واشنطن – الأسابيع المقبلة ستكون «حاسمة» في المعركة ضد فيروس كورونا المستجد، «أسبوعان مؤلمان» حذر منهما الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي رفع سقف الوفيات المتوقعة من الوباء إلى نحو 200 ألف ضحية، وكل ما دون ذلك فهو انتصار لجهود الحكومة الفدرالية في محاصرة الوباء.
مع الارتفاع المرعب لعدد الإصابات والوفيات بفيروس «كوفيد–19» في الولايات المتحدة، انصاع ترامب للضغوط، فوضع الاقتصاد الأميركي في المرتبة الثانية على سلم الأولويات –بعد مكافحة الوباء– وقرر تمديد الإرشادات الفدرالية المتعلقة بـ«التباعد الاجتماعي» حتى نهاية شهر نيسان (أبريل) الجاري بعد أن كان قد حدد عيد الفصح، 12 أبريل، موعداً لـ«إعادة البلاد إلى العمل».
ترامب الذي يواصل إطلالاته الإعلامية يومياً للحديث عن جهود إدارته للحد من خطر الفيروس وعلى رأسها التجهيزات الطبية للمستشفيات المنكوبة، أقر أيضاً بأنه يبحث خطة لوقف الرحلات الجوية إلى الأماكن الموبوءة في الولايات المتحدة.
وفي إطار الجهود الإنقاذية لمواجهة الآثار الاقتصادية لكورونا، قال ترامب، الخميس الماضي، إن الإعانات المالية للمواطنين التي أقرها، سيستفيد «منها كل الأميركيين تقريباً»، وأعلن وزير الخزانة ستيفن منوتشين خلال المؤتمر الصحفي اليومي إن الإعانات ستقدم للأفراد والأسر المؤهلين بعد نحو أسبوعين.
ووجه الرئيس الأميركي إداراته باستخدام قانون الإنتاج الدفاعي لضمان تصنيع أجهزة التنفس الصناعي، مشيراً إلى أن شركتي «فورد» و«جنرال موتورز» باشرتا بالفعل تصنيع هذه الأجهزة.
وتحدث ترامب عن قرارات أخرى تتعلق بتصنيع كمامات وتوفير أسرّة للولايات التي تحتاج إليها، وقال إن آلاف الأجهزة والكمامات وصلت نيويورك التي بلغ عدد الحالات فيها أكثر من 90 ألفاً، الخميس الماضي.
وأضاف أنه يتم إجراء أكثر من 100 ألف اختبار لفحص الفيروس يومياً، و«هذا أكبر من أي دولة في العالم».
وفيما يواصل سلاح الهندسة في الجيش الأميركي، بناء مئات المستشفيات المؤقتة في جميع أنحاء البلاد لاستيعاب مئات آلاف من حالات الإصابة اليومية بفيروس كورونا، رفض ترامب مطالبات بفرض الأحكام العسكرية لتطبيق حجر صحي على الولايات الموبوءة، مثل نيويورك ونيوجرزي وكونيتيكت.
وقال ترامب إنّه طلب من مراكز مكافحة الأمراض، وهي الهيئة الصحّية الوطنيّة، اصدار بيان «حازم» يمنع حركة الدخول إلى هذه الولايات أو الخروج منها، دون أن يعني ذلك إغلاقاً لحدودها.
وتوفي حتى الثاني من أبريل الجاري، أكثر من ستة الاف أميركي فيما تجاوز عدد الإصابات 245 ألف حالة، بحسب بيانات جامعة «جونز هوبكنز».
وحذر الرئيس الأميركي، الثلاثاء الماضي، من أن الولايات المتحدة ستمر بأسبوعين «مؤلمين جداً جداً» واصفاً جائحة «كوفيد–19» بأنها «بلاء»، وأنه يريد «أن يكون كل أميركي مستعداً للأيام الصعبة المقبلة»، مشيراً إلى أن الأعداد ستزداد بكثرة في هذه الفترة.
وأضاف أن «صبرنا سيُختبر، لكننا سنواجه هذا بعزم من حديد وعلى الأميركيين أن يعملوا سوياً ويلتزموا بالإجراءات الوقائية»، مضيفاً أنها «مسألة حياة أو موت».
وأوضح مسؤولون في البيت الأبيض بأن هناك توقعات تشير إلى أن عدد الوفيات بالفيروس التاجي سوف يتراوح بين 100 ألف و240 ألف شخص في البلاد، وربما تتزايد الوفيات وتصل إلى ذروتها خلال الأسبوعين المقبلين.
وقالت منسقة فريق مكافحة الأزمة، الدكتورة ديبورا بريكس إنه «يتم تقييم النماذج المختلفة وتطورات الأزمة وأعداد الإصابات والوفيات في الولايات المختلفة»، مثلما يتم تقييم تجارب الدول الأخرى والتطورات في إيطاليا الأكثر تضرراً، «لنعرف ما قد نحتاج إليه في المستقبل لمكافحة التزايد بعدد الإصابات».
أصدرت الإدارة الأميركية توجيهات جديدة تسري لمدة 30 يوماً لمنع انتشار فيروس كورونا.
وحسب التوجيهات، تدعو الإدارة المواطنين إلى التقيد بإرشادات السلطات المحلية وسلطات الولايات، والبقاء في البيوت والامتناع عن الذهاب إلى مكان العمل في حال الشعور بأعراض المرض.
وفي حال إصابة الأطفال بالمرض يطلب عدم إرسالهم إلى المدارس، وفي حال إصابة أحد أفراد العائلة، ينبغي على العائلة كلها البقاء في البيت.
كما دعت الإدارة، المسنين وذوي المشاكل الصحية للبقاء في البيوت وتجنب الاختلاط بالآخرين.
وفي سياق متصل، دعت واشنطن، الأربعاء المنصرم، رعاياها الموجودين في الخارج، الراغبين بالعودة إلى ديارهم، بأن يفعلوا ذلك الآن، قبل أن يتحوّل فيروس كورونا إلى «تسونامي» تفقد معه القدرة على إجلائهم.
ونظمت وزارة الخارجية الأميركية حتى الأسبوع الماضي عمليات إجلاء لأكثر من 30 ألف أميركي من الخارج، لكنها حذرت، من أن قدرتها على الاستمرار في فعل ذلك قد تضمحل «في غضون أسابيع».
انتقادات
وواجهت إدارة ترامب انتقادات شديدة لتجاهلها الإنذارات المبكرة حول تفشّي الفيروس، خاصة بعد أن بدأ عدد الوفيات بالارتفاع في دول مثل الصين وإيطاليا.
وكانت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، قد اتهمت الرئيس دونالد ترامب، بإنكار المدى الحقيقي لانتشار وباء كورونا، وقالت إن إنكاره لخطورة الفيروس تسبب في فقدان أرواح الكثيرين.
وقالت بيلوسي لشبكة «سي أن أن»: «إن إنكاره (ترامب) في البداية كان مميتاً»، وذلك مع تخطي حصيلة الوفيات الناجمة عن الإصابة بالفيروس في الولايات المتحدة حاجز الألفي شخص.
وبدوره، وجّه الرئيس السابق باراك أوباما، الثلاثاء المنصرم، انتقاداً مبطّناً إلى ترامب، معتبراً أنّ فريق الرئيس الجمهوري «أنكر التحذيرات» من جائحة كوفيد–19 ومحذّراً من تجاهل تداعيات التغيّر المناخي.
وكتب أوباما على «تويتر» «لقد رأينا جميعاً بكثير من الخشية عواقب هؤلاء الذين أنكروا التحذيرات من حصول جائحة».
وأضاف «لا يمكننا تحمّل المزيد من العواقب المترتّبة على إنكار التغيّر المناخي. علينا جميعاً، وخاصة الشباب، أن نطالب حكومتنا بالأفضل على كلّ المستويات، والانتخابات هذا الخريف».
تأجيل المؤتمر الديمقراطي
وسط تساؤلات مستمرة حول موعد استئناف الحملات الانتخابية الرئاسية بشكلها التقليدي، أعلن الحزب الديمقراطي الأميركي، الخميس الماضي، إرجاء مؤتمره الوطني على خلفية المخاوف من وباء كورونا.
ويحدد هذا التجمع مرشح الحزب لمواجهة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يسعى للفوز بولاية جديدة، في انتخابات الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
وكان مقرراً أن ينظم المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في أواسط تموز (يوليو) المقبل، لكن الموعد دفع إلى 17 آب (أغسطس).
وقال رئيس لجنة المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي جو سولمونيزي في بيان إنه «في ظل الغموض الذي نعيشه حالياً، نعتقد أن أفضل مقاربة تتمثل في أخذ بعض الوقت لمراقبة تطور الوضع حتى يتسنى لحزبنا عقد مؤتمر آمن وناجح».
وجاء القرار عقب تعبير جو بايدن، المرشح الأوفر حظاً لتمثيل البطاقة الديمقراطية، عن تأييده لإرجاء المؤتمر الذي تستضيفه مدينة ميلووكي بولاية ويسكونسن، وذلك حتى يتسنى عقد مؤتمر آمن يحضره المشاركون شخصياً.
ترامب يريد تريليوني دولار
للبنية التحتية
دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلاثاء الماضي، إلى إقرار قانون يسمح بإنفاق تريليوني دولار على مشروعات البنى التحتية، معتبراً أن الكلفة الزهيدة حالياً للاقتراض تسمح بمبادرة «جريئة» تنقذ الاقتصاد الأميركي المترنح، بسبب الإغلاق الناتج عن وباء كوفيد–19.
وكتب ترامب على تويتر «مع تدني معدلات الفوائد في الولايات المتحدة إلى الصفر، هذا هو الوقت المناسب لإقرار قانون طال انتظاره منذ عقود للبنية التحتية».
وأضاف أن مشروع القانون يجب «أن يكون كبيراً جداً وجريئاً جداً، بقيمة تريليوني دولار، وأن يتركّز فقط على خلق الوظائف وإعادة بناء البنية التحتية التي كانت يوماً ما عظيمة».
ولطالما دعا ترامب إلى الإنفاق على الطرق والجسور وغيرها من البنى التحتية الأساسية، المهملة منذ فترة طويلة.
ويأتي اقتراحه الجديد بعد أسبوع من توقيعه على مشروع قانون إنقاذ اقتصادي بقيمة تريليوني دولار أيضاً، لمدّ يد العون إلى المواطنين والشركات الكبيرة والصغيرة التي تضرّرت من إجراءات الإغلاق بسبب فيروس كورونا.
وكان المشرعون الجمهوريون متخوفين من أيّ مشروع قانون ضخم للبنية التحتية بعكس الديمقراطيين.
وتكتسب هذه الفكرة زخماً مع ارتفاع معدلات البطالة وتحذير خبراء اقتصاديين من أن العديد من الشركات ستواجه صعوبة في التقاط أنفاسها بسرعة حتّى بعد تلاشي خطر الوباء.
Leave a Reply