف الحرب.
وبحسب المقترح الأخير الذي تسلمته «حماس»، بعد موافقة إسرائيل عليه، الخميس الماضي، سيتم الإفراج عن 10 رهائن إسرائيليين أحياء و18 رهينة متوفين، من أصل 58 رهينة متبقين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية منذ «طوفان الأقصى»، على أن يتم إطلاق سراحهم في اليومين الأول والسابع، بواقع 5 أحياء و9 متوفين في كل من اليومين.
في المقابل، سيبدأ دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر قنوات متفق عليها، من ضمنها، الأمم المتحدة والهلال الأحمر. كما ستتوقف جميع الأنشطة العسكرية الهجومية الإسرائيلية في غزة عند دخول هذه الاتفاقية حيز النفاذ.
وخلال فترة وقف إطلاق النار أيضاً، يُوقف الطيران الجوي (العسكري والاستطلاعي) في قطاع غزة لمدة 10 ساعات يومياً، أو 12 ساعة يومياً خلال أيام التبادل. كما ستنسحب إسرائيل في اليوم الأول من الأراضي التي احتلتها شمال محور نتساريم، وفي اليوم السابع، ستنسحب من الأراضي التي احتلتها جنوب المحور.
وسيترافق ذلك مع استمرار المحادثات بشأن إنهاء الحرب كلياً، فيما ستتمكن إسرائيل من العودة إلى القتال إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، ويعتبر هذا البند بمثابة حبل النجاة المؤقت لحكومة نتنياهو، بعدما هدد بعض الوزراء بالاستقالة وإسقاط الحكومة في حال إنهاء الحرب دون القضاء على المقاومة واحتلال أجزاء من القطاع المدمر.
من جانبها أعلنت حركة «حماس» أن المقترح الأميركي الذي قالت واشنطن إنّ إسرائيل وافقت عليه، «لا يستجيب لأيّ من مطالب شعبنا»، مؤكدةً أنّها «تدرس المقترح».
وبانتظار ردّ الحركة النهائي، سيحضر ويتكوف، إلى المنطقة لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق الذي سيتم بضمانة الوسطاء: الولايات المتحدة، مصر وقطر.
وقال عضو المكتب السياسي للحركة، باسم نعيم، في حديث لوكالة «فرانس برس»، إنّ المقترح في جوهره يعني تأبيد الاحتلال واستمرار القتل والمجاعة حتى في فترة التهدئة المؤقتة، ولا يستجيب لأيّ من مطالب شعبنا، وفي مقدّمتها وقف الحرب والمجاعة»، لكنه أضاف: «مع ذلك، تدرس قيادة الحركة بكل مسؤولية وطنية الرد على المقترح».
اتفاق وشيك مع إيران؟
جاء تحذير ترامب العلني لنتنياهو من مغبة القيام بأي إجراء ضد إيران، ليؤكد حرص الرئيس الأميركي على إبرام اتفاق مع طهران وقطع الطريق على مساعي تل أبيب لإفشال المفاوضات المستمرة في سلطنة عمان، وهو ما سيضطر دولة الاحتلال إلى القبول بالأمر الواقع ومحاولة إدخال شروط إسرائيلية على الاتفاق، بحسب المراقبين.
وبالفعل، أرسلت إسرائيل رئيس جهاز «الموساد» ديفيد برنيع ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر إلى واشنطن، بعدما باتت مقتنعة بذهاب واشنطن لإبرام اتفاق مع إيران.
وكان مسؤولون أميركيون قد كشفوا عن تباين بين إدارة ترامب والحكومة الإسرائيلية بشأن المباحثات مع إيران في برنامجها النووي. وذكروا أن ترامب ونتنياهو خاضا نقاشاً متوتراً على وقع تخطيط وعزم إسرائيلي على ضرب المنشآت النووية الإيرانية لإفشال التفاوض.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين في واشنطن قولهم إن التلويح الإسرائيلي بالهجوم دفع ترامب إلى التحدث مع نتنياهو هاتفياً، محذراً إياه من اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يعرض المفاوضات للخطر.
وكشف ترامب –الأربعاء الماضي– جزءاً من النقاش الذي دار بينه وبين نتنياهو عبر اتصال هاتفي، إذ أكد أنه أخبره بأن «أي خطوة ضد إيران ليست ملائمة»، مرجعاً ذلك إلى «قرب توصل واشنطن وطهران إلى حلّ الآن».
وقال ترامب إن المحادثات مع إيران «جيّدة للغاية»، متابعاً أن «إيران تريد إبرام اتفاقية، وربما يتم التوصل إلى اتفاق خلال أسابيع قليلة». ومع ذلك، جدّد ترامب قوله إن هناك نتيجتين محتملتين في المفاوضات الجارية، إحداهما «عنيفة»، وهو ما تفضل الولايات المتحدة «تجنبه»، والثانية هي التوصل إلى اتفاق.
ورغم تسريبات الإعلام العبري والأميركي عن ضربة إسرائيلية محتملة لمنشآت إيران النووية من دون تنسيق مسبق مع واشنطن، يُجمع الخبراء على أن دولة الاحتلال لا تستطيع شن مثل هذه الضربة بدون موافقة الولايات المتحدة، لاسيما وأن أي ضربة قد تؤدي إلى حرب إقليمية تهدد المصالح الأميركية في المنطقة، وهو ما لوّح به المسؤولون في طهران علناً.
في المقابل، ذكرت صحيفة «معاريف»، نقلاً عن مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى، أن الهدف الحقيقي من زيارة برنياع وديرمر إلى واشنطن، يأتي في سياق محاولة «يائسة» لإحباط إعلان أميركي مرتقب حول التوصّل إلى تفاهم جزئي مع إيران. وفي هذا المجال، يدور الحديث في إسرائيل عن تفاهم مؤقت وليس نهائياً، وهو ما يثير قلق الكيان، الذي يرى في هكذا اتفاق «تأجيلاً للصراع، وليس حلاً له»، قد يمنح إيران فرصةً لتعزيز موقعَيها الإقليمي والنووي، تحت غطاء ديبلوماسي مؤقّت.
إيرانياً، نفت الخارجية الإيرانية، صحة تقرير لوكالة «رويترز» بشأن «احتمال تعليق إيران تخصيب اليورانيوم مقابل إفراج أميركي عن أموال إيرانية مجمدة، واعتراف أميركي بحق إيران في الطاقة النووية»، مجددة تمسكها بـ«التخصيب داخل إيران كمبدأ غير قابل للمساومة»، باعتبار ذلك، حقاً سيادياً وقانونياً في إطار استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية.
وفيما شدد رئيس منظمة الطاقة الذرية الايرانية، محمد إسلامي، على أن حرمان طهران من التخصيب هو أمر مرفوض، أكد الحرس الثوري الإيراني أنه في حالة ترقب واستعداد لكل السيناريوهات.
نتنياهو المأزوم
على وقع تصادم المصالح الأميركية والإسرائيلية في الشرق الأوسط، حاول نتنياهو –العالق بين مطرقة ضغوط ترامب وسندان الانقسامات الداخلية– الظهور بمظهر القوي والمتمكن عبر خطاب ألقاه أمام جلسة برلمانية صاخبة في الكنيست، عدد خلالها ما وصفها بالإنجازات الكبيرة التي حققتها حكومته بعد «طوفان الأقصى»، وسط استهجان نواب المعارضة.
وقال نتنياهو –المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– إن إسرائيل غيرت وجه الشرق الأوسط، من خلال إنجازات «لم تتحقق منذ قيام إسرائيل»، سواء على جبهة غزة أو لبنان أو سوريا، أو غيرها من الجبهات.
وأضاف أنه «خلال 600 يوم… غيّرنا فعليا وجه الشرق الأوسط… أخرجنا الإرهابيين من أرضنا، وبقوة دخلنا قطاع غزة وقضينا على عشرات الآلاف من الإرهابيين، وقضينا على محمد الضيف وإسماعيل هنية ويحيى السنوار ومحمد السنوار».
وأكد أن إسرائيل تتعامل بمبدأ «الرد بقوة على من يعتدي عليها»، متهماً إيران بالوقوف خلف الهجمات اليمنية، وواصفاً «الحوثيين» بأنهم «مجرد وكيل» لإيران.
وخلال كلمته في الكنيست، تعرض نتنياهو لصيحات استهجان من قبل أقارب الأسرى الإسرائيليين، الذين رفعوا لافتات تطالب الحكومة بإبرام صفقة تبادل والإفراج عنهم، وسط اتهامات لرئيس الوزراء بالتلاعب بهم.
بالمقابل، اتهم زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالفشل في إدارة الحرب، معدداً إخفاقاته خلال عامين ونصف العام.
ووصف لابيد حال إسرائيل قبل حكومة نتنياهو بأنها كانت دولة آمنة وحدودها هادئة. وقال خلال جلسة الكنيست، إن على كل مواطن إسرائيلي أن يسأل نفسه كيف كان وضعه قبل حكومة نتنياهو، وكيف حاله الآن.
لابيد لفت أيضاً إلى أن «إسرائيل الآن في أدنى مستوياتها الدبلوماسية» مشيراً إلى تخلّي ترامب عن نتنياهو، بقوله: «الأميركيون أبرموا صفقة مع الحوثيين من وراء ظهرك».
واستطرد لابيد بأن ترامب التقى بالرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض دون علم نتنياهو، كما جدد ترامب العلاقات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دون علمه أيضاً. وأضاف: «أحضرَك الرئيس ترامب إلى واشنطن وأبلغك أنه عاد للمفاوضات مع إيران، ولم يكلف نفسه عناء اطلاعك على آخر المستجدات، ثم أجلسك أمام كاميرات العالم كله وكرر هذه الرسالة».
وأرجع ذلك إلى أن «نتنياهو يخاف من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير»، في إشارة إلى تهديداتهما المستمرة بالاستقالة وإسقاط الائتلاف اليميني الحاكم.
من جهته، أقر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت لراديو «أن بي آر» الأميركي بأن إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة. وأضاف أن دعوة وزراء لتجويع سكان غزة وإبادتهم هي دعوة لجريمة حرب، موضحاً أن توسيع الحرب «لا يوجد غرض ولا هدف عسكري يمكن تحقيقه منه»، وأن الجميع على يقين تام بأنه لا مبرر للاستمرار في هذه العملية أو توسيعها.
جحيم غزة
600 يوم مرت على الحرب الوحشية التي حولت قطاع غزة إلى أكثر الأماكن دماراً وجوعاً على وجه الأرض، وسط صمت دولي وخذلان عربي لم يسبق له مثيل، مقابل صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته التي تواصل التصدي للقوات الغازية بكمائن موثّقة.
ومنذ بدء الحرب الممنهجة، يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع تحت حصار وعدوان متواصل دمّر الحجر وقتل البشر ونشر الأمراض والمجاعة، وسط عجز أممي واضح عن وقف آلة الإبادة التي لم تفرق بين طفل وامرأة، ولا بين مدرسة ومستشفى، ولا حتى بين ملجأ ومسجد. ووفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) فقد ارتفعت حصيلة ضحايا الحرب حتى الآن إلى 54,249 شهيداً، و123,492 جريحاً، أكثر من 70 بالمئة منهم من النساء والأطفال، فيما لا يزال 10 آلاف آخرون تحت الأنقاض لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وأفادت مصادر طبية، بأن من بين الحصيلة حوالي أربعة آلاف شهيد، وأكثر من 11 ألف جريح، سقطوا منذ استئناف العدوان في 18 مارس الماضي.
وتشير البيانات إلى أن إسرائيل ارتكبت 14 ألف مجزرة بغزة، وتسببت بمسح 2,483 عائلة من السجل المدني بالكامل، فيما بقيت 5620 عائلة ليس بها إلا ناجٍ واحد.
وطوال هذه الفترة لم تكتفِ إسرائيل بالقصف الجوي والمدفعي والبحري للقطاع، بل تعمدت تدمير البنية التحتية، بما في ذلك مصادر الماء والكهرباء والمنازل والمباني وغيرها، في خطوة هدفت في الأساس إلى إعادة غزة للعصر الحجري، وإجبار أهلها على النزوح من مناطق سكنهم.
وتشير إحصائيات حكومية غير نهائية إلى أن نسبة الدمار الشامل في غزة وصلت إلى 88 في المائة. فقد غلب الركام والدمار على مشاهد الأحياء والمخيمات والبلدات المختلفة في قطاع غزة.
وفي الأسبوع الماضي، وصف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، قطاع غزة بأنه «أكثر الأماكن جوعاً على وجه الأرض»، محذراً من أن الوقت ينفد بسرعة كبيرة، «والأرواح تزهق كل ساعة».
وتواصل إسرائيل بشتى السبل حرب الإبادة، عبر منع دخول المساعدات إلى أهالي القطاع، وكان اليوم الأول من تشغيل أحد مراكز توزيع المساعدات الأميركية في جنوب القطاع قد شهد مأساة إنسانية، حيث قُتل ثلاثة فلسطينيين وأُصيب العشرات جراء تدافع حشود الجائعين ومحاولة اقتحام المركز.
وقد وصفت الأمم المتحدة مشاهد اقتحام مركز المساعدات الأميركي في يوم عمله الأول، الثلاثاء الماضي، بـ«المفجعة»، وطالبت بفتح المعابر وتمكين الوكالات الأممية من أداء عملها في القطاع، بعدما رفضت المنظمة الدولية الخطة الإسرائيلية الأميركية للسيطرة على توزيع المساعدات.
وقد فقدت الشركة الأميركية المسماة «مؤسسة غزة الإنسانية» سيطرتها على مركز توزيع المساعدات في رفح جنوبي القطاع بعدما تجمعت حشود من الفلسطينيين في الموقع في أول أيام عمله. واستدعى جيش الاحتلال الإسرائيلي مروحيات من المنطقة لإجلاء المسلحين التابعين للشركة الذين فروا من المكان.
وجاء افتتاح هذا المركز ضمن خطة إسرائيلية أميركية للسيطرة على توزيع المساعدات، رفضتها الأمم المتحدة ومؤسسات دولية عديدة، لأنها تدفع السكان للنزوح وتُعرّض آلاف الأشخاص للأذى، وتجعل المساعدات مقترنة بأهداف سياسية وعسكرية.
كذلك، تستمر الاستباحة الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية حيث صدق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر في جلسة سرية –الإثنين الماضي– على إقامة وتوسيع 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية.
وأعلن وزيرا الدفاع والمالية الإسرائيليان أن القرار «تاريخي» يهدف لتعزيز السيطرة الإسرائيلية ومنع قيام دولة فلسطينية. ويشمل القرار 7 مستوطنات شمال الضفة قرب جنين، و4 قرب رام الله، وأخرى في الخليل والقدس وأريحا، في حين وصفت جهات فلسطينية، القرار بأنه »جريمة حرب» و«عبث بالجغرافيا الفلسطينية».
الإسناد اليمني
أكد قائد حركة «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، أنّ العمليات ضد إسرائيل في المرحلة المقبلة ستكون أكثر فاعلية وتأثيراً، مجدداً مطالبته للأنظمة العربية والإسلامية بوقف التعاون معه.
واعتبر الحوثي، أن العدو الإسرائيلي يحاول استعادة الردع من خلال العدوان المتكرر على المنشآت المدنية في اليمن، مؤكداً السعي إلى «موقف أقوى إلى جانب الشعب الفلسطيني في معاناته التي لم يسبق لها مثيل».
وقال الحوثي، في خطابه الأسبوعي، عقب تدمير إسرائيل لآخر طائرة مدنية في مطار صنعاء، إن «القوات المسلحة اليمنية» استخدمت في عملياتها، خلال الأسبوع الماضي، 14 صاروخاً فرط صوتي وباليستياً وطائرة مسيرة، طالت مناطق يافا (تل أبيب) وحيفا وعسقلان وأم الرشراش (إيلات) في فلسطين المحتلة.
وشنّ الطيران الإسرائيلي، صباح الخميس الفائت، «أربع غارات استهدفت المدرج في مطار صنعاء وطائرة تابعة للخطوط الجوية اليمنية»، بحسب قناة «المسيرة».
وشدّد الحوثي على أن «العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء لن يوقف العمليات اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني»، كاشفاً أن «العمليات في المرحلة المقبلة ستكون أكثر فاعلية وتأثيراً». وأشار إلى أنه «قد يكون من أهداف العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء إعاقة نقل الحجاج»، مؤكداً أن «الترميم المتكرر لمطار صنعاء سوف يستمر بما يعيد الحركة الجوية إليه»، و«بالمقدار الضروري الذي يتيح استمرارية عمله».
كذلك، لفت قائد «أنصار الله» إلى أن «البحر الأحمر لا يزال مغلقاً، ولا تزال الملاحة ممنوعة على العدو الإسرائيلي»، كاشفاً أن «نسبة كبيرة من حركة السفن في البحر المتوسط التي تحمل البضائع إلى العدو تعود لخمسة أنظمة عربية وإسلامية».
وطالب تلك الأنظمة بـ«إيقاف التعاون مع العدو الإسرائيلي»، معتبراً أن ما تفعله «مؤسف جداً ومحزن للغاية وخيانة للإسلام وإسهام في الجرائم الإسرائيلية بقطاع غزة».
رفع العقوبات عن سوريا
باشرت واشنطن الأسبوع الماضي بتطبيق إعلان ترامب أثناء زيارته للعاصمة السعودية الرياض في 13 مايو الجاري، عن تجميد العقوبات الأميركية على سوريا، فيما رفع الاتحاد الأوروبي كامل العقوبات المفروضة على دمشق في الـ20 من الشهر نفسه.
وأصدرت وزارة الخزانة الأميركية «رخصة عامة» تسمح بإجراء معاملات مالية مع الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، بالإضافة إلى البنك المركزي السوري ومؤسسات الدولة. كما أصدرت الخارجية إعفاء لمدة 180 يوماً من عقوبات «قانون قيصر»، لتسهيل الاستثمارات وتوفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه.
ويمثل رفع العقوبات الأميركية والأوروبية فرصة حقيقية لإعادة إحياء الاقتصاد السوري وإعادة دمجه في النظام الاقتصادي العالمي. ومع ذلك، يرى الخبراء أن تأثير هذا القرار لن يكون فورياً، فيما يواجه النظام الجديد في دمشق اختباراً حقيقياً في قدرته على إخراج البلاد من دوامة العنف والفوضى. وقد عبر الشرع عن ذلك في مهرجان أقامه بمدينة حلب الثلاثاء الماضي، بعنوان «حلب مفتاح النصر»، حيث قال إن «الحرب ضد الطغاة انتهت، وأن معركة البناء والتنمية قد بدأت».
وفي السياق، استقبل الشرع، المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، في قصر الشعب بالعاصمة دمشق، حيث أعلن اعتزام ترامب إزالة اسم سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب قريباً، مؤكداً أن الهدف الأساسي للإدارة الأميركية هو تمكين الحكومة الحالية في دمشق، وأن الكونغرس الأميركي يواصل دعم هذا المسار.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل، وصف باراك الملف بأنه «مشكلة قابلة للحل»، لكنه شدد على أن «الحل يبدأ بالحوار»، معرباً عن رغبة واشنطن في تحقيق السلام بين سوريا وإسرائيل كجزء من استراتيجيتها الإقليمية الجديدة.
ورغم تعدد المؤشرات على انفتاح نظام الشرع على إسرائيل منذ توليه السلطة، نفى قائد الأمن الداخلي بمحافظة السويداء في سوريا، العميد أحمد الدالاتي، بشكل قاطع ما تداولته بعض وسائل الإعلام عن حضوره جلسات تفاوضية مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت وكالة «رويترز» قد نقلت في وقت سابق عن 5 مصادر مطلعة قولها إن إسرائيل وسوريا على اتصال مباشر، وأجرتا في الأسابيع القليلة الماضية لقاءات وجهاً لوجه بهدف تهدئة التوتر والحيلولة دون اندلاع صراع في المنطقة الحدودية بين الجانبين، حيث تستبيح إسرائيل مساحات واسعة من الجنوب السوري.
وفي سياق دعم النظام الجديد في سوريا، وقعت حكومة دمشق مجموعة اتفاقيات مع شركات قطرية وأميركية وتركية، بقيمة 7 مليارات دولار لتوسيع شبكة الكهرباء المحلية بطاقة 5,000 ميغاواط لمضاعفة الطاقة الكهربائية في سوريا.
وأعلن وزير الطاقة السوري، محمد البشير، أن «سوريا تعيش لحظة تاريخية تشكل نقطة تحول في قطاع الطاقة والكهرباء»، موضحاً أن الاتفاقية تشمل تطوير أربع محطات توليد كهرباء في مناطق دير الزور، ومحردة، وزيزون بريف حماة، وتريفاوي بريف حمص، بسعة توليد إجمالية تقدر بحوالي 4,000 ميغاواط، باستخدام تقنيات أميركية وأوروبية. كما تتضمن الاتفاقية إقامة محطة طاقة شمسية بسعة 1,000 ميغاواط في وديان الربيع جنوب سوريا.
كما أعلن البشير عن توقيع اتفاقية لاستيراد الكهرباء من تركيا وأخرى لمدّ خط غاز طبيعي خلال الفترة المقبلة، موضحاً خلال مشاركته في قمة إسطنبول للموارد الطبيعية، أن الحكومة السورية على وشك توقيع اتفاقية لاستجرار الكهرباء من تركيا عبر خط بجهد 400 كيلوفولت يمتد من تركيا إلى سوريا.
ورغم المشاريع الضخمة التي من المتوقع أن تتوالى على مختلف قطاعات الاقتصاد السوري، تبقى البلاد في مرحلة اختبار دقيقة، عبر عنها الاتحاد الأوروبي، بعدم رفع العقوبات الاقتصادية ذات الخلفية الأمنية، رغم إزالة 24 كياناً من قائمة تجميد الموارد والأموال، بما في ذلك مصرف سوريا المركزي، لكن الاتحاد أضاف قائدي فصيلين، وثلاثة فصائل مسلحة إلى قائمة العقوبات لضلوعهم في المجازر الطائفية التي طالت العلويين في الساحل السوري خلال شهر مارس الماضي.
وجاء في بيان نشره المجلس الأوروبي على موقعه الرسمي: «اعتمد المجلس قرارات قانونية ترفع جميع القيود الاقتصادية المفروضة على سوريا، باستثناء تلك المبنية على دواعٍ أمنية»، وأشار إلى أن القرار «يهدف إلى دعم الشعب السوري في إعادة توحيده وبناء سوريا جديدة، شاملة، تعددية، ومسالمة».
وقال الاتحاد الأوروبي إن العقوبات الجديدة تشمل محمد حسين الجاسم (أبو عمشة) قائد «لواء السلطان سليمان شاه»، وسيف بولاد أبو بكر قائد فرقة «الحمزة»، بتهمة ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في سوريا، بما في ذلك عمليات القتل التعسفي وأعمال التعذيب في مراكز الاحتجاز والابتزاز والتهجير القسري للمدنيين. وشملت قائمة المعاقبين أيضاً، فصيل «السلطان مراد» لمشاركته في مجازر الساحل.
Leave a Reply