نيويورك – بعد ١٤ عاماً من إبقائه في الولايات المتحدة بسبب عدم قبول أي دولة باستقباله، أعلن البيت الأبيض الاثنين الماضي، عن ترحيل «النازي الأخير» عن الأراضي الأميركية، إلى ألمانيا بعد جهود حثيثة بذلتها إدارة الرئيس دونالد ترامب في هذا الإطار.
ووافقت الحكومة الألمانية على استقبال ياكيف بالي (95 عاماً)، الحارس السابق لمعسكر اعتقال نازي إبان الحرب العالمية الثانية، انطلاقاً من «واجبها الأخلاقي» بسبب جرائم النازية التي ارتكبت باسم ألمانيا.
وذكرت وزارة الخارجية الألمانية أن «الولايات المتحدة ضغطت مراراً على ألمانيا لقبول بالي»، إلا أنها قاومت لفترة طويلة لأنه ليس مواطناً ألمانياً.
وبحسب بيان للبيت الأبيض، تم تنفيذ قرار الترحيل بحق بالي في وقت مبكر من صباح الثلاثاء الماضي بعد أن قام عناصر فدراليون بالقبض عليه في مقر إقامته في حي كوينز بمدينة نيويورك صباح اليوم السابق.
وجاء في تصريح البيت الأبيض أن الرئيس ترامب، وفريقه تمكنوا «من خلال مفاوضات مكثفة مع الحليف الأوروبي الرئيسي من التوصل إلى اتفاق بشأن ترحيل ياكيف بالي»
ووُلد بولي في بولندا وهاجر إلى الولايات المتحدة عام 1949 وحصل على الجنسية الأميركية بعد ثماني سنوات (١٩٥٧). وكان قد أخفى خدمته في معسكرات النازية عندما هاجر مدعياً أنه كان مزارعاً وعاملاً في مصنع.
وعاش بالي حياته بهدوء داخل الولايات المتحدة لسنوات طويلة رساماً هندسياً، ثم تقاعد، حتى فتحت التحقيقات بشأنه منذ ثلاثة عقود تقريباً، حينما عثر على اسمه في قائمة قديمة للنازيين، واعترف أحد زملائه الحراس بأنه يعيش «في مكان ما بالولايات المتحدة الأميركية»، حينها كان رد بالي على المحققين عندما ظهروا ببابه عام 1993: «لم أكن لأحصل على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة إذا قلت الحقيقة، كان الجميع يكذبون آنذاك». وعلى الرغم من اعتراف بالي بعمله حارساً في معسكر اعتقال «تراونيكي»، إلا أنه نفى أية صلة له بأي جرائم حرب ارتكبت هناك.
وبناء على التحقيقات، ألغى قاضٍ فدرالي جنسيته الأميركية عام 2003 وأمر بترحيله عام ٢٠٠٥ إلى أوكرانيا أو بولندا أو ألمانيا أو أي بلد آخر يقبل به. ولكن لم تقبل به أية دولة.
وخدم بالي في معسكر «تراونيكي»، حيث قام بقتل ستة آلاف رجل وامرأة وطفل يهودي في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1943، في واحدة من أكبر المذابح التي تم ارتكابها بحسب ما ذكره بيان البيت الأبيض.
وأشار البيت الأبيض إلى أن «الولايات المتحدة تعتبر التعرف على مجرمي الحرب النازيين وملاحقتهم القضائية وترحيلهم إحدى أولوياتها منذ عام 1970».
وكان آخر مجرم حرب نازي مفترض تم ترحيله من الولايات المتحدة إلى ألمانيا عام 2009 هو جون ديميانيوك الذي عمل حارساً في معتقل «سوبيبور» في بولندا.
وحكمت عليه محكمة ألمانية بالسجن خمس سنوات في عام 2011، لكنه توفي العام التالي.
يذكر أن قضايا البحث عن نازيين بدأت في السبعينيات من القرن الماضي، حيث هرب إلى الولايات المتحدة الأميركية الآلاف من النازيين بعد الحرب العالمية الثانية (10 آلاف وفقاً لبعض التقديرات)، ومنذ ذلك الحين، فتحت وزارة العدل الأميركية تحقيقات ضد 137 من المشتبه بهم، حصل منهم 67 على أوامر بالترحيل، أو الهجرة الطوعية، بينما توفي 28 أثناء النظر في قضاياهم، وصدرت بحق 9 منهم أوامر بالترحيل من الولايات المتحدة، لكنهم ماتوا فيها، لرفض جميع الدول استقبالهم على أراضيها.
Leave a Reply