تروي
بموجب تسوية أمام القضاء الفدرالي، شهدت مدينة تروي –يوم السبت الماضي– حفل افتتاح أول مسجد محلي، بعد حوالي خمس سنوات من النزاع القانوني بين جمعية «مركز آدم الاجتماعي» ومسؤولي البلدية الذين لم يستنكفوا عن المشاركة في الحفل رغم معارضتهم الطويلة للمشروع تحت ذرائع تنظيمية واهية وامتناعهم عن دفع تعويضات مستحقة للجمعية الإسلامية.
ونجحت جمعية «مركز آدم» التي تأسست في مدينة ساوثفيلد عام 2010، بفرض بناء المسجد بموجب تسوية فدرالية، ليصبح المسجد الثالث الذي يتم إنشاؤه بقرار قضائي في منطقة ديترويت الكبرى خلال السنوات الأخيرة، ذلك بعد قضيتين مماثلتين شهدتهما مدينة ستيرلنغ هايتس بمقاطعة ماكومب، وبلدة بيتسفيلد في مقاطعة واشطنو.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة ديترويت فري برس مؤخراً يقدّر عدد المساجد في ولاية ميشيغن بنحو 160 مسجداً، بزيادة 65 بالمئة عن عدد المساجد في العام 2010.
وقد انتهت القضايا الثلاث بتسوية عبر وزارة العدل الأميركية تضمنت تعويضات مالية للمؤسسات الإسلامية والسماح لها بإقامة مراكزها الدينية رغماً عن السلطات المحلية التي تذرعت في الحالات الثلاث بمسائل تنظيمية تتعلق بالازدحام والحركة المرورية لرفض المشاريع.
وكانت المحكمة الفدرالية بديترويت قد أصدرت في شهر آذار (مارس) الماضي حكماً يسمح لجمعية «مركز آدم» ببناء مسجد على عقار تجاري يقع على شارع روتشستر، والحصول على تعويضات بمبلغ 1.9 مليون دولار عن الأضرار التي تكبدها المركز بسبب تأخير المشروع، وذلك بعدما تقدمت وزارة العدل الأميركية في عام 2019 بشكوى ضد بلدية تروي لانتهاكها الحقوق الدستورية لجمعية «آدم».
وتوصلت المحكمة الفدرالية إلى أن المسؤولين في بلدية تروي استخدموا مراسيم التخطيط المدني بشكل مجحف لمنع إقامة المركز الديني، موضحة بأنهم رفضوا الموافقة على طلبات الجمعية المتكررة لمنحها التصاريح اللازمة لإقامة المركز الديني، وتمسكوا –بدلاً عن ذلك– بتفاسير صارمة للغاية، لقواعد التخطيط المدني في المدينة.
وأوضحت المحكمة الفدرالية أن مراسيم بلدية تروي تتضمن شروطاً غير عادلة عندما يتعلق الأمر بإقامة مراكز تجمّع للعبادة، على عكس مراكز التجمع الأخرى، وهو ما يعد انتهاكاً صريحاً لقانون فدرالي صدر عام 2000 بمنع التمييز بين المؤسسات الدينية وغير الدينية في استخدام الأراضي.
ولفتت المحكمة إلى أن القانون الأميركي الخاص باستخدام الأراضي لأغراض دينية –المعروف اختصاراً باسم RLUIPA– وُضع أساساً «لحماية مراكز التجمع، كـ«مركز آدم»، من التمييز في قوانين التنظيم المدني من خلال ذرائع غامضة وعمومية مثل حركة المرور أو الجماليات أو عدم التوافق مع خطط البلدية».
في نفس السياق، كان «مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية» (كير–فرع ميشيغن) قد رفع في عام 2018 دعوى قضائية أمام المحكمة الفدرالية بديترويت، متهماً مسؤولي بلدية تروي بممارسة التمييز المتعمد وغير الدستوري ضد مسلمي المدينة عبر منعهم من بناء مسجد يؤدون فيه شعائرهم الدينية.
وتعتبر تروي أكبر مدن مقاطعة أوكلاند بعدد سكان يتجاوز 83 ألف نسمة، ومع أنها تضم 53 داراً للعبادة، إلا أنها تخلو من أي مركز إسلامي على الرغم من وجود نسبة كبيرة ومتنامية من السكان المسلمين في المدينة.
وجادلت منظمة «كير» بأن مسؤولي تروي حاولوا عن قصد وبشكل مخالف للدستور منع مسلمي المدينة من بناء مسجد على شارع روتشستر، شمال تقاطع بيغ بيفر، عبر التطبيق الظالم وغير القانوني لمراسيم التصنيف العقاري (زونينغ).
سعادة غامرة
وغمرت السعادة أوساط الجالية الإسلامية المتنامية في مدينة تروي –مساء السبت الماضي– خلال حفل قصّ شريط الافتتاح الذي انضم إليه رئيس بلدية تروي وأعضاء مجلس المدينة، رغم مماطلة الحكومة المحلية بدفع التعويضات البالغة حوالي مليوني دولار للجمعية الإسلامية، والتي تشمل أتعاب المحاماة والأضرار الناجمة عن تهالك وتقادم المواد الأولية التي تم شراؤها لتشييد وتجهيز المنشأة ومرافقها المتعددة.
واعتبر محمود سيّد، من «مركز آدم الاجتماعي»، تأسيس أول مسجد في تروي مناسبة «مميزة للغاية»، مذكراً بأجواء الفرح التي عمت أوساط الجالية الإسلامية في المدينة، وقال: «إن سعادتنا لا توصف في هذا اليوم، ولا يمكن لأي شيء أن يجعلنا أكثر فرحاً من افتتاح هذا المسجد».
من جانبه، أوضح رئيس بلدية تروي إيثن بيكر بأن «مسألة التعويضات المالية ماتزال معلقة في الوقت الحاضر» بين الطرفين، لافتاً إلى أن حفل الافتتاح هو مناسبة لمشاركة مسلمي المدينة أفراحهم وسعادتهم بـ«مركز آدم الاجتماعي».
وقال إيثن: «إننا نستقبل افتتاح هذا المسجد بذراعين مبسوطتين وقلب مفتوح وعقل منفتح»، مشيراً إلى أن دفع المليوني دولار للجمعية الإسلامية هو رهن للمحادثات بين الطرفين في قادم الأيام.
وأشارت المحامية في مجلس «كير»، آيمي دوكوري، إلى أن الدعوى التي رفعتها منظمتها، وكذلك الدعوى التي رفعتها وزارة العدل الأميركية ماتزالان مفتوحتين، وأن الخلاف حول التعويضات المالية مايزال مستمراً بين الجمعية الإسلامية وبلدية المدينة.
وقالت دوكوري: «لقد تمكنا من الحصول على شهادة إشغال تسمح باستخدام المبنى كدار للعبادة وقاعة للحفلات المجتمعية، ولدينا خطط أوسع في المستقبل لإنشاء مركز ديني أكثر شمولاً». ونوهت إلى أن إعداد المبنى اكتمل في شهر تموز (يوليو) المنصرم، موضحة بأن التعويضات المالية تشمل الرسوم القانونية وأتعاب المحاماة والتبرعات التي تمت خسارتها وتراجع قيمة الممتلكات في المبنى. وقالت: «نطالب بتعويضات فعلية، ويحق لنا الحصول عليها، لأن بلدية تروي انتهكت حقوقاً دستورية، وعندما تنتهك جهة حكومية تلك الحقوق، يتوجب عليها دفع تعويضات عن الأضرار الناجمة عنها».
Leave a Reply